الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » تبسم ثغر الأفق عن شنب الفجر

عدد الابيات : 52

طباعة

تَبَسَّمَ ثغرُ الأفْقِ عَنْ شَنَبِ الفَجْرِ

فَهَيَّجَ أشْوَاقِي إلىّ ألْعَسِ الثَّغْرِ

وَشَقَّتْ جَلاَبِيبَ الشَّقِيقِ يَدُ الصّبَا

كَمَا مَزَّقَتْ جَيْبَ الرّيَاضِ يَد النهرِ

وَنَاحتْ عَلَى العيدَان هاتفهُ الضحَى

فَجَالَتْ دُموعُ الطَّلّ فِي أعْيُنِ الزَّهْرِ

وَأغْضَتْ عُيُونُ النَّرْجَس الغَضّ عندما

تبسَمَ ثغرُ الزَّهْرِ عَنْ حَبَبِ القَطْرِ

وَدَبَّ عِذَارُ الاسِ فِي وردِ خَده

كَمَا جَالَ صدغ الظِّلّ في وجنة النهرِ

وَأبْدَتْ نُهُودُ الجُلَّنَارِ أشعّةً

مُرَكَّبَةً فِي سُمْرِ أعْطَافِهَا الخُضْرِ

لَدَى رَوْضَةٍ أبْدَتْ سَمَاءَ زُمُردٍ

عَلَيْهَا نُجُومٌ قَدْ طَلَعْنَ منَ التِّبْرِ

وَحَيْثُ تَوَلَّى بعده القلبُ خَافِقاً

كَقَلْبٍ كَئِيبٍ غَالَهُ حادثُ الدهرِ

وَحَيْثُ بنو نعش تَحِن لِنَعْشِهَا

كَمَا حنَّ مشتَاقٌ غَرِيبٌ إلى الوكْرِ

وَحَيْثُ تَشَكَّى سَابحُ الحُوت للدجَى

عَنَاهُ كَمَا يَشْكُو الغَرِيقُ إلى البحرِ

وَحَيْثُ السُّهَى قد رَقَّ من عِظْمِ شَوْقِهِ

لِرُؤْيَةِ بَدْرِ التَّمّ فِي رَابِعِ العَشْرِ

وَحَيْثُ سهيلٌ مُقْتَفٍ إثْرَ زُهْرَةٍ

كَحَادٍ بِنُوقٍ قَدْ أطَلَّ على قَفْرِ

وَحَيْثُ نجُوم الهَقْعَةِ الغُرّ أطْلَعَتْ

طَلاَئِعَ جَيْشٍ قَدْ سَرَيْنَ على ذُعْرِ

وَحَيْث تَرَى الشِّعْرَى العَبُورَ وَقَدْ بَدَتْ

تُقَارِبُ أجفَاناً لأدْمُعِهَا تَذْرِي

وَحَيْثُ تَرَى الجَوْزَاءَ في أفْقِ غربَها

وِشَاحَ لُجَيْنٍ قَدْ أديِرَ على خَصْرِ

وَحَيْثُ الثريا فِي السَّمَاءِ كَأنَّهَا

قَلاَئِدُ دُرّ قد جُلِينَ على نَحْرِ

وَحَيْثُ ترَى الإكْلِيلَ في مفرق الضحى

كَمَائِمَ وَرْدٍ كَمَّمَتْ أوْجُهَ النِّسْرِ

وَحَيْثُ الضيَا يَرْوِي عَنِ البَدْرِ نُورَهُ

عن الشمسِ عَنْ وَجْهِ المليكِ أبي عَمْرِو

مليكٌ أقَامَتْهُ الفَضَائِلُ وَاحِداً

فَلم يَخْتَلفْ اثْنَانِ في فَضْلِهِ المُثْرِي

أجَل مُلُوكِ الأرضِ جداً وَوَالِداً

وَحَسْبُكَ آبَاءً خَضَارِمَة البَحْرِ

وَأعْظَمُهُمْ فَخْراً وَأوْسَعَهُمْ غِنىً

وَأقْرَبُ مِنْ حِلْمٍ وَأبْعَدُ عِنْ غَدْرِ

كَرِيمٌ حَبَانَا فعلُهُ وَمَقَالُهُ

بِغَيْث النَّدَى المُنْهَلّ عَنْ مُزْنَةِ البِرّ

تَمَلَّكَ رِقَّ الجُودِ وَاسْتَخْدَمَ الغِنَى

فلم يَبْقَ عَانٍ يَشْتَكِي ألَمَ الفَقْرِ

ينيلُ مُحِبِّيهِ وَيُفْنِي عِدَاتِهِ

فَيَأتِي عَلَى الحَالَيْنِ بِالنَّفْعِ وَالضَّرِ

لَطِيفُ المَعَانِي كَاملُ الحسنِ وَالْبَهَا

حليفُ المعَالِي طَاهِرُ السِّرّ وَالجّهْرِ

لَهُ دَولَةٌ فَاقَتْ عَلَى كُلّ دَوْلَةٍ

بِخُدَّامِ يُمْنٍ مِنْ نَجَاحٍ ومن نَصْرِ

فَمَا الصبْحُ إلاّ مَا أبَانَ مِنَ الرّضَى

وَمَا اللَّيْلُ إلاَّ ما أبَانَ مِنَ الهَجْرِ

مَبَادِيهِ في العَلْيَاءِ غَايَاتُ مَنْ مَضَى

مِنَ الحَائِزِينَ المُلْكَ بِالبْيِضِ وَالسُمْرِ

إذَا مَا دَعَاهُ العُسْر يَا مُحْيِيَ الوَفَا

بَدَا فَدَعَاهُ اليُسْرُ يَا قَاتِلَ العُسْرِ

وَإنْ سَارَ رُوَّادُ النَّوَالِ لِبَابِهِ

رَأوْا جُود كَفَّيْهِ أسَحَّ مِنَ القَطْرِ

وَإنْ رَامَ مُدَّاحُ الثّنَا وَصْفَ مَدْحِهِ

فَأوْصَافُهُ تُمْلِي وَأقْلاَمُهُمْ تَجْرِي

رَوَى الفَضْلُ أخْبَارَ التُّقَى عَنْ كَمَالِهِ

كَمَا نَمَّ عَنْ طَيّ الربى طَيِّبُ النَشْرِ

لَقَدْ ذُكِرَتْ لِلأوّلِينَ فَضَائِلٌ

وَلَكِنّ هَذَا الفَضْلَ لَمْ يَجْرِ في ذِكْرِ

سَخَاءُ يَدٍ تَرْوِي الجَدَاوِلُ مَاءَهَا

عن السيل عن قطر الغمام عن البحر

وَمجد كَمَا تَرْوِي الأشعةَ نُورَهَا

عَنِ البرق عَنْ زهرِ النجُوم عَنِ البدرِ

تَفَكَّرَ عَنْ عِلْمٍ وحَدَّثَ عَنْ حِجىً

وَأضْمَرَ عَنْ حِلْمٍ وَأظْهَرَ عَنْ بِشْرِ

مَعَالِيهِ لا تُحْصَى لِفَرْطِ اعْتِلاَئِهِ

كَذَاكَ مَعَانِيهِ تَجِل عَنِ الحصرِ

مِنَ القومِ حَلُّو كُلَّ آفَاقِ دَوْلَةٍ

فهمْ فِي سَمَاءِ العِزّ كَالأنْجُمِ الزهرِ

مُلُوكٌ أعَزوا الملكَ صَوْناً وَشَيَّدُوا

حِمَى الدين إجْلاَلاً وَبَتُّوا عُرَى الكُفْرِ

سَرَاةُ المَعَالِي زُهْر آفَاقِ سَعْدِهَا

جَبَابِرَةُ الهَيْجَا أكَاسِرَةُ الدَّهْرِ

إذَا أسْرَةُ الفَارُوق قَامَتْ لِمَفْخَرٍ

أقَرَّتْ لعليَاهَا السَّرَاةُ بِلاَ نُكْرِ

وَإنْ تَجَرُوا في سُؤْدَدٍ وَتَزَايَدُوا

فَأنْفَسُ مَا يُهْدَي لَهُمْ جَوْهَرُ الشِّعْرِ

فحسبك يَا فرع المكَارم وَالعُلَى

أصُولٌ زَكَتْ فِي روْضةِ المجد والفخرِ

إلَيْك رَعَاكَ اللَّهُ مدْحَةَ مُقْتِرٍ

يُحَاشِيكَ أنْ تَلْقَى المَدِيحَ بلاَ بِرّ

شَكَوْتُ بِهَا جورَ الزَّمَانِ وَإنَّمَا

شَكَوْتُ أخَا رِقّ إلَى الملكِ البَرّ

فَخُذْهَا بِتفوِيفِ الوَلاَ كُلَّ حُلَّةٍ

مُعَطَّرَةِ الأرْدَانِ بِالحَمْدِ وَالشُّكْرِ

تُهَنِّيكَ بِالإسْلاَمِ يَا ركنَ عِزّهِ

بِمَوْتِ عَدُوّ اللَّهِ طَاغِيَةِ الكُفْرِ

وَتُعْلِمُ بِالشهرِ المُبَارَك صوْمهُ

فَبُورِكَ من صوْمٍ وَبُورِكَ من شهرِ

وتبسمُ عَنْ ثغر تَنَضَّدَ دُرهُ

فَأزْرَى بِعقد الدرّ وَالكَوْكَبِ الدرّيّ

وَتَفْخَرُ بِالنظْمِ البديِعِ عَلَى السِّوَى

وكَيْفَ يُقَاسُ الجَزْعُ في الحُسْنِ بالبَدْرِ

بَقِيتَ بَقَاءَ الدَّهْرِ فِينَاً إذَا انْقَضَتْ

أوَاخِرُ عَصْرٍ عَاوَدَتْ مُبْتَدَا عَصْرِ

وَلاَ زِلْتَ ذَا فعلٍ جَمِيلٍ مُصَدَّقٍ

بِقَوْلٍ مُطَاعَ النَهْيِ مُمْتَثَلَ الأمْرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

54

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة