الديوان » العصر العباسي » ابن هانئ الأندلسي » بلى هذه تيماء والأبلق الفرد

عدد الابيات : 60

طباعة

بلى هذه تَيماءُ والأبْلَقُ الفَرْدُ

فسل أجَماتِ الأُسْد ما فعل الأُسْدُ

يقولونَ هل جاءَ العراقَ نذيرُها

فقلتُ لهم ما قالتِ العِيس والوَخد

أصيخوا فما هذا الذي أنا سامعٌ

برَعدٍ ولكن قَعقَعَ الحَلَقُ السَّرد

تؤمُّ أميرَ المؤمنين طوالعاً

عليه طلوعَ الشمس يقدمُها السَّعد

فتوحاتُ ما بينَ السماءِ وأرضِها

لها عند يومِ الفخرِ ألسنةٌ لُدُّ

سيَعْبَقُ في ثوبِ الخليفةِ طيبُهَا

وما نَمّ كافورٌ عليه ولا نَدُّ

وتُعْقَدُ إكْليلاً على رأس مَلْكِهِ

وتُنْظَمُ فيه مثلَ ما نُظمَ العِقد

حَروريَّةٌ ما كبّرَ اللّهَ خاطبٌ

عليها ولا حَيّا بها مَلِكاً وفْد

وكانت هيَ العجماءَ حتى احْتبى بها

ملوكُ بني قحطانَ والشِّعرُ والمجد

لذاكَ تراها اليومَ آنَسَ من مِنىً

وأفْيَحَ من نَجدٍ وما وصلتْ نجْد

وما رُكزَتْ في جوّها قبلك القَنا

ولا ركَضَتْ فيها المسوَّمةُ الجُرد

ولا التمعتْ فيها القِبابُ ولا التقَتْ

بها لَأْمَةٌ سَرْدٌ وقافيةٌ شَرْد

رَفَعْتَ عليها بالسُّرادقِ مثلَها

وجلَّلْتَها نوراً وساحاتُها رُبْد

يقابلُ منكَ الدّهرُ فيها شبيهَ مَا

يقابل من شمس الضُّحى الأعين الرُّمد

مَباءةُ هذا الحيِّ من جنِّ عبقَرٍ

فليس لها بالإنْسِ في سالفٍ عهد

تذوبُ لقُرْبِ الماءِ لولا جَمادُها

وتُحرق فيها الشمس لولا الصفا الصَّلد

معَ الفَلك الدَّوّار لا هي كوكبٌ

ولا هي مما يُشْبهُ الرَّيدُ والفِند

ولولا الهُمامُ المعتلي لتعذَّرتْ

على أبطُنِ الحيّاتِ أقطارُها المُلد

وأعْيَت فلم يَحمِلْ بها بَزَّ فارسٍ

حِصانٌ ولم يثبُتْ على ظهرِها لِبد

ولمّا تجَلّى جعْفَرٌ صَعِقتْ لَهُ

وأقبلَ منها طورُ سَيناءَ يَنهدُّ

شَهِدتُ له أنّ الملائكَ حولَهُ

مُسوَّمَةٌ واللّهُ من خلفِهِ رِدُّ

أقَمْنَا فمنْ فُرسانِنا خُطباؤنا

ومنبرُنا من بِيض ما تطبعُ الهِنْد

ولو لم يقُمْ فيها بحمدِكَ خاطبٌ

علينا وفينا قامَ يخطُبُنا الحَمد

على حين لم يُرْفَعْ بها لخليفةٍ

مَنارٌ ولم يَشدُدْ بها عُرْوَةً عَقْدُ

وكانت شجاً للمُلكِ سِتّينَ حِجّةً

وما طيبُ وَصْلٍ لم يكنْ قبلَه صَدُّ

بها النارُ نار الكفرِ شُبَّ ضِرامُها

ولو حُجبَت في الزَّنْدِ لاحترقَ الزَّند

فمن جَمْرَةٍ قد أُطفئَتْ مَخْلديّةٍ

وأُخرى لها بالزّابِ مذ زمَنٍ وَقْد

رأتْ هاشمٌ من تلك ما قد بدا لها

وفي هذه مَكنُونُ ما لم يكن يبدو

وعادَ لها الدّاءُ القديمُ فأصبحتْ

بها نافِضٌ منه وليس بها وِرْد

وكُفَّ على بحرٍ إلى اليوم موجُهُ

فليس له جَزْرٌ وليس له مَدُّ

وعادتْ بهم حرب الأزارق لاقِحاً

وإن لم يكن فيها المُهَلَّبُ والأزد

حوادثُ غُلْبٌ في لُؤيِّ بنِ غالِبٍ

وخَطْبٌ لعَمرُ اللّه في أُدَدٍ إدُّ

أطافت بخِرْقٍ يَسبِقُ القولَ فعلُهُ

فليس ليوميه وعيدٌ ولا وعد

فليس له من غير طِرفٍ أريكةٌ

وليس له من غير سابغةٍ بُرْد

فتىً يشجعُ الرِّعديدُ من ذكر بأسه

ويشرُفُ من تأميله الرجلُ الوَغد

ولمّا اكفهَرَّ الأمْرُ أعجَلتَ أمرَهَا

فألقَتْ وَليدَ الكفر وهي له مَهْد

أخَذْتَ على الأعداء كلَّ ثنيَّةٍ

وأعقبتَ جُنداً واطئاً ذيلَه جُند

كأنَّ لهمْ من حادث الدهرِ سائِقاً

يسوقُهُمُ أو حادياً بهمُ يحدو

كأنّك وكَّلتَ الغَمامَ بحربهم

فمن عارضٍ يمسي ومنْ عارضٍ يغدو

كأنَّ عليهم منك عَنقاءَ تعتلي

فليس لها من أن تَخَطَّفَهُم بُدُّ

من الصائداتِ الإنسَ بينَ جُفونها

إذا ما جرَتْ بَرْقٌ وفي ريشها رَعد

فلمّا تقنَّصْتَ الضّراغِمَ منهُمُ

فلم يبقَ إلاّ كُسعةٌ خلفهم تعدو

كثيرٌ رزاياهمْ قليلٌ عديدُهم

وكانوا حصى الدهناء جمعاً إذا عُدُّوا

أتَوكَ فلم يُرْدَدْ مُنيبٌ ولم يُبَح

حريمٌ ولم يُخمَش لغانيةٍ خَدُّ

وما عنْ أمانٍ يومَ ذاكَ تَنَزَّلوا

ولكنْ أمانُ العفوِ أدركهُم بَعْد

ألا رُبَّ عانٍ في يديك مُصَفَّدٍ

شكتْ ذِفرَياه القِدَّ حتى اشتكى القِدُّ

بعَيْنَيَّ يومَ العفوِ حتى أعَدْتَه

نشوراً وحتى شُقَّ عن ميَّتٍ لحد

نُهِيتُ عن الإكثار في جعفرٍ ولنْ

يقاسَ بشيءٍ كلُّ شيءٍ لهُ ضِدُّ

إذا كانَ هذا العفْوُ من عزَماتِهِ

ففي أيِّ خطب الدهر يُستغرق الجهد

إذا كان تدبيرُ الخلائِقِ كلِّهَا

له لَعِباً فانظُرْ لمن يُذخَرُ الجِدُّ

فما ظنُّكم لو كان جرَّدَ سيفَهُ

إذا كان هذا بعض ما فَعَل الغِمد

وما كان بِين الجوِّ بالشمس فوقهم

تُكَوَّرُ إلاّ أن يُسَلَّ له حدُّ

لأمرٍ غدتْ في كفِّه الأرضُ قبضَةً

وقرَّبَ قُطْرَيها وبينهما بُعد

وغودِرَ شأوُ السابقينَ لسابقٍ

له مَهيَعٌ من حيثُ لم يعلموا قَصد

ألا عبقرِيُّ الرأي يَفري فَرِيَّه

ألا نَدُسٌ طَبٌّ ألا حازمٌ جَلد

وأحرى بِمنْ أقْيالُ قَحطانَ كلُّها

له خَوَلٌ أنْ لا يكون له نِدُّ

فيا أسَدَ اللّهِ المسَلَّطَ فيهمُ

أتَعْلمُ ما يَلقى بكَ الأسدُ الوَردُ

وللّهِ فيما شئتَ فينَا مشيَّةٌ

فإمّا فَناءٌ مثلَ ما قيل أو خُلد

شهدتُ لقد مُلِّكتَ بالزّاب تَدمُراً

وفُتِّحَ في أيام إقبالكَ السَّدُّ

ومِثلُكَ مَن أرضَى الخليفةَ سعيُهُ

فإن رضيَ المولى فقد نَصَحَ العبد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن هانئ الأندلسي

avatar

ابن هانئ الأندلسي حساب موثق

العصر العباسي

poet-ibn-Hani-Andalusia@

119

قصيدة

2

الاقتباسات

314

متابعين

محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي، أبو القاسم، يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة. أشعر المغاربة على الإطلاق. وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق. وكانا متعاصرين. ولد ...

المزيد عن ابن هانئ الأندلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة