الديوان » وحيد خيون » مضتِ السنونَ

عدد الابيات : 35

طباعة

مضَتِ السنونَ وودّعَتْ ساعاتي

ومضى الكثيرُ مِنَ القَليلِ الآتي

نَهَباً كما فعَلَ الزّمانُ بعَصْفِهِ

ولّتْ بأدراجِ الرّياحِ حياتي

حتى اذا أحْصَيْتُ صَحْبَ مَواسِمي

ألْفَيْتُ أكثَرَهُمْ مِن الأمْواتِ

مُتَوَتِّرٌ نَزِقُ الفؤادِ وأرتدي

حُزْنَ السّنينَ زرَعْتُهُ بِرِئاتي

 مُتذَكِّراً عمري الطويلَ قضَيْتُهُ

أُعْطي لِمَنْ شرِبوا دَمِي أقواتي

ولِمَنْ أُجَنِّبُهُمْ أسايَ وهم على

طولِ  الطريقِ يُقَسِّمونَ رُفاتي

هُمْ هُمْ وإنْ بدّلْتُ كلَّ مسالِكي

حجَرٌ يُطارِدُني إلى عَثَراتي

هُمْ جَنّبُوا قَدَمي المَقامَ و قرّبوا

منّي الحِـمَامَ وقلّبُوا آهاتي

هُم زيّفوا صُوَري التي صوّرْتُها

وتبادَلوا التَشويشَ في مِرآتي

وهمُ المقبِّحُ لي أرَقَّ محاسِني

وهُمُ المُسَرِّحُ قبْحَهُ في ذاتي

وأشدُّهمْ عَطفاً عليَّ هو الذي

غَطّى بضِحْكَتِهِ على صَرَخاتي

قتلوا فؤادي المُـسْتَحِمَّ بحُبِّهِمْ

لكنّهمْ لم يعْلموا بوفاتي

والانَ أسكُنُ في طريقِ رجوعِهِمْ

وأعُدُّهُم من أجْمَلِ الأوقاتِ

مُتَنَصِّتاً أخْبارَهُمْ ورُدودَهُمْ

والأذنُ قدْ تَعِبَتْ مِنَ الإنْصاتِ

لي في الشّروقِ لهم غروبٌ دائمٌ

وحمائمٌ تجري معَ النّسَماتِ

لم يسمَعوا مني النّداءَ ولا أنا

عَدَمُ الرّجَاءِ يحُدُّ مِنْ أصواتي

شَهِدُوا على جِسْرِ اللقاءِ تأفـُّفِي

وترصُّدي وتوَقُّفي  وهِناتي

ختَموا على قلبي فصِرْتُ حبيبَهُمْ

رغْمَ اخْتِلافِ طرائِقي ولُغاتي

فأنا أُطارِدُ كلَّ ظِـلٍّ مائِلٍ

ومعي بمعركةِ الظّـِلالِ عَصَاتي

ذهَبَ الجّميعُ إلى منازِلِ قَيْظِهِمْ

وبِقِيتَ أنتَ تَعِيثُ في جَنَباتي

أَذهَبْتَ لي عُمْري القصيرَ بلَحظةٍ

وخَتَمْتَ لي في لحْظةٍ سَنَواتي

ماذا قرأْتَ مِنَ الكِتابِ وما الذي

للآخرينَ  كتَبْتَ  في  صَفَحَاتي؟

دَعْـني أَعِشْ بينَ السّـطورِ لواحِدٍ

قلِقَ الشّعورِ يرُدُّ لي سـاعاتي

أضحى الحبيبَ ولم يزَلْ بعُيونِهِ

نظَـرُ الطبيبِ مُسَكِّناً وجِعَاتي

فازَ الرّفيقُ بثَوْبِهِ وبجِسْـمِهِ

وأنا مَلَكـْتُ القلبَ والنّبَضاتِ

وإذا أراهُ أميلُ عنهُ كأنّما

عندي سِـواهُ مُدَبّرٌ لحياتي

وأنا أُرَفْرِفُ مثلَ طَيْرٍ مُثْقَلٍ

بِبُلُولَةِ الأمْطارِ والرّجَفاتِ

وأودُّ لو أحْنو عليهِ أضُمُّهُ

ضَمَّ القَطا لفِراخِها  بفَلاةِ

مالي إذا شاهَدْتُهُ  أنْكَرْتُهُ

وجَفَوْتُهُ ومَنَعْـتُهُ  نَظـَراتي

تَصْـفَرُّ ألواني إذا لاقيتُهُ

وإذا مضى فاضَتْ لهُ عَـبَراتي       

حتى الفؤادُ إذا فَرَرْتُ يقولُ لي

هذا الحبيبُ يدُقُّ في دَقّاتي

إنّ الغرامَ أشدُّهُ إخْفاتُهُ

وأنا بدَأتُ هواكَ بالإخْفاتِ

ليْسَتْ لثاقِبَةِ الظّلامِ هوايَةٌ

إلاّ القِيامُ إلَيْكَ بالصّلواتِ

يا مَنْ يُعَلّمُني بدَوْرَةِ وجْهِهِ

كيفَ الشُّموسُ تُطِـلُّ في المِرآةِ  

قدْ جِئْتُ في الكَلِماتِ لَحْناً موجِعاً

إقْرَأْ فإنّي الآنَ في كَلِماتي  

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

34

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة