الديوان » مصر » محمود غنيم » في ربا الخلد

عدد الابيات : 45

طباعة

في رُبا الخُلد، يا ابنَ عبدِ المجيدِ

يا شهيدَ العلا، وأيَّ شهيد

يا شبابًا لو يُفتدى، لافتداهُ

كلُّ طيرٍ بغصنه الأُملودِ

يا غريبًا، لاقى الحمام ولم يَنقَـ

ـع صَداهُ من نيلِ مصرَ البَرود

أنتَ في عُمر مصطفى قد تولَّيـ

ـتَ لعمري وفي اغتراب فريد

صوَّح الزَّهرُ في الربيع؛ فصاح الطـ

ـيرُ فيهِ بالنوح لا التغريد

وطوَى الموتُ رايةً من نبوغٍ

وسِجلاًّ من الخَلاق الحميد

أيها الموتُ، ما فعلتَ بوجْهٍ

كان مثلَ الصباحِ في يوم عيد؟

أيها البرقُ، ما حملتَ إلى مصـ

ـرَ سلامًا من الحبيبِ البعيد

بل حملتَ النَّعيَ الذي يَفطرُ القلـ

ـب، ويَرمي بالشيب رأسَ الوليد

يا نزيل الدُّنيا الجديدةِ، هل عا

ثَ البلى في بُردِ الزّفاف الجديد؟

أيها البحرُ، قد حمَلتَ رفاتًا

هُو أغلَى من درِّك المنضود

ترك الموجَ في حَشاك لموجٍ

من دموعٍ تسيلُ فوق خدود

حَمَلتهُ الأعناقُ، بل لبسَتْه

جوهرًا ليس مثلُه في العقود

نَثرُوا فَوْقَهُ الوُرُودَ، فغطَّى

من شذاءُ على أريج الورود

راحلٌ شيَّعته سيرتُه قبـ

ـلَ وفودٍ تسيرُ إثرَ وفود

ولوَ أنا لم نَرثهِ، لرثاه

طِيبُ أخلاقهِ بألفِ قصيد

فُجعت مصرُ يوم ماتَ كمالٌ

بفتًى ماجدٍ؛ كريمِ الجدود

بكَّرت نحوه الرجولةُ، في مَيـ

ـعة عُمرٍ، وفي طراوَةِ عود

شاخِصٌ طرفه إلى المُثل العليـ

ـا، عزوفٌ عن المَتَاع الزهيد

وثباتُ الشبابِ في حكمة الشِّيـ

ـب، ورأي المجرِّبين السديد

حُسنُ سمت يزينه حسنُ صمتٍ

ليس عندَ الشبابِ بالمعهود

في هوى مصرَ آثر البعد عن مصـ

ـرَ، وَلبَّى نداءَها حين نودي

ما أذلَّ الطيرَ الغريبَ عن الدَّو

ح وإن عاش في جنان الخلود!

يا طِرازًا من الشباب فريدًا

في طراز من الشعوب مجيد

يَبتَني للبلاد مثُلك مالاً

تبتنيه فيالقٌ من جنود

قد بعثناك للكنانةِ بندًا

في سماءٍ مملوءةٍ بالبنود

ومثالاً من نهضة الشرق؛ حتى

يُؤمنَ الغرب بعد طول الجحود

ويرى كلُّ منصفٍ أنَّ مصرًا

وطنٌ للأحرار لا للعبيد

يا تقيًّا، لم يُنسِه الغربُ ذكر الله

يومًا، ولا انحناءَ السُّجود

عاش فيه فما تَنَكَّرَ أو أسـ

ـرفَ، كالبَبَّغاء في التقليد

حافظًا عهدَ قومه بين قومٍ

لا يراعون حُرمةً للعهود

كنتَ في الغرب للحنيفةِ ركنًا

يا لرُكن الحنيفةِ المهدود!

ربَّ غازٍ في الله ما سلَّ سيفًا

وهُو أمضى من صارم ابنِ الوليد

إنْ قضى نحبَهُ كمالٌ وحيدًا

فكمالٌ في مصر غيرُ وحيد

إنْ في غابه المنيع أسودًا

لو يرُدُّ الحِمامَ عزمُ الأسود

قل لسعدٍ، وقل لإخوة سعدٍ:

لا يعيدُ الأسى حياةَ فقيد

ولعمري، ولو يبعثُ الدمعُ ميْتًا

لبكينا بدمع بنتِ الشريد

ليتَ شعري! ماذا تقولُ وأنتم

أهلُ بيتٍ على العلوم مَشِيد؟

إنما يَقهرُ الخطوبَ حكيمٌ

ذو فؤادٍ على الخطوب جليد

إنَّ في العيشِ والمماتِ لسرًّا

ضلَّهُ النَّاسُ منذُ بدء الوجود

قلِّب الطرف: هل ترى في البرايا

غيرَ حيّ أودى، وآخرَ يودي؟

اهزلي؛ فالحياةُ، يا نفسُ، هز

إنَّ من جدَّ عاش غيرَ سعيد

يسبحُ المرءُ في محيطِ الأماني

والمنايا منه كحبل الوريد

ضلَّ من يكفيه قليلٌ من الزا

دِ، ولا يكتفي بمُلكِ الرشيد

كلُّ وجهٍ له الترابُ نقابٌ

غيرَ وجه المهيمِنِ المعبود

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود غنيم

avatar

محمود غنيم حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-ghoneim@

82

قصيدة

373

متابعين

توجد روايتان عن مولد الشاعر: محمود غنيم الاولى أنه ولد في ١٩٠١م،والثانية أنه ولد في 1902م،وقد ولد بقرية مليج في محافظة المنوفية. ويعد واحد من أبرز الشعراء العرب في جيله، وهو صاحب ...

المزيد عن محمود غنيم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة