الديوان » مصر » أحمد محرم » الكون أشرق نضرة ونعيما

عدد الابيات : 73

طباعة

الكونُ أشرقَ نَضرةً ونعيما

هذا مكانُك فاتّخذه كريما

حَنَّ الزمانُ إليكَ حتّى جِئتَه

فطوى الحنينَ وردّدَ التسليما

أنت المؤمَّلُ للشُّعوبِ وهذه

دُنياكَ لا تبغي سواك زعيما

خُذها من القومِ الأُلى جمحوا بها

وَاشْرَعْ لهم نهجَ الحياةِ قويما

داوِ السَّقامَ فقد تفاقَمَ وانثنى

طِبُّ الأُلى سبقوك عنه سقيما

هاتيك مدرسةُ الحياةِ تقدّمتْ

تَلْقَى أجلَّ شُيوخِها تعليما

ماذا حملتَ من المعارفِ والنُّهى

لمّا حملتَ كتابَها المرقوما

عِلمُ الحضارةِ كان قبلك خافياً

فأتيتَ تُظهِرُ سِرَّهُ المكتوما

والحقُّ ما عَرفَ الدُّعاةُ سبيلَهُ

حتّى أقمتَ بناءه المهدوما

بَلِّغ رسالةَ من أقامك هادياً

وحَباكَ فضلاً من لَدُنْهُ عظيما

ضلّ الأُلىَ جَحَدوه واتّخذوا له

شُركاءَ من أربابهم وخُصوما

ما هذه الأربابُ ما لِعبادها

جَهلوه ربّاً واحداً قَيُّوما

جاء الأمين الصّادقُ الهادي فمن

يَكفُر بدينِ اللهِ كان ظَلوما

رَجَفتْ قُلوبُ المُشرِكينَ لِدعوةٍ

طَفِقَتْ تُردِّدُ في البِطاحِ هزيما

قالوا أيَطمعُ أن يُضِلَّ مُحمَّدٌ

منّا عُقولاً رُجَّحاً وحُلوما

أَنُعِزُّه ونُذِلُّ من أصنامنا

ما عَظَّمَ السَّلَفُ الأعزُّ قديما

إنّا لَنَأْنَفُ أن يُغيِّرَ دِينَنا

رجلٌ قليلُ المالِ شبَّ يتيما

إن يَتبعِ النَّفَرُ الضِّعافُ سبيلَه

فَلَنحنُ أمنعُ بَيْضةً وحريما

إنّ المُطاوِلَ بالرجال إذا بَنَى

جَعَل الدعائِمَ سادةً وقُروما

هُمْ شاغبوه فكان أعظمَ قُوّةً

وأعزَّ مَنْزِلةً وأشرفَ خِيما

وَجَدُوه سَمْحاً لا يَضيقُ بِمُذنِبٍ

وَرَأَوْه موفورَ الأناةِ حليما

يدعو لهم رَبِّ اهْدِ قومي إنّهم

لا يَعلمونَ وكُنتَ أنتَ عَليما

لو شِئْتَ ما جَهِلوا السَّبيلَ ولا رَضُوا

دِيناً من النَّمط الغبيِّ ذميما

إنّي رَسُولُك لَنْ أَمَلَّ جِهادَهم

أو يَعبدوكَ ولن أكونَ سَؤوما

يا قومُ ماذا تَعبُدون تأمَّلُوا

مِن قبلِ أن تَرَوُا الْعَذابَ أليما

دينُ الحجارةِ وهو من آثامكم

خيرٌ لكم أم دينُ إبراهيما

أُرسِلتُ بالإسلام ديناً قيّماً

وبُعِثْتُ خيراً للشُّعوبِ عميما

الكُفرُ والبَغيُ الذّميمُ كلاهما

جَعَلا الحياةَ على النُّفوسِ جَحيما

فَلأغْسِلَنَّ الأرضَ من أرجاسها

وَلأصْدَعَنَّ ظلامَها المركوما

بَعثوا إليه مِن المخافةِ عَمَّهُ

يُزْجِي الرّجاءَ مُخيَّباً محروما

زعموه حرّانَ الجوانحِ يَبتغي

دُنيا الغواةِ وَوِرْدَهَا المسموما

قالَ اتَّئِدْ يا عَمِّ إنّ وراءَهم

خَطْباً يَشُقّ على النُّفوسِ جَسيما

النيّرانِ لَوَ اَنَّهم جعلوهما

بِيَدَيَّ زِدتُ صَرامةً وعَزيما

واللهِ لن يَجِدوا لديَّ هَوادةً

حتّى يَفيئوا أو أكونَ رميما

عَرفوه فاتّخذوا السّبيلَ إلى الأذى

وَتَعاوَروه مُذمَّماً مشئُوما

وتَألّبوا يتعلّلون بِقتلهِ

قتلاً يَرَوْنَ قضاءَه محتوما

يا بُؤسَ للرأي المُضلَّلِ إنّهم

طلبوا دماً مِن كَيْدِهم معصوما

لاموه وانقلبوا إلى شيطانهم

فقضى القضاءَ لهم وكان رجيما

أيكون مَنْ كَرِهَ الضّلالَ لقومِه

وَوَفىَ لِربِّ العالمين مَلوما

اللهُ أَيَّدهُ وقامَ بنصرِه

فنجا وأدبرَ جمعُهم مهزوما

بُوركتَ من وافٍ يُصاحبه أخٌ

صافٍ وبُورِكَ صاحباً وحميما

مَحْيَا النُّفوسِ وَقَى الإلهُ حَيَاتَهُ

وسلامُها المأمولُ راح سليما

إنّ الذي أخلىَ الديارَ مُهاجِراً

مَلأَ النفوسَ وَساوساً وهُموما

بعثوا الأسنّةَ والسُّيوفَ وَراءَهُ

فأعادها تجري دماً وكُلوما

رجعت مُخيَّبةً تُذِيبُ ظُنونَهم

فَتُذِيبُ أرواحاً لهم وجُسوما

ماذا يظنُّ المُفسِدُونَ بِمُصلِحٍ

يبني ويهدم ظاعناً ومُقيما

الكوكبُ السّيارُ في آفاقهِ

ملأ البلادَ أهِلَّةً ونُجوما

أنصارُ دينِ الله حول نَبيِّهِ

وصلوا بيَثربَ حَبْلَهُ المصروما

من خزرجيِّ المجدِ أو أَوْسِيِّهِ

طابوا فروعاً في العُلاَ وأُروما

أَحْبِبْ به من قادمٍ ما مِثْلُهُ

في النّازلينَ وفادةً وقُدوما

يا فاتحَ الدُّنيا ومانحَ أَهْلِها

ما عَزَّ مَرْجُوّاً وجَلَّ مَروما

أنقذتَ هذي الأرضَ من آلامِها

وشفيتَ هذا العالمَ المحموما

بالسّاطعاتِ الشّافِياتِ من العَمَى

يَطْغَى غَياهِبَ أو يموجُ غُيوما

اللهُ أنزلها عليكَ دَرَارياً

طَلعتْ مَعالِمَ للهُدَى ورُسوما

أوتيتَ بالفرقانِ مَشرعَ حكمةٍ

ما زِلْتَ تُورِدُه النُّفوسَ الهيما

خَرِفَ الزّمانُ وأخطأتْ حُكماؤُه

سُبُلَ السَّدادِ وما يزالُ حكيما

لولا بلاغتُه وروعةُ نظمهِ

جَهِلَ الرجالُ اللّؤلؤَ المنظوما

كَنْزَ البيانِ فمن تَطَلَّبَ لِلغنَى

كنزاً سواه قَضَى الحياةَ عديما

فَضَّتْ عُلومُ الدَّهرِ منه جانباً

وغداً تَفُضُّ الجانبَ المختوما

مُتجدِّدٌ في كلّ عصرٍ يَبتغي

أُمَماً تَجِيءُ جديدةً وعُلوما

دُستورُ حقٍّ في يمينِ مُحمّدٍ

يحمي الضَّعيفَ ويَنصرُ المظلوما

يَتملّقُ المولى المعظَّم عَبْدَهُ

فيهِ ويَخْشَى الحاكمُ المحكوما

قَسَمَ الحياةَ على النّفوسِ وإن أَبَى

من لا يُريدُ نصيبَهُ المقسوما

لم يَخلقِ اللهُ القويَّ بِمُلكهِ

لِيكونَ وَحشيَّ الطّباعِ غَشوما

والأرضُ ما بُسِطَتْ لِتجْحَدَ رَبَّها

وتَمُدَّ من ظُلْمِ العبادِ أديمِا

يا مولدَ المختارِ أنت بَعَثْتَها

ذِكرى تُساجِلُ دمعيَ المسجوما

أبكي على الإسلامِ يذهبُ عِزُّه

ويَبيتُ مطويَّ الجَناحِ مَضيما

نهضت شُعوبُ الأرض ترفع مجدها

وأرى شُعوبَ المسلمين جُثوما

لزموا تُخُومَ بُيوتِهم وغُزاتُهم

لا يرتضون سِوَى النُّجومِ تُخُوما

قومٌ همُ اتّخذوا بكلّ مَحَلّةٍ

كهفاً يَضُمُّ نيامهم ورقيما

أَو كلّما جذب المقادةَ مُصعَبٌ

في الشّرق غُودِرَ أنفُهُ مخزوما

لاهُمَّ جنّبنا المجاهلَ واهْدِنا

هذا السّبيلَ المُعلَمَ الموسوما

وتولّنا في الحادثاتِ وكن بنا

في النّائباتِ إذا تنوبُ رحيما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

441

قصيدة

1

الاقتباسات

633

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة