الديوان » العصر العثماني » ابن معتوق » يلوح فتستدعي الفراش وتبسم

عدد الابيات : 71

طباعة

يَلوحُ فتستَدْعي الفِراشَ وتَبْسُمُ

فيفتَرُّ ثَغرُ الصُبْحِ والليلُ مُظلِمُ

وتُبدي ثَناياها لنا كَنْزَ جَوْهرٍ

فترصُدُها في فرعِها وهْوَ أرقَمُ

وتقضي فيَمشي السحرُ في غِمدِ فِتنةٍ

وترنو فيُضحي مُصْلَتاً وهْوَ مُحرِمُ

وتَسعى فتخشى الطّعْنَ من عِطفِ قدِّها

ورُبّ قَوامٍ وهْو رُمحٌ مُقوَّمُ

إمَا وحبابٍ وهو ثغرٌ مُفلَّجٌ

وجامِدِ خمرٍ وهْو خدٌّ معَنْدَمُ

لصِنوان مَسموم السِّهامِ ولحظُها

ومَبْسِمُها والجوهَرُ الفردُ توأمُ

وقامتُها والسّمهريُّ وإنّها

لأعدَلُ منه وهو في الفتكِ أظلَمُ

هي البدرُ في الإشراقِ لولا حِجالُها

وشمسُ الضُحى لولا السِجافُ المخيّمُ

وبيضُ الدُمى لولا البراقِعُ والحَيا

وظبيُ الحِمى لولا الثّوى والتكلّمُ

مَهاةٌ لديها السُمرُ في حرَمِ الهَوى

تُحلُّ دِماءَ الصَّيْد والبِيضُ تحرُمُ

تحفُّ الظِّباءُ العِينُ فيها إذا شدَتْ

وتزأرُ آسادُ الشّرا حينَ تَبغُمُ

فكمْ حوْلَها ليثٌ بحُلّة أرقَمٍ

يطوفُ وكم خِشفٍ بعينيهِ ضيغَمُ

تحامَى حِماها واِحْذَرِ الموتَ دونَها

فليس الحِمى إلّا الحِمامُ المرخّمُ

وما الحِبُّ إلّا أن يكون مزارُه

عَزيزاً إليه لا يَجوزُ التوهّمُ

بحيثُ الدمُ المحظورُ فيه محلَّلٌ

على السيف والماءُ المُباحُ محرَّمُ

وإنّا لَقومٌ قد نَشا في قُلوبِنا

بحبِّ الدِما والمَكرُماتِ التسَنُّمُ

ففي الدُرّ رُخْصٌ عندَنا وهْو جَوهَرٌ

ويغلو لدَينا قيمةً وهْو مَبسِمُ

نفِرُّ إذا يرنو غزالٌ مقنَّعٌ

ونسطو إذا يرنو هِزَبرٌ معمَّمُ

نُضاحِكُ ضوءَ البرقِ وهو مهنّدٌ

ونبكي نجيعاً وهْو ثغرٌ ملثّمُ

ونحذرُ من نَبلِ الرّدى وهْو أعيُنٌ

ونلْقاهُ في لَبّاتِنا وهْو أسهُمُ

ومحجوبةٍ لو ينظُرُ البدرُ وجهَها

لخرّ صريعاً واِنثَنى وهْوَ مُغرَمُ

إذا حدّثَتْ في بُقعةٍ أو تنفّسَتْ

ففي بابلٍ أو باِسْمِ دارِينَ تُوسَمُ

سَقى دارَها ماءَ الطُلى بارقُ الظُّبا

ففي التُربِ منها لا يَسوغُ التيمّمُ

ممنّعةٌ لا يُمكنُ الطّيفَ نحوَها

صُعودٌ ولو أن المجرّة سُلَّمُ

تأتّيْتُها والنّسرُ في الأفْقِ واقعٌ

وبيضُ حَمامِ الأنجُمِ الزُهْرِ تُرجَمُ

وبتْنا كِلانا في العَفافةِ والتُقى

أنا يوسُفٌ وهْي الكريمةُ مَريمُ

وما أنا ممّنْ يتّقي الحتْفَ إن بغى

مَراماً ولا يثنيهِ في الحُبِّ لوَّمُ

ورَكْبٍ تعاطَوا في الدُجى دلَجَ السُّرى

يميلونَ منْ سُكرِ الكَرى لم يهوّموا

سِهاماً على مثلِ القِسيّ اِرْتَمَتْ بهِم

يَؤمّون نَجداً والهَوى حيثُ يمّموا

تَراءَى لهُم قلبي أماماً فغرّهُم

وأوهمَهُم نارَ الغَضا فتوهّموا

أروحُ ولي رَوْحٌ إلى نحوِ رامةٍ

وآرامُها شوقاً تحِنُّ وترأمُ

وقلبٌ إلى نحوِ الحِجازِ وأهلِه

يغورُ به الوُدُّ الصّحيحُ ويُتْهِمُ

إذا مرّ ذكرُ الخَيفِ لو لم يكن به

ولاءُ عليٍّ كادَ بالنّارِ يُضرَمُ

جَوادٌ هَوى المعروفَ قبل رَضاعِه

ومال إلى حُبِّ العُلا قبلَ يُفطَمُ

هُمامٌ إذا قامتْ وغىً فهو ساقُها

وإنْ شمّرَتْ عن زَنْدِها فهْو مِعصَمُ

فتىً حُبُّه للمجدِ أفقدَهُ الغِنى

كما فقد السُّلوانَ صبٌّ متيّمُ

يلَذُّ دُعاءُ السامعين بسمعِه

كما لذّ في سمعِ الطَّروبِ الترنُّمُ

كَسا العِرضَ من حُسنِ الثّنا خيرَ حُلّةٍ

لها الفخرُ يُسدي والمَكارِمُ تُلحِمُ

له الطّعَناتُ النُّجْلُ تبكي كأنّها

عُيونٌ رأتْ يومَ النّوى فهْيَ تَسْجُمُ

ولا عجباً يَجري حَياً وهْو شُعلةٌ

ويَضرمُ ناراً في الوغى وهْو خِضْرِمُ

يَصولُ بفجرٍ كاذبٍ وهو صارمٌ

ويسطو بنجمٍ ثاقبٍ وهْو لهذَمُ

دنانيرُه صُفْرُ الوجوهِ لعِلمِها

بأنّ النّوى في شَملهِنّ محكَّمُ

إذا زارَه العافونَ يوماً تشتّتَتْ

كأدمُعِ صَبٍّ قد دعتْهُنّ أرسُمُ

فلو جلسَ الأقمارُ من حولِه دُجىً

دَرَوا أنّه المَولى وإنْ كان منهُمُ

ولو أنفقَتْها في الهِباتِ يَمينُه

لقلَّ لدَيها بَدرُها وهْوَ دِرْهَمُ

ولو كفِلَتْ أهلَ الهوى دِرعُ أمنِه

لردّتْ سِهامَ الأعيُنِ النُجْلِ عنهُمُ

حطَمْنَ عَواليهِ قَنا كُلِّ فتنةٍ

فكِدْنَ لِقاماتِ الدُمى البِيضِ تُحطَمُ

ورُدَّتْ سُيوفُ الجَورِ وهي كليلةٌ

فأوشَكْنَ حتّى أنصُلُ الغُنجِ تكْهَمُ

له بَيتُ مجدٍ شامخٌ في صعيدِه

تعفَّرُ آنافُ المُلوكِ وتُرغَمُ

تُطنِّبُه شمسُ الضُحى في حِبالِها

وتسمُكُه أيدي السِّماكِ وتدعَمُ

يودّ حَصاهُ الدهرُ لو أنّه غَدا

على جِيدِه عِقْداً يُناطُ ويُنظَمُ

وحسبُ الدُجى فخراً بحَصباءِ أرضِه

لو اِنتثرَتْ من فوقِه وهْي أنجُمُ

تُقبِّلُها الأفواهُ حتّى كأنّها

ثُغورُ الغَواني فهْي تُهوَى وتُلثَمُ

نجيبٌ نمَتْهُ الغُرُّ من آلِ حيدَرٍ

مُلوكٌ على كلِّ المُلوكِ تقدّموا

جِنانُ نَعيمٍ غير أنّ سُيوفَهُم

لتعذِيبِ أرواح الطُغاةِ جهنّمُ

مُزانونَ في حَلْي العُلا منذُ خلعِهم

تمائِمَهمْ بالمَكرُماتِ تختّموا

مَصاليتُ يومَ الكَرِّ من شِئتَ منهمُ

به يُصدَم الجيشُ اللُّهامُ ويُهزَمُ

مَضوا وأتى من بعدِهم فأعادَهُم

إلى أن رأى كلَّ الوَرى إنّهم هُمُ

تحدّر في الأصلابِ حتّى أتَتْ به

فكان هو السرُّ الخفيّ المُكتّمُ

أبوهُ ذُكاءٌ أعقبَتْ خيرَ أنجُمٍ

ولكنّه نجمٌ هو البدرُ فيهمُ

كريمٌ لديه زِدْتُ قدْراً ورِفعةً

وتكرمةً والحُرُّ للحُرِّ يُكرمُ

فلي كلَّ حينٍ منه لُطفٌ مجدَّدٌ

ولي كلَّ يومٍ من أيادِيه أنعُمُ

أمَولايَ يا مولايَ دعوةَ مُخلصٍ

حليفِ ولاً في وُدّه لا يُجَمْجِمُ

لقد أوجبَتْ نُعماكَ حجّاً وعُمرةً

على ذمّتي والحجُّ فرضٌ محتّمُ

فهل إذن لي أقضي حُقوقَ مناسكٍ

تُشاركُني فيها الثّوابَ ونَغنَمُ

ليَهنكَ صومُ الشهرِ وُفّيتَ أجرَهُ

وبالعزِّ عُقباهُ لك اللَّهُ يختمُ

وعودةُ عيدٍ قد تزيّن جيدُه

بطَوقِ هِلالٍ نُونُه ليس تُعجَمُ

هِلالٌ إذا قابلْتَه زال نقصُه

فيشرقُ ليلاً وهو بدرٌ متمَّمُ

يصوغ لوِردِ الليلِ مِخلبَ فضّةٍ

ولولاك أمسى وهْو ظُفرٌ مقلَّمُ

فلا زِلتَ تَكسو وجههُ مَنْ سَنا العُلا

ولا زال بالإقبالِ نحوكَ يخدُمُ

لعينيكَ يبدو وهْو قلبُ حَبيبِه

ويَلقى الأعادي وهْو سيفٌ مصمِّمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معتوق

avatar

ابن معتوق حساب موثق

العصر العثماني

poet-abn-matouk@

154

قصيدة

2

الاقتباسات

67

متابعين

شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي. شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).

المزيد عن ابن معتوق

أضف شرح او معلومة