الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » جبر القلوب مقيلك الجبار

عدد الابيات : 55

طباعة

جَبرَ الْقُلُوبَ مُقِيلُكَ الْجَبَّارُ

وَجَلا قُطُوبَ الريْبِ الاِسْتِبْشَارُ

إِنْهَضْ كَمَالَ الدِّينِ تَرْعَاكَ الْعُلى

وَيَحُفُّكَ الإِجْلالُ وَالإِكْبَارُ

أَيُهَاضُ عَظْمُكَ إِنهَا لَعَظِيمَةٌ

نَزلَتْ وَأَرْزاءُ الْكِبَارِ كِبَارُ

إِنْ عُطِّلَ السَّعُي الأَصِيلُ هُنَيْهَةً

أَغْنَاكَ مِنْ لُطْفِ الْقَدِيرِ معارُ

فِي الطِّبِّ آيَاتٌ تُرِينَا فَضْلَ مَا

يَمْحُو الْحَلِيمُ وَيُثْبِتُ الْقَهَّارُ

تِلْكَ الْعَزِيمَةُ لا تَزالُ كَعَهْدِهَا

وَكَمَا يُحِبُّ المُقْدِمُ الْكَرَّارُ

وَإِذَا مَرَاحِلُكَ الْبَعِيدَةُ أُرْجِئَتْ

لَمْ يُرْجَأْ الإِيرَادُ وَالإِصْدَارُ

سَلِمَتْ نُهَاكَ وَدَامَ فِي تَصْرِيفِهَا

مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلْحِمَى وَفخَارُ

كمْ فِي مَآثِرِكَ الجَلائِلِ شاِفعٌ

بِشَفاِئكَ اتَّضَحَتْ لَهُ آثارُ

جُودٌ كَجُودِ أَبِيكَ لمْ يُعْلَنْ وَكمْ

سُدِلَتْ عَلى حُرَمٍ بِهِ أَسْتَارُ

وَتَمَاسَكتْ فِي الْبَأْسِ أَرْمَاقٌ بِهِ

وَنَجَتْ مِنَ الْبُؤْسِ المُبِيدِ دِيَارُ

فَالْيَوْمَ هَاتِيكَ النُّفُوسُ تَفَتَّحَتْ

بِشْراً كَمَا تَتَفَتَّحُ الأَزْهَارُ

سُمِعَتْ ضَرَاعَتُهُنَّ فِيكَ وَلُبِّيَتْ

بِالبُرْءِ أَدْعِيَةٌ لَهُنَّ حِرَارُ

مَوْلايَ لا ضَيْرٌ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ

مَا ضَارَهَا أَنْ تُحْجَبَ الأَقْمَارُ

لَيْسَ الرِّجَالُ مِنَ الْعَثَارِ بِمَأْمَنٍ

هَيْهَاتَ يُؤْمَنُ فِي الْحَياةِ عَثَارُ

وَكَأَنَّمَا الأَخْطَارُ أَعْلَقُ بِالأُولى

فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَهُمْ أَخْطَارُ

أَوَ مَا نَرَى شُهُبَ السَّمَاءِ كَأَنَّهَا

أُكَرٌ بِهَا تَتَلاعَبُ الأَقْدَارُ

لِلّهِ فِي نُوَبِ الْحَوَادِثِ حِكْمَةٌ

ليْسَتْ تُحِيطُ بِكُنْهِهَا الأَفْكَارُ

بِالأَمْسِ تَنْشُدُ فِي المَهَامِهِ رَوْعَةً

عَذْرَاءَ لَمْ تَسْتَجْلِها الأَبْصَارُ

تَرْتَاضُ أَوْ تَرْتَادُ كُلَّ دَغِيلَةٍ

كَمَنَتْ بِهَا الأَنْيَابُ وَالأَظْفَارُ

وَلَقَدْ تَزُورُ بِهَا مُلُوكَ سِبَاعِهَا

ولَقدْ تُنَاجِزُهَا وَما لَك ثارُ

وَلَقدْ تَبِيتُ وَلسْتَ مِنْهَا فِي قِرىً

وَحِيَالَ رَكبِكَ لا تُشَبُّ النَّارُ

بِالأَمْسِ تطْوِي فِي المَوَامِي مَجْهَلاً

لا يَسْتَبِينُ لِخَابِطِيْهِ مَنَارُ

لِلْعِلْمِ فِيهِ خَبِيئَةٌ مَظنُونَةٌ

حالَتْ مَهَامِهُ دُونَهَا وَقِفارُ

مِمَّا تَخَلَّفَ مِنْ صَحائِفِ بَاحِثٍ

أَرْدَتْهُ مَسْبَغَةٌ بِهَا وَأُوارُ

تَمْضِي فَتَطْلُبُهَا بِحَيْثُ تعَسَّفَتْ

فِيهَا الرُّوَاةُ وَطَاشَتِ الأَخْبَارُ

حتَّى ظَفِرْتَ بِهَا وَقَلْبُكَ مُلْهَمٌ

كَشَفَتْ موَاقِعَهَا لَهُ الأَسْرارُ

بِالأَمْسِ تَقْحُمُ لوبِيا ورِمَالُهَا

وَعْثاءُ لاَ نَجَعٌ وَلا آبَارُ

مُسْتَهْدِياً تِيهَ الْفَلا مُسْتَطْلِعاً

مَا تُضْمِرُ الأَنْجادُ وَالأَغْوارُ

تَغْزُو وَفتَّاحُ المَغَالِقِ مِنْ أُولِي

عِلْمٍ وَفَنِّ جَيْشُكَ الْجَرَّارُ

فَإِذَا الْفِجَاجُ وَلا يُحَدُّ لَها مَدىً

صُوَرٌ وَجُمْلةُ حَالِهَا أَسْطَارُ

وَإِذَا حَقِيبَتُكَ الصَّغِيرَةُ تَحْتَوِي

ذُخْراً تَضَاءَلُ دُونَهُ الأَذْخَارُ

سِفْرٌ إِلى العِرْفَانِ أَهْدَى طُرْفَةً

لَمْ تُهْدِهَا مِنْ قَبْلِهِ الأَسْفَارُ

أَسْرَفْتَ مَا أَسْرَفْتَ فِي إِعْدَادِهِ

حتَّى تَجاهلَ قَدْرَهُ الدِّينارُ

بِالأَمْسِ فِي أَقْصَى الجِوَاءِ مُشَرِّقاً

وَمُغَرِّباً تَنْأَى بِكَ الأَسْفَارُ

وَتَكَادُ لاَ تَخْفى عَلَيْكَ خَفِيَّةٌ

قَرُبَتْ بِهَا أَوْ شَطَّتِ الأَقْطَارُ

كَالْكَوْكَبِ السَّيَّارِ مَا طَالَعْتَهَا

وَأَخُوكَ فِيهَا الْكَوْكَبُ السَّيَّارُ

عَجَباً سَلِمْتَ وَلَمْ تَسُمْكَ أَذَاتَهَا

بِيدٌ رَكِبْتَ مُتُونَهَا وَبِحَارُ

فَإِذَا أَتَيْتَ الدَّارَ وَهْيَ أَمينَةٌ

لَمْ تَدْفَعِ المَحْذُورَ عَنْكَ الدَّارُ

أُحْجِيَّةٌ لِلْخَلْقِ لَمْ تُدْرَكْ وَمَا

فَتِئَتْ تُحَاجِيهِمْ بِهَا الأَدْهَارُ

مهْمَا يَكُنْ مِنْهَا فإِنَّكَ لمْ تَخَلْ

أَنَّ الصُّرُوفَ يَرُدُّهُنَّ حِذارُ

وَحَيِيتَ تَعْبَثُ فِي مُدَاعَبَةِ الرَّدَى

وتَبَشُّ إِذْ تَتَجَهَّمُ الأَخْطَارُ

وتَكادُ عِزّاً لاَ تَرَى فَوْقَ الثَّرَى

حَظّاً عَلَى مَا نِلْتَهُ يُخْتَارُ

أَلتَّاجُ بَعْدَ أَبِيكَ قَدْ آثَرْتَهُ

بِالطَّوْعِ مِنْكَ لِمَنْ لَهُ الإِيثَارُ

هُوَ تَاجُ مِصْرَ وَمُلْكَ فِرْعَونَ الَّذِي

بِالْيُمْنِ تَجْرِي تَحْتَهُ الأَنْهَارُ

يَأْبَى التَّشبُّه بِالدَّرَارِيءِ دُرُّهُ

وَكَأَنَّ نُورَ الشَّمْسِ فِيهِ نُضَارُ

إِنْ تَمْضِ فِي الْعَلْيَاءِ نَفْسٌ حُرَّةٌ

فَهُنَاكَ لا حَدٌّ وَلا مِقْدَارُ

أَشْهَدْتَ هَذَا الْعَصْرَ مِنْ تَصْعِيدِهَا

فِي المَجْدِ مَا لَمْ تَشْهَدِ الأَعْصَارُ

لا بِدْعَ أَنْ تُلْفَى بِجَأْشٍ رَابِطٍ

وَالسَّاقُ تُبْتَرُ وَالأَسَاةُ تَحَارُ

أَللَّيْثُ يَزْأَرُ إِنْ أَلَمَّ بِهِ الأَذَى

وَسَكَنْتَ لا بَثٌّ وَلا تَزْآرُ

لوْ فِي سِوَاكَ شَهِدْتَ مَا كَابَدْتَهُ

لَمْ يَعْصِ جَفْنَكَ دمْعُهُ المِدْرَارُ

لَكِنْ صَبَرْتَ لِحُكْمِ رَبِّكَ مُسْلِماً

وَعرَفْتَ أَنَّ الْفَائِزَ الصَّبَّارُ

مَوْلايَ بُرْؤُكَ كَان يُمْناً شَامِلاً

قُضِيَتْ لأَوْطانٍ بِهِ أَوْطارُ

فَإِذَا أَصَابَتْ مِصْرُ حَظاً وَافِراً

مِنْهُ أَصَابَتْ مِثْلَهُ أَمْصَار

فَاهْنأْ بمُؤْتَنَفِ السَّلامَةِ لا تَلا

إِقْبَالَ دَهْرِكَ بَعْدَهَا إِدْبَارُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

726

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة