الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » هو النصر لا وان ولا متماكث

عدد الابيات : 64

طباعة

هوَ النّصرُ لا وانٍ ولا مُتَماكِثُ

ركائِبُهُ طوْعَ السّعودِ حثائِثُ

هوَ الفتحُ عزّتْ أرْضُ أنْدلسٍ بهِ

وذلّ المُناوِي والعدُوُّ المُناكِثُ

هوَ العزُّ لا يَفْنى مُردَّدُ ذكْرِهِ

مُخلَّدُهُ في صفحةِ الدّهْرِ لابِثُ

هو الصّنعُ قد جلّتْ مواقِعُه التي

بها اللهُ للدنيا وللدّينِ غائِثُ

عظائِمُ قدْ جلّت فذَلتْ لعزّها

طُغاةٌ بُغاةٌ للعُهودِ نواكِثُ

أُصيبَ إفَنْتُ الرّومِ فارْتاعَ قومهُ

وأضْحَتْ بِطاحُ الرُشْدِ وهْي أواعِثُ

تجرّعَ صابَ الموْتِ لا دَرَّ درُّهُ

فأيْدي المَنايا كيفَ شاءَتْ عوابِثُ

أصابَتْهُ من صرْفِ الزّمانِ مُصيبةٌ

بها الموْتُ عاثٍ في حِماهُ وعائِثُ

سهامٌ من الأيّامِ فيهِ نَوافذٌ

وفي عُقَدِ السّرْبِ المَروعِ نوافِثُ

لئِنْ أمّنَتْ منهُ الحوادثُ قابِلاً

عُهودَ صُروفِ الدّهْرِ فهْي نكائِثُ

وهلْ مِثلُهُ بحْرَ العظائِمِ عابِرٌ

لينجُو ومنْ سيْفِ المنيّةِ عابِثُ

وهَى رُكْنُ عُبّادِ الصّليبِ بموْتِهِ

فَها هوَ من بعْدِ العُلى مُتَقاعِثُ

تقدّمَ يقْفو في الجَحيمِ سَبيلَهُ

لمُنْتَحِلي الإشْراكِ ركْبٌ أشاعِثُ

فقد راقَتِ الدّنْيا جَمالاً وبهجةً

وقد أخصَبَتْ منْها بِطاحٌ عَثاعِثُ

عجائِبُ لا الأيامُ أحْدَثْنَ مثلَها

ولا الدّهْرُ عنْها في القديمِ يُحادثُ

يقول لِسانُ الدّهْرِ والكُفْرُ صامِتٌ

هلمّوا فإنّي عنْ حُلاها مُحادثُ

سُعودُ إمامٍ لمْ تزلْ عَزَماتُهُ

لديْهِ على النّصْرِ العزيزِ بواعِثُ

هُمامٌ إذا طالتْ رِماحُ جُنودِه

زَكَتْ عنْهُ أخبارٌ وطابَتْ أحادِثُ

أبيٌّ إذا جدّتْ سُيوفُ جِهادِه

فهُنّ بِهامِ المعْتَدينَ عوابِثُ

وليُّ ندىً ينهلُّ صيّبُ جُودِه

فَيَنْهَلُ ظمآنٌ ويطْعَمُ غارِثُ

حَليف عُلاً تبغي النجومُ توصُّلاً

لها وهْيَ دونَ القصْدِ منْها لَوابِثُ

به يَهْتدي سارٍ وينْجحُ مَقْصَدٌ

ويَقفو سَبيلَ الرُشْدِ فيه مُباحِثُ

فإن باحَثَتْ فيه المَعالي خلائِفاً

مضتْ فلهُ بالفضْلِ تقْضي المباحِثُ

تدُلُّ على العَلياءِ منهُ مَخائِلٌ

عليهنّ مِصْداقُ الفِراسةِ باحِثُ

لِما عزَّ وهّابٌ وبالسّيفِ دافِعٌ

وفي الحرْبِ منّاعٌ وللجيشِ باعِثُ

فوفّى حُقوقَ المكْرُماتِ وطالَما

وفَى بعُهودِ المجْدِ والدّهْرُ ناكِثُ

وردّ جُنودَ الشّركِ وهْي عوابِثٌ

وأرْدى أسودَ الغابِ وهْيَ دَلاهِثُ

فلا العزْمُ مفْلولٌ ولا الرأيُ فائِلٌ

ولا الحزْمُ مخْذولٌ ولا الخطْبُ كارِثُ

حُلىً قصّرتْ عنها القياصرةُ الأُلَى

بمعْنَى انفِرادٍ ليسَ ثانٍ وثالِثُ

أتطلُبُ أمْلاكَ الزّمانِ منالَها

وقد أذْعَنَتْ سامٌ وحامٌ ويافِثُ

فيا ناصِرَ الإسلامِ والواهِبَ الذي

تؤمُّ ظِماءٌ جودَهُ وغَوارِثُ

تهنّأ على حُكْمِ السّعودِ فإنّهُ

قديمٌ من الصُنْعِ الجميلِ وحادثُ

حُبيتَ بها بشرَى فحلّتْ على النّوى

لديكَ وأفواجُ السّرورِ حَثائِثُ

كأنْ ببلادِ الشّركِ بالسّيفِ قد عفَتْ

وبانَتْ خَبايا عنْدَها وخَبائِثُ

وقد عُمِرَت بالمُسلمينَ مشاعِرٌ

ولُمّتْ من الدّين الحنيفِ مَشاعِثُ

كأن بالذي ألقى بسَبْتَةَ رَحْلَهُ

وقد فرّقَ المقدارُ ما هو حارِثُ

سيُفْرِجُ عنها والأنوفُ رواغِمٌ

وقد كُفيتْ منهُ خُطوبٌ كوارِثُ

ويقْصِدُ أرْضاً لا تُقِلُّ ركابَهُ

وكيفَ وأسْبابُ النّجاةِ رَثائِثُ

تُرَدُّ جُنودٌ عندَها وكتائِبٌ

ويُكْفَى خُطوبٌ بعدَها وحوادِثُ

ورأيٌ رآهُ فهْوَ منهُ بظِلْفِهِ

على حتْفِهِ كيفَ اقتضَى الغَدْرُ باحِثُ

فأفعالهُ في النّجْمِ حين يرومُها

حدائِثُ عهدٍ والعُهودُ نكائِثُ

كفَى اللهُ من فيها عليهِ تطاوَلتْ

أراذِلُ من أحْزابِهِ وأخابِثُ

إذا خفِيَتْ في ظُلمَةِ النّقْعِ هامُهُمْ

أشعّةُ بيضِ الهندِ عنْها بواحِثُ

فتُرديهِ أُسْدٌ من جُنودِكَ طالَما

تحيّزَ عنها وهْو لاهٍ ولاهِثُ

يؤمّلُ فِعْلاً وهْو للحقّ رافِضٌ

يُحاولُ قوْلاً وهْوَ في النّطْقِ لافِثُ

ورثْتَ من الصّحبِ الكِرامِ مآثِراً

سبقْتَ لها حيثُ المُلوكُ لَوابِثُ

حُبيتَ بها قِدْماً كما شاءَتِ العُلَى

وآثارُ أهْلِ المعْلُواتِ حدائِثُ

لَئِنْ درَجَ الأعْلَوْنَ أبناءُ قَيْلةٍ

بحيثُ رياضُ المَكرُماتِ أثائِثُ

فوارِثُهُم مَنْ أنْهِدَتْ منْ جُنودِه

فوارسُ والبيضُ الرّقاقُ فوارِثُ

إذا ما قَضى الجودُ المؤمَّلُ نحْبَهُ

وللعَهْدِ في التّعْصيبِ والفَرضِ ناكِثُ

ولا طلَبٌ إلا عن المنْحِ حاجزٌ

ولا سبَبٌ إلا لهُ المنْعُ فارِثُ

تؤمّلُكَ القُصّادُ بَدْءاً وعوْدَةً

فلا وارِدٌ إلا لرُحْماكَ وارِثُ

لتُرْوَى بحُكْمِ الجودِ عن واكِفِ الحَيا

عن البحْرِ عن جدْوَى يدَيْكَ الأحادِثُ

وهَبْتَ وقد أمّنْتَ غائِلَةَ العِدَى

فلمْ يُرْجَ مأمولٌ ولمْ يُخْشَ حادِثُ

أمَوْلايَ خُذْها للثّناءِ حديقَةً

كأنّ النّسيمَ اللّدْنَ بالمِسْكِ مائِثُ

وجدّتْ جيادُ الحَمْدِ منكَ فراقَها

مَلاعِبُ في أفْقِ العُلَى ومعابِثُ

فسارَتْ مَسيرَ الشّمْسِ أخْبارُ وصْفِها

وفي ضِمْنِها المجْدُ المؤثّلُ ماكِثُ

وأهْدَتْ منَ الأفْكارِ أبْكارَها التي

تَهادَتْ ولم يفْتضَّها قبْلُ طامِثُ

وحسّن فكْري نظْمَ كُلّ عَجيبةٍ

فَها هُوَ حسّانٌ وجودُكَ حارِثُ

قَصَرتُ عليْها الفِكْر حتّى تقاصرَتْ

مَثانٍ لدَى إنشادِها ومَثالِثُ

ولمْ لا يَروقُ السّامعينَ حديثُها

ومنظومُها في عُقْدةِ السّحْرِ نافِثُ

ولمْ لا ومن جدْواكَ صوْبُ غَمامةٍ

منَ البِشْرِ تُزْجيها بُروقٌ حَثاحِثُ

وأنت الذي تُولي المَكارمَ والنّدى

وتُقدمُ جيْشَ النّصرِ والشّرْكُ رائِثُ

فأقْسَمَ عِزُّ النّصْرِ أنّك وارِثٌ

بلادَ العِدَى طُرّاً وما هوَ حانِثُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

83

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة