الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » اهنأ برؤية قبر طه المرسل

عدد الابيات : 264

طباعة

اهنأ برؤية قبر طه المرسل

للخلق من قبل الإله المرسل

ولكيف أنك قد شهرت بمدحه

بين الورى فاجهر بذاك وأجمل

والزم مديح جنابه بتوسل

واقصد موائد فضله بتطفل

واعلم بأنك وارد بحر السندى

فامدد يديك بدلو فقرك وانهل

وأنح مطي مناك في باب الرجاء

واسأل بجاه المصطفى وتوسل

ألاشرف السنى الأعز المرتجىء

الأعظم الأسمى النبي المرسل

الأرفع الأزكى الصفي المنتقى

الأشفع الأوفى الكفي الأكفل

الأروع الأتقى البشير المرتضى

الأروع الأحمى الخفي الأجمل

الأصعد الأرقى النذير المقتضى

الأمجد الأهدى الإمام الأفضل

الأظهر الأسرى الحيبيب المصطفى

الأطهر الأزكى الإمام الأكمل

سر الوجود المحضى بين الأصطفا

بدر النجوم الزهر صدر المحفل

إكسير كنز المجد شمس ضحى العلا

إنسان عين الوجود ليث الجحفل

عقد النهى كاس الصفا ورحيمه

تاج البها عقد الطراز الأول

كهف الرجا وسط عقود الإلتجا

بحر الندى خصب الزمان الممحل

لولاه ما كان الوجود بأسره

كلا ولا علم الخفي ولا الجلي

لا جود إلا من أنامله نشا

لا حسن إلا وهو فيه ينجلي

فهو الجلاء إذا تراكم حادث

وهو الشفاء من السقام المعضل

وهو الكريم على الكريم فلذ به

تكفى الأذى وتنال خير منول

ذو المعجز الباقي الذي بهر الورى

بمفصل من آية وبمجمل

من سبح الصلد الإله بكفه

وبكفه قد فاض نبع المسلسل

من أشبع الجيش الكثير بصاعه

ولعسه روى عطاش القسطل

من شد من سغب الصيام وطوله

كشحا لطيفا تحت صم الجندل

من قام يحيى ليلة حتى اشتكت

قدماه من ضر القيام الأطول

من راودته الشم من ذهب فلم

يعبأ بزخرف عينها المتحول

ألبدر في نصفين شق لأجله

في ظلمة الليل البهيم الألبل

والشاة أنبأه الذراع بسمها

والضب خاطبه بأفصح مقول

والغيم ظلله ودان لأمره

وبأمره جاد الحيا للأمل

والنخل جاءت حوله تمشي على

ساق بلا قدم بغير تمهل

والجدل عاد مهندا في كفه

والجذع حن له حنين المثكل

والذئب أنبأ عنه للراعي كما

شهد الوليد بصدقه في المحفل

والشمس أوقفها وأرجع قرصها

للعير أو لصلاة ذي الهيجاء الولي

وكفى البعير من الأذى لما شكى

والفحل ذل له ولم يتفحل

وبلمسه درت عناق لم تلد

أبدا ولم تانس لفحل منزل

وبضربة هدا الكثيب وقد عصى

عن هد محتكم بضرب المعول

وأعاد شق خبيب بالريق الذي

أبرا به في خيبر عيني علي

وأعاد عين قتادة من بعدما

قلعت فكانت خير عين مجتلي

ويد ابن عفراء ردها ببصاقه

من بعدما نصلت كأن لم تنصل

ودعا خديجة فوزها بزواجه

فيه غدت تدعى بأفخر مبعل

وأعز عائشة وبرأها من ال

إفك الذي في حقها لم يقبل

وأرى صفية صدقها لما رأت

في حجرها قمر المعالي ينجلي

ودعا حليمة سعدها لرضاعه

أكرم بها من مرضع أو مكفل

ودعالمن تحت الكساء فآمنت

أسكفه الباب الحصين المقفل

ودعا لسلمان وأعطاه قبو

رك في الذي أعطاه من عين الحل

ودعا على كسرى فمزق ملكه

فاليوم لا كسرى لعين مؤمل

ودعا عن آبن قمنّة بقماءة

فرماه عنز الشاة من جبل عل

وأبان على موت النجاشي الذي

صلى عليه صلاة من لم يهمل

وأبان عما كان أو هو كائن

لحذيقة البر الصدوق الأعدل

يا كم وقى من عاهة ببصاقه

ولكم كفى من صائل بالمنصل

ولكم أعد الملح عذبا ريقه

وبريقه يا ما شفى من معضل

من جاءه جبريل يدعوه إلى

أعلى المنازل عند مولاه العلي

فسرى من البيت العتيق مكرما

للمسجد الأقصى لأرفع معتلي

وبالأنبيا والرسل والأملاك قد

صلى صلاة الشكر للباري الولي

ورقى على السبع الطباق لمستوى

فيه رأى وجه الإله المفضل

ودنا فكان كقاب قوسين أو

كأدنى رتبة بسواه لم تتأهّل

أوحى إليه في مقام القرب ما

أوحى إليه من مجمل ومفصل

وسقاه راح الوصل في كاس الهناء

ومحاه عنه فكان المجتلى

وسرى وعاد لبيته في حينه

والليل لم يجنح ولم يتمل

وبساحة البطحاء أصبح مخبرا

عما رآه من خفيّ أوجلي

وبطعنته أردى أبيا عندما

قد ظن جهلا أنه لم يقفل

وبنحسمة قد عاد شارب جابر

اسرى وأيسر من صبا أو شمأل

وبمحه أضحت لعائد غرة

أبهى وأبهر من هلال معتلى

وبنضح ماء في محيا زينب

حازت جمالا جل عن مستجمل

وبلمسه أخضر اليبس وأزهرت

أفنانه للناظر المأمل

والغفار عز به وقد أخفاه عن

كيد العدو الكافر المتمحل

والصدق فيه قال للصديق إلا

تحزن فإن الله ليس بمخذل

جاء العدو بكيده ليؤذه

فأعيد مدحورا لأخيب موثل

حاروا عليه لنسج العنكبوت إذ

باض الحمام فخاب كل مضلل

صموا وعنه عموا وقد غشاه ما

غشّاه من ستر الإله المسبل

ووقاية المولى وقته فأكتفى

عن عسكر يحميه أو عن معقل

ولوضعه غاضت بحيرة ساوة

وخفى تلهبها كأن لم يشعل

وارتج إيوان المجوس مسرة

لظهور نجم في العلا مكمل

ولأمه ضاء الشام وقد أتت

بمطهر ومسرر ومكحل

وابان عنه بحيرة لما رأى

ما قد رآه لعمه المتكفل

وأبان نسطور ببصرى عنه ما

ألقاه كل معدل لمعدّل

والجن والكهان أنبوا عنه ما

شهدت به كتب الإله المنزل

والنبت والأشجار الأحجار قد

صلو عليه صلاة من لم يبخل

بدر ولا كالبدر فيه تكلف

غيث ولا كالغيث إن لم يهطل

يقضان قلب إن غفت أجفانه

هتان كف في الزمان الممحل

من لم يدانيه الذباب نحوها

لجناب عزته الذي لم يكهل

من لم يكن ظل لقامته إذا

ما اهتزّ عن عطف رطيب أميل

من قاد للهيجا ليوثا غابها

بيض الصفاح وزرق سمر ذبل

ورمى بكف من تراب أوجها

شاهت لرمي ترابهه المتجندل

وأتاه جبريل الأمين بعصبة

من حزب أملاك المليك المرسل

وأحاط بالأعدا وقسّم جمعهم

ما بين مأسور وبين مجندل

في معرك مطرت يحاب حمامه

بصواعق ويوارق وتزلزل

خلى عقيلا في عقال عذابه

ودحا أبا جهل لأبعد مجهل

ودعا أميتهم أليم الخزي إذ

ألقى عبيدة في الحضيض الأسفل

إني وجدت فهل وحدتم ما به

مولاي وعدني من الأمر الجلي

سل عنه بدرا أو فسل أحدا وسل

وادي قريظة أو ديمة جندل

تلقاه إذ لا قوه قايل جزبهم

فاستعقبوا الأدبار للمستقبل

وتراه ممتطيا لصهوة طرفه

فترى الغضنفر بين قرني يذبل

في فتية إن رمت تسأل عنهم

فهم حماة الحي خصب المصحل

ألبائعون نفوسهم في الله إن

حمي الوطيس وصال كل مضلل

الناصرون الملة البيضاء ومن

يك ناصرا دين الهدى لم يخذل

ألملبسون البيض ثوب دم العدا

ألسالبون بها حشا المتسربل

المنزفون دم العداة بأحرف

رقمت بأقلام الرماح الذبل

المودعون السرم في صم الكلى

ألواضعون البيض وسط المقتل

الكاشفون الكرب من كشف الوغى

عن ساقه وامتد ليل القسطل

المصطلون الحرب إن هي اضرمت

ودعت إلي إليّ يا من يصطلي

فهم الكرام الغر أرباب الندى

والباس عن عار وعن متزمّل

خير الورى بعد النبيين الأولى

أكرم بهم من آخر أو أول

من مثل شيخ الصدق بعد محمد

أو مثل فاروق المعالي الأشمل

أو مثل ذي النورين في عليائه

أو مثل باب مدينة العليا علي

أو مثل سعدية وطلحة والزبير

وكابن عوف والأمين الأفضل

أو مثل عميه وسبطيه وباقي

الصحب والأزواج في الفخر العلي

هم سادة شرفوا بصحبته فلذ

بجنابهم واسأل بهم وتوسّل

من ذا يضاهيهم سنا أو رفعة

وهم النجوم الزهر في الأفق العلي

زويت له الدنيا فعاينها وقد

بلغت عساكره بما قضيّ منزّل

وأشار يوم الفتح للأصنام أن

زولي فزالت للقصاء المنزل

وأجار في الوادي الغزالة إذ شكت

فغدت تقول مقال حق فيصل

وأنيل خمسا لم ينلها غيره

يا حبذا من نائل ومنوّل

الله شرفه بخير رسالة

والله خصّصه بأعظم منزل

وأتاه ما لم يؤته أحد سوا

ه من الكرام المرسلين الكمل

لم يؤت داع قبل طه معجز

إلا ونال أبر أو كالأول

وجميعهم قد أصبحوا في بحره

نقطا بسيل أو ندى في منهل

وعليه في الحشر اعتمادهم ومن

معناه نالوا كل وصف أكمل

وإليه يعزى نورهم وبسرّه

أضحوا مظاهر كل معنى أشمل

إن كان آدم قد سما بأبوّة

فهو ابن أحمد في الزمان الأول

أو كان نوح قد علا في فلكهع

فلقد كفى المختار كل مضلل

أو قد نجا إبراهيم من نمروده

فلقد كفى المختار كل مضلل

أو في الصفا انبجست لموسى أعين

فبكف طه فاض نبع السلسل

أو أن داود لابن حديدهُ

فلرجل أحمد لان صمّ الجندل

أو أنعش الميت المسيح فكم له

نطقت جمادات بأفصح مقول

أو أرسل الكرام لقومهم

فمحمد للخلق أرسله العلي

هذا هو الشرف الذي لا يعله

شرف على شرف البدور الكمل

هذا هو الذكر الصحيح فلا تجد

عنه وإن شئت الحديث فسلسل

هذا هو الفخر الذي لا تحصه

والبحر لا يحصى بنزح المكتمل

والله والذكر الحكيم وما حوى

من آية غرا وقول فيصل

لو أن أفلاك السماء وأرضها

درج عريض ذو امتداد أطول

وجميع ماء قد جرى أو سح من

آفاقه مثل المداد الأكحل

والنبت أقلام وكل الخلق تس

رع في الكتابة بالكلام المجمل

من أول الدنيا لغاية أمرها

في وصف أحمد ذي الأيادي الهمل

لم تنحصر آيات يس الذي

بالفتح خص وسورة المزمل

بشرى لنا يا أمة الهادي بما

نلناه من كرم الكريم المفضل

لما دعا الداعي أجبناه ولم

تجنح مسامعنا لقول العذل

فليكف أنا خير أمة أخرجت

للناس إذ لذنا باشرف مرسل

ما لي وللدنيا وزخرفها غدا

مثل الطلال الزائر المترحل

دنيا متى أضحكت أبكت ومه

ما أقبلت ولت كأن لم تقبل

وإذا صفت هاجت بتكدير وإن

هشت رضا ولت كأن لم تفعل

أو إن سقت عذبا تغص بشربه

أو إن أطعمت قتلت بذاك المأكل

تبا لها من غادر من شأنها

أن لا تفي لمحبها المتوغّل

يا نفس كم تبدين صحبة فاجر

وتبارزي المولى بفعل مخجل

يا نفس لم لا تنهين جهالة

عن فعلك الفعل القبيح الأرذل

يا نفس توبي واقلعي وتندمي

وتخضعي وتخشّعي وتذلّلي

وبما دمعك فاغسلي درن الحشا

فالثوب لا يبض ما لم يغسل

سودت وجهك بالذنوب سفاهة

أما تخجلين لما جرى تخجي

كيف احتيالك إن دعيت وما الذي

تبديه يا زلاه مهما تسأل

أأمنت مكر الله أم لم تؤمني

بالبعث للعرض المهول المذهل

ألموت أقرب غائب مستنظر

فتأهبي للقائه وتأهلي

فنذيره وافاك يدعوكي فلا

تستهزئي وعلى الرحيل فعولي

وحذار من دنياك إن عذبيها

ملح وحلو طعامها كالحنظل

فاستبدلي الدنيا بأخراك التي

هي أحسن الدارين للمستبدل

وإذا نبا بك منزل فتنقلي

فالسر في السكان لا في المنزل

أو ما كفاك نذير شيب شبّ من

إنذاره جمر الفؤاد المشعل

ألشيّب أعظم منذر فتشبثي

بلزوم تقواك إلى أن ترحلي

إن الطريق شطيطة فتزودي

لا تقلعي عن زادك لا تغفلي

وإذا أردت الزاد فلتستلزمي

مدح الحبيب فإنه نعم الولي

وهو النجاة لمن توسل باسمه

وهو العاد لمادح متبتّل

وهو الشفيع إذا تضارخت الورى

من هول يوم بالمخاوف اليل

وتراهم سكرى وما هم أن ترى

سكرى ولكن للعذاب الأطول

في يوم تذهل كل مرضعة وتص

بح شيبا رضعاه أم المطفل

وتحط ذت الحمل فيه حملها

وترى العقول تموج موج مخلخل

وترى نفوس الخلق تغدو شردا

للهول تشريد النعام الحفل

والشمس دانية وهامات الورى

تغلى بحمرتها كغلي المرجل

وجثث علىالركب الخلائق كلهم

للهيب نار أسعرت بتشعل

والناس بالعرق المسبسب ألجموا

وعقولهم ذهلت لأمر مذهل

وأطيرت الصحف التي في طيها

عمل الأخير من الورى والأول

فيقول بعضهم لبعض أنظروا

من نلتمسه لكشف هذا المعضل

فيؤمون أبا الورى يدعونه

قميا أبا الورى تشفع لنا وتفضل

فيقول لست لها ولكن إذهبوا

للمجتبي نوح النبي الأصول

فيسارعون له فيرشدهم إلى

موسى الكليم الأريحيّ الأفضل

فيعرجون فيهديهم إلى

عيسى المسيح الطاهر المتبتل

فيحلقون به فيدعوهم الا

لوذوا بأحمد فهو غوث الأمل

فيبادرون له وكل يرتجي

منه الشفاة عند مولاه العلي

وجيمعهم يدعوه قم واشفع لنا

يا مصطفى يا مرتضى يا معتلي

فيقول أحمد عند ذاك أنا لها

وأنا لها ولكل هول أهيل

يأتي لساق العرش يسجد تحته

بتضرع وتخشّع وتبتّل

ويناشد الرحمن يسأل فضله

في فصل عرض بالقضاء موكل

ويقول أنت وعدتني بشفاعة

تسع الورى يا ذا النول الأجزل

والأمر أمرك يا كريم فوف لي

فالوعد منك بما أرجيه مل

فإذا الندا أرفع وسل تعطى المنى

واشفع تشفع أنت غوث المبتلي

فاليوم ليس بذي ركوع لا ولا

هوذ سجود يا حبيبي المرسل

فوكبريائي لأقسمن اليوم ما

بيني وبينك بالطريق الأعدل

فتقول أنت شفاعتي يا مرتجى

وأنا أنادي رحمتي يا من بلي

يا مهجتي لا تيأسي من رحمة

وسعت جميع الخلق باغ أو ولي

واستمطري رحمى الكرمي لعل أن

يعروك وسميّ القبول أو الولي

وإذا الذنوب تعاظمت استغفري

فالعفو أعظم من ذنوب من ابتلي

ولتعلمي أن المسيء إذا التجا

تنجيه رحمى المحسن المتفضل

أو ليس قد قال الكريم لأحمد

نبئ عبادي فابشري وتهلّلي

يا أكرم الرسل الكرام ومن على

عليائه بعد الإله توكلي

ما فوق مدحك غاية اسمر لها

إلا القبول فلا تخيب واقبل

وبما يفي مدح الورى من بعدما

وافى مديحك في الكتاب المنزل

ومديح مثلي عن صفاتك قاصر

والصمت عند العجز مدح المقول

لكنني يممت بابك قارعا

بتطفل وتملق وتوسل

فاقبل مديحي واولني خير الجزا

يا خير مسؤول وخير مؤمل

نظمي لوصف علاك فيه عجائب

وغرائب أربت عن المتأمل

وإذا أحدّث عنك أتحف سامعي

بمصحّح وبمرسل ومسلسل

ووحق روضتك الشريفة أنني

أبدا أهيم بحب ذاك الهيكل

وتهزني نسمات بانات النقى

فأهيم ما بين الصبا والشمأل

ويميلني الحادي لبان ما انثنى

إلا ليسمع لحن ذاك البلبل

ويشوقني وادي العقيق تولها

عجبا لذاك وهو عين تخيّلي

ويروقني ذكر العذيب وإنه

نطقي بوصف جبينك المتهلّل

ويلذّ لي عتب سويكنة اللما

فأقابل العتبى بسميع مقبل

وتريحني أرواح مغناك التي

هبت فصح بها سقيم تعللي

فهل الزمان يعيدني لمعاهد

عهدي بها مثل الربيع المقبل

وأحن من ظمإ لوادي المنحنى

وأشم عرف بهارها والمنزل

واسير بين خزامه وعواره

وأعود منه بزرنب وقرنفل

وارى المخصب والإبطيح والحمى

وأمر في الوادي بشعب بني على

وأسير من باب السلام مسلما

تسليم صب للتراب مقبل

وأصير في الحرم الشريف مؤمنا

وارى لليلى في الغلائل تنجلي

وأميط برقعها وألثم خالها

وأقول ويل للشجي من الخلي

وأقول للاحي على اللثم اتّئد

فاللثم في خال المليحة لذلي

وأطوف بالأركان أسبوعا وفي

ذاك المقام أقيم ورد تنفل

وأجيل في المسعى جواد تملق

جادت محاجره بسحب هطل

وأزيل في الخيف المخوف وجنتي

بمنى ثمار منى تروق المجتلي

ويصوغ في عرفات عرف العفو عن

ماض من الأوزار أو مستقبل

وأميل أعناق المطي موجها

لمخيم الإحسان والحسن الجلي

وتحفني أتوار معنى طيبة

فأهيم بالمعنى القديم الأول

وأنيخ من باب السلام وكائبي

وأحطّ في أكناف طيبة محملي

وأعفر الوجنات في عرصاتها

وأرشّ تربتها بدمعي المرسل

وأزور أشرف بقعة فيها ثوى

من حل في العليا أعلى منزل

وأقول يا طه السلام عليك من

دنف بحبك مادح متطفل

إني أتيتك ظالما مستغفرا

أخشى الذنوب وأرتجي عفو الولي

وقرعت بابك كي أكون ممتعا

بأبر مرباع وأعذب منهل

وأصير جارا للحبيب ومن يكن

جار الحبيب فقدره القدر العلي

حاشا ندى يده الذي عم الورى

أن لا يحقق مدحك المتطفل

أو أن يضيق نطاقه عن قاصد

وافى إليه بفاقة وتذلل

فله التجأت وهل يضام من التجا

لفتى المكارم والكرام الكمل

وبه سألت وهل يخيب سائل

نادى بجاه المصطفى المتفضل

وبه انتصرت على البغاة ومن يكن

مستنصرا بجنابه لا يخذل

حسبي به درع حصين مانع

من رشق نبل بالنكال منصل

وليكف أني قد أمنت بمدحه

من سطوة الخطب البهيم الأقتل

يا رب يا ذا المن والطول الذي

عم الوجود بجوده المسترسل

يا من يرى الدر المهيمن إذا مشى

تحت النجوم بجنح ليل اليل

ويرى ترقرق دمعه في جفنه

ويرى مواقع مشيبه بالأرجل

ويرى دماه في بطون عروقه

ويرى مناط أوصاله بالمفصل

ويرى ويسمع ما بدا أو ما خفى

من صامت أو ناطق متشكل

يا محصي الأنفاس مهما صعت

أو صويت في هيكل متململ

يا موجد الأشياء من عدم ويا

محي العام الناخرات المحل

يا عالم الجزئي والكل يا

من جل عن زوج ووالد أو ولي

يا فرد يا قدوس يا من قد علا

عن مشبه ومجسم وعن معطل

يا حي يا قيوم يا الله يا

من عز عن قول المضل المبطل

يا من يجيب دعاء مضطر دعا

باسم الحبيب أجب دعائي واقبل

واغفر ذنوبي وأوف ديني وأوليني

من خيري الدارين كل منوّل

وأنر بنور العلم واكسني

ثوب التقى واكشف حجاب تغفّل

واحفظني بالقرآن من أن تنسني

يا مرتجى حفظ الكتاب المنزّل

واشرح به صدري وأطلعني على

ما فيه من معنى دقيق مشكل

واجمع به شملي ويسرني له

تيسير عبد قد تلا بترتّل

واحرسني من كيد الرجيم ووقني

شر الهوى والنفس واحسن موثلي

واحفظ قواي الخمس ما أبقتني

في هذه الدنيا ليوم ترحلي

وانصر أمير المؤمنين وجازه

بتحقق وتكرم وتفضل

وانصر به الإسلام واحم به الهدى

واكفف به كف العداة الختل

واكفله في الدارين واختم عمره

من بعد طول بالختام الأجمل

واحفظ ولي العهد واصلح حاله

واستره بالستر الجميل المسبل

واعفر له والطف به وتوله

في حالتيه بالحنان المقبل

واختم له بالخير وارفع قدره

وأنله في الفردوس أرفع منزل

واغفر لأشياخي وآبائي وجد

للمسلمين يجود عفو مرسل

واحرس بني وإخوتي ومعارفي

من عض أنياب الزمان المغول

واحسن ختام ابن الخلوف وكن له

واجعله من أهل الرعيل الأول

إني سألتك بالحبيب ومن يسل

باسم الحبيب يعز بكل مؤمل

فأدم صلاتك والسلام عليه ما

دام البقاء لوجهك البر العلي

وعلى النبيين الكرام أولي النهى

وعلى الملائكة الكرام الكمل

وعلى الصحابة والقرابة كلهم

والتابعين لهم بأسمح أمثل

يا نزة الباري وجلت ذاته

عما طرا بمجسم ومعطل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

54

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

أضف شرح او معلومة