الديوان » العصر العباسي » ابن الهبارية » قلت ومن جابر قال رجل

عدد الابيات : 76

طباعة

قُلت وَمَن جابر قالَ رَجُل

مِن مازن قصته لا تجهل

كانَ شُجاعاً بَطَلاً شَديداً

وَلَم يَكُن في رَأيِهِ سَديداً

غَزا وَصنويه فلاقى ميسرا

مِن الرمال وَالنجوم أَكثَرا

قالوا لَهُ يا جابر الهَزيمة

فَحَسبُنا نُفوسنا غَنيمه

قالَ قَبيح أَن تَقول العَرب

إِني مِن المَوت حذاراً أهرب

وَشَد بِالسيف عَلى الكَتيبه

وَلَم تَكُن مِن بَأسِهِ عَجيبه

وَلَم يَزَل يَضربهم حَتَّى قتل

وَفَر صنواه وَخَر منجدل

فَالحَزم وَالتدبير روح العَزم

لا خَيرَ في عَزم بِغَير حَزم

ثُمَّ اِنحَدَرت خيفة مِن مَوضِعي

وَغصت في العَين لِفرط جزعي

فَلَم يَبن مني إِلا رَأسي

وَصحت صَوتاً غَير صَوت الناس

بِضَجة هائلة عَظيمة

خافوا لَها وأزمعوا الهَزيمة

ثُمَّ أَتوا يَتبعون الصوتا

وَقَد رَأَيت إِذ رَأَيت المَوتا

وَقالَت العَنقاء مَن ذا الصائح

قُلت رَسول وَأَمين ناصح

مِن ملك الجن العَظيم ذي الصور

وَإنه وَقَومه عَلى الأَثَر

أَرسَلَني إَلَيكُم نَذيرا

مِن بأسِهِ واختارَني سَفيرا

في صورة الإنس فَهَل أَمان

تَأَخروا لِيَخلو المَكان

فَاستأخروا ثُم خَرَجت زالفاً

فَقُلت لست مِن أَذاكُم خائِفاً

لان خَلفي مِن جيوش الجن

ما يَدفع الأَعداء جَمعاً عَني

قَد سَمِعوا ما ذكر العَنقاء

وَقادَهُ لذكرِهِ الشقاء

مِن عَيبِهِ إِخواننا الأَناما

وَالسادة الأَفاضل الكِراما

وَطَعنه فيهم بِما تخرصا

عَلَيهم إِذ ذَمهم تنقصا

وَإِنه يَطلب من يسائله

عَن شَرَف الانس وَمَن يُجادله

وَها أَنا وَكيلهُم فَقُولوا

فَإِنَّني بِنَصرِهم كَفيل

وَلَيسَ لي ميل وَلا مَقصود

في ذاكَ إِلا الحَق وَالتسديد

وَملك الجن قَريب يسمَع

وَهوَ لِمَن يَجور سم منقع

وَلَست إنسياً فتنسبوني

إِلى العِناد أَو تكذبوني

فَأَيكم ينشط لِلمناظره

فَاِجتمعوا للرأي وَالمُشاوَرَه

فَقالَت السِّباع هَذا جَدَل

وَنَحنُ عَنهُ أَجمَعون ننكل

فمثلنا للحرب وَالمراس

أَهل الجِدال غَير أَهل الباس

لَيسَ الجِدال يَنبَغي بِنجده

وَلا الصواب وَالهُدى بشده

فَذاكَ بِالجنان وَاللسان

وَالعلم بالرجحان وَالنقصان

فَقالَت العَنقاء أَن الفيلا

ملك يرى منظره جَميلا

إِن العَظيم يَدفَع العَظيما

كَما الجَسيم يَحمل الجَسيما

فَقالَت الوحش الجدال وَالنظَر

لَيسَ بِمقدار الجسوم وَالصور

لكنه بالعلم وَالبَيان

وحدة الفُؤاد وَاللسان

لَو كانَ حملا أَو دفاع ثقل

لَكانَ كُل فيهِ منا يبلى

قالوا الخُيول الجرد وَالأَنعام

فإنها في ذاكَ لا تُلام

لأنَّها مظلومة بِحملِها

أَثقالَهُم بكرهها وَذلها

قالوا فَنَحنُ كَالعَبيد لَهُم

وَنَحنُ في نصرِهم نتهم

فإِن مَن عاشر قَوماً يَوما

ينصرهم وَلا يَخاف لَوما

عار عَلَينا وَقَبيح ذكر

أَن نَجعل الكُفر مَكان الشكر

صحبة يَوم نسب قَريب

وَذمة يَحفَظها اللبيب

لا يحقر الصحبة إِلا جاهل

أَو مائق عَن الرشاد غافل

هَيهات نَلقاهُم بِحَرب أَبَدا

أَن نَبتَغي فَعادهم تعمدا

فعندَها قالَ النعام للجمل

خل العلا فَإِنَّما أَنت طلل

قَد ضاعَ في جسمك هَذا عقلكا

لا كانَ في جنس الطّيور مثلكا

فَإِنَّما جسمك شخص ماثل

صفر من العقل خلي عاطل

قَد صدق القائل في الكَلام

لَيسَ النهى بِعظم العظام

لا خَير في جَسامة الأَجسام

بَل هُوَ في العُقول وَالافهام

قال وَلم تسبني وَتقذف

شر الرجال صاحب لا ينصف

قالَ عَلى ذمك دونَ الإِنس

فَقالَ غمر الرأي غَير نكس

تَزعم أَن حَقَهم أَكيد

عَلَيكُم وَإِنكُم عَبيد

وَإِنَكم في خَيرِهم وَبرهم

يلزمكم في الدين نشر شكرهم

وَهَذِهِ لا شَك منكم غَفله

فانظر بِعَين عاقل يا أَبله

لَم يكرموكم وَيقربوكم

محبة منهم بِها خصوكم

وَإِنَّما دَعوكم لنفعهم

نُفوسهُم بكم للؤم طبعهم

لَولاكم لَم تنتظم أَحوالهُم

وَلَم تَكُن ممكنة أَشغالهم

قَد قسموكم في الأُمور قسمه

وَرَتبوكم رتباً للخدمة

فَالخَيل للحرب وَلِلجمال

وَالإِبل للحمل وَللترحال

وَهَكَذا الحمير وَالبِغال

وَالحَرث للثيران وَالأَعمال

وِللغذاء كُلما اشتَد القرم

جَميعكم لا سيما جنس الغَنَم

فَأَي إِنعام لَهُم عَلَيكُم

وَأَي إِحسان لَهُم إليكم

وَإِنَّما الفضل لِمَن لا يُفضل

عَلَيكَ إِلا لَكَ يا مُغَفل

أَما الَّذي يَقصد نَفعَ نَفسِه

ببر مَن في أَمرِهِ وَحُبه

فَما لَهُ حمد وَلا مَعروف

لأَن أَفعال الوَرى صُنوف

فَواحد يُعطيك جوداً وَكَرَم

فَذاكَ مَن يكفره فَقَد ظلم

وَواحد يُعطيك للثواب

كمثل من سلم للجواب

وَواحد يُعطيك للمصانعه

أَو حاجة لَهُ إِلَيك واقعه

فَذاكَ مثل تاجر معامل

لطلب الربح وَنيل النائل

فَلَيسَ في جَميعهم مَن يحمد

إِلا الَّذي للخير محضا يعمد

نَعم وَلِلناس عَلَيكُم غلظه

تخبر عَن لؤم طباع فَظه

تَكليفهم فَوقَ الَّذي يُطاق

وَضَربكُم وَالسب وَالإِرهاق

وَأَكلهم لحومكم مِن بعد ما

ربوكم لا يرقبون الذمما

بِذَبح أَطفال لَكُم لا يَرحَموا

فَأَين حُسن عَهدِهم وَالكَرَم

وَإِنَّما مثلكم في شكرهم

مَع الَّذي تَلقونه مِن شرهم

كَمثل الحِمار وَالضرغام

فيما مَضى مِن سالف الأَيّام

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الهبارية

avatar

ابن الهبارية حساب موثق

العصر العباسي

poet-Ibn-Al-Habariya@

216

قصيدة

80

متابعين

محمد بن محمد بن صالح العباسي. نظام الدين، أبو يعلى، المعروف بابن الهبارية. شاعر هجاء. ولد في بغداد وأقام مدة بأصبهان، وفيها ملكشاه ووزير نظام الملك. وله مع الوزير أخبار. ...

المزيد عن ابن الهبارية

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة