الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » عظم الله فيك أجر الضاد

عدد الابيات : 168

طباعة

عَظَّم اللهُ فِيكَ أَجْرَ الضَّادِ

وَبَنِيهَا مِنْ حَاضِرٍ أَوْ بَادِي

رَاعَ آفَاقَهَا نَعْيكَ حَتَّى

لَكَأَنَّ النَّعيَّ بُوقُ التَّنادِي

كُل قطْرٍ فِيهِ فَتىً عَرَبِيٌّ

فِيهِ عَيْنٌ شَكْرَى وَقَلْب صَادِي

حَدَثٌ أَلهَبَ الصدُورَ التِياعاً

حَيْث دَوى وَفَتَّ فِي الأَعْضادِ

مِنْ سَمَاءِ الأهْرَامِ جَلَّلَ قَيْسو

نَ وَأَلقَى السَّوَادَ فَوْقَ السَّوَادِ

وَعَلَى بَهْجَةِ المَرَابِعِ فِي لُبْ

نَانَ أَرْسَى سَحَابَةً مِنْ حِدَادِ

لَيْسَ بِدْعاً أَنْ يُمْسِيَ الشَّامُ وَالأَحْ

زَان فِيه تُقِض كل وِسَاد

مَا تُرَاهُ يَقْضِي الصَّديقَ الذي بَا

دَأَ بِالفَضْلِ مِنْ حُقوقِ الوِدَاد

كَيْفَ حَالُ الإخْوَانِ فِي مِصْرَ يَا حَا

فِظُ مِنْ وَحْشَةٍ لِهَذَا البِعَاد

أَيْنَ زَيْنُ النَّدِيِّ مِنْهُمْ وَهمْ فِي ال

ظَّرْفِ مَا همْ وَأَيْنَ أُنْسُ النَّادِي

كُلَّ حَفْلٍ شَهِدْتَهُ كُنْتَ فِيه

قِبْلَةَ السَّامِعِينَ وَالأَشْهَادِ

يَأْخُذُونَ الحَديثُ عَنْكَ كَمَا يَ

شْتَفُّ مَنْ يَرتَوِي مِنَ الورَّاد

فَإِذَا مَا تَنَادَروا وَتَنَادَرْ

تَ فَأَعْجِبْ بِوَرْيِ تِلْكَ الزِّنَاد

فطَنٌ تَشْرَحُ الصُّدورَ وَمَا تُؤْ

ذِي دعَابَاتُهَا سِوَى الأَنْكَاد

ربَّما كَانَتِ العِظَات الغَوَالِي

فِي شَظَايَا ابْتِسَامِهَا الوَقَّاد

كَيْفَ حَالِي وَأَنْتَ أَدْرَى بِمَا خَلَّ

فْتَ لِي مِنْ فَجِيعَةٍ وَسهَاد

أَسْعِدي يَا هَوَاتِفَ الأَيْكِ شَجوي

أَنا فِي حَاجَةٍ إِلَى الإِسْعَاد

أَبْتغِي البَثَّ وَالشَّجا غضَّ مِنْ صَوْ

تِي وَحَرُّ الأَسَى أَجَفَّ مِدَادِي

وَيْحَ أُمِّ اللُّغاتِ مِمَّا دَهَاهَا

فِي طرِيفِ الفخارِ بَعْدَ التِّلاَد

ذاقتِ الثُّكلَ فِي بنُوَّتِهَا الأمْ

جَادِ بَعْدَ الأُبوَّةِ الأمْجَادِ

فِي رِفاقٍ رَدُّوا عَلَى كل أَصْلٍ

مِن عُلاهَا نضارَة الأعْوَادِ

نضرَ الله عَهْدَهمْ وَسَقاهمْ

مَا سَقى الأوّلِينَ صَوْبُ العِهَادِ

نخبَةٌ قلَّمَا أَتِيحَ لِعَصْرٍ

مِثل مَجْمُوعِهِمْ مِنَ الأفْرَادِ

أَيْقَظُوهَا مِنَ الرُّقَاد وَقَدْ جَا

زَ مَدَاهُ أَقْصَى مَدى لِلرُّقَادِ

وَأَعَادُوا جَمَالَهَا فِي زُهَاهُ

يَتَرَاءَى قَديمُهُ فِي المُعَادِ

أَيْنَ سَامِي وَأَيْنَ صَبْرِي وَحِفْنِي

وَرِفَاقٌ جَاوَرْهُمُ فِي الهَوَادِي

لَحِقَ اليَوْمَ حَافِظٌ بِالمُجَلِّي

ينَ وَمَا كَانَ آخِراً فِي الطِّرَاد

شَاعِرٌ لَمْ يُبَارِهِ أَحَدٌ فِي ال

أَخْذِ بِالمُسْتَحَبِّ وَالمُسْتَجَادِ

يُحْكِمُ الصَّوْغَ فِي القِلاَدِ فَمَا يَأْ

تِي صَنَاعٌ بِمِثْلِهَا فِي القِلاَدِ

نَاثِرٌ تَنْفُثُ البَرَاعَةُ مِنْهُ

نَشْوَةَ الخَمْرِ فِي مُجَاجِ شِهَادِ

لَمْ يَكُنْ فِي مَصَايِدِ اللُّؤلُؤ الفَا

خِرِ يُبْقِي فَرِيدَةً لاَصْطِيَادِ

فِي تَرَاكِيبِهِ وَفِي مُفْرَدَاتِ اللَّ

فْظِ حَارَتْ نَفَاسَةُ الحُسَّادِ

كَانَ فِي سَمْعِهِ رَقِيبٌ عَلَيْهِ

يَقِظٌ مِنْ جَهَابِذِ النُّقادِ

يَقَعُ الزَّيْنُ مِنْهُ فِي مَوْقِعِ الزَّيْ

نِ وَيَنْبُو بِالشَّينِ نَبْوَ سَدَادِ

فَالمَعَانِي تَتِيهُ بَيْنَ المَعَانِي

بِسَنِيِّ الحُلِيِّ وَالابْرَادِ

وَالمَبَانِي تَعِزُّ بَيْنَ المَبَانِي

بِمَتِينِ الأسْبَابِ وَالأوْتَادِ

عَدِّ عَنْ وَصْفِكَ الأدِيبَ وَقُلْ مَا

شِئْتَ فِي الفَاضِلِ الوَفِيِّ الجَوَادِ

منْ يُعَزي عَنْهُ المُرُوءَةَ أَمْسَتْ

وَبَنُوهَا الأبْرَارُ غَيْرُ عِدَادِ

شِيمَةٌ لاَ يُطِيقُ كُلْفَتَهَا غَيْ

رُ أُولِي العَزْمِ وَالحُمَاةِ الجِعَادِ

مَنْ يُعَزِّي عَنْهُ الوَفَاءَ وَقَدْكَا

نَ يَرَى نَقْضَهُ مِنَ الإِلحَادِ

خُلُقٌ لَيْسَ فِي الضِّعافِ وَمَا يَحْ

مِلُ أَعْبَاءَهُ سِوَى الاجْلاَدِ

لَمْ يُسَاوِمْ بِهِ فَيَنْعَمَ بَالاً

لاَ وَلَمْ يَرْعَ فِيهِ جَانِبَ آدِي

مَنْ يُعَزِّي عَنْهُ الصَّرَاحَةَ كَانَ ال

غُرْمُ فِيهَا وَالغُنْمُ فِي الإِهْمَادِ

لَمْ يَسَعْهُ وَفِي الضَّميرِ خِلاَف

أَنْ يَرَى الاِعْتِدَالَ فِي المُنَآدِ

مَا فُتُوحُ الآرَاءِ وَالجُبْنُ يَطْوِ

يهَا كَطَيِّ النِّصالِ فِي الأغْمَادِ

مَنْ يُعَزِّي القُصَّادَ عِلْماً تَوَخَّوْا

أَوْ نَوَالاً عَنْ مُسْعِف القُصَّادِ

ذِي الأيَادِي مِنْ كُلِّ لَوْنٍ وَأَغْلاَ

هُنَّ فِي الْمَأْثُرَاتِ بِيضُ الأيَادِي

مَنْ يُعَزِّي كِنَانَةَ اللهِ عَنْ رَا

مِي عِدَاهَا بِسَهْمِهِ المِصْرَادِ

عَنْ فَتَاهَا الشَّاكِي السِّلاَحَيْنِ وَالمَا

ضِيهِمَا فِي شَوَاكِلِ الأضْدَادِ

إِنَّما حَافِظٌ فَتَاهَا وَمِنْهَا

وَبِهَا فَخْرُهُ عَلَى الأنْدَادِ

نَشَّأتْهُ وَأَيَّدَتْهُ بِرُوحٍ

عَبْقَرِيٍّ مِنْ رُوْحِهَا مُسْتَفَادِ

بَعْدَ أَنْ كَانَ حَاكِياً وَهْوَ يَشْدُو

جَعَلَتْهُ المَحْكِي بَيْنَ الشَّوَادي

نَظمَ الشِّعرَ فِي الصِّبا نَظْمَ وَاعٍ

لَقِنٍ نَاشِيءٍ عَلَى اسْتِعْدَادِ

بَادِيءٍ صَوْغَهُ وَفِيهِ فنونٌ

بَارِعَاتٌ لاَ يَتَّسقْنَ لِبَادِي

مَا تَعَاصَى عَلَيْه عَنْ عَفْوِ طَبْعٍ

رُدَّ طَوْعاً لهُ بِفَضْلِ اجْتِهَادِ

غَيْرَ أَنَّ القَرِيضَ لَمْ يَكُ فِي مُضْ

طَرَبِ العَيْشِ مُغْنِياً مِنْ زَادِ

أَوْجَبَ الرِّزْقُ فَانْتَأْى حَافِظٌ يَكْ

دَحُ فِي بِيْئَةٍ مِنَ الأجْنَادِ

مُوحَشاً فِي مَجَاهِلِ النُّوبِ وَالسُّو

دَانِ بَيْنَ الأغْوَارِ وَالانْجَادِ

تَتَقَضَّى أَيَّامُهُ فِي ارْتِيَاضٍ

وَعَلَى أُهْبَةٍ لِغَيْرِ جِلاَدِ

وَلَيَالِيهِ فِي الخِيَامِ لَيَالِي

وَسِنٍ رَازِحٍ مِنَ الإِجْهَادِ

فِي الصَّميمِ الصَّمِيمِ مِنْ نَفْسِهِ الحُرَّ

ةِ هَمٌّ مُرَاوِحٌ وَمُغَادِي

أَيُّ جَيشٍ يُدَرِّبُونَ لِمِصْرٍ

وَوَلِيُّ التَّدْرِيبِ فِيهِ العَادِي

وَلِمَنْ تَمْلأُ الفَضَاءَ وَعِيداً

عُدَدٌ مِنْ حَدِيدِهِ الرَّعَّاد

ذَاكَ مَا ظَلَّ فِيهِ حِيناً وَحَسْبُ ال

نَّفسِ شُغْلاً بِهِ عَنِ الإِغْرَادِ

غَيْرَ بَثٍّ يَبُثُّه إِنْ أَتَاهُ

طَائِفٌ مِنْ خَيَالِهِ المُعْتَادِ

لِلمَقَادِيرِ فِي شُؤونِ الجَمَاعَا

تِ تَصَارِيفُ رَائِحَاتٌ غَوَادِي

فِتَنُ الجَيْشِ وَالبَوَاعثُ كُثْرٌ

فِتْنَةٌ لَمْ تَكُنْ بِذَاتِ امْتِدَادِ

فَاسْتَطَارَ السُّوَّاسُ وَاضْطَرَبَتْ أَحْ

لاَمُ زُرْقِ العُيُونِ فِي القُوَّادِ

رَابَهُمْ حَافِظٌ فَعُوقِبَ فِي جُمَ

لَة مَنْ عَاقَبُوهُ بالإِبْعَاد

آخَذُوهُ بِالظَّن مِنْ غَيْرِ تَحْقِ

يقٍ وَمَا آخَذُوا عَلَى إِفْنَاد

فَتَوَلَّى وَمَا لِمُؤْتَنَفِ العَيْ

شِ بِعَيْنَيْه مِنْ ضِيَاءٍ هَادي

والجَديدَانِ يَضْرِبَانِ عَلَيْه

كُلَّ رَحْبٍ فِي مِصْرَ بِالاسْدَادِ

مُوغَراً صَدْرُهُ لِمَا سِيمَ فِي غَيْ

رِ جُنَاحٍ مِنْ جَفْوَةٍ وَاضْطِهَادِ

عَاطِلَ الثَّوْبِ مِنْ كَوَاكِبِه الزُّهْ

رِ وَمِنْ سَيْفِهِ الطَّوِيلِ النِّجادِ

فَهْوَ فِي مِصْرَ وَالبِجَادُ مِنَ الرِّقَّ

ة فِي الحَالِ غَيْرُ ذَاكَ البِجَادِ

لَقِيَ البُؤْسَ وَالأدِيبُ مِنَ البُؤْ

سِ قَديماً فِيهَا عَلَى مِيعَادِ

حَائِراً فِي مَذَاهِبِ الكَسْبِ لاَ يَفْ

رُقُ بَيْنَ الإِصْدَارِ وَالإِيرادِ

عَائِفاً خُطَّة الجُدَاةِ وَفِيهِ

طَبْعُ حُرٍّ يَجُودُ لا طَبْعُ جَادي

وَلَقَدْ زَادَهُ شَجىً أَنَّ سُوقَ ال

عِلمِ كَانَتْ فِيْ مِصْرَ سُوقَ كَسَادِ

وَسَجَايَا الرِّجَالِ رَانَتْ عَلَيْهَا

لُوثَةٌ مِنْ قَديمِ الاِسْتِعْبَادِ

فَهُمُ وَادِعُونَ لاَهُونَ بِالزِّي

نَاتِ وَالتُّرَهَاتِ وَالأعْيَادِ

عِبَرٌ مَرَّ فِي جَوَانِحِه مَا

لاَحَ مِنْهَا مَرَّ النِّصالِ الحِدَادِ

فَتَغَنَّى أَسْتَغْفِرُ اللهَ بَلْ نَا

حَ نُوَاحاً يُذيبُ قَلبَ الجَمَادِ

بَاكِياً شَجْوَهُ تَرِنُّ قَوَافِي

هِ رَنِينَ النِّبالِ فِي الأكْبَادِ

ذَاكَ وَالقَوْلُ لَيْسَ يَعْدُو شَكاةً

لَوْ جَرَتْ أَدْمُعاً جَرَتْ بِجِسَادِ

وَعِتَاباً لَوْلاَ البَرَاءَةُ مِنْهُ

عَاجِلاً كَانَ سُبَّة الآبادِ

بَرِئَتْ مِصْرُ مِنْهُ بِالحَقِّ لَمَّا

نَشِطَتْ مِنْ جُمُودِهَا المُتَمَادِي

طَرَأَتْ حَالَةٌ تَيَقَّظ فِيهَا

لِدُعَاةِ الهُدَى ضَمِيرُ السَّوَادِ

فَإِذَا حَافِظٌ وَقَدْ بَشَّ مَا فِي

نَفْسِهِ مِنْ تَجَهمٍ وَارْبِدَادِ

وَبَدَا لِلمُنَى الجَلاَئِلِ فِيهَا

أُفُقٌ وَاسِعُ المَدَى لاِرْتِيَادِ

مَا تَجَلَّى نُبُوغُهُ كَتَجَلِّي

هِ وَقَدْ هَبَّ مُصْطَفَى لِلجِهَادِ

يَوْمَ نَادَى الفَتَى العَظِيمُ فَلَبَّى

مَنْ نَبَا قَبْلَهُ بِصَوْتِ المُنَادِي

وَوَرَى ذَلِكَ الشُّعورُ الَّذي كَا

نَ كَمِيناً كَالنَّارِ تَحْتَ الرَّمَادِ

فَتَأَتَّى بَعْدَ القُنُوطِ الدَّجُوجِ

يِّ رَجَاءٌ لِلشَّاعِرِ المِجْوَادِ

مَسَّ مِنْهُ السَّوَادَ فَانْبَجَسَتْ نَا

رٌ وَنُورٌ مِنْ طَيِّ ذَاكَ السَّوَادِ

أَكْبَرَ الدَّهْرُ وَثْبَةً وَثَبَتْهَا

مِصْرُ مُفْتَكَّة مِنَ الأصْفَادِ

وَثُغَاءً غَدَا هَزِيماً فَأْلْقَى

رُعْبَهُ فِي مَرابِضِ الاسَادِ

مَا الَّذي أَخْرَجَ الشَّجاعَةَ مِنْ حَيْ

ثُ طَوَتْهَا قُرُونُ الاِسْتِبْدَادِ

وَجَلاَ غُرَّةَ الصَّلاَحِ فَلاَحَتْ

تَزْدَهِي مِنْ غَيَاهِبِ الإِفسَادِ

فَإِذَا أُمَّة أَبِيَّة ضَيْمٍ

مَا لَهَا غَيْرُ حَقِّها مِنْ عَتَادِ

نَهَضَتْ فَجأْةً تُنَافِحُ فِي آ

نٍ عَدُوَّيْنِ أَسْرَفَا فِي اللِّدَادِ

أَجْنَبِياً أَلْقَى المَرَاسِيَ حَتَّى

تُقْلِعَ الرَّاسِيَاتُ فِي الاطْوَادِ

وَهَوَاناً كَأنَّما طَبَعَ الشَّعْ

بَ عَلَيْه تَقَادُمُ الإِخْلاَدِ

حَلْبَةٌ يُعذَرُ المُقَصِّرُ فِيهَا

وَالخَوَاتِيمُ رَهْنُ تِلْكَ المَبَادِي

لَيْسَ تَغْيِيرُ مَا بِقَوْمٍ يَسِيراً

كَيْفَ مَا عُوِّدُوهُ مِنْ آمَاد

غَيْرَ أَنَّ الإِيمَانَ كَانَ حَلِيفاً

لِقُلُوبِ الطَّليعَة الانْجَاد

فَاسْتَعَانُوا بِه عَلَى مَا ابْتَغُوْهُ

غَيْرَ بَاغِينَ مِنْ بَعِيدِ المُرَاد

لَمْ يَطُلْ عَهْدُ مِصْرَ بِالوَثْبَة الأُو

لَى وَدُونَ الوُصُولِ خَرْطُ القَتَاد

فَتَرَاخَى فِيهَا وَثِيقُ الاوَاخِي

وَوَهَى الْجَزْلُ مِنْ عُرَى الاِتِّحاد

آيَةٌ أَخْفَقَتْ فَقَيَّض أُخْرَى

أَثَرٌ مِنْ عِنَايَة الله بَاد

فَزِعَتْ دِنْشِوَايُ تَحْمِي حَمَاماً

مِنْ مُلِمِّينَ كَالذِّئَابِ الأَوَادِي

فَتَصَدَّى لِلذَّوْدِ عَنْهُ جُفَاةٌ

مِنْ شُيُوخٍ بِهَا وَمِنْ أَوْلاَدِ

حَادِثٌ رَوَّعَ العَمِيدَ أَيَخْشَا

هُ وَسُلْطَانُهُ وَطِيدُ العِمَادِ

لاَ وَلَكِنَّ عِزَّةً أَخَذَتْهُ

عَنْ غُرُورٍ بِبَأْسِهِ وَاعْتِدَادِ

سَفَهٌ جَرَّأَ العَبِيدَ المَنَاكِي

دَ عَلَى مُعْتَقِيهِمِ الأَجْوَادِ

فَخَلِيقٌ بِهِمْ أَشَد قِصَاصٍ

حَلَّ بِالآبِقِينَ وَالمُرَّادِ

سَاقَهَا مُثْلَةً تَوَهَّمهَا خَيْر

اً وَكَانَتْ عَلَيْهِ شَرَّ نَآدِ

ذَاعَ فِي الشَّعبِ وَصْفُهَا فَفَشَتْ آ

لاَمُهَا فِي القُلوبِ وَالأَجْسَادِ

وَكَأَنَّ السِّياطَ يَحْزُزْنَ فِي أَجْ

لاَدِهِ وَالحِبَالَ فِي الأَجْيَادِ

كَانَ تَرْجِيعُ حَافِظٍ نَوْحَ مَوْتو

رٍ فَدَوى كَاللَّيْثِ بالإِيعَادِ

فِي قَوَافٍ بِهِنَّ تَنْطِقُ لَوْ أُوْ

تِيَتِ النطْقَ أَلسُنُ الأَحْقَادِ

عَلَّمَتْ خَافِضِي الجَنَاحِ لِبَاغٍ

كيْفَ شَأْنُ الحَمَامِ وَالصَّيادِ

وُعِدَ الصَّابِرُونَ بِالفَوْزِ وَعْداً

حَقَّقتْهُ أَنْبَاؤُهُمْ بِاطرَادِ

إِنَّما الصَّبرُ فِي النفُوسِ جَنِين

يُرْهِقُ الحَامِلاَتِ قَبْلَ الوِلاَدِ

كَيْفَ يَأْتِي بِهِ ارْتِجَالٌ وَلَمْ يَأْ

تِ ارْتِجَالٌ يَوْماً بِقَوْلٍ مُجَادِ

خلق عَزَّ فِي الجَمَاعَاتِ مِنْ فَرْ

طِ تَكَالِيفِهِ وَفِي الآحَادِ

طَالَمَا خَانَ فِي النِّضالِ الجَمَاهِ

ييرَ فَأَلقَتْ لِغَاصِبٍ بِالقِيَادِ

بَعْدَ وَثْبٍ فِي إِثْرِ وَثْبٍ عَنِيفٍ

وَارْتِدَادٍ فِي الشَّوْطِ غِب ارْتِدَادِ

سَاوَرَ الأُمَّة التَّرَددَ وَالْتَا

ثَ عَلَيْهَا فِي السَّيرِ وَجْهُ الرَّشَادِ

وَتَبَدَّى الإِحْجَامُ فِي صُورَةٍ زَلاَّ

ءَ جَرَّتْ إِقْدَامَ أَهْلِ الفَسَادِ

بالدِّعَايَاتِ وَالسِّعايَاتِ حَاموا

حَوْلَهَا لِلسِّوَامِ أَوْ لِلرِّوَادِ

لاَ تَسَلْ يَوْمَذَاك عَنْ جَلدِ القا

دَةِ فِي مُلْتقى الخطوبِ الشِّدَادِ

كلَّمَا ازْدَادَتِ الصِّعابُ أَبَوْا إِلاَّ

كِفاحاً وَعَزْمُهُمْ فِي ازْدِيَادِ

يَبْذلونَ القُوى وَفَوْقَ القوَى غَيْ

رَ مُبَالينَ أَنَّها لِنَفَادِ

وَالزعِيمُ الأَبَر أَطْيَبُهُمْ نَفْس

اً عَنِ النَّفسِ فِي صِرَاعِ العَوَادِي

هَلْ يُنَجِّي شعْباً مِنَ اليَاس إِلاَّ

حَدَث مِنْ خَوَارِقِ المُعْتادِ

مُصْطَفَى مُصْطفَى بِحَسْبِكَ إِنْ يُذْ

كَرْ فِدَاءٌ أَنْ كنْتَ أَول فَادِ

مُصْطَفَى مُصْطَفَى لِيَهْنِئْكَ أَنْ أَح

يَيْتَ قَوْماً بِذَاكَ الاِسْتِشْهَادِ

دَب فِيْهِمْ رُوح جَدِيدٌ لَهُ مَا

بَعْدَهُ فِي القلوبِ وَالإِخلادِ

تنقضِي الحَادِثَات بعْدَك وَالرو

حُ مُقِيم فِيهِمْ عَلَى الابَادِ

كَادَ يَوْم شيعْتَ فِيهِ يُرِيهِمْ

لَمحَةً مِنْ جَلاَلِ يَوْمِ المَعَادِ

صَدَرُوا عَنْهُ بِالتَّعارُفِ فِيمَا

بَيْنَهُمْ وَهْوَ قوَّةُ الأَعْدَادِ

وَاسْتَشَفوا لِبَأْسِهِمْ فِيهِ سِرا

كَمْ تَحَامَى أَنْ يُدْرِكوهُ الأعَادِي

هَذِهِ مِصْرُ الفَتِيَّة هَبتْ

فِي صُفوفٍ فَتِيَّة لِلذيَادِ

رَجَلٌ مَاتَ مُخْلِفاً مِنْهُ جِيلا

رَابَطَ الجَأْشِ غَيْرَ سَهْلِ المَقَادِ

إِنْ دَعَاهُ الحِفَاظُ أَقْبَلَ غِلْما

ن سِرَاعٌ مِنَ القُرَى وَالبَوَادِي

أَحْدَثُوا فِي البِلاَدِ عَهْدَ لَجَاجٍ

فِي تَقَاضِي حُقُوقِهَا وَعِنَادِ

عَهْدُ نُورٍ مِنَ الحِفَاظِ وَنَارٍ

بَعْدَ طُولِ الخُمُودِ وَالإِخْمَادِ

اتَخِذَتْ عَبْقَرِيَّة الشِّعرِ فِيهِ

سُلَّماً لِلعُرُوجِ وَالإِصْعَادِ

أَبْلَغَتْ حَافِظاً مِنَ الحَظِّ أَوْجاً

زَادَ مِنْهُ العَلْيَاءَ كًلَّ مَزَادِ

مَنْ رَأَى الشَّاعِرَ المُفَوَّةَ يَوْماً

وَحَوَالَيْهِ أُمَّة فِي احْتِشَادِ

مُوفِياً مِنْ مِنَصَّة القَوْلِ يَرْنُو

بِاتَّئادٍ وَلَحْظُهُ فِي اتِّقادِ

وَاسِعَ المَنْكِبَيْنِ مُنْفَرِجَ الحُ

قْوَيْنِ يَخْطُو خُطَاهُ كَالمُتَهَادِي

بَاسِماً أَوْ مُقَطِّباً عَنْ مُحَيَّا

بَارِزِ العَارِضَيْنِ فَوْقَ الهَادِي

عَزَّ مِنْهُ العِذَارُ إِلاَّ تَفَارِ

يقَ خِفافاً فِي الوَجْنَتَيْنِ بَدَادِ

يُنْشِدُ الحَفْلَ فَاتِناً كُلَّ لُبٍ

بِبَدِيعِ الإِيمَاءِ والإِنْشَادِ

وَبِشِعْرٍ لاَ يُطْرَفُ الجَفْنُ فِيهِ

صَادِرٍ عَنْ حَمِيَّة وَاعْتقَادِ

مَنْ رَأَى حَافِظاً نَذِيراً بَشِيراً

جَائِلاً صَائِلاً بِغَيْرِ اتِّئادِ

غَرِداً كَالهَزَارِ آنَاً وَآناً

حَرِداً كَالخِضِمِّ ذِي الإِزْبَادِ

يَنْبِرُ النَّبرَةَ العَزُوفَ فَمَا تُ

سْمَعُ إِلاَّ أَصْدَاؤُهَا فِي الوَادِي

وَكَأَنَّ الأَثِيرَ يَحْمِلُ مِنْهَا

كَهْرَبَاءً تَهُزُّ كُلَّ فُؤَادِ

فَهْيَ عِزٌّ لِلأَرْيَحِيِّ المُفَادِي

وَهْيَ ذُلٌّ لِلخَائِسِ المُتَفَادِي

وَهْيَ خَفْقُ اللِّوَاءِ يَحْدُوهُ مِنْ إِي

قَاعِ أَبْطَالِهِ إِلى المَجْدِ حَادِي

ذَاكَ أَنَّ الرُّوحَ المُرَدَّدَ فِيهَا

رُوحُ شَعْبٍ وَالصَّوْتَ صَوْتُ بِلاَدِ

أَيُّها الرَّاحِلُ الَّذِي مَلأَ العَصْ

رَ بِآثَارِهِ الرَّغَابِ الجِيَادِ

أَعْجَزَتْنِي قَبْلَ التَّمامِ القَوَافِي

وَالقَوَافِي تَضَنُّ بِالإِمْدَادِ

قَدْكَ مِنْهَا بَيَانُ مَفْخَرَةٍ وَاعْ

ذِرْ قُصُوراً بِهَا عَنِ التَّعدَادِ

بِتْ قَرِيراً فإِنَّ ذِكْرَاكَ فِينَا

أَجْدَرُ الذِّكْرَيَاتِ بِالإِخْلاَدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

721

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة