الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » سفرت وجوه الحسن عن تمثال

عدد الابيات : 71

طباعة

سَفَرَتْ وُجُوهُ الحُسْنِ عَنْ تِمْثَالِ

فَتَبَسَّمَتْ عَجَباً ثُغُورُ لآلِ

وَجُلِيتُ كَالْحَسْنَاءِ في حُلَلِ البَهَا

فَبَدَتْ مَعَانِي اللُّطْفِ فِي أشْكالِي

وَغَدَوْتُ كَالتَّاجِ العَلِيّ مَقَامُهُ

فَلِذَاكَ قَدْ حُزْتُ المَقَامَ العَالِي

فَالبِشْرُ ثَغْرِي وَالسُّرُورُ لَوَاحِظِي

وَالْحُسْنُ خَدّي وَالْمَهَابَةُ خَالِي

والرقم تَاجِي والدهان قَلاَئدِي

وَالنَّقْشُ قُرْطِي وَالرّمَاحُ حِجَالِي

وَأنَا الذِي نُزّهْتُ عَنْ وَصْفٍ وَعَنْ

مِثْلٍ وَعَنْ شِبْهٍ وَعَنْ تِمْثَالِ

قَابَلْتُ وِجْهَةَ قِبْلَةٍ قُبَّلْتُهَا

فَظَفِرْتُ بِالتَّقْبِيل وَالإقْبَالِ

مَثِّلْ قِيَابِي الأرْبَع الغُرّ الَّتِي

حُفَّتْ برَوْضٍ خُصَّ بِالإجْلاَلِ

أفْلاَكَ سَعْدٍ فِي سَمَاء أطْلِعَتْ

فِي كُلّ قَوْسٍ لاَحَ شَكْلُ هِلاَلِ

مِنْ كُلّ قَوْسِ إنْ تُسَمِّهِ نِسْبَةً

لِبَنِي هِلاَلٍ قَالَ يَالَهِلاَلِ

وَانْظُرْ جَوَانِبَ صَحْنِ سَاحَتِي التِي

ضُرِبَتْ بِهَا الأمْثَالُ لِلأمْثَالِ

قَدْ قُسمَتْ إذْ جِئْتُ أشْكِلُ أمْرَهَا

كَتَقَسُّمِ الإشْكَالِ بِالأشْكَالِ

مِنْ كُلّ جَدْوَلَ كَالْحُسَامِ إذا انْبَرى

فِي حُسْنِ رَوْنَقِهِ وَصَفْوِ صِقَالِ

يَنْسَابُ ذُعْراً كَالحَبَابِ وَيَنْثَنِي

كَالنُّون أوْ كَاللاَّمِ أوْ كَالدَّالِ

مِنْ خَصَّةٍ حُفَّتْ بِصَحْنٍ قَدْ زَهَا

فَأرَتْكَ بَداراً حَلَّ بُرْجَ كَمَالِ

تَنْهَلُّ أدْمُعُهَا بِوَجْنَةِ صَحْنِهَا

فَتَفِيضُ قِمَّتُهَا كَذَوْْبِ زُلاَلِ

حَيْثُ القَنَاطِرُ ألَّفَتْ وَجَنَاتُهَا

أصْدَاغَ وَاوَاتٍ لُوِينَ كَدَالِ

أوْ حَيْثُ أشْبَهَتِ القِسِيَّ وَقَدْ غَدَتْ

تَرْمِي مَجَارِيَها بِنَبْلِ زُلاَلِ

مَا بَيْنَ أزْهَارٍ رَوَتْ أغْصَانُهَا

خَبَراً عَنِ الأسْحَارِ وَالآصَالِ

وَالزَّهْرُ يَبْدُو فِي بُرُوجِ كَمَائِمٍ

وَبُرُوجِ أوْرَاقٍ وَسُحْبِ ظِلاَلِ

تُسْقَى بِأكْوَابِ النَّوَاعِرِ قَهْوَةً

مَمْزُوجُةً بِالشَّهْدِ وَالسَّلْسَالِ

تَخْتَالُ مِنْ سُكْرٍ فَيَعْطِفُهَا الصَّبَا

بِيَمِينِهِ إنْ هَبَّ رِيحُ شَمَالِ

حَيْثُ النَّوَاعِرُ أبْرَزَتْ دَارَاتُهَا

هَالاَتِ أقْمَارٍ بِجُنْحِ لَيَالِ

أوْ حَيْثُ أشْبَهَ شَكْلُهَا فِي دَوْرِهِ

نُوقاً تَشُقُّ البيدَ بالإرْقَالِ

تَسْرِي وَلَمْ تَقْطَعْ مَدىً وَهْيَ الَّتِي

لَمْ تَتَّصِفْ فِي سَيْرِهَا بِكَلاَلِ

حَنَّتْ وَأنَّت فَاْنَبَرتْ تَشْكُو النَّوَى

جَزَعاً بِألْسُنِ مُقْتَضَى الأحْوَالِ

فَحَكَتْ أنِينَ الوُرْقِ فِي تَمْدِيدِهَا

وَجَرَتْ عَنِ الأوْجَاعِ وَالأزْجَالِ

يَا نَاظِراً رَوْضِي النَّضِيرَ مُفَكِّراً

فِي وَصْفِ حَالٍ بِالْمَلاَحَةِ حَالِ

إنَّ الهَنَا وَالسَّعْدَ حَلَّ بِسَاحَتِي

فَأجِلْ لِحَاظَكَ فِي جَلاَءِ جَمَالِي

وَارْوِ الشَّذَا عَنْ زُهْرِ أزْهَارِ الرُّبَى

عَنْ مَالِكِي المَسْعُودِ بَدْرِ كَمَالِي

مَلِكٌ إذَا سَحَّتْ سَحَائِبُ جُودِهِ

أزْرَتْ بِإيجَادِ الحَيَا الهَطَّالِ

وَإذَا اسْتَضَاءَ بِفِكْرِهِ مُتَحَيِّرٌ

أهْدَاهُ لِلإرْشَادِ بَعْدَ ضَلاَلِ

وَإذَا بَدَا فِي جَحْفَلٍ مِنْ جَيْشِهِ

لاَحَ الهِلاَلُ لَنَا بِجُنْحِ لَيَالِ

وَإذَا انْتَضَتْ عَضْباً صَقيلاً كَفُّهُ

كَفُّتْ يَدَ الأهْوَاءِ وَالأهْوَالِ

مُتَفَرّدٌ نَالَ الزَّمَانُ بِفَضْلِهِ

فَوْقَ المَقَالِ بِعَقْدِ جَمْعِ القَالِ

يَا مَنْ يَرُومُ لَحَاقَ شَأوِ عَلاَئِهِ

أقْصِرْ فَمَا البَادِي كَمِثْلِ التَّالِي

مَنْ ذَا يُضَاهِي الشَّمْسَ بِالشِّعْرَى وَمَنْ

ذَا يَدَّعِي أنَّ الحَيَا كَالآل

أوْ مَنْ يَقِيسُ البَدْرَ بَالعَوَّا سَناً

أوْ مَنْ يَقُولُ الأسْدُ كَالأوْعَالِ

قَصُرَتْ خُطَاكَ وَهَذِهِ طُرُقٌ عَلَتْ

أنْ تُقْتَفَى بِنَجَائِبِ الإيصَالِ

مَلِكٌ سَمَتْ أخْلاَقُهُ فَتَرَفَّعَتْ

عَنْ رُتْبَةِ الأشْبَاهِ وَالأمْثَالِ

قَمَرٌ جَلاَ ظُلَمُ الخُطُوبِ ضِيَاؤُهُ

عَنَّا وَبَدْرٌ كَامِلُ الإجْلاَلِ

إنْ كَانَ عَالٍ فِي الخلاَفَةِ قَدْرُهُ

فَأبُوهُ مِنْهَا فِي المَحَلْ العَالِي

ذُو هِمَّةٍ رُفِعَتْ عَوَامِلُ نَصْبِهَا

فَقَضَتُ بِجَزْمِ الْخَفْضِ لِلأفْعَالِ

وَعَزَائِمٍ حُدَّتْ لِقَطْعِ مَكِيدَةٍ

فَهْيَ القَوَاضِبُ فِي مَضاً وَصِقَالِ

لاَ عَيْبَ فِي نُعْمَاهُ إلاَّ أنَّهَا

تُوفِيكَ مَا وَعَدَتْ بِغَيْرِ مِطَالِ

عَجَباً لَهَا وَهْيَ التِي مَعَ عَدْلِهَا

ظَلاَّمَةٌ فِي بَذْلِهَا لِلْمَالِ

تُولِي العَطَا فِي غَيْرِ مَنٍّ مُتْبَعٍ

وَتُجِيبُ رَاجِيهَا بِغَيْرِ سُؤَالِ

شَرُفَتْ مَعَالِيهِ فَلَيْسَ لِوَصْفِهَا

حَدٌّ فَيُعْرِبُهُ لِسَانُ مَقَالِ

هَذَا هُوَ الشَّرَفُ الذِي قَدْ جَلَّ أنْ

تُطْرَى لَدَيْهِ غَرَائِبُ الأمْثَالِ

مِنْ مَعْشَرٍ هُمْ في النَّدَى سُحْبٌ وَفِي

نَقْعِ الْحُروبِ هُمُ حِمَى الأبْطَالِ

فَهُمُ هُمُ الآسَادُ في يَوْمِ الوَغَى

وَهُمُ هُمُ الأقْيَالُ يَوْمَ سِجَالِ

شَادُوا حِمَى الإسْلاَمِ بِالبِيضِ التِي

مِنْهَا تَهِلُّ سَحَائِبُ الآجَالِ

اللَّهُ أعْلَى قَدْرَهُمْ وَأحَلَّهُمْ

رُتَبَ الوَفَا وَالجُودِ وَالإفْضَالِ

يَا مَالِكاً عَوَّذْتُ طَلْعَتَهُ وَجْ

ودَ بَنَانِهِ بِالشَّمْسِ وَالأنْفَالِ

قُلْ لِلَّذِي قَدْ رَاحْ يُنْكِرُ أنَّنِي

فِي النَّظْمِ غَيْرُ مُصَدَّقِ الأقْوَالِ

قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى افْتِرَاهُ وَقَدْ مَحَا

فَلَقُ البَيَانِ غَيَاهِبَ الإشْكَالِ

فَدَعِ اسْتِمَاعَ مَقَالِ حَاسِدِ نِعْمَةٍ

يَسْعَى لَعَمْرُ أبِيكَ سَعْيَ ضَلاَلِ

مِنْ جَهْلِهِ أضْحَى يُعَارِضُ مَنْ غَدَتْ

أغْزَالُهُ تَرْوِي عَنِ الغَزَّالِ

وَيَقُولُ مُفْتَخِراً نَعَمْ أنَا مَعْدِنٌ

أقْلِلْ بِهِ مِنْ مَعْدِنِ الإقْلالِ

لَوْ كَانَ ذَا عَقْلٍ لَعَارَضَ بَاقِلاً

فِي عَيَ أقْوَالٍ وَفَرْطِ خَبَالِ

فَهْوَ الحَسُودُ وَهَلْ سَمِعْتُهمْ حَاسِداً

قَدْ سَادَ فِي حَالٍ مِنَ الأحْوَالِ

وَهْوَ الكَذُوبُ تَعَرُّضاً وَخِيَانَةً

صَبَّ الإلَهُ عَلَيْهِ صَوْبَ نَكَالِ

وَالْبَدْرُ مَا أبْدَى لِعَيْنِكَ عَاطِلاً

إلاَّ لِتَعْلَمَ قَدْرَ قَدْرِ الحَالِي

فَأنَا الَّذِي أوْضَحْتُ غَيْرَ مُدَافَعٍ

سُبُلَ الظَّلاَمِ لِغَازِلِ الأغْزَالِ

وَشُهِرْتُ فِي شَرْقِ البلاَدِ وَغَرْبِهَا

بِعُلُومِ آدَابِ القَرِيضِ العَالِي

فَاحْفَظْ نَفِيسَ عُقُودِ نَظْمِي إنَّهُ

نِعْمَ النَّفِيسُ وَأنْتَ نِعْمَ الكَالِي

وَاسْتَجْلِ مِنْهُ كُل بَاسِمَةٍ غَدَتْ

تَفْتَرُّ عَنْ وَصْفِ السَّنَاءِ العَالِي

وَتَلَقَّهَا بِالرُّحْبِ مِنْكَ فَإنَّمَا

قَدْ قَابَلَتْكَ بِأوْجُهِ الإقْبَالِ

هَيْفَاءُ تَخْطُرُ فِي بَديِعِ جَمَالِهَا

كَالْخُودِ تَرْفُلُ فِي رِدَاءِ جَلاَلِ

لِمْ لاَ وَمَدْحُكَ قَدْ كَسَاهَا حُلَّةً

فَاقَتْ بِهَا فَخْراً عَلَى الأمْثَالِ

فَلَكَ السَّلاَمَةُ وَالهَنَا مَا أنْشَدَتْ

سَفَرَتْ وُجُوهُ الحُسْنِ عَنْ تِمْثَالِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

53

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة