الديوان » وحيد خيون » موعدٌ مع االعراق

أعْدَدْتُ يا حبيبتي حقائبَ السفرْ
وهذهِ الأوراقُ والجوازُ والتّذاكرْ
وجئتُ للتوديع ِإنّهُ الِفراقْ
لأنني قبلَ طلوع ِالشمسِ يا حبيبتي مُسافرْ
وبعد هذا اليوم ِلا تـَرَيْنَ  صورتي
 ولا أنا أراكِ
العيشُ كيفَ العيشُ دونَ أنْ أراكِ؟
سأحسُبُ النُّجومَ  في نَهاري
وتحسُبينَ الليلَ كلَّ الليلِ بانتظاري
وأَسمعُ البكاءَ مِن بعيدْ
وأسمعُ الغناءَ في بني سعيدْ
العيشُ كيف العيشُ دونَما أُريدْ؟
وأسمعُ الديكَ هناكَ
فوقَ بيتِنا يصيحُ منْ بعيدْ
الديكُ حينما يصيحُ ينتهي الظّلامْ
ويبدأُ النَّهارُ يدخلُ السماءَ مِن جديدْ
اللهُ لو يعودُ للسماءِ وجهُها القديمْ
اللهُ لو يَرُدُّ كوخُنا المملوءُ بالمياهْ
اللهُ لو يزورُني في غربتي القَصَبْ
اللهُ لو أرُدُّ أزرَعُ النَّخيلْ
وأَجْمعُ الأخشابَ للشِّتاءِ والحَطَبْ
وكان حيثُ يحضُرُ الشِّتاءْ
يَجْمَعُنا مَضيفُنا بالشاي والدُّخَانِ واللـّهَبْ
اللهُ كم أحِنُّ للمَضيفْ
مَضيفُنا مصيفٌ ليسَ بعدهُ مَصِيفْ
والآنَ بعدَ الآنَ ليسَ لي شتاءْ
وليسَ لي ديكٌ يصيحُ في المَساءْ
لقدْ رَحَـلْتُ دونَ أنْ أقولَ يا حبيبتي
إلى اللّقاءْ
لأنّ مَنْ يُحِبُّ لا يعودُ للوراءْ
حبيبتي:
والحبُّ بعدَ اللهِ والعراقِ للعراقْ
ماذا أقولُ؟
هلْ أقولُ إنهُ الفراقْ؟
أو هلْ أقولُ إنهُ القدَرْ؟
لو أنني الآنَ هناكَ في العراقِ
أكنُسُ الرصيفْ
وأغسِلُ الشجرْ
لو أنني الآنَ هناكَ ألثُمُ الترابْ
وأنْحَني لو يسقُـطُ المَطرْ
لو أنني الآنَ هناكَ أشربُ السُّمُومْ
 وآكلُ الحَجَرْ
لو أنني الآنَ هناكَ أحرُسُ الحدودْ
وأحرُسُ البيوتَ والشجرْ
اللهُ لو أعودُ للعراق ِأوْ يزورُني العراقْ
لَكنتُ أذبحُ الحبيبَ...
إبنَنا الوحيدْ
اللهُ لو تزوُرني سَحابةٌ
مَرّتْ على العراقِ من بعيدْ
اللهُ لو يزورني طيرٌ من العراقْ
اللهُ لو يزوُرني كلبٌ من العراقْ
لَكنتُ قدّمْتُ لهُ رأسي على طَبقْ
لَكنتُ قدّمتُ لهُ قلبي الذي أصبحَ منْ ورَقْ
قلبي الذي قدْ أحرقَ الأوراقَ واحترقْ
لو أنني أطيرُ في السماءِ لو معي جناحْ
لو أنها تحمِلُني إلى العراقِ في هُبوبِها الرِّياحْ
لو أنني أطيرُ
آهٍ لو أنا أطيرْ
والوقتُ لو يموتُ قبلَ لحظةِ المصيرْ
الوقتُ لو ينامُ
لو يطولُ قبلَ أنْ يحينَ موعدُ السفرْ
الحبُّ: أنْ يرُدَّكَ الحنينُ للحبيبْ
وأَنْ تجُرَّ كلَّ خيطٍ فيكَ زحمة ُالصُّوَرْ
الحبُّ: أنْ تموتَ دونَما الحبيبْ
أو أنْ تعيشَ دونما بصرْ
هذا أنا يا أيها الحبيبْ
أعيشُ باقي العمرِ دونَما بصرْ
ودونَما ضياءْ
هذا أنا أنامُ في الشتاءِ دونَما غطاءْ
هذا أنا أموتُ كلَّ يومٍ حَسْرةَ اللقاءْ
أذوقُ كلَّ يومٍ بَعْدَكُمْ مرارةَ الجفاءْ
وأسمعُ الديكَ هناكَ
فوقَ بيتِنا يصيحُ منْ بعيدْ
الديكُ حينَما يصيحُ ينتهي الظلامْ
ويبدأ ُالنهارُ يدخلُ السماءَ منْ جديدْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

34

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة