عدد الابيات : 76

طباعة

أهلُ الصعيد إلى أوج العلا وصلوا

والناسُ تعلم ما حازوا وما حصلوا

إذ قدّموا العلم والأخلاق مذ وُجدوا

وفي المعالي همُ الأماجدُ الأول

شادوا الحضاراتِ كالأطواد شامخة

وتشهد الناس والأزمان والدول

ووطدوا المجد في ريفٍ وفي حضر

ولم تعُق سيرهم نحو العلا الغِيَل

همُ المغاوير لا تلوي عمائمهم

على الركون لمَن في جدهم هزلوا

وهم على بعضهم سِلمٌ ومَرحمة

سَمنٌ يخالطه في جَرّة – عسل

وهم خميسٌ على عدوهم لجبٌ

وليس يصرفهم عن حقهم خجل

وهم أسودٌ على من نال شِرعتهم

لأن ذلك مما ليس يُحتمل

وهم عباقرةٌ في كل معتركٍ

والناسُ دوماً بجهد الصِّيد تحتفل

وهم بواسلُ إن خاضوا معاركهم

فلا يُثبِّطُهم خوفٌ ولا وَجلُ

وهذه كتبُ التاريخ شاهدة

بأنهم صُبُرُ في الحرب إن نزلوا

والنصر رائدُهم في كل خندمةٍ

مهما تبعثرتِ الغاياتُ والسُّبل

يُكبدون العِدا ، وليس تأخذهم

بجندهم رُحُم ، فإنهم سَفَل

وما استكانوا لجبار ، أوامرُه

في كل صُقع مِن الأصقاع تُمتثَل

بل جندلوه وأجناداً له همَجاً

وتلك عُقبى الألى بالسوء قد شُغِلوا

وما استبدوا برأي في مجادلةٍ

كم يقتل الحقَّ رأيُ الفرد والجدل

بل المشورةٌ في الأمور ديدنُهم

ومن هنا وحدة القرار تكتمل

قبائلٌ أسلمتْ لله ، واتبعتْ

هُدى الرسول ، فلا جهلٌ ولا خَبَل

وسادةٌ رفعوا لواء وحدتهم

والجمع صدقاً على الرحمن يتكل

أمجادُهم في ربوع الأرض يانعة

تَزِينها القيمُ الشهباء والمُثل

قُراؤهم تملأ الدنيا قراءتُهم

وإن يكن عُمُدُ القراء قد رحلوا

هم الأساطينُ في القرآن تحسَبهم

صحابة من مَعين الوحي قد نهلوا

بلابلٌ صدحتْ بالذكر في ألق

صوتٌ تُرجّعه الأطيار والجبل

وفي القراءات أنغامٌ مرتلة

إلى المليك مدى الأزمان تَبتهل

يُحبّرون كتاب الله في ملأ

بما تسامِرُه أسماعُهم عملوا

واسأل أثير إذاعاتٍ تقدِّمهم

وعند جمهور مَن يُصغي لهم ثِقَل

يُعطرون إذاعاتٍ تتيهُ بهم

فهؤلاء لِوا القرآن قد حملوا

فمن يباري الألى بالسؤدَدِ انفردوا

عَز التشبيه ، وعز المِثل والمَثل

أراهمُ استأثروا بالمجد أجمعه

لا يستوي قارئ القرآن والهَمَل

نعمَ الرواياتُ قد أدوا شرائطها

بل استقاموا على الشروط ، واعتدلوا

قرّاؤنا من قرى الصعيد كوكبةٌ

من الغطاريف مهما شَوَّش السَّفل

وفي الصعيد نحاريرٌ أساتذة

بالعلم عن زهرة الحياة قد شُغلوا

ما رقَّعوا عيشهم يوماً بشِرعتهم

شأنَ الذين برب الناس قد عدَلوا

عاشوا لنصرة دين الله في ثقةٍ

وبالحنيفة رغم الجوع –  ما أكلوا

باعوا النفوس لمولاهم بجنته

ففي الجنان رغيدُ العيش والظُّلل

واستعذبوا الموت في سبيل عزتهم

وعن شهادتهم لمّا يكن حِول

مَن لم تكن في سبيل الله مِيتَتُه

يمتْ رخيصاً ، وبعد الموت يُرتذل

كم من شهيد ثوى ، وصِيته حسنٌ

وكم يُمتَّع بالحياة مَن سفلوا

والعلمُ يرفع أقواماً به شغفوا

ويَخفض الجهل من أعياهمُ الكسل

جاد الصعيدُ بأعلام لهم شرفٌ

بهم تحققَ للخلائق الأمل

أسفارُهم بصحيح العلم قد طبعتْ

لأنهم بلباب العلم ما بخلوا

بل ناولوه لمن يريد تبصرة

والله يعلم كم جادوا وكم بذلوا

في كل لون من العلوم قد نبغوا

وذي مآثرهم للمقتفي رُسُل

وفي القريض لهم باعٌ وتجربةٌ

وشعرُ معظمهم – والله معتدلُ

لم يعمدوا لخسيس الشعر ينظمه

مستشعرٌ قذرُ التفكير مبتذل

وفي الدواوين شعرُ الصيد مؤتلقٌ

الوصف والمدح والرثاء والغزل

والفخر والنقد والهجاء دون أذىً

والنصح سام ، وأسلوب لهم جزل

وشاعر الحق قد جلتْ مناقبُه

لأنه في الذي يدعو له رجل

وشعره يبعث الأطياف وادعة

وليس قط على الأيام يُبتذل

وفي الصعيد كفاءاتٌ مؤهلة

قريضها عَبِقٌ كالغيث ينهطل

وللصعيد على أشعارها أثرٌ

وهمة شمختْ تزفُّها النُّبُل

أرض التقاليد صاغ الدينُ سُؤدَدَها

والدار تشرُف بالتقوى وتعتدل

أرض البطولات ، والتاريخ مرتصدٌ

لِمَا أقول إذا أعمانيَ الزلل

أرض الكرامات في أسمى منازلها

والجد يُتحفها ، والكدح والعمل

أرض المبادئ قد عزتْ بكافلها

يا سعدَ قوم لهذا الخير قد كفلوا

أرض الحضارات ، والأعدا بذا شهدوا

والعصرُ يشهد ، ثم الناسُ والأزل

أرض السلاطين في شتى العلوم ، فكم

إلى الخلائق نورَ العلم قد نقلوا

واليوم أضحوا لمن يُزري بهم هدفاً

وكل وغدٍ عن الأعلام يفتعل

تُؤلَّف النكَتُ الرعناءُ في وضَح

عن الصعيد ، وفيها الدُّس مرتجل

والهازلون لهم في خوضهم طرقٌ

والمجرمون لهم في جُرمهم حِيل

والساقطون لهم دفاترٌ ملئتْ

بالنَيل من قمم الصعيد تُرتذلُ

كي يُضحِكوا الناس يغتالون سادتهم

وفي تطاولهم تُدندِنُ العِلل

أينسبون إلى الغباء مَن رشدوا؟

وكيف يَنسب مَن في الحُكم يَختبل؟

وكيف يَنعِتُ بالسوآى عباقرة؟

وهل يُجرّح آسادَ الشرى الوَعِل؟

وكيف يَحتقر الأباة مَن خبثوا؟

وهل يُسَدُّ بما قالوا به الخلل؟

وهل يُقَيِّم صعلوكٌ جهابذة؟

وسوف يُخرسه إن حاول الفَشَل

لن يقدر الشم إلا من يماثلهم

وليس بين الغُثا لجَهبذٍ مثل

تقاة أهل الصعيد الصِّيد منهجُهم

عن شرع رب البرايا ليس ينفصل

ولا يحاكَوْن في دين ولا خلق

لأنهم للهُدى والنور قد وصلوا

ما نَفعُ ألفِ كتاب يستهين بهم؟

وهل سيحجمُهم عن دَورِهم زجل؟

وهل يَضُرُّ كرامَ الناس من فسقوا؟

وهل تقاةُ الورى فيمن غوى سألوا؟

مازال أرذلُ أهل الأرض يلمزُهم

ويستهينُ إلى أن ضاقتْ به الحِيَل

وهل يَضُرُّ كرامَ الناس من فسقوا؟

وهل تقاةُ الورى فيمن غوى سألوا؟

والله سائل مَن في صِيتهم ولغوا

والكل يوماً عن الدنيا سيرتحل

فليستعد لمَا في القبر من مِحن

رباهُ فالطفْ ، أنا إليك أبتهل

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة