الديوان » العصر الايوبي » ابن الساعاتي » كم بين أكناف العذيب وحاجر

عدد الابيات : 56

طباعة

كم بين أكنافِ العذيب وحاجرِ

منّا صريعُ نواظرٍ ومحاجرِ

أنسنهُ ذنبَ الهوى وشغلنهُ

بالوجد عن ذمّ الشباب الغادر

أسهرت يا وسنى الجفون جفونهُ

ورقدتَ عن ليل الكئيب الساهر

قلبي ملكتَ فهل له من معتقٍ

ودمي سفكتِ فهل له من ثائر

مالي وللسّمر الدقاق تركنني

بقديمِ صبوتها حديثَ السّامر

ولقد دهيت بلحظ طرفٍ فاترٍ

منها فما حرُّ الغرام بفاتر

من كلِّ مائسةٍ بليتُ بقومها

وقوامها وعدمتُ أجرَ الصابر

عيناً فضحت مع العفاف جفونها

بتغزّلي وكذا جزاء الساحر

أسفي بذاتِ الخال ليس بمنقضٍ

هوَ أوّلٌ ما إنْ لهُ من آخر

لولا الأسى للثمتُ وردةَ خدّها

سحراً على كأس العتاب الدائر

ولقد رأيتُ فما رأيتُ كسربها

أقمار تمٍّ في ظلامِ غدائر

وغصون بانٍ أينعت أطرافها

فبرزنَ في ورق الخضاب الناضر

سلطان مقلتها أباح جوانحي

عدوانَ عاملها وجورِ الناظر

سمعاً كما شاءَ الجمالُ وطاعةً

منّي لأحكام الغرام الجائر

يا عاذلي واخو الصبابة ربما

يشكو إلى غير الشَّفيق العاذر

قد كنت ترحم لو مررت بخاطري

فوقفت في رسم السلوّ الداثر

جهلاً يلوم على السقام ولم يذق

وجدَ المشوق ولا حنينَ الذاكر

يبكي على جسمي المقيم ولودرى

كان البكاء على الفؤآد السائر

دعني وما شاء الزمان فانهُ

لا يرعوي لمقالِ ناه ناهر

ولقد نصرت على الليالي والعدى

باخي العزيز الملك وابن النَّاصر

قلّمتُ من ظفر الحوادث عندما

علقتْ يدي حبلَ المليك الظافر

أسدٌ يصول بمخلبٍ من سيفهِ

ويسير في أجمِ القنا المتشاجر

أنظرْ لتعجبَ من سبوغِ دلاصهِ

طفحَ الغديرِ على الخضمّ الزاخر

فاطربْ إذا لاقى جيوش عداته

بصدور سمرٍ أو قلوب عساكر

والشأن فيه وفي بدادي طرفه

جبلٌ يحفّ به جناحا طائر

يثني الكماةَ على الجياد وإنما

يثني أسودَ الغاب فوق جآذر

لا تفخرنَّ أمامه بفضيلةٍ

فهو الحقيقُ بكلِ فضلٍ فاخر

من رمحهِ الحطّي أفصح ناظم

وحسامهِ الهنديّ ابلغُ ناثر

بحرٌ من الأنعام يملك سمعه

شكرُ المديدِ على نداه الوافر

عجزتْ نحاةُ الحربِ يومَ نزاله

عن كنه أفعال لهُ ومصادر

هو خافض الأعداء ينصب نفسه

لبناءِ علياءِ ورفع مفاخر

يعطي ويضحك في خلال عطائه

كالبرق يضحكُ في الغمام الماطر

ملكٌ إذا نشرتْ ملاءة نقعهِ

بوغى فما وجهُ الصباح بسافر

نثرت حياةَ البيضِ بيضُ سيوفه

والخيلُ تسبح في النجيع المائر

وبنى مثقَّفة القنا معوَّجة

فسرى الردى منهنَّ فوق قناطر

كم أضرمتْ نار الحمام وغادرتْ

عمراً خراباً دون ملكٍ عامر

درَّت مواهبهُ فلا عدمَ الورى

حلبَ السماح لغائبٍ ولحاضر

وإذ بدأتَ الذنبَ عاد لصفحهِ

ليريك كيف يكون عفوُ القادر

أخلى الجسومَ من النفوسُ حسامهُ

فاليومَ ساكنها كأمس الدَّابر

فمعاقلٌ للكفر أيُّ معاقرٍ

وجزائرٌ بالسيف أي جزائر

صدعٌ يعزُّ على الاعادي شعبهُ

شمَّ الممالك كابراً عن كابر

لبسوا من الغدران أي سوابغٍ

وعلوا من الخلجان أي بواتر

وعلى الضمائر يقدمون شجاعةً

ما ذلك الإدراك فوق ضمائر

قمرٌ يريك جواده من قرنه

شمسَ التريكة فيه لا للحافر

أنكحته غيداً دليلُ جمالها

تفضيل أفواه وثنيُ خناصر

من كلّ آنسة الحديث بديعةٍ

في الحسن تهزأُ بالغزال النافر

عربيَّةٍ مع أنها لم تربَ في

نجدٍ ولا عذبتْ بنفحة حاجر

بكرٌ ضرائرها الغداة كثيرةٌ

فاعجبْ لبكرٍ وهي ذاتُ ضرائر

فبيوتُ شعرٍ أو كؤوس سلافةٍ

وسطور مدحٍ أو عقود جواهر

فقرٌ تناقلها الرُّواة لنشر

أرزاق وطيّ خصاصةٍ ومفاقر

لم يحلَ صدر الدهر قبل مثلها

كلاًّ ولا جيد الزمان الحاضر

لولا بنو أيّوبَ ما جليتْ على

كفوءِ ولا حظيتْ بمنحةِ ماهر

ولكان كسرُ خبائها أولى بها

من موقفٍ لا يستقال لعاثر

فالنّاس إمّا من يسيء بطبعهِ

فعلاً وإما محسناً في النادر

فبقيتمُ لمؤمل يبغي الغنى

أو مجرمٍ يرجو سماح الغافر

فلأنتمُ كهفُ الورى في هذه

الدنيا وفي يوم الجزاء الآخر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الساعاتي

avatar

ابن الساعاتي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-abn-alsaati@

519

قصيدة

6

الاقتباسات

37

متابعين

ابن الساعاتي (553 هـ - رمضان 640 هـ) هو أبو الحسن على بن محمد بن رستم بن هَرذوز المعروف بابن الساعاتى، الملقب بهاء الدين، الخراساني ثم الدمشقي، كان شاعراً مشهوراً، ...

المزيد عن ابن الساعاتي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة