الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » قابل الصبح الدجى فانهزما

عدد الابيات : 52

طباعة

قَابَل الصُّبْحُ الدُّجَى فَانْهَزمَا

ومحا بالسَّيْفِ أفْق الغَلَسِ

وَعَلَى الغَيْمِ بِبَرْقٍ رَقَمَا

ثَوْبَ دِيبَاجٍ بِهِ الجَوُّكُسِي

نَسَخَ الصُّبْحُ أحَادِيثَ الدُّجَى

بيدٍ بَيْضَاءَ فِي لَوْحِ النَّهَارْ

وَلِكَهْفِ المغربِ الليْلُ الْتَجَا

حِينَ نَادَى الفجرُ في الشرق البِدَارْ

وَجَلاَ الصُّبْحُ جبينًا أبْلَجَا

فَاخْتَفَى مِنْ نُورِهِ النجمُ وَغَارْ

وَبَكَى القُمْرِيُّ لَمَّا ابْتَسَمَا

عاطرُ الزَّهرِ بثغرٍ ألْعَسِ

وَزَهَا خدُّ الرُّبَى فَانْسَجَمَا

دمعُ عينِ العارض المُنبجِسِ

رَقَمَ الغيمُ عَلَى رَدْنِ النَّسِيمْ

بِسَنَا البرقِ طِرَازاً مُعْلَمَا

وَاكْتَسَتْ خُودُ الربَى ثَوْبَ النَّعِيمْ

فَزَهَتْ خداً وَطَابَتْ مَبْسَمَا

فَامْحُ بِالراح دُجَى اللَّيْلِ البهيمْ

فَبِأفْقِ الكَأسِ خِلْنَا أنْجُمَا

وَاسْألِ السَّاقِي لِمَاذَا خَتَمَا

قَهْوَةَ الريقِ بِمِسْكِ اللَّعَسِ

وَعَلَى الخدّ بِخَالٍ وَسَمَا

نُورَ بَدْرٍ جَلَّ عَنْ مُقْتَبِسِ

يَا شَقِيقَ الرُّوح قُلْ لِي مَنْ أذَابْ

بَهْرَمَانَ الرَّاحِ فِي دُرّ الكُؤُوسْ

أزجَاجٌ مَا نَرَاهُ أمْ شَرَابْ

أمْ بُرُوجٌ أشْرَقَتْ فِيهَا الشُّمُوسْ

وَلآلٍ مَا عَلاَهُ أمْ حَبَابْ

أمْ زُهُورٌ نُضّدَتْ فَوْقَ الغُرُوسْ

أمْ ضِيَا أفْقٍ بِطِرْسٍ رُسِمَا

لِشِفَا العَيّ وَبُرءِ الخَرَسِ

أمْ سَنَا نَجْمِ سُرُورٍ رَجَمَا

مَارِدَ الْهَمّ بِشُهْبِ الحَرَسِ

بِأبِي بدراً عَلَى غُصْنٍ عَلاَ

بَيْنَ جَفْنَيْهِ فتورٌ وَفتُونْ

إنْ رَأتْ عَيْنَاهُ وَلْهَانًا سَلاَ

تَدْعُهُ كُنْ مُغْرَمًا بِي فَيَكُونْ

جُنَّ فِيهِ قَيْسُ قَبْلِي المُبْتَلَي

وَجُنُونُ النَّاسِ بِالعِشْقِ فُنُونْ

زَارَنِي فِي غَفْلَةٍ مُحْتَشِمَا

فَشَفَى رُوحِي وَأحَيَا نَفَسِي

وَحَبَانِي في اخْتِلاَسٍ نِعَمَا

يَا لَهَا مِنْ نِعَمٍ فِي خُلَسِ

لحظُهُ وَالجفنُ سهمٌ وحسَامْ

وَالحُلَى والقدُّ شمسٌ وَقَضيبْ

والسنا وَالشَّعْرُ نُورٌ وَظَلاَمْ

وَاللَّمَى وَالرّيقُ مِسْكٌ وَحَليبْ

وَالحَيَا وَالخَدُّ وَرْدٌ وَمدَامْ

وَالطُّلَى وَالردفُ ظَبْيٌ وَكثيبْ

قَدْ زَهَا عَيْنًا وَخَدّاً وَفَمَا

فتحاشى من قذًى أوْ خَنَسِ

وَبَدَا فِي شَعْرِهِ مُلْتَثِمَا

فَأرَى الشَّمْسَ بليلٍ غَلِسِ

لَوْ رَأى البَدْرُ سنَاه احْتَجَبَا

خشيةَ الخَسْفِ بِحُجْبِ الغَسَقِ

أوْ جَلاَ لِلصُّبْحِ خَدّاً لأبَى

أنْ يِعيرَ الافْقَ ثَوْبَ الشَّفَقِ

مُذْ رَأتْ هَاروتَ عَيْنَيْهِ الظِّبَا

آمَنَتْ حَقًّا بِسِحْرِ الحَدَقِ

أوْ تَرَ الحَاجِبَ قَوْساً وَرَمَى

بِسهَامِ اللحظِ قَلْبَ الهَجِسِ

وَنَضَا فِي الجفنِ سَيْفًا وَحَمَى

حسنَهُ مِنْ نَظْرَةِ المُخْتَلِسِ

إنْ أضَا الديجُورَ مِنْ طَلْعَتِهِ

فَبِخَدَّيْهِ البدورُ الطُّلَّعُ

أوْ أرَانَا الوَرْدَ فِي وجْنَتِهِ

فَبعطفيهِ الغُصُونُ اليُنَّعُ

أوسَبَا الآسَادَ مِنْ نَظْرَتِهِ

فَبِجفنيهِ الظِّبَاءُ الرُّتَّعُ

آسُ صُدْغَيْهِ عَلَى الوَرْدِ نَمَا

وَعَجيبٌ جَنَّةٌ في قَبَسِ

وَبِدُرٍّ فِي عَقِيقٍ نُظِمَا

ثغرُه الزاهي الزّكيُّ النَّفَسِ

يَا لَقَوْمِي مَنْ مُجِيرِي مِنْ رَشَا

لَمْ يُؤَمِّنْ خَائِفًا مِنْ حَرْبِهِ

كَيْفَ يُصْغِي فِيهِ سَمْعِي لِلْوَشَا

وَفُؤَادِي مُحْبَسٌ فِي حُبِّهِ

قَدْ غَزَا سَمْعِي وَعَيْنِي وَالحَشَا

وَهْوَ لاَهٍ آمنٌ فِي سِرْبِهِ

غَنِمَ الكُلَّ ولَمَّا قَسَمَا

جار إذ حاز الحشا في الخُمُسِ

وَلأحْبَاسِ فُؤَادِي هَدَمَا

أمِنَ الجَائِزِ هَدْمُ الحُبُسِ

ظَالِمٌ في الحكمِ غُصْنٌ ذُو اعْتِدَالْ

أفْتَدِيهِ من ظَلُومٍ عَادِلِ

أمَرَ الدَّمْعَ عَلَى خَدّي فَسَالْ

ثُمَّ لَمْ يَسْمَحْ بِرَدّ السَّائِلِ

وَأضَاعَ العُمْرَ فِي قِيلٍ وَقَالْ

يَا لَعُمْرِي ضَاعَ أجْرُ العَامِلِ

مَزَّقَ القَلْبَ وَللطرف عَمَى

وَبِهِ بُرْءُ الأسَى وَالطَّمَسِ

وَبِدَمْعِي أغْرَقَ الجفنَ كَمَا

أحرقَ القلبَ بِنَارِ الهَجَسِ

ب الخلوف النظمُ في الأفْقِ الرَّفِيعْ

وَبِهِ قَدْ صَارَ فِي أعْلَى الرُّتَبْ

شَاعِرُ الدُّنْيَا إمَامُ أهْلِ البَدِيعْ

قَيِّمُ النُظَّامِ شَيْخُ أهْلِ الأدَبْ

قَدْ حَبَا اللَّهُ بِأزْهَارِ الرَّبِيعْ

شِعْرَهُ فَاعْتَزَّ عَنْ شِعْرِ العَرَبْ

قُلْ لِمَنْ عَارَضَهُ كُنْ فَهِمَا

لاَ ترَ الدُّخَّان مثلَ القَبَسِ

إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى نِعَمَا

لَمْ يَنَلْهَا أحَدٌ بِالْهَوَسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

53

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة