الديوان » العصر العثماني » ابن علوي الحداد » أطع ربك البارى وصفوة رحمان

عدد الابيات : 370

طباعة

أطع ربك البارى وصفوة رحمان

وذا الأمر والآباء في خير أديان

تمسك بحبل اللّه جل جلاله

تعبد بعرفان وتقوى وإيمان

فمن يرج في الدارين دوم سلامة

يسلم أمور النفس في حكم منان

فكن فاكرا في قهره كل لمحة

وكن راجيا منه تناول غفران

بتصريفه في كل أمرك راضيا

وفي الفقر محتاجا إلى جود حنان

وفي كل خطب مطمئنا بعدله

وفى كل أمر مستعينا بديان

بأجمل صبر في القضا متأدبا

باخلاص قلب في عبادة رحمن

مهور المعالي أعجزت كل خاطب

سوى أنها هانت على عزم شبان

فلا كل من يصبو يمد مهورها

وماهى إلا في تناول ميسان

فلا نال ذو عزم بغير جلادة

فلا بد من عزم وحزم وزلخان

ولا بد من جد وجهد ونهضة

وعود وصبر واحتمال وإتقان

ولا يرتجى نيل المعالي سوى الذي

رأى نفسه كفء المعالي ببرهان

ولم يصب فيها آمل غير كفئها

أتهوى مقام الفضل أنفاس حمان

ومن لم يلم في شؤمه حظ نفسه

فلا حاز طبع الانس غيرة أجنان

ومن كان معذورا بأكبر عذره

فلا لوم فيه بل ولا هيج أشجان

ولا بد من صدم البليات والعنا

لمن سار في استخراج ذهبان عيصان

لا نلت شهدا قبل لسعة نحلة

ولا لذ قوت قبل إلفاء نيران

وما قصبات السبق إلا لمن حوى

قوى العزم من تهيج مقصوده العاني

وراحه يوم قد محت غنم أشهر

وقد صدقت فيها مقالة لقمان

وسعيك في الدنيا محبا لذاتها

ضلالتك التقوى فعد عنه يا فاني

ولا بأس بالدنيا اذا الدين قائد

الى المهيع الا هتى بمرضاة رحمن

فمن رفض العصيان أبقاه في هنا

وراعاه في الأرزاق عن شوب خسران

وقد صح أن الحسن لبس تأدب

اذا حاز تقوى اللّه في كل أحيان

بتقواه آداب الفتى تاسر الورى

وتعلى الموالي فوق رتبة أصلان

تأدب وكمل بالاوامر حسنها

وبكت بحسن الخلق حجة طعان

عليك بتحسين اللقا في رزانة

ولكن بلا كبر وعبس وشنآن

وواجه صديقاً أو عدوا على الرضا

لكف الاذى من غير ذل واذعان

وبادر بافشاء السلام لصاحب

وخاطب بايجاز الكلام وتبيان

وبجل اذا خاطبت من تجهل اسمه

لما أوجب التكليم في شبه اخوان

اذا بان فيه البشر فاسأل عن اسمه

لتحفظه وسم التعرف في الآن

تمكن لمشى لا تخط بأرجل

وذيلك لا تسحب كافعال نسوان

ولا نتبذل كالعبيد وشبههم

ولا تتليق أو تنيق بألوان

فكن لامور المكرمات محسنا

وأحسنها ما كان أوسط في الشان

وعطفيك لا تنظر رداءك تضع

ولا تلتفت قط التفاتة حيران

على كل ناد للجماعة لا تقف

وفي السوق لا تجلس لكثرة عصيان

ولا تتحدث في الحوانيت لا هيا

وحاذر سفيها لا تنازع بامكان

ولا تتعرض في أمور مهينة

وعنها تغافل لا تكن مثل تيحان

اذا جئت بيتا فادع خادم أهله

فبالصوت تطفى نار فتنة شيطان

ولا تدن ممن يختلى في تكلم

الى حين يفضى فادت منه بايذان

توقر لدى كل المحاقل جالسا

توق بها من شبك اصبوع أحضان

ويزرى اتكاء الوجه في رأس ساعد

واسناده في غيرها نوع نقصان

وتقليب سيف ثم تدوير خاتم

وتفقيع أصبوع كذا نتف أوجان

ورفع ثياب للجلوس ونزعها

والاعطاء باليسرى كذا نصب سيقان

ولا تلمس الشيء النفيس لشهوة

ولمسك مال الغير من دأب وغدان

واياك والضحك الكثير ولو ترى

به أنس ضيف أو مماراة اخوان

وطرد ذباب باهتزاز وغلظه

وتنظيف آناف وتخليل أسنان

كذاك التمطى والتثاؤب جهرة

وانشاق مخطات وابصاق تفلان

ولا تتجشأ فالتجشؤ مجزع

فان بان فالتحميد من غير اعلان

ومجلسك الزم وانتقل بتلطف

وقسم أحاديثا ببشر لا رغان

ولا تتكلم في عيوب خلائق

ولا تمرش الاعضا بحضرة فتيان

ولا ترمشن بالعين في وسط مجلس

والايماء بالاصبوع من دأب بكمان

ولا توقعن اللحظ في كتبة امرىء

وقد صح أن الرقم مخزن قفان

وما تستخف الناس منك مهانة

وتوجب غمز الصحب فيك بأجفان

وقد نال بعض القوم من خلق اللعا

محاسن آداب وأخلاق غران

عجبت لمن يدرى مذمات غيره

ولم يمح ما في نفسه من ردى دانى

وطبع الفتى يبدو على قدر عقله

محاسن أثمار على قدر بستان

ودع هذر نطق والمزاح بباطل

لتسلم من قبح وشحناء انسان

وأصغ الى لطف الكلام وحسنه

بلا عجب يبدو عليك واذعان

وأطرق لمن بنهى ويأمر منصتا

أقاويله للفهم في طرق آذان

ولا تسترد القول من قائل ولا

تخض في المساوى أو فكاهات أخدان

كسوق حكايات وذكر مضاحك

واظهار اعجاب بنجل وولدان

ثياب وبنيان زروع ومصنع

وسجع وتصنيف وشعر وديوان

وسيف وخيل أو دروع وخنجر

وما تملكنها من متاع وحيوان

وعدتها لا تعلمن أحدا ولو

أهاليك فضلا عن أخلا وجيران

فان علموا او استكثروا استطعموا بها

ولن يبلغن مرضاتهم مالك الفانى

ومهما استقلوا المال هنت عليهمو

وكم من غنىّ نال ذلا باعلان

فلا تسألنّ المرء عن قدر كسبه

ولو كان منعوتا باوصاف بيحان

وما كان في التخمين سرا ولو نأى

فاكنانه فرض على أهل كتمان

فلا تحك عما يقتضى منك فتنة

ولا تسألن عما به هتك انسان

صموتك تبر والكلام كفضة

اذا زانه المعنى والافعيبان

لكل مكان أو زمان وسامع

معان وألفاظ على فرز كلماني

برؤياك لا تخبر سوى من تثق به

لئلا يفوهوا فيك بالسخف والذان

وأسد كلاما في السماع لاهله

وقيد حديثا في العيان بابان

وسق كل معنى في الكلام بجنسه

فلا يفسد العقيان من مزج عقبان

وأخف أقاويلا عليها بشاعة

وما يقشعرّ الجلد منها برهبان

على قصدك انطق واجتنب فضل منطق

وحدث بصدق غير مظهر ايقان

وأخبر بحال في اليقين محقق

باظهار ظن لا بحلف وبرهان

مضاعف قول مثل لا لا أجل أجل

وأشباهها تردى فصاحة سبحان

ويقبح الاستفهام عند تعذر

وعند جواب مثل هل تعلمن شانى

وناهيك أن الصدق زين لاهله

لتعلم أن الكذب شين لانسان

ولا تختفى اخبار ما كان قد جرى

بمحو ايادي الكذب في جهد كتمان

اذا كان بعض الصدق يأتى بنكبة

فعقباه خير من سلامة ميان

فوعدك لا تخلف ولو لمقاتل

فصل قبله فورا الى ظهر ميدان

وأقوى الفتى من يدفع الوعد بالابا

مخافة أن تغشاه ظلمة نسيان

وشاهد صدق المرء ظاهر فعله

فهذا وذا للفضل من بعض أركان

وكذب الفتى يردى بغير اختباره

وقد يقلع الاملاك من يد سلطان

وقولك لا أدرى على ما جهلته

أحب إلى العراف من خبط أفنان

ولا تحك عما يقتضى فيك مدحة

ولو نظروا فيك النتيجة في الشان

وما كل من يحكى بحال مصدقا

اذا لم يكن من أهل صدق وعرفان

وراع فتى قد شاع بالكذب وصفه

ولا تعتمد في قوله قبل امعان

لتصديق من يحكى بصدق أجب بما

يدل على التصديق من غير ادهان

ومن بيد تصديقا وليس مصدقا

لمن جاء يحكى نال ذنبا بكتمان

ولا تنصح الانسان في غير خلوة

ومن ينثنى عن عيبك ترك بحرمان

وتركك ما بين الاله وخلقه

على ما يشا فضل من افضال منان

ومن كان عتبا لا يفوز بصاحب

كما أن ميتا لا يفوز بخلان

ولا تذكر الانسان الا بصيته

وافرض من ذا ذكر معروفه الضانى

ولا تذكر العراف عند مثيلهم

تماثل عرفان عداوة أقران

ومن لم يرد في الغير حالا كحاله

من الخير فاعلم أنه رهن حرمان

اذا كنت غضبانا فرأيك صنه في

أشد حصون من حلوم بامعان

وعقلك ميزان ورأيك حاكم

فانصف لحكم ثم عدل لميزان

ففى النطق لا تعجل بما كان كامنا

وفي الحجة افكر لا تكن مثل صبيان

وتحريك عضو في الكلام مذة

فمن أجله تدعى بفظ وعيذان

تبسم لكل في وقار وهيبة

ولو طعنوا فيك افتراء ببهتان

وان قبول العذر من دأب عاقل

كما أن بذل العفو من دأب شجعان

وناهيك أن البدع يأتى بفرعه

فإن كان كبريتا أتاك بنيران

خطابك يعدى المرء في اللطف والمرا

فقدم له المعنى الرقيق لاحصان

تلطف بخفض الصوت في القول دائما

وترتيله خوفا به سبق خزان

لسانك مفتاح المهالك اذ هذت

كذا العين اذ شطت على طوع شيطان

وأقبح دأب القوم أن يتحدثوا

معافى ندى واحد شبه نسوان

سكوتك مفروض لدى متحدث

فلا تتكلم قبل أن يسكت الثانى

وجنب مساوى القول لا تنطقن بها

وكن صائغا درّ المعانى بعقيان

وفي الامر لا تنطق بصيغة فعله

اذا حزت تركيبا يدل على الشان

ولا تتمطق في طعامك باللهى

ولا تتلقم مثل لقمة جوعان

ولا تخرج الملقوم ثم ترده

ولا تنهشن العظم في دار خلان

ولا تحتقر ما في الطعام ولا تذم

وما اعتدته اقبل من توابع أسغان

وواكل وباشر في الطعام مبجلا

ضيوفك في تكميل تفريح اجنان

وعلف مطاياهم وعش عبيدهم

لوازمها فوّض لا جود غلمان

وما كان يستعنيه ضيفك فاجتنب

كأدنى خصام العبد حضرة ضيفان

وعرضك لا تهمل لمن سام نقصه

ومالك أنفقه على عرضك القانى

ولا تمسك امساك الشحيحين رغبة

ولا تسرف اسراف السفيه كصبيان

فعز لقنعان وذل لطامع

وفضل لشجعان وقبح لجبان

ولا تهملن المستجير اذا أتى

فاهماله بلقيك في لؤم لأمان

ولا تظهرن الامتناع بقول لا

فقل مرحبا فاستدرك العذر في الان

ولا تصنع المعروف الا لأهله

لتنجو من ضر ومن قل شكران

تشكر لاضحاب الجمائل عندها

مشافهة أو في كتاب بتبيان

لاصحابك اذكر كل وصف يسرهم

من أوصافهم في الخلق والخلق والشان

وعن عيب محبوب تغافل لربطه

عن النفر الا ان أتى نهى قرآن

فمن ذا الذي استغنى عن الصحب في الدنا

على النصح والامر المهم بروبان

عن الناس لا تستغن اصلا فربما

لتحتاج مضطرا إلى الجاهل الدانى

فلا تظهر الابغاض بغضا فربما

يصير بغيض المرء أقرب خلان

فلا تهجر الاصحاب واستغن عنهمو

ولو كنت محتاجا وفيك الأمرّات

وموت الفتى في الجوع خير من الندا

بباب لئيم طالبا عون جوعان

عن اللّه لا تغفل وعن نفذ حكمه

ولم ينس ما للخلق من رضع ردحان

ألا ان حسن الظن في الناس سنة

ولكن به لا تبتغي طوع وغدان

الى النفس لا تنظر على غير ذمها

من الدهر لا تغفل كذا بطش خوان

وعاشر وجرب من أردت اخاءه

ولم تختبر بالقول ما فيه من ران

وكل له قول وكل له منى

وكل له فعل وكل له عانى

وكل له رأى وكل له هوى

ولكن كلا في مطابقة الشان

ولا ترتجى أن يستوى الناس في الدنا

على حالة عن نظم أطوار انسان

غريزة طبع المرء تبدو لدى الصفا

لدى الخوف أيضا في محاضر أقران

لسانك ميزان المروءة للورى

فاحسن بلا استعمال تكليف غصان

ومن لم يقل شعرا ولم يرو حكمة

فقد حاز أدنى الفضل رتبة خرسان

لكل زمان فاضل ومفضل

رجال وأحوال لا رواء ظمآن

وقارى تواريخ الملوك كأنه

لقد عاش من ذاك الزمان الى الآن

بعدل الملوك استنجد الملك للبقا

ولو كان ذو الاملاك عابد أوثان

ملازمة الاوطان تجنى بلادة

ولم يختبر الا مفارق أوطان

وفي الغربة اكتب كل يوم رسائلا

للصحاب فضلا عن أهالى وخلان

وما قد كتبت أنفله في قيد دفتر

لتحفظ ما قد قلت من عيب نسيان

وقابل هدايا الصحب بالبشر والرضا

ولو كان شيأ لا يسام بأثمان

ورد لهم فيها جزاء مناسبا

يليق بهم فورا وجوبا بشكران

ومن كان لم يقدر لرد جزائها

فلا يستلمها بل يرد باحسان

وفرض الحقوق اعرف على المال واحتفظ

بحرمة جيران وأهل خلان

وحب مساكين وطوع مشايخ

زيارة أصحاب عيادة عيان

زيارة مفتون تفيدك فتنة

زيارة عاص تقتضى هجم فتان

وأولادك ارحم واجف من غير هيبة

وشوّق الى طاعات منزل فرقان

وأخبر بأنواع المعاصى وشرها

وخوفهمو بالزجر من هول نيران

وعرف بأوصاف الجنان ومن بها

من الانبيا والحور في حسن خرصان

وعلم خصال الصالحين وفضلهم

صغارا فيشتاقوا لها شوق هجفان

وما زحمو بالحق واللطف والرضا

ومجدهمو في شان عز للأذعان

ولن لهموا من غير ضعف وذلة

وفقههمو في العلم في خير أديان

وما كان فيها عشقهم من صناعة

توق لهم فيها من اسباب بطلان

ولا شك أن المرء حيث صبارسا

فجحر لثعبان وخبت لغزلان

وصحبك قلل فاستخر من به الوفا

يواليك في كل الامور باحسان

تعرف بمن تحتاجه لمقاصد

بواسطة الاعلى مقاما من الثاني

وقاطع صديقا في الرخاء مدانيا

وفي الجدب أضنى الصحب عمدا بهجران

واخوانك العاصين جنب فانهم

يخونون من مالوا اليهم بحسبان

وقربهم أعدى من القرح والشذا

ورفضهمو يبدى محاسن غران

مصادقة السبتان شروا ولو قصى

وأهون منها أن تعادى فتى آنى

وما كل من يبدى الوفا ذا صداقة

ولا كل من يبدى الجفا أهل شنآن

فلا تحتقر شخصا بدا فيه نقصه

ولا تعظمن من ماس زهوا بأردان

تشبه باهل الفضف ترق رقيهم

ومن يتضع للعز يحظى برضوان

ولا تدن ممن لم يكن منك أرفعا

مقاما بأعمال وفضل وعرفان

فما كان فيه المرء ذاك مقامه

وان فضله باد ففضل بايقان

أو المرء معلوم بوصف قرينه

من الفسق والتقوى وربح وخسران

لصانع حسن السيف يعزى فرنده

كما أن نفذا الحكم يعزى لسطان

وليس الذي في الاصل يعزى لفرعه

سوى ما يساوى وصفه طول أزمان

ولكن فضل المصطفى في فروعه

وذلك من تفضيل آيات قرآن

تنظم مع الاقوام في سلك سلكهم

تحذر من الامر الملوم باحصان

وكن تحت رأى واحد من جماعة

لهم حاكم عدل لتشييد أركان

تلبس بثوب الدهر في كل حالة

وجل في ميادين الفنون بفرسان

وخالق طباع الخلق في حسن سيرة

لتحتب في الدنيا لدى الانس والجان

ولاتك رطبا يعصروك تطمعا

ولا يابسا يستكسروك كصوحان

ولاتك حلوا يلحسوك تلذذا

ولاتك مرا يحذفوك كخطبان

على قدر فضل المرء بجل مقامه

والافراط في التفضيل اهداء نقصان

تواضع شيخ حفل من شراسة

تواضع شاب جوهر فوق تيجان

ومن لم يقففي الحد ضل طريقه

هوى في بعيد القفر هوة تيهان

فمن يرق هجما فوق حد مقامه

ينزل الى الادنى بسر واعلان

الى الحق فاسرع بالرجوع عن الخطا

وأخبر به ذا الحق في جلب غفران

ولا شيء في الدنيا بغير منافع

اذا دارت الافكار فيها لتبيان

تأن على الحاجات تظفر بخيرها

وأشأمهم من كان يدعى بعجلان

وأوثق لبنيان السياسة ساسها

لتحصيل ما ترجو ولو بعد أزمان

وبالفكر في الاسباب يستدرك النهى

مصالح ملك سوف تنشا بابان

فسابق الى الخيرات تعل مراتبا

ترد في رضا مولاك منهل احسان

وكم كسب الاملاك في وجه ذى الدنا

ملوك بتسفير الرجال كانقلان

وكم قطعوا براو بحرا لكسبهم

وكم اشهروهم في الورى أهل بلدان

وكم قد اضاعوا ملك من لم يع النهى

ولم يحو تدبير الملوك في الأذهان

فبالاصغرين استعظم المرء في الملا

لسان وقلب لا بمشية ميسان

تحرك الى المطلوب ما دمت طالبا

أتى الرى فورا من تحرك عطشان

ولا خاب من يسعى بجيد الى المنى

ولو لم ينل الا على طول أزمان

وما كل من يرجو المراتب يرتقى

ولم يعل متن الكد في كل ميدان

وان ليس للانسان أن يبلغ الحشى

ولم يقطع البيداء في شق جيلان

وان ليس للانسان الا الذي سعى

أيحصد زرعا غير زارعه الصاني

كلا ذلة قد أنبتت كل لذة

من العسر بأتى اليسر في حظ سغبان

أيبقى بقاء الدهر كل ضرورة

وتبقى على الدنيا سلامة سلطان

وعند الغنى استغنى الغنيّ بنعمة

وعند العنا استغنى العنّى بأشجان

فجد واجتهد واصبر وجاهد كذا احتمل

وعد واغتنم وانهض ولازم لازيان

لكل حبيب أو عدوا وشامت

ومثن ولو طرنا على أوج ميسان

ومن يقض أشغال الامور بنفسه

فقد نال أو في النفع مع سلب أحزان

ومن يستغر في كل شغل على الورى

يفز بقليل النفع أو بحت اضغان

وأرسل حكيما في أمور شديدة

ولا توصه الا بالفاظ أجفان

ومن لم يجاه في حصول يقينه

فقد باع حظا بالشكوك لخسران

وفي الصبر من مر الدواء مشقة

ولكن مر الداء قتال شجعان

فدفع عنادلا لضعف وانما

لدفع شتات المال والحال والآن

ومن كان في سوء التدابير هائما

غدا في فيافى الفقر مصروع غفلان

وحلمك إن لم يحم عزك بادرا

فليس بحلم فاستخر حلم فرسان

فلا تعمل الا بعد كل تدبر

ولا تنطق الا بعد إمعان الأذهان

وفي الطلبات ارفق بغير لحاحة

تنلها بالاستدراج في بضع أزمان

وشاور أهيل العلم في كل خصلة

وان لم يصب فيها فلست بندمان

وعن كل أمر ان جهلت فلا تدع

وسل عن معاني الشيء كل فتى دانى

وعن غير ما يعنيك لا تسأل امرأ

فان فضول النطق من قبح ديدان

ممنيك قسم أربعا العبادة

وكسب وأنس ثم نوم لميسان

ولا خير في أنس تليه مذمة

ولا خير في نوم يجىء باحزان

وقبل طلوع الفجر قم لصلاته

فتنتشق الروح النسيم بريحان

تطهر بتحسين الوضوء تطوعا

وتدليك أعضاء وتبيض أسنان

ومشط وزين شعر راس ولحية

وبالكحل ثم الماء برّد لاعيان

بطون الاواني لا تمس باصبع

وقد عاف بعض الناس ملموس انسان

لذا قبل الاستعمال غسل وبعده

أوانيك فورا لا يبتن بأدران

ومهما مججت الماء من فيك فانتبه

لئلا يعاف الناس من ريقك الداني

ولا تنتفنّ الشيب اذ كان ناصحا

وناشر رايات المنايا للأذهان

وقيتكَ قوّم بالجواهر لا تزل

وما فات لا يأتيك في سد خسران

على قدر جهد المرء قوم يومه

فيوم لساع لا كدهر لكسلان

فوزع على الاوقات شغلك دائما

بتذكرة الاجرا صباحا لقضيان

توسل بأقلام وحبر ودفتر

وما قد قضيت اكتبه حالا باتقان

وفي الخلوة انقل ما كتبت جميعه

بغير تراخ في دفاتر تبيان

ومزدوج التقييد ينجيك من خطا

ويعرف بالزنجير أيضا وطلياني

وأحوالك اكتب كل يوم بيومه

بها قتل اعداء وانفاذ غرقان

فوزع لاحوال الحياة سفينة

بترتيب أيام السنين لاشحان

وبالاجتهاد اشحن سفائن غيرها

بنثر ونظم من لطائف عرفان

فلا تنتهز قبل انقضاء مقاصد

وفارق نديا فيه ما يعجب الداني

وما اعتاد فيه المرء خصته نفسه

فلا تقرب الا غير ما شان في الشان

ألا كل حال أو محل كرهته

اذا قمت يوما فيه رضت بالاذعان

فنات ولم تشعر به الوقت في الهوى

ولم تحو منها غير هم وخسران

فنفسك سق مما أحبته بالجفا

الى كل مشكور لدى أهل ايمان

وبالبتر والقطع البتات قطامها

بعزم وحزم من قوى رأيك القاني

وكم قد تمنى الموت من زاغ عن هدى

الى النفس أو قد مات من شرب ذيفان

وما قد تذكرت افض في الحال مسرعا

والا فقيد بالكتاب لا يقان

ولا تتأخر عن قضاء لوازم

لتلك استعد قبل الأوان بأحيان

فثب قبل ميقات الذي شئت فعله

ولو فى دجى الليل اهتماما بايات

ولا قصر الا زناد عن نيل قصدها

سوى ضجر عجز تكاسل جثمان

ومن دأب نفس المرء أن تكره السرى

فتحمده عند الصباح بشكران

ولا تتعجب من أمور كرهتها

وفي الحين تهواها بالفاء كثبان

فكل شروع في أمور مشوق

الى ختمها طبعا ولو قلب كسلان

فتمم قضايا قد شرعت بفعلها

اذا لم يكن شيء أحق بلزمان

فان كان فاتركها وجوبا لحق ذا

وبعد فثب حالا اليها من الثاني

ولا تعروقتا أنت فيه عن الوفا

ليمضى عمر في محاسن أزمان

مطالبة الايام اياك حسرة

ولكن اذا طالبتها فزت بالشان

فبالنفس حد في كل أعلى مقامة

وبالمال جد في كل خير لغفران

ترق مع استسهال كل صعوبة

الى أوج كل الفضل تظفر بسعدان

وافراط خوف من حياء مضرة

ألم تنكشف بالطبع عورات حيشان

ودم فوق حصن الفضل فضلا فانه

لمهر المعالي لارذالة تفران

وجاهد على ادراك حسنى خواتم

بتحسين تالى كل شغل باتقان

وكم أتقنوا أشغالهم في أوائل

سوى أن تاليها ختام بنقصان

لاشغالك استشهد لدى كل الانتهاء

أمورا بها تدرى الصواب برحجان

ومن كان مغرورا بمال قريبه

فقد باع نفع العضو في جرع ذيفان

فجد في اكتساب العلم والمال والرضا

ودرس وحاسب من تعدى بامعان

فكم من عزيز ذل بالفقر واجتدى

وكم من حقير نال مجدا بوجدان

وخفف رداء الظهر عن حمل ذمة

وأسقط عن المشغول حرمة أحدان

وكن رائبا ما يختفى في حوادث

ولاتك راجى النفع من ريق ثعبان

خذ الحذر قبل العذر في الكل واحترس

بسوء ظنون من رجال ونسوان

ومن يتفكر في توالى اموره

أدامت له الدنيا مسرات أجنان

وعن شبكات الامر عد يا أخا الحجا

ومن بقتحمها فات في طوع شيطان

ومن عرف الابواب قبل دخولها

أتى نحوها عند الخروج بايقان

على قدر خبر المرء ينتج عقله

دقائق أفكار من ارشاد أزمان

فأدرك حياة قبل موت بهمة

ووقت فراغ قبل اشغال أبدان

كذلك بادر صحة قبل علة

وشبة جسم قبل شيبة جثمان

وأكرم غريبا بالنداء وبالندى

فترغيب أغراب التعمير أوطان

ولا نبد أحوالا منفرة لهم

كتقليدهم في نطق لحن باحجان

تعلم مشاهير اللغات وكتبها

بتلقين استاذ وافراد ديوان

وقد خاب شخص ظن بالعشرة أنه

حوى عرف من ماشاه من أهل عرفان

ولب المنادى وأنه مسرعاله

فقد تبطل الحاجات من بطاءاتيان

وقد زان لقيا الناس في جلب نفعهم

وقد شان لقياهم على فوت إبان

فكسب انسان يلازم داره

سلامته من شر إنس وشيطان

ومن ينفع الانسان في ضر نفسه

كشمع منير ذائب تحت نيران

وبادر بشغل الخلق في كل حالة

وفض كتاب أو ملاقاة ضيفان

ورد جواب في تاب فضضته

ولو كنت في أكل وفى بسط اخوان

أرح آكلا أو نائما او مصليا

ومشتغلا أيضا ولو عبدك الجاني

ونظف محلات الحوائج راجيا

سلامة مال من تغير ألوان

وضع كل نوع في محل مخصص

لنسرع في ادراك مطلوب عجلان

وفتش محلا قمن منه بوقته

لتدرك ما أبقيت فيه بنسيان

اذا خصك السلطان بالقرب نحوه

فكن منه في حد السنان واذعان

اذا استرسل الوالى اليك محبة

فرافقه في غبدا أمور وإكنان

ولا تله عما يشتهيه جميعه

سوى ما نهى عنه مكون أكوان

وادخاله اياك بين نسائه

بلاء عظيم فاسع لكن باحسان

وكم صرع القربان قبلك فتنة

وأمضى معاصى اللّه كبرة سلطان

فلا تغترر من لطفه بك دائما

فان انقلاب القلب أسرع طرآن

وكن خائفا من بطشه بعد لطفه

ألا كل يوم رب شأنك في شان

فلا تطلبن علوا المراتب واعتبر

بوقع ثمار من شواهق أغصان

وكل امرىء يغتر من كل معجب

غبيّ فلا تركن لحالة نقصان

ألا ان ينبوع الذنوب محبة

خلت عن رضاء الله في نص قران

من انقاد للآمال بالطمع اختنى

وما هي الا كالسراب الظمآن

وطالع دروس من العلم وحدك قبلها

فذا كر على التدقيق أفهم أقرآن

وعلق معانيها قبيل فراقه

فترسخ بالتكرار في صحف أذهان

ولا تعتقد أن يفهم الدرس من أتى

بغير التزام الشرط فهما بتبيان

صعوبة فهم في ابتداء تعلم

تبشر باستدراك معدن عرفان

ومن فاته معنى مقالة قائل

فقد عاش ميت القلب في شبه حيوان

ترق إلى استكمال علم بسرعة

كبان الى استكمال تشييد بنيان

وفي ملل الانسان أكبر آفة

لهمته العليا وأسباب حرمان

وقد خاب مغرور بفطنة عقلة

اذا استقرب القاصى وعف عن الدانى

ومن يدعى بالصيت يزرى بنفسه

ولو كان ذا صيت وعلم واحسان

ومن فعله أعلى من القول مفلح

ومن قوله أعلى اقتفى درب حرضان

عجبت لممدوح يرى المدح حقه

فان ذم حقا أنكر الذم في الان

الى مجلس الابرار صل قبل وقته

تفز بكمال النفع من غير نقصان

ومن جاء نادى البر بعد افتتاحه

فأقرانه يومون فيه بأعيان

وأعمال بر لا يخل زمانها

فغن انخرام الخير منبع خسران

على الدرس والتآليف والورد والذي

يماثلها واظب عليها بقدران

تفرّغ لادراك العلوم عن الوى

والا فلا تحظى بأكمل عرفان

ولا علم الا في متون حفظتها

وما الكتب الا قيد أعناق غزلان

وراجى العلا من غير كد مخيب

ولا يرتقى من ليس دهرا بسهران

وحافظ لادارك المقاصيد كلها

شروطا حواها للتعلم ببتان

أخى لن تنال العلم الا بستة

سأنبيك عن تفصيلها حق تبيان

ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة

وارشاد استاذ وتطويل أزمان

وما نلته فاعمل به لرياضة

على الفور حتى لا يرى غدر عصيان

أنخ قبل أن يقضى المنوّخ بغتة

ومت قبل أن تقضى المنون بروحاني

بالآربعة الاشياء تفنى رجالنا

قمار وخمر ثم صيد ونسوان

وما تستحي في الجهر من فعله فكن

لدى السر أيضا تستحى مثل اعلان

ثمانيه شان الشريف بفعلها

بها زان أن يدعى بألأم لمان

ذهاب بلا داع لمائدة القرى

طلابك خيرا من عدو ومن شانى

تامر انسان على رب منزل

طلابك فضلا من لئيم وصبيان

دخولك بين اثنين في القول طامعا

كذلك الاستخفاف جهلا بسلطان

جلوسك في ناد ولست بأهله

وتكليم من يأبى السماع بطغيان

وللمرء مرآة المروأة تنجلى

بعبرته فيها بأحوال انسان

فمنها اجتناب الذنب والكف من أذى

واصلاح أموال كذا بسط أحضان

وتركك للشكوى الى الخلق من عنا

وصدقك في الاقوال مع صدق أجنان

وود واخلاص كذاك تواضع

وصبر وحلم واجتهاد بكتمان

وبر وتدبير كذاك تفكر

حياء ورأى مع شجاعة شجعان

وعدل وانصاف ولطف ورحمة

وقار مداراة اباءة ابيان

وعلم وآداب وصمت وجودة

رجوع إلى الحق احتياط باحصان

قيامك في الاحوال للأهل بالرضا

كذاك احتمال المرء عثرة اخوان

موافقة المخلوق في حسن حالة

وغلا فجذب النفس منها بامعان

كفافك عن ذكر الدوانيق حسبة

مشارطة الحجام أو شبهه الداني

كفافك عن مدح الورى بغناهمو

وترك فضول القول والفعل والشان

شرائطها في الاربعين تجملت

فحافظ بها الاحوال من غير نقصان

كفى بك أن تحصى الشروط مروءة

فجد في بواقيها النيل وإلسان

كفى بك أن اللّه يأمر خلقه

بايتاء ذى القربى وعدل واحسان

وينهى عن الفحشا وعن كل منكر

كذا البغى مما جاء في نهى فرقان

مواعظ مولانا لنا فتذكروا

بها واذكروا اللّه العظيم بإيمان

ويذكر كم المولى اشكروا نعماته

يزدكم ويهد الخلق في حال شكران

وقلبك نظف عن قبوح وعلة

ككبر وعجب ثم حقد وعدوان

رياء وظلم سوؤ ظن وسمعة

كذا حسد ما كان يأتى بخذلان

لسانك عن شتم جدال وغيبة

نميمة نمام وفتنة فتان

ولا ترتقى الا بترك خيانة

وكم نعم فاتت على سعى خوان

وأحبب لخلق اللّه أمرا تحبه

كذا اكرملهم ما تكرهنه برحجان

وحارب هوى النفس الخؤن فانه

بوقع من يحييه في نحو كفران

ولا تك محزونا على ما فقدته

ولا فرحا من نيل مطلوبك الفانى

بما بك لا تحجد من الضر اذعدا

فحكمته لم تدر الا بشكران

ومهما قضيت الشيء بالحظ فابتذل

لمن يستعين اجعل يديك كسبحان

ومهما مدحت الخلق في الوصف فاقتصر

سوى مدح سيف اللّه صاحب برهان

فخذ دررا تبهو بأغراض ديننا

وآداب دنيانا على وفق أزمان

وأبياتها عدت كايام عامنا

وزاد عليها ما عدا الذيل بيتان

فابياتها مع ذيلها قد تجملت

بشين وباء ثم عين لا تقان

وأرخ بهاء الدر أسنا وجوهنا

فعم في مراسيها لالباس صبيان

هو ابن لعلويّ ابن من نال رفعة

يسمى بعبد اللّه اشجع فرسان

وذا نجل من نال المفاخر محسن

هو ابن أبى بكر الامام لأعيان

وذا ابن لمن يدعى بأحمد بن على

وذا ابن حسين من حوى علم أقران

وذا نجل من نال العلى عمر الذي

يلقب بالعطاس في كل بلدان

على ختم نظمى أحمد اللّه شاكرا

على فضل خير الرسل صفوة عدنان

عليه صلاة اللّه ثم سلامه

كذا الآل والاصحاب في كل أحيان

أبو بكر الهادى كذا عمر التقى

علي وفي الترتيب ذا بعد عثمان

كذا التابعون الا تقياء ومن بلى

كذا العلماء العاملون برضوان

وصل عليهم رب ما قال ناصح

أطع ربك البارى وصفوة رحمان

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن علوي الحداد

avatar

ابن علوي الحداد حساب موثق

العصر العثماني

poet-ibn-alawi-al-haddad@

162

قصيدة

3

الاقتباسات

161

متابعين

عبد الله بن علوي بن محمد الحداد، فقيه شافعي، وعالم في عقيدة أهل السنة والجماعة على منهج الأشاعرة، وفي السلوك والتربية من مدينة تريم في حضرموت اليمنية، نهج طريق الصوفية ...

المزيد عن ابن علوي الحداد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة