الديوان » وحيد خيون » فاتك الميعادُ

عدد الابيات : 34

طباعة

والآنَ أصبحتَ لا أهلٌ ولا وَلَـدُ

وصرتَ وحدَكَ مِنْ لا شئَ ترتعِدُ

ترنو إلى طرُقٍ لا يمرحونَ بها

وتسألُ اللهَ لو منهم أتى أحَدُ

ها أنتَ بتَّ لهم تبكي فوا عجَباً

ألستَ كنتَ إذا جاؤوكَ تبتعِدُ؟

وكنتَ لو شاكَسُوا بعضاً تُعاقِبُهـُم

وتدّعي أنّهم لا غيرَهُـمْ نكدُ

ألمْ تقُلْ قبلَ يومٍ ليتني رجُلٌ

بلا عيالٍ ولا وِرْدٍ له أرِدُ

لأنهمْ لم يناموا قبلَ موعِدِهِمْ

والآنَ يا ليتَهمْ عادوا ولا رقَدُوا

وكنتَ لو أشعَلوا المِصباحَ تزجُرُهُمْ

ناموا إلى الموتِ يا أولادِ وانْخَمِدوا

والآنَ ها أنتَ تبكي في أسرّتِهِمْ

إذا الرياحُ التَقَتْها هزّكَ الرّعَدُ

وأمْطَرَتْ عينُكَ السوداءُ مِنْ سُحُبٍ

لها على مُـقْلَةٍ تشتاقُهُم رمَدُ

ها أنتَ أصبحْتَ مُشتاقاً لضجّتِهِمْ

وصرتَ حتى صُراخَ الطِفْلِ تَفْتَقِدُ

هلِ العصافيرُ عني هاجَرَتْ معَـهمْ

بالأمسِ كانتْ على الشُبّـاكِ تحتشِـدُ؟

هذي أسِرّتُهمْ هذي ملابسُهمْ

هذي خُطاهُمْ بشيءٍ لم تعُدْ تَعِدُ

هنا استراحوا هنا ناموا هنا لعِبوا

هنا توضّـوْا هنا صلَّوْا هنا سَجَدوا

كفاكِ يا عَيْنِ دمعاً تُوهِمينَ بهِ

قلباً سِواكِ مواسٍ صارَ لا يَجِدُ

وكنتَ مِنْ أُمِّهِمْ تُلْغي مَحاسِنَها

وكانَ مِنْ خَدِّها المِصْـباحُ يَتَّقِدُ

كانتْ لَديْها طِباعُ الطيْرِ مِشْيَتُهُ

هُدُوؤُهُ روحُهُ إصرارُهُ الجَلَدُ

كانتْ على الدارِ طولَ اليومِ دائرةً

تُعطي الكثيرَ لمَنْ في الحُبِّ يقتصِدُ

وكنتَ يا ناكرَ المعروفِ تُرْهِقُها

لِأجْلِ مَنْ ليسَ مِنْها للسِّنينَ يَدُ

وكنتَ تقسو عليها وهيَ رائِعةٌ

وكنتَ تُلْقِي وتسْتَلْقي وتَنْتَقِدُ

هلِ النِّساءُ نواعيرٌ تدورُ لِمَنْ

لم يدرِ مَن زرعوا زرْعاً ومَن حصَدوا

يَدورُ ناعورُهمْ طولَ النهارِ ولوْ

جاءَ الظلامُ بهِ الفلاّحُ ينْفَرِدُ

كأنما الأُمُّ مِنْ صخْرٍ مفاصِلُها

أو مِنْ حديدٍ لها مِنْ دونِهِمْ جَسَدُ

هي الحَمائمُ طولَ الدّهْرِ جاريةٌ

وأنتَ جاثٍ لأكْلِ الزّادِ يا أسَدُ

عظَّمْتُ فيكِ نساءَ الأرضِ قدْ تَعِبَتْ

مِنْ فَرْطِ ما غُصْنُكِ القِدّاحُ يجْتَهِدُ

البَيْتُ والزوجُ والأولادُ مِنْ طرَفٍ

وفوقَ هذا هي الطَّرْفُ الذي يَلِدُ

الآنَ أصبحتَ تَنعاها وقد أفَلَتْ

وعادَتِ البِرَكُ الزرقاءُ تَنَجَمِدُ

أدرَكْتَ بعدَ التَنَحِّي أنّ مَنْ رَحَلَتْ

هي الدِّيارُ هي السُّكنى هي البلدُ

كانتْ مُناها بِبَيْتٍ فيهِ تذكُرُها

مِنْ شِعْرِكَ العَذْبِ أو وعْدٍ بهِ تعِدُ

الآنَ أدركتَ أنّ الأرضَ سائرةٌ

وكلَّ شيءٍ لهُ قَلْبٌ لهُ أمَدُ

فلا ترى لكَ في الأيّامِ مِنْ طبَقٍ

ولا الأصابعُ في كَفَّيْكَ تَتَّحِدُ

وقد مضى السِّربُ وانجابَتْ مَسالِكُهُ

وصِرتَ تدنو وصارَ السِّرْبُ يبْتَعِدُ

فاجْلُسْ لقدْ فاتَكَ الميعادُ يا رجُلا

على خَرِيرِ مجاري الماءِ يَعْتَمِدُ

لندن 

27/05/2005

 

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

34

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة