الديوان » وحيد خيون » كانت أمامَ عيوني

عدد الابيات : 73

طباعة

تبقى المودّاتُ تحيا بالموداتِ

وقد يموتُ هوى عُمْرٍ بساعاتِ           

أغضُّ طرفي إذا لاقيتُها خجلاً

وحبُّها بالغٌ عندي السماواتِ

وذاتَ يومٍ أتتْ تجري مدامعُها

لتستعينَ على قومٍ بخبراتي

قالتْ أريدُ لقاءً كيفَ ترغبُهُ

فقلتُ في السوقِ ما بينَ العِماراتِ

حتى انتهى موعِدٌ ضقنا لسرعتِهِ

وفي الخِتامِ تبادَلنا التحيّاتِ

وثمّ قلتُ لها عندي مُصارَحَةٌ

فهل أقولُ اختصاراً للمسافاتِ؟

أنا أُقاوِمُ قلبي في معارِكِهِ

لكنَّ حُبَّكِ مُحْتَلٌّ مَساماتي

قالتْ وحُبُّكَ مُحْتَلٌّ بلا جدَلٍ

أرضي وسكانَ أرضي بل سماواتي

وعرّجَ الحُبُّ عشنا فيهِ قافلةً

من السنينَ مناماتٍ ويَقْظاتِ

كانتْ تُقضّي لياليها على قصَصي

ولا يروقُ لها إلّا مُحاكاتي

كانتْ ترددُ أقوالي وتحفظُها

وقد ترددُ قبلَ النّومِ أبياتي

وتدّعي  بغرامي أنها وصلتْ

للمُسْتقرِّ وغيرِ  المُستَقِرّاتِ

كانتْ وماكانَ لن يأتي لنا أبداً

فقمتُ أجمعُ قبلَ الليلِ أشتاتي

أنا الذي كُنتِ ليلاً تحلُمينَ بهِ

وتفتحينَ لهُ بابَ المَسَرّاتِ

لا أطرقُ البابَ إلا والخمارُ هوى

للأرضِ يطلبُ تفتيشَ المَقرّاتِ

كم مرّةً عندَ بابِ الدّارِ ألثُمُهُ

ذاكَ الفَمُ المُتَسامي بالملذّاتِ

وكنتِ توصينني لاتنسَ قافيتي

وتكتبينَ على الجدرانِ كِلْماتي

ولو يزورُكِ شخصٌ قد يرى أثري

في دارِكم ويرى فيها مسلّاتي

وقلتِ لي أنّ أوقاتي نوافِلُها

آهٍ وحيدُ ، ألمْ تسمعْ بآهاتي

وكنتِ تستقبلينَ النارَ آمِلَةً

أنْ تدخلي ذاتَ يومٍ بابَ جناتي

وكانَ أعذبَ أصواتٍ طَرِبْتِ لها

في نغمَةِ الهاتِفِ الجوّالِ أصواتي

وكنتِ لن تخرجي إلا موافَقَتي

وكنتِ لن تنظري إلا لمرضاتي

كم مرّةً قلتِ لي قد صرتُ مدمِنةً

عليكَ يا أنتَ يا أحلى حِكاياتي

وكانَ أشهرَ تعبيرٍ نَطَقْتِ بهِ

أدمنتُ حبَّكَ في كلِّ الخطاباتِ

لنْ أنكُثَ العهدَ إنّي لا أرى بشَراً

يبقى على العهدِ في بعضِ الملمّاتِ

وبعد عشرةِ أعوامٍ مصارعةً

خطّتْ عباراتِ دمعي بابتِساماتِ

ماصدّقتْ أذنيها حين قلتُ لها

وحدي دعيني فراحتْ في متاهاتِ

وأنكرتْ كلماتي وهي قائلةٌ

لا أرغبُ الشِّعْرَ في كلِّ المَجالاتِ

وإنَّ أعظمَ ذنبٍ عندَ ناسيتي

صارتْ تُغني لغيري مِن مقاماتي

وما تعجَّبْتُ إطلاقاً ولا عجَباً

فدولةُ العِشْقِ قامتْ بالخياناتِ

قرّرْتْ جَمْعَ خيولي حولَ قبّتِها

لأستعيدَ ولو قهراً  محطّاتي

فجاءني رجلٌ يسعى وقالَ عسى

أنْ يسقطَ النَّجمُ مِن أعلى السماواتِ

لن يأتيَ الحبُّ جبْراً فاستمعتُ لهُ

وقد سَحَبْتُ مِنَ الصّحراءِ قوّاتي

قد ساقني اليأسُ بحثاً عنْ مناورةٍ

لكي تدوري على أسمى مداراتي

يا نجمةَ الصُّبحِ  إنّي لم أنمْ أبداً

فسلّمي لي على أغلى المَجرّاتِ

كانت أمامي كمرآةٍ أُطالِعُها

كالطفلِ وهي أمامي مثلُ مرآتي

كزهرةِ الشمسِ تومي لي وأحسَبُها

تدورُ نحوي برغمِ العاصفِ العاتي

تحسُّ بي حينَ أدنو مِن منازِلها

فكلُّها رهنُ أوضاعي وحالاتي

كنا معاً ما تفرّقنا بقافلَةٍ

ونزرعُ الوردَ في كلِّ المحطاتِ

كانتْ ترى القلبَ لو يشكو وتسمعُهُ

وتسمعُ النبْضَ لو قاسى بإخفاتِ

كانتْ جميعَ مكاتيبي تُؤطِّرُها

وتجعلُ القلبَ ديواناً لأبياتي

وجدتُ في حبِّها وجدانَ والدةٍ

على وليدٍ تُداوي غربةَ الذاتِ

كانتْ هي الحبَّ حتى لو أقولُ لها

موتي تموتُ وما عاشتْ لساعاتِ

ماذا تبدّلَ لا أدري بعالمِها

أوقاتُها الآنَ تجري عكسَ أوقاتي

أين المشاعرُ راحتْ مِن مصارِفِنا

وأين أُقصي عجافاً جوعُها آتي

اقفرّتِ الأرضُ صارت كلُّها حطباً

وصارتِ النارُ تدنو من مقرّاتي

توحي المياهُ لأغصاني بشِحّتِها

حتى جذوري بدَت توحي بعِلاتي

يا كلَّ ماكانَ يا ماضٍ سدَدْتُ بهِ

بابَ المواسينَ إلا بابَ شِمّاتي

تركتِ  دنيايَ آهٍ  وهي غارقةٌ

مابينَ نفيٍ وتأكيدٍ وإثباتِ

أنوحُ نوحَ طيورِ البرِّ فاقدةً

أعشاشَها في زُحامٍ من مُبيداتِ

عوّدتُ عيني لتبكي وهي ضاحكةٌ

وقلتُ للجهْرِ أنْ يُصغي لإخْفاتي

من ذلكَ اليومِ حتى اليومِ عافِيَتي

تشكو نزولاً وفي كلِّ المَجالاتِ

قالَ الشّهودُ جميعاً أنتِ قاتلَتي

وأنتِ أوّلُ شخصٍ في مَلَفّاتي

أرقامُ هاتفكِ المشغولِ أحفظُها

عن ظهرِ قلبٍ لتكرارِ اتصالاتي

كفرتِ بي وبِشِعري والسماءُ بهِ

والجنُّ والإنسُ لم تكفرْ بأبياتي

لاتُسْرفي في ابتِغاءِ البُعْدِ يا صِلَتي

بكلِّ آياتِ أسلافي وآياتي

ويا أساطيرَ آمنّا بها زمَناً

كتبتُها الآنَ في أعلى منصاتي

أنا الذي كنتُ مثلَ الليثِ أحرِسُكمْ

وتستَجِمُّونَ في جَمْعي وأشتاتي

بنيتُ سُلّمَ مجدي من حجارتكم

ترمونني وأنا أبني حضاراتي

بنيتُ مما رمى الحسادُ لي هرَماً

فالطعنُ يرفعُ مِن أهلِ المروءاتِ

لما رأيتُ عدُوّي لم يكنْ رجلاً

أمرتُ قادةَ جندي سحبَ قوّاتي

عادتْ جميعُ جنودي منكِ تاركةً

وراءَها فوقَ ظهْرِ الرّمْلِ راياتي

هذا هو الحُبُّ لا يأتي بموعِدِهِ

ولا يدومُ ولم يخضعْ لميقاتِ

يطولُ حبْلُ أمانينا ويا قلقي

قد يَقطعُ الحَبْلَ تمْديدُ المسافاتِ

يا ظلَّ زيتونةٍ والشمسُ بازغةٌ

قد يسقطُ الظلُّ في جنْبِ الغَماماتِ؟

يا أطيبَ الناسِ يا إنسانَ مملكَتي

لم تكتشفْ فيكِ مِن سوءٍ مَجَسّاتي

لا صوتُكِ العذْبُ غيري كانَ يسمَعُهُ

ولم تمَلّي بقصْدٍ مِن مَلَذّاتي

ولم تقولي مقالاً جارحاً أبداً

كأنّ قولَكِ مِن وحيِ السّماواتِ

كانَ الهدوءُ إذا أشرفتِ يغمرُنا

كأنما الوقتُ يُمسي وقتَ إنصاتِ

قصائدي لكِ أدّتْ مِن مطالعِها

سلامَها ثمّ قامتْ كلُّ أبياتي

حتى رؤايَ و أحلامي لكِ اتجهتْ

فصرتِ أنتِ مزاراً مِن مزاراتي

تجري دماءُ شراييني وأوردتي

إذا وقفتُ لأُلْقيكِ التحياتِ

أزورُكِ الآنَ عن بعدٍ فوا أسفي

عليكِ مني سلامُ اللهِ مولاتي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

34

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة