الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » طل أيها الصرح الرفيع العماد

عدد الابيات : 59

طباعة

طُلْ أَيُّها الصَّرْحُ الرَّفِيعُ الْعِمَادِ

وَابْلُغْ إِلى السَّبْعِ الطِّبَاقِ الشِّدَادْ

فِي وَجْهِكَ الْبَاسِمِ عَنْ زخْرُفٍ

بًشْرَى بِآمَالٍ كِبَارٍ تُشادْ

أَشِعَّة الشَّمسِ عَلَيْهِ جَرَتْ

وَأَثْبَتَتْهَا فِيهِ بِيض الأَيَادْ

فَلَيْسَ فِي مَوْقِعِ لَحْظٍ بِهِ

إِلاَّ حَيَاةٌ فُجِّرَتْ مِنْ جَمَادْ

بَنَاكَ في مِصْرَ لإِسْعَادِهَا

أَحْصَفُ مَنْ أَدْرَكَ مَعْنَى الْجِهَادْ

مسْتَوْثِقٌ مِنْ نَفْسِهِ طَامِحٌ

إِلى مُرَادٍ هوَ أَسْمَى مرَاد

مطَّرِدُ السَّعيِ وَهَلْ مِنْ مَدىً

يَجوزُهُ السَّاعِي بِغَيْرِ اطِّرَادْ

شِيمَتُه السّلْمُ وَلَكِنَّهُ

حَرْبٌ عَلَى كُلِّ مسِيءٍ وَعَادْ

جَرَى فَمَا قَصَّرَ عَنْ غَايَةٍ

وَدونَ مَا يَرْجوه خَرْطُ الْقَتادْ

بِالعِلْمِ وَالخِبْرَةِ ضم الْقُوَى

فِي الْقطْرِ فَانْضَمَّتْ وَكَانَتْ بَدَادْ

مَا بَنْك مِصْرٍ غَيْر مسْتَقْبَلٍ

يُعَدُّ أَوْ مَاضٍ مَجِيدٍ يعَادْ

لَه زُهَى الشمْسِ وَمِنْ حَوْلِهِ

نِظَامُ تِلْكَ الشَّرِكَاتِ الْعِدَادْ

يَصْدونَ عَنْهُ وَيتَابِعْنَهُ

فِي سَيْرِهِ وَالْخَيْرُ مَا زِدْنَ زَادْ

ثَغْرُ السُّوَيْس الْيَوْمَ يَفْتَرُّ عَنْ

حَظٍّ عَدَتْهُ أَمْسِ عَنْهُ عَوَادْ

عِصَابَةُ الخَيْرِ أَجَدَّتْ بِهِ

مَوْرِدَ كَسْبٍ مَا لَه مِنْ نَفَادْ

فَالبَحْرُ بِالارْزَاقِ عَالِي الرُّبَى

وَالبُرُّ بِالأَوْسَاقِ جَارِي المِهَادْ

وَالفُلْكُ فِي شَتَّى مَجَالاَتِهَا

رَوَائِحٌ تُلْقِي شِبَاكاً عوَادْ

تُطْعِمُ أَشْهَى الصَّيدِ مبَاعَه

وَتُطْعِمُ البَائِعَ أَزْكى الشِّهادْ

وَتُلْقِمُ المَصْنَعَ فِي قُرْبِهَا

نُفَايَةَ الطَّيبِ مِمَّا يُصَادْ

فَيَمْنَحُ الأصْدَافَ مِنْ قِيمَةٍ

مَا لِيْسَ لِلدُّرِّ الْكِبَارِ الْجِيَادْ

تَفْدِي صُرُوحُ المَالِ صَرْحاً زَهَتْ

فِي جِيدِهِ المزْدَانِ تِلْكَ القِلاَدْ

أُمْنِيَّة قَوْمِيَّة حُققتْ

أَحْوَجُ مَا كَانَتْ إِلَيْهَا الْبِلاَدْ

سَدَّ بِهَا خَلَّةَ أَوْطَانِهِ

أَرْوَعُ ذُو رَأْيٍ حَلِيفِ السَّدَادْ

ذُو هِمَّة تُنْدِي صِلاَدَ الصَّفا

وَخَاطِرٍ يَقْدَحُ قَدْحَ الزِّنَادْ

وَفِطْنَةٍ سَاهِرَةٍ لِلْعُلَى

عَلَّمَتِ الشُّهبَ جَمِيلَ السُّهادْ

مَغَانِمُ الْعَيْشِ لاِيْقَاظِهِ

وَيَغْنَمُ الأحَلاَمَ أَهْلُ الرقَادْ

طَلْعَتُ لَمْ يَحْمِ الْحِمَى آخِذٌ

مِثْلَكَ بِالنَّفعِ وَلِمْ يَفْدِ فَادْ

أَرَيْتَنَا كَيْفَ تُنَالُ العلَى

وَدونَهنَّ الْعَقَبَاتُ الشِّدَادْ

نُرِيدُ مِصْراً حُرَّةً فَخْمَةً

وَالشَّعبُ إِنْ يَعْزِمْ يَكُنْ مَا أَرَادْ

فَلَمْ يُضِعْ فِي بَاطِلٍ حَقَّهُ

وَتَقْتُلِ الشَّهوَةُ فِيهِ الرَّشَادْ

فَهَلْ جَدَدْنَا فِي أَمَانِيِّنا

وَنَحْنُ مِنْ أَسْوَاقِنَا فِي كَسَادْ

لا تَتَأَتَّى ثَرْوَةٌ طَفْرَةً

إِنْ هِيَ إِلاَّ حِكْمَةٌ وَاقْتِصَادْ

وَالمَالُ مَا زَالَ الْوَسِيطَ الَّذِي

يقَرِّبُ المبْتَغَيَاتِ البِعَادْ

يَعْبُدُهُ النَّاسُ قَدِيماً وَفِي

ذَاكَ مِنَ الدِّينِ تسَاوَى الْعِبَادْ

أَزْرَاهُ عَجْزاً دونَ إِدْرَاكِهِ

أَشْبَاهُ زُهَّادٍ أَضَلُّوا السَّوَادْ

قَدْ تُصْلَحُ الدنْيَا بِإِعْدَادِهِ

لَهَا وَإِلاَّ اقْتَصَّ مِنْهَا الفَسَادْ

مَنْ لَمْ يَرَ الدنْيَا مَعَاشاً فهَلْ

يَصْدُقُ أَخْذاً بأُمورِ المَعَادْ

بُكَاؤُنَا الفَائِتُ مِنْ عِزِّنَا

إِلى انْتِزَافِ الدَّمْعِ مَاذَا أَفَادْ

وَهَلْ تُرَاثُ المَجْدِ مُغْنٍ إِذَا

ظَلَّ عَلَى الزَّهْوِ بِهِ الاِعْتِمَادْ

أَلْبُؤْسُّ للاْعْنَاقِ غُلٌّ فَإِن

لَمْ يُلْتَمَسْ مِنْهُ فَكَاكٌ أَبَادْ

وَحَيْثُ لاَ مَالَ فَلاَ قوَّةٌ

وَلاَ سِلاَحٌ مَانِعٌ أَوْعَتَادْ

وَلاَ اخْتِرَاعٌ مُسْتَطَاعٌ وَلاَ

مَعْرِفَةٌ تُجْدِي وَفَنٌّ يجَادْ

وَلاَ رِجَالٌ يُنْقِذُونَ الْحِمَى

بِحُسْنِ رَأْيٍ أَوْ بِفَضْلِ اجْتِهَادْ

لَوْلاَ الأُولى نَشَّأتَهُمْ مِنهُمُ

لِمِصْرَ ظَلَّتْ نُجْعَةً تُسْتَرَادْ

أَمَّا وَقَدْ نَبَّهتَ نُوَّامَهَا

لِلْغُنْمِ يُجْنَى أَوْ لِغُرْمٍ يُذَادْ

وَقَامَ مِنْ أَحْرَارِهَا فِتْيَةٌ

أَلْقَوْا إِلى قَائِدِهِمْ بِالْقِيَادْ

فَانْظُرْ إِلى الْجَاهِ الَّذِي أَحْرَزَتْ

بِهِمْ وَمَنْ سَوَّدَهُ الْجَاهُ سَادْ

أَلَمْ تَجِدْ فِي الشَّامِ مَا أَحْدَثَتْ

آثَارُ ذَاكَ المَثَلِ المُسْتَفَادْ

فِي الْقُدْسِ فِي لُبْنَانَ فِي جُلَّقٍ

قَوْمٌ يُكِنُّونَ لِمِصْرَ الْوِدَادْ

تَنَافَسُوا حَوْلَكَ فِي بَثِّهِ

بِكُلِّ مَا يُحْسِنُ قَارٍ وَبَادْ

فَلاَ مَلِيكٌ نَالَ مِنْهُ الَّذِي

نِلْتَ وَلاَ غَازٍ كَمَا عُدْتَ عَادْ

ذَلِكَ فَوْزٌ بَاهِرٌ لاَ يَفِي

بِحَقِّه تَسْطِيرُهُ بِالمِدَادْ

إِذَا ذَكَرْنَاهُ أَشَدْنَا بِمَا

كَان لِحِلْفَيْكَ بِهِ مِنْ أَيَادْ

مِدْحَتُ نَاهِيكَ بِهِ مِنْ فَتى

يُذْكَرُ بِالمِدْحَةِ فِي كُلِّ نَادْ

قَيْلٌ مِنَ الأَقْيَالِ لَكِنَّهُ

مُنْفَرِدٌ فِي المَجْدِ أَيُّ انْفِرَادْ

أَمَّا ابْنُ سُلْطَانَ فَحَسْبُ العُلَى

مِنْهُ طَرِيفٌ زَادَ جَاهَ التِّلاَدْ

فَخْرُ شَبَابِ القُطْرِ إِنْ فَاخَرُوا

بِنَابِهٍ مِنْهُمْ سَرِيٍّ جَوَادْ

ثَلاَثَةٌ فِي نَسَقٍ قَلَّمَا

بِمِثْلِهِ دَهْرٌ عَلَى مِصْرَ جَادْ

كَأَنْجُمِ المِيزَانِ فِي رَمْزِهَا

إِلى تَلاَقٍ فِي العُلَى وَاتِّحادْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

713

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة