خَلَعْتُكَ يا شيخي..
هنا ينتهي الوِرْدُ
فسِرُّ خلاصي
أنَّهُ مسلكٌ فَرْدُ
وحسبي
بأنَّ العشبَ أهدَى (صِحاحَهُ)
إِلَيَّ ..
وأعطاني (تعاليمَهُ) الوَرْدُ
أنا المتنُ من نَصِّي..
وإنْ كان لي أَبٌ ..
أبي من حواشي النصِّ ..
والأُمُّ والجَدُّ !
وبيني وبين الله شَهْدٌ مُقَطَّرٌ
من الخاطرِ الأصفَى..
وهل يتلفُ الشَّهْدُ ؟!
حديقةُ ذاتي
قد يُشذِّبها الهوَى
كأروع مِمَّ قد يشذِّبُها الزُّهْدُ
51
وما يَفْرُقُ السكرانَ
مالتْ به الطلَى
عن الآخرِ السكرانِ مال بهِ الوَجْدُ
فدعني أشدّ السهمَ
في قوسِ قامتي
فليس لغيري
في انطلاقتِهِ قَصْدُ
تَتَبَّعتُ في غاباتِ نفسي
غزالةً
وقبل انتصافِ الصَّيْدِ
فاجأَ ني فَهْدُ
فعُدْتُ
ولكنْ عودةَ القوسِ حينما
يُحَمِّلُها أثقالَ خيبتِهِ الصَّيْدُ
وصوتُ انكساري
لا (مقامَ) لمِثْلِهِ
يكلُّ (الصَّبا) عنهُ وينبو (النَّهاَوَنْدُ)
وما اتَّكَأَتْ روحي
على غيرِ زفرةٍ
أصعِّدُها حتَّى يُشادَ بها طَوْدُ
أنا بَدَوِيُّ الروحِ
ما زلتُ أنتمي
إلى الريحِ حتَّى قامَ ما بيننا عَهْدُ
إذا لوَّحَتْ لي غيمةٌ
قلتُ : ناقةٌ
تطيرُ ..
جناحاها : هما البرقُ والرَّعْدُ
ولو كانتِ الصحراءُ ثوباً
خلعتُها
وألقيتُها عنِّي..
ولكنَّها جِلْدُ !
أرى الكونَ
يسري للمكوِّنِ مدلجاً
ولستُ سوى حادٍ بأفلاكِهِ يَحْدُو
54
ويأسرُني جُندٌ من الشوقِ
لا تُرَى..
ومَنْ قالَ أنَّ الشوقَ
ليسَ لهُ جُنْدُ !
تشرَّدتُ
ما بين الإشاراتِ حائراً
وطَوَّحَ بي
في كلِّ إيماءةٍ بُعْدُ
ملائكةٌ من معدنٍ
يحملونَني
إلى حيث
لم يبحرْ بزورقِهِ الرُّشْدُ !
كَأَنِّي فتًى
من آلِ (فرعونَ) هالكٌ
تناوبَ في إغراقِهِ الجزرُ والمدُّ
فساءَلتُ حتَّى حيرتي :
هل أنا هنا
نزيلُ كياني
أَمْ هنا الآخَرُ الضِّدُّ؟؟
أدورُ مع الأيامِ
حول حقيقتي..
أدورُ ولا قبلٌ هناكَ ولا بَعْدُ
أحاولُ أن أمضي إِلَيَّ ...
وكلَّما
أضاءَ خِباَ (ليلى) تُباعدُني (نَجْدُ) !
وليسَ طريقاً واحداً
ذلك الذي
أحاولُهُ ..
لكنَّهُ طُرُقٌ حَشْدُ !
على اللحنِ
تحريضُ القدودِ لِرقصةٍ
وليسَ بِذنبِ اللحنِ إنْ خانَهُ القَدُّ !
هنا غيمُ تكويني يفورُ
فلم أزلْ
على مرجل الأحلامِ
يخلقُني الوَعْدُ
كأنِّي
قد استعصَتْ على القذفِ نطفتي
أَوِ احتَرَقَتْ
في شهوةٍ ما لهَا حَدُّ
سأسردُ شيئاً من دمي
في حكايتي
مخافةَ أنْ يخبو من اللوعةِ السَّرْدُ :
رأيتُ العبودياتِ كُثْراً ..
وشَرُّها
إذا لم يكنْ يدري بأغلالِهِ العَبْدُ
ولم ألقَ كالإيمانِ
قَيداً محَبَّباً
فآليتُ أنْ يقتادَني ذلك القَيْدُ
وما أَدْفَأَتْني
فكرةٌ ذاتُ شهوةٍ
كَتِلك التي في كفِّها ابتُكِرَ النَّهْدُ
وما ضَمَّني يوماً
عناقٌ على الهوى
فآثرْ تُ أنْ يبقَى على ساعدي زَنْدُ
وكم جَرَّدَتْني
من هواها مليحةٌ
فما فَلَّ حدَّ السيفِ ما أنكرَ الغِمْدُ
تموتُ (الموسيقَا)
نغمةً بعد نغمةٍ
إذا انكسرَ الخلخالُ وانقطع العِقْدُ
ويبقىَ بأضلاعي
من اللَّحْمِ فائضٌ
لأخلقَ (سلمى)
حين تنكرُني (هِنْدُ )
جاسم بن محمد الصحيح،شاعر و أديب سعودي من مواليد مدينة الاحساء في المملكة العربية السعودية أبهر جاسم الجمهور بأسلوبه المرهف في كتابة القصائد والتي منحته الفوز بالعديد من الجوائز في ...