الديوان » العصر الايوبي » الحيص بيص » جرد سيوفك للجلاد وأشهر

عدد الابيات : 68

طباعة

جرد سيوفكَ للجلاد وأشْهِرِ

واعِلمْ جيادك للطرادِ وشَهِّرِ

واصبرْ لضوضاء الخطوبِ فإنما

تعدو على متُبرمِ لم يصبرِ

وإذا نهضت إلى العدى بعزائمٍ

فاحذر تمني الخفض أنْ لم تُنصر

فالمجدُ إذ تسعى لهُ وترومهُ

مُلْك اليمين ظفرت أو لم تظفر

ولتَظْفِرنَّ فكل حافرِ سابقٍ

من بعد غرب السيف موضعُ مغفر

أأنِ أتَّبعت هواي أيسرَ بُرهةٍ

تبع المُجربِ لا اتباعِ مُغَررِ

وتركتُ زوراء العراق ولا قِلىً

الدارُ داري والعشيرةُ معْشري

كيما أُميتَ مطامعي بتجاربي

وأكفَّ أخباراً كبُرْنَ بمخبري

قال العِدى عَثرَ الجوادُ ولا لَعاً

وبنو الوداد لَعاً وإنْ لم يعثرِ

فلقد وقفتُ من الملوكِ مواقِفاً

تعْشى بهيبتها لحاظُ المُبْصر

وعلوتُ فوق أولي الجحافل منهمُ

وأقمتُ أقوالي مقامً العسكرِ

وولجت أسراراً تضرَّب دونها ال

أعناقُ غير مُسارقٍ ومُتسترِ

حتى انتهت هِمَمي إلى مولاهُمُ

رَبَّ المقانبِ والمراتبِ سنجر

فأحلنَّى الشرفَ الرفيعَ وزانني

بأجَلِّ تشريفٍ وأكرم مفخر

بحُسامه وكِتابه وكلاهُما

مجدٌ يقيمُ على ممرِّ الأعصُرِ

فالسيفُ لم يسمح لذي فضلٍ به

وكذا المِثالُ مِثالهُ لم يُسْطرِ

ولقد قضيتُ مآرباً نجديَّةً

ودُجى الذؤابة صبحة لم يُسفرِ

وسَرى بفضلي ركبُ كم تنوفةٍ

من منجدٍ يطوي السُّرى ومُغوِّرِ

تجري المكارمُ والداء متى أفُهْ

بالشعر ثُمَّ تغيض أنْ لم أشْعُرِ

ولَربَّ مُنتزحٍ بأقْصى خِطَّةٍ

ريَّان من ماء الفضائل مُغْزِرِ

فصلُ الخطاب إذا المقاصد أُعجمت

كشف البهيم بواضحٍ مُسْحَنْفر

سارت إليه مع الرواةِ قلائدي

فاشتاق ينظرني ولو لم ينظُرِ

فضلي وبأسي في المقال وفي الوغى

خُلقاً لصهوة سابحٍ أو مِنْبر

ومُعنفٍ في المجد يحرُق نابهُ

مُتخمطٍ في عذله مُتنمرِ

قال اتخذت الاغْترابَ مطيَّةً

فارفق بنفسك من سفارك واحضرِ

فأجبتهُ أنَّ الهِلالَ بسيره

بدرٌ ولولا سيرهُ لم يُقمِرِ

دعْ عنك لومي أنَّ عزمي والسرى

أخوا لِبانٍ كالنَّدى ومُظفَّر

خِرقٌ إذا عنَّت وغىً وخصاصةٌ

جادتْ يداهُ بهاطلٍ مُثعنجر

فالقِرْنُ والرجلُ الفقيرُ كلاهما

غَرقانِ من عُرْفٍ وقانٍ أحمرِ

وإذا خَبَتْ نارُ اليَفاع فَنارُه

تهدي ركابَ الخابطِ المُتنور

نارٌ تكادُ من المكارمِ والنَّدى

تخبو فلولا البأس لم تتسعَّرِ

رُفعتْ لأبْلجَ من كِنانةَ دأبُهُ

ضربُ الجماجم تحت ظلِّ العثير

لمُعذَّلٍ في الجودِ صَوْبُ يمينه

يُزري بسيل الشاهق المُتحدر

باعَ الثَّراء من الثَّناءِ بطيبهِ

وشرا الثَّنا بالمال أربحُ مُتْجرِ

فإذا غدا صفرَ اليدينِ فإنَّهُ

مَلآنُ من شرفِ العُلى والمَفخر

سهلُ الخلائفِ والودادِ كِليْهما

لا بالملول هوىً ولا المُتكبر

تنجاب أستار الحجاب إذا انْتدى

للحيَّ عن مُتواضعٍ مُتوفرٍ

تُخشى سُطاهُ على طلاقة وجههِ

ولرُبَّ بَرقٍ بالصَّواعق مُنذرِ

ألِفتْ قِراعَ الدارعينَ سيوفُهُ

فيكادُ يمرقُ مغمدٌ لم يُشهرِ

وتعوَّدتْ خوض النُّحور رماحُه

فإذا جرتْ للطعن لم تتأطَّرِ

وغَنِينَ من وِرْدِ الدماء جيادُه

في الحرب عن رود النَّمير الأخضر

زَوْلٌ تعيض الحيَّ غُرةُ وجهه

تحت اللثام عن الصباح المُسفر

لا تَطَّبيهِ مع الشَّبيبة للْهوى

خُدعٌ ولا تلهيه بهجةُ منظر

من فَرْط هِمَّته وحُبِّ وقارهِ

قد شاب مفرقهُ ولمَّا يكبُرِ

قارٍ إذا شكر المَبيتَ ضُيوفُهُ

في دُهْمَةٍ فعشاره لم تشكر

وإذا الجفانُ صَفِرْنَ في مُغبرَّة

فجفانه مملوءةٌ لم تصفرِ

وإذا الذي يجزي تذكُّرَ هفْوةٍ

لم تُلْفهِ للذنبِ بالمُتذكرِ

يعفو إذا قدرتْ يداهُ على العِدى

فكأنه من حلمه لم يقدرِ

كم موقفٍ غَلب الأميرُ برأيهِ

بيضَ الظُّبى عجلانَ لم يتفكَّرِ

رأيٌ يكون على الغُيوبِ طليعةً

فالمُضمرُ المكنونُ مثلُ المُظْهَر

أنَّ ابنَ حمَّادٍ لَمَلَجْأ خائفٍ

وحمامُ أعداءٍ وثروةُ مُعسر

وافٍ إذا بذل العُهود لآخذٍ

عذرَ الوفاءُ ونفسهُ لم تُعذرِ

ومُزمْجرٍ بالقاعِ يُظْلِمُ صبحه

مما يثير من العجاجِ الأكدر

مَجْرٍ كأنَّ خيولهُ ورجالَهُ

غزلانُ وجْرةَ تحت جِنَّة عبقر

أعمى القتامُ به الكُماةَ فخيلُهُ

لولا بريقُ حديده لم تنظر

تجري فيتْبعُ جارحٌ فترى بهِ

مُتمطراً يتلو مدى مُتمطرِ

فيه السَّوابغُ والدِّلاصُ كأنها

غُدُرُ الفَلاة تلوحُ للمتبصر

غاردتهم صرْعى بأوَّلِ حملة

من غير تثنيةٍ وغير تكرُّر

وإلى عُلا بكْرٍ نَمتْكَ عِصابةٌ

طيبُ الثَّناء وطيبِ العُنْصُر

قومٌ إذا كرهوا الحرير بَسالةً

لبسوا لزينتهم ثيابَ سَنوَّرِ

يتقارعون على الضيوفِ إذا الدجى

سُدَّتْ مطالعُه بريحٍ صَرْصَر

من كل متْبوع اللواءِ مؤمَّلٍ

في المحل مُنتجع النَّدى مُستمطرِ

تتلوا الذئاب المُعْط كُبَّةَ خليهِ

ثقةً بأنَّ طعامها من مَنْسِرِ

سُمِّي أبا الجبْر الجواد أبوكُمُ

حيث الكسيرُ بغيرِه لم يُجْبر

أرجُ الثناء لدى النَّديِّ كأنما

تُتْلى مدائحُ عِرْضه من مجمرِ

يا ناصرَ الدين ادَّخرْتَ من العُلى

كنزاً ومثلَ مودتي لم تذخَرِ

أغنيك حمداً إذْ أقولُ وموسرٌ

لم أُغْنه حمداً فليس بموسِرِ

ولئنْ تَعدَّاني الحِمامُ فربما

كنُ الذخيرَةَ للجليلِ الأخْطرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الحيص بيص

avatar

الحيص بيص حساب موثق

العصر الايوبي

poet-alhees-bess@

666

قصيدة

3

الاقتباسات

73

متابعين

أبو الفوارس، سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي، الملقب شهاب الدين، أديب وشاعر وفقيه مشهور من أهل بغداد، كان من أعلم الناس بأخبار العرب ولغاتهم وأشعارهم، لقب بحيص ...

المزيد عن الحيص بيص

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة