الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » ألم يأن أن يرضى عن الدهر مغرم

عدد الابيات : 31

طباعة

أَلَمْ يَأْنِ أَنْ يَرْضَى عَنِ الدَّهْرِ مُغْرَمُ

أَمِ الْعُمْرُ يَفْنَى وَالْمَآرِبُ تُعْدَمُ

أُحَاوِلُ وَصْلاً مِنْ حَبِيبٍ مُمَنَّعٍ

وَبَعْضُ أَمَانِي النَّفْسِ غَيْبٌ مُرَجَّمُ

وَمَا كُلُّ مَنْ رَامَ الْعَظَائِمَ نَالَهَا

وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَةَ يَغْنَمُ

يَسُرُّ الْفَتَى مِنْ عِشْقِهِ مَا يَسُوؤُهُ

وَفِي الرَّاحِ لَهْوٌ لِلنُّفُوسِ وَمَغْرَمُ

وَلَوْ كَانَ لِلإِنْسَانِ عِلْمٌ يَدُلُّهُ

عَلَى خَافِيَاتِ الْغَيْبِ مَا كَانَ يَنْدَمُ

كَتَمْتُ الْهَوَى خَوْفَ الْوُشَاةِ فَلَمْ يَزَلْ

بِيَ الدَّمْعُ حَتَّى بَانَ مَا كُنْتُ أَكْتُمُ

وَكَيْفَ أُدَارِي النَّفْسَ وَهْيَ مَشُوقَةٌ

وَأَحْلُمُ عَنْهَا وَالْهَوَى لَيْسَ يَحْلُمُ

وَتَحْتَ جَنَاحِ اللَّيْلِ مِنِّي ابْنُ لَوْعَةٍ

يَرِقُّ إِلَيْهِ الطَّائِرُ الْمُتَرَنِّمُ

إِذَا مَدَّ مِنْ أَنْفَاسِهِ لاحَ بَارِقٌ

وَإِنْ حَلَّ مِنْ أَجْفَانِهِ فَاضَ خِضْرِمُ

وَإِنَّ الْتِي يَشْتَاقُهَا الْقَلْبُ غَادَةٌ

لَهَا الرُّمْحُ قَدٌّ وَالْمُهَنَّدُ مِعْصَمُ

يَنُمُّ بِهَا صُبْحٌ مِنَ الْبِيضِ أَزْهَرٌ

وَيَكْتُمُهَا نَقْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ

إِذَا رَاسَلَتْ كَانَتْ رِسَالَةُ حُبِّهَا

بِضَرْبِ الظُّبَا تُوحِي وَبِالطَّعْنِ تَعْجُمُ

لَهَا مِنْ دِمَاءِ الصِّيدِ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى

شَرَابٌ وَمِنْ هَامِ الْفَوَارِسِ مَطْعَمُ

فَتِلْكَ الَّتِي لا وَصْلُهَا مُتَوَقَّعٌ

لَدَيْنَا وَلا سُلْوَانُهَا مُتَصَرَّمُ

عَلِقْتُ بِهَا وَهْيَ الْمَعَالِي وَقَلمَا

يَهِيمُ بِهَا إِلَّا الشُّجَاعُ الْمُصَمِّمُ

هَوَىً لَيْسَ فِيهِ لِلْمَلامَةِ مَسْلَكٌ

وَلا لاِمْرِئٍ نَاجَى بِهِ النَّفْسَ مَأْثَمُ

تَلَذُّ بِهِ الآلامُ وَهْيَ مُبِيرَةٌ

وَيَحْلُو بِهِ طَعْمُ الرَّدَى وَهْوَ عَلْقَمُ

فَمَنْ يَكُ بِالْبِيضِ الْكوَاعِبِ مُغْرماً

فَإِنِّيَ بِالْبِيضِ الْقَوَاضِبِ مُغْرَمُ

أَسِيرُ وَأَنْفَاسُ الْعَوَاصِفِ رُكَّدٌ

وَأَسْرِي وَأَلْحَاظُ الْكَوَاكِبِ نُوَّمُ

وَمَا بَيْنَ سَلِّ السَّيْفِ وَالْمَوْتِ فُرْجَةٌ

لَدَى الْحَرْبِ إِلَّا رَيْثَمَا أَتَكَلَّمُ

أَنَا الْمَرْءُ لا يَثْنِيهِ عَمَّا يَرُومُهُ

نَهِيتُ الْعِدَا وَالشَّرُّ عُرْيَانُ أَشْأَمُ

أُغِيرُ عَلَى الأَبْطَالِ وَالصُّبْحُ أَشْهَبٌ

وَآوِي إِلَى الضِّيفَانِ وَاللَّيْلُ أَدْهَمُ

وَيَصْحَبُنِي فِي كُلِّ رَوْعٍ ثَلاثَةٌ

حُسَامٌ وَطِرْفٌ أَعْوَجِيٌّ وَلَهْذَمُ

وَيَنْصُرُنِي فِي كُلِّ جَمْعٍ ثَلاثَةٌ

لِسَانٌ وَبُرْهَانٌ وَرَأْيٌ مُحَكَّمُ

فَمَا أَنَا بِالمَغْمُورِ إِنْ عَنَّ حَادِثٌ

وَلا بِالَّذِي إِنْ أَشْكَلَ الأَمْرُ يَفْحَمُ

لِسَانِي كَنَصْلِي فِي الْمَقَالِ وَصَارِمِي

كَغَرْبِ لِسَانِي حِينَ لَمْ يَبْقَ مُقْدِمُ

إِذَا صُلْتُ فَدَّتْنِي فِرَاسٌ بِشَيْخِهَا

وَإِنْ قُلْتُ حَيَّانِي شَبِيبٌ وَأَكْثَمُ

فَلا تَحْتَقِرْ فَضْلَ الْكَلامِ فَإِنَّهُ

مِنَ الْقَوْلِ مَا يَبْنِي الْمَعَالِي وَيَهْدِمُ

وَمَا هُوَ إِلَّا جَوْهَرُ الْفَضْلِ وَالنُّهَى

يُسَرَّدُ فِي سِلْكِ الْمَقَالِ وَيُنْظَمُ

فَمَا كُلُّ مَنْ حَاكَ الْقَصَائِدَ شَاعِرٌ

وَلا كُلُّ مَنْ قَالَ النَّسِيبَ مُتَيَّمُ

فَإِنْ يَكُ عَصْرُ الْقَوْلِ وَلَّى فَإِنَّنِي

بِفَضْلِي وَإِنْ كُنْتُ الأَخِيرَ مُقَدَّمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1681

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة