الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » سر العذارى منبيء

عدد الابيات : 68

طباعة

سَرَّ الْعَذارَى مُنبِيءٌ

عَنْ شَاعِرٍ لِلحَيِّ زائِرْ

فَقصَدْنهُ وَسَخِرْنَ مِنْ

زجرِ الأُمَيْمَاتِ الزَّوَاجِرْ

لِيرَيَنْ فِتْنَتَهُ الَّتِي

تُغْوِي الْعَفِيفَاتِ الْحَرَائِرْ

فَوَجدْنَهُ رَجُلاً مَلِيحاً

خَلْقُهُ حَسَنَ الظَّوَاهِرْ

لا شيءَ يَفْتَضِحُ النُّهى

فِيهِ كَمَا ادَّعَتْ النوَاهِرْ

وَلَعَلَّ فِي مَنْظومِهِ

آيَاتِهِ الْكُبَرَ السَّوَاحِرْ

فَسَأَلْنَهُ إِنْشادَ شَيْ

ءٍ مِنْ بَدَائِعِهِ الحَوَاضِرْ

فَأَطَاعَهُنَّ وَمَنْ تُرَى

يَعْصِي الْجَمِيلاتِ الأَوَامِرْ

فعقَدْن فِيمَا حَوْلَهُ

عِقْداً فَرِيداً مِنْ جَوَاهِر

وَتَنَاوَلَ الرَّجُلُ الرَّبَا

بَ وَفِكْرُهُ فِي الغَيْبِ نَاظِرْ

وَأَثارَ فِي الأَوْتَارِ تَغْرِيداً

كَأَنَّ الْعُودَ طائِرْ

ثُمَّ انْبَرَى يَرْوِي رِوَا

يَتَهُ وَتَتْبَعُهُ الخَوَاطِرْ

كَانَ الأَمِيرُ مُهندٌ

بطلاً شَهِيراً فِي الْعَشَائِرْ

مِنْ آلِ بَدْرَ الْبَاسِلِين

الْباِذِلينَ ذَوِي المَفَاخِرْ

يَنْضَمُّ تَحْتَ لِوَائِهِ

أَلْفٌ مِنَ الأُسْدِ الْقسَاوِرْ

رَجُلٌ كَمَا تَهْوَى المحَا

مِدُ خلْقُهُ وَالخلْقُ بَاهِرْ

ذو صَوْلَةٍ مَشْهُورَةٍ

بَيْنَ الْبَوَادِي وَالحَوَاضِرْ

وَشَجَاعَةٍ فِي القَلْبِ

تُخْفِيها الْعُذُوبَةُ فِي النَّوَاظِرْ

تَخْشى اللُّيُوثُ لِقَاءَهُ

وَتَوَدُّ رُؤيَتهُ الْجَآذِرْ

يَهْوَى فَتَاةً مِنْ بَنِي

حَمَدَ الْكِرَامِ ذَوِي المَآثِرْ

لكِنَّ بَيْنَ أَبِي الْفَتا

ةِ وَبَيْنَهُ ثَأْراً لِثَائِرْ

فسَعَى لِيَخْطُبَهَا عَلى

صُلْحٍ فعَادَ بِسَعْيِ خَاسِرْ

عَصَفتْ حَمِيَّتهُ بِهِ

ناهِيك بِالصَّب المخَاطِرْ

فغَزاهُمُ بِرِجَالِهِ

وَبكُلِّ ذِي ثأْرٍ يُضَافِرْ

وَتقاتَلُوا يَوْمَينِ لَمْ

يَظهَرْ مٍنَ للجَيْشَيْنِ ظَاهِرْ

حَتَّى اغْتَدَى ذاك الْعِرَا

كُ كَأَنَّه بَعْضُ المَجَازِرْ

فدَعَا مُهَنَّدُ لِلْبِرَا

زِ وَقَدْ تَحدَّى كُلَّ حَاضِرْ

مَا جَالَ إِلاَّ جوْلتَيْ

أَسَدٍ يُبَرْبِرُ وَهْوَ زائِرْ

حَتَّى انْبَرَى مِنهُمْ فَتى

مُتَلَثِّم ضَافِي الْغَدَائِرْ

فَتَجَاوَلا وَكِلاهُمَا

متَقحمٌ كَالصَّقرِ كَاسِرْ

سَرْعَانَ مَا حَطَمَا الرِّمَا

حَ فَأَعْمَلا بِيضَ الْبَوَاتِرْ

وَتَوَاثَبَا مُتَهَالِكيْنِ

كِلاهُمَا جَلْدٌ مُكَابِرْ

وَكِلاهُمَا مُتَخَضِّبٌ

بِدَمٍ وَلكِنْ لا يُحَاذِرْ

كَانَ المَلَثِّم لا يُخا

لِسُ مَقْتَلاً مِمَّن يُنَافِرْ

بَلْ يَبْتَغِي إِجْهَادَهُ

لِيَنَالَ مِنْهُ وَهْوَ خَائِرْ

مُتَحَرِّزاً حَتى تحَيَّنَ

نُهْزَةَ اللَّبِقِ المُدَاوِرْ

فَسَطَا عَلَيْهِ مُبَادِراً

وَالْفَوْزُ أَخْلَقُ بِالمُبَادِرْ

وَعَلاهُ فَهْوَ مُرَوَّعٌ

كَالشَّاةِ تَحْتَ رِكابِ نَاحِرْ

قالَ الأَميرُ غَلَبْتَنِي

أَفَلَسْتَ تَعْفو عَفْوَ قَادِرْ

فأَجَابَهُ مِنْ فَوْرِهِ

أَبْشِرْ فَإِنَّك أَنْتَ ظَافِرْ

وَنَضا اللِّثَامَ فَأَشْرَقتْ

شَمْسٌ أَشِعَّتهَا ضَفَائِر

كَانَتْ حَبِيبَتَهُ الَّتِي

خاضَ الرَّدَى فِيهَا يُخاطِرْ

فتعَاهَدَا وَتَعَاقَدَا

بِدِمَاهُمَا لا بِالخَنَاصِرْ

وتصَالحَ القَوْمَانِ فِي

عرْسٍ صَفتْ فِيهِ السَّرَائِرْ

مَرَّتْ موَارِدُهُم وَلكِنْ

بَعْدَهَا حَلتِ المَصَادِرْ

فأَطَافتِ الْفَتِيَاتُ فِي

فَلكٍ مِنَ الأَفْكَارِ دَائِرْ

وَشهِدْنُ تِلْكَ الْحَادِثا

تِ كَأَنَّ مَاضِيَهُنٌ حَاضِرْ

وكأَنهُنَّ رَأَيْنَ بِالْ

أَبْصَارِ ما رَأَتِ الْبَصَائِرْ

ثُمَّ اسْتَزَدْنَ فَزَادَ مَا

خلَبَ الْعُقُولَ مِنَ النَّوَادِرْ

حَتَّى إِذَا هَبَط النَّها

رُ كَحَطِّ رَاحِلَةِ المُسَافِرْ

خَتَمَ الْكَلامَ بِمَنْ حَدِيثُ

هَوَاهْ فِي الأَمْثالِ سَائِرْ

أَذْكَى وَأَبْلَغِ مَنْ عَرَتْهُ

جِنَّة لِهَوى مُخَامِرْ

أَوْلى وَلِيٍّ أَنْ يُقِيمَ

الْعَاشِقُونَ لهُ شعائِرْ

قَيْسٌ وَمَنْ كُفْؤٌ لهُ

بَيْنَ الأَوَائِلِ وَالأَوَاخِرْ

وَأَفَاضَ فِي وَصْفِ المُلَوَّ

حِ مَا يَشَاءُ هَوَى السَّرَائِرْ

إِذْ بَاتَ يَضْرِبُ فِي المَفَا

وِزِ وَهْوَ سَاجِي الطرْفِ حَائِرْ

كلِفاً طرِيداً لا شَفِيقَ

وَلا رَفِيقَ وَلا مُؤَازِرْ

إِلاَّ إِذَا مَرَّ الْغَزَا

لُ بِهِ فَيَأْنَسُ وَهْوَ نَافِرْ

يَبْكِي وَيَسْتَبْكِي بِشِعْرٍ

خالِصُ الدَّمِ مِنْهُ قَاطِرْ

وَيُعَلِّمُ الوَحْشَ الأَسَى

وَيُلينُ أًحْجَارَ المَقابِرْ

حَتَّى قَضَى فِي يَأْسِهِ

دَنِقاً مَشُوقاً غَيْرَ صَابِرْ

نَامَتْ نَوَاظِرُهُ وَلَكِنْ

قَلْبُهُ فِي الْقبْرِ سَاهِرْ

فَبَكَيْنَ قيساً ترْحَة

وَحَبِبْنَهُ مِلءَ الضمَائِرْ

وَنَظرْنَهُ فِي شَكْلِ مَنْ

أَبْكَى بِمَا هُوَ عَنْه ذَاكِرْ

ثُمَّ انْثَنيْنَ مُكَفْكِفَا

تٍ دَمْعَهُنَّ عَنِ المَحَاجِرْ

مُتَلَفِّتاتٍ نَحْوَ من

هُوَ مِثْلُهُ غَزِلٌ وَشَاعِرْ

كُلٌّ تَقُولُ بِلَحْظِهَا

يَا قَيْسُ إِنِّي بِنْتُ عَامِرْ

تَاللّهِ أَنْصَفَت النَّوا

صِحُ لَيْسَ هَذَا غَيْرَ سَاحِرْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

713

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة