الديوان » العصر العباسي » أبو العلاء المعري » لعمري الخير الذخر في كل شدة

عدد الابيات : 41

طباعة

لَعَمري الخَيرُ الذُخرِ في كُلِّ شِدَّةٍ

إِلَهُكَ تَرجو فَضلَهُ وَأَلاهُ

فَلا تُشبِهِ الوَحشيَّ خَلَّفَ طِفلَهُ

لِخَنساءَ تَرعى بِالمَغيبِ طَلاهُ

وَإِن نِلتَ في دُنياكَ لِلجِسمِ نِعمَةً

مِنَ العَيشِ فَاِذكُر دَفنَهُ وَبِلاهُ

إِذا اِختَصَمَت في سَيِّءِ الفِعلِ وَاِبنَها

فَلا هِيَ مِن أَهلِ الحُقوقِ وَلا هو

مَتى يَصرِمِ الخِلُّ المُسيءُ فَلا تُرَع

فَأَفضَلُ مِن وَصلِ اللَئيمِ قِلاهُ

وَكَم غَيَّبَ الإِلفُ الشَقيقُ أَليفَهُ

فَريعَ لَهُ الأَيّامَ ثُمَّ سَلاهُ

وَما كانَ حادي العيسِ في غُربَةِ النَوى

عَلَيَّ كَحادي النَجمِ حينَ قَلاهُ

وَمَن يَحلِفِ الأَيمانَ بِاللَهِ لا وَنى

عَنِ الوُدِّ يَحنَث أَو يَضِرَه أَلاهُ

وَمَن تُرِكَ العِلجُ المُعَرِّدُ راتِعاً

بِأَفيَحَ يَقرو في الخَلاءِ خَلاهُ

وَقَد كَلَأَ المِسكينَ في الوِردِ بائِسٌ

وَمِن كَبِدِ القَوسِ الكَتومِ كَلاهُ

فَطَلَّقَ عِرساً كارِهاً وَفَلا الرَدى

لَها تَولَباً لَم يَمتَنِع بِفَلاهُ

فَلا تُقرِ هَمَّ النَفسِ عَجزاً عَنِ القِرى

وَأَدلِج إِذا ما الرَكبُ مالَ طُلاهُ

طَوى عَنكَ سِرّاً صاحِبٌ قَبلَ شَيبِهِ

فَلَمّا اِنجَلى عَنهُ الشَبابُ جَلاهُ

وَلا مُلكَ إِلّا لِلَّذي عَزَّ وَجهُهُ

وَدامَت عَلى مَرِّ الزَمانِ عُلاهُ

وَقَد يُدرِكُ المَجدَ الفَتى وَهوَ مُقتِرٌ

كَثيرُ الرَزايا مُخلِقٌ سَمِلاهُ

غَدا جَمَلاهُ يُرقِلانِ بِكورُهُ

وَهَل غَيرُ عَصرَي دَهرِهِ جَمَلاهُ

وَما فَتَلاهُ عَن سَجاياهُ بَعدَما

أَجادَ كِتاباً مُحكَماً فَتَلاهُ

فَإِن ماتَ أَو غاداهُ قَتلٌ فَما هُما

أَماتاهُ في حُكمي وَلا قَتَلاهُ

يَدٌ حَمَلَت هَذا الأَنامَ عَلَيهِما

وَلَولا يَمينُ اللَهِ ما اِحتَمَلاهُ

وِعاءانِ لِلأَشياءِ ما شَذَّ عَنهُما

قَليلٌ وَلا ضاقا بِما شَمِلاهُ

وَجاءَ بِمَينٍ مُدَّعٍ جاءَ زاعِماً

بِأَنَّهُما عَن حاجَةٍ خَتَلاهُ

عَجِبتُ لِرامي النَبلِ يَقصُدُ آبِلاً

بِجَهلٍ وَقَد راحَت لَهُ إِبلاهُ

بَدا عارِضاً خَيرٍ وَشَرٍّ لِشائِمٍ

وَما اِستَوَيا في الخَطبِ إِذ وَبَلاهُ

زَجَرتُهُما زَجرَ اِبنِ سَبعٍ سِباعَهُ

وَلَو فَهِما زَجري لَما قَبِلاهُ

تَهاوى جِبالٌ مِن كِنانَةِ غالِبٍ

وَأَبطَحُها لَم يَنتَقِل جَبَلاهُ

إِذا النَسلُ أَسواهُ الأَبُ اِهتاجَ أَنَّهُ

يَموتُ وَيَبقى مالُهُ وَحِلاهُ

فَكَم وَلَدٍ لِلوالِدَينِ مُضَيِّعٍ

يُجازيهِما بُخلاً بِما نَجَلاهُ

طَوى عَنهُما القوتَ الزَهيدَ نَفاسَةً

وَجَرّاهُ سارا الحَزنَ وَاِرتَحَلاهُ

يَرى فَرقَدَي وَحشِيَّةٍ بَدَليهِما

وَما فَرقَدا مَسراهُما بَدَلاهُ

وَلا مَهُما عَن فَرطِ حُبِّهِما لَهُ

وَفي بُغضِهِ إِيّاهُما عَذَلاهُ

أَساءَ فَلَم يَعدِلها بِشِراكِهِ

وَكانا بِأَنوارِ الدُجى عَدَلاهُ

يُعيرُهُما طَرفاً مِنَ الغَيظِ شافِناً

كَأَنَّهُما فيما مَضى تَبِلاهُ

يَنامُ إِذا ما أَدنَفا وَإِذا سَرى

لَهُ الشَكوَ باتا الغِمضُ ما اِكتَحَلاهُ

إِنِ اِدَّعَيا في وُدِّهِ الجَهدُ صُدِّقا

وَما اِتُّّهِما فيهِ فَيَنتَحِلاهُ

يَغُشُهُما في الأَمرِ هانَ وَطالَما

أَفاءَ عَلَيهِ النُصحَ وَاِنتَخَلاهُ

يَسُرُّهُما أَن يَهجِرَ الريمَ دَهرَهُ

وَأَنَّهُما مِن قَبلِهِ نَزَلاهُ

وَلَو بِمُشارِ العَينِ يوحى إِلَيهِما

لِوَشكِ اِعتِزالِ العَيشِ لَاِعتَزَلاهُ

يَوُدّانِ إِكراماً لَوِ اِنتَعَلَ السُهى

وَإِنّ حَذِيا السَلّاءَ وَاِنتَعَلاهُ

يَذُمُّ لِفَرطِ الغِيِّ ما فَعَلا بِهِ

وَأَحسِن وَأَجمِل بِالَّذي فَعَلاهُ

يُعِدّانِهِ كَالصارِمِ العَضبِ في العِدى

بِظَنِّهِما وَالذابِلِ اِعتَقَلاهُ

وَيُؤثِرُ بِالسِرِّ الكَنينِ سِواهُما

فَيَنقُلهُ عَنهُ وَما نَقَلاهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو العلاء المعري

avatar

أبو العلاء المعري حساب موثق

العصر العباسي

poet-almaarri@

1612

قصيدة

17

الاقتباسات

1980

متابعين

أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري. شاعر وفيلسوف. ولد ومات في معرة النعمان. كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمى في السنة الرابعة من عمره. وقال الشعر وهو ابن ...

المزيد عن أبو العلاء المعري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة