الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » وصية والدٍ لولده وهدية لولدي عبد الله!

عدد الابيات : 153

طباعة

صغيريَ أنصتْ للذي يَسْطرُ الفمُ

ولولا أحبُ الشبلَ ما كنتُ أنظمُ

تذكر وصاتي ، إنها اليوم منهجٌ

يسير عليه ابنٌ وفيٌ مُكَرّم

يُحَيّي الهُدى ، لا يستطيلُ سبيله

وليس خذولاً ، إنما الخذلُ عَلقم

يُضحّي لأجل الحق لا يرتضي الخنا

ولكنْ غلامٌ طيّبُ القلب قيّم

يُحب كثيراً والداً كم أرداهُ

عزيزاً أبياً ، بأسُه ليس يُهزم

يُوقرُهُ بين الورى في مشيبهِ

ويعمل بالنصح الأريب ، ويَفهم

ويَعرفُ حق الوالدِ المُحتفي به

ويحفظه ما جنّ ليلٌ وأنجم

ليلطفْ به المولى ، ويحمي جنانه

كأني به يدري الأمور ، ويعلم

تأمل ترى الأخلاق في كل مشهدٍ

يُذكرُك الآباء ، هل ذاك مُبهم؟

فهذا كتاب الله أنعم به هُدى!

وحكمة هادينا ، فداءٌ لها الدم!

فشمّرْ بُنيَ الشهمَ عن كل همّةٍ

فما المهتدي يوماً عن الشر يُحْجم

ولا المهتدي يوماً يُضل بفعله

ولكنه عند العزائم ضيغم

يُحبُ المليك البر ، يحيا لدينه

وأفعاله وفق الهُدى تتكلم

فأوصيك إني عن قريب مُفارقٌ

ويحمل ما أوصِي القريضُ المفخّم

وأنت لما أوصيك أهلٌ ، فغايتي

سماعُك لي ، ثم الرضا والترسم

فأقصرْ ، فإن العمر ماضٍ وراحلٌ

وبين الورى أنت الأشمُ المقدّم

فلا تنتظرْ من أمنياتك ما انطوتْ

على سرده هل في المنامات مَغنم؟

تمنيتُ ، حتى قيلَ أنيَ شاعرٌ

وداعبتُ آمالي ، وأمسيتُ أحلم

إلى إن رَمتْ قلبي الأماني بعلةٍ

وبُنيان أحلامي غدا يتهدم

فلما دهاني الشيب أنسِيتُ هاجسي

ونارُ الأسى في خاطري تتضرم

وأسعى ، وتسعى العائداتُ تحوطني

وأحبال شوقي للمُنى تتصرم

أراها ، فأبكي أنني كنت قيسها

ودمعُ الجوى فوق الأحاسيس سَيْجم

لقد كنتُ يوماً في الخيالاتِ سابحاً

تناغي فؤادي العف في الليل أنجُم

وفرطتُ في جنب المليكِ ، ولم أكنْ

على ما جنى قلبي من الوزر أندم

وقصرتُ في ديني فأغضبتُ خالقي

وليلي بشؤم الموبقات مُطلسم

شبابي أضعتُ الأمس في غير طاعةٍ

وعُمري بأوزاري مدى الدهر مُظلم

هجرتُ القراْن العذب ، لم أتلُ آيَهُ

وقد كان يهدي للتي هيَ أقوم

فأمستْ كلاب الأرض تنهش عزمتي

وأسلمني ذنبي لمن ليس يرحم

فذكّرتُ أيامي بماضي طفولتي

لكيلا يقول الناس: هذا مُحَطم

وجمّلتُ نفسي بادعاءات مُغرض

ولم يَدّكر صدقاً فؤادي ولا الفم

لذا لستُ أرجو أن أراك مضيّعاً

لأنك إن زلتْ مساعيك أسْقم

وأنت حُسامي ، إن دهتْني بلية

وأنت سلاحي ، إن دها الدارَ مُجرم

لأنك في دنيا البرايا ذخيرتي

وأنت متاريسي وجيشي العرمرم

وأنت رفاقي إن قلا الناسُ ساحتي

وأنت نقودي إن قلا الجيبَ درهم

وأنت قريضي ، واليراعُ ، وفكرتي

وأوزان شعري ، والشعورُ المتيم

وإنك بعد الله عوني وناصري

وإنك للعلياء دربٌ وسُلم

أدمْ ذكر رب الناس ، هذي نصيحة

فأرطبْ لسانَ العبدِ بالذكر تسلم

ووحّد إله الكون ، لا تُمسِ غافلاً

وفي ذاك خط الأحاديثَ (مُسْلم)

تعلمْ كتاب الله ، واعملْ بما حوى

وأكثرْ من الخيرات ، تُهْدى وتُلهم

ولا تشركنْ بالله ، أنت موحدٌ

فهل خيّرٌ مِن بالطواغيت يُغرم؟

وهل خيّرٌ مَن بالشياطين يقتدي؟

وهل خيّرٌ مَن شِركُه يترنم؟

وهل خيّرٌ عندَ المَزارات جاثمٌ

يلوذ ويبكي عندها ، ويُحَمحِم؟

وهل خيّرٌ مَن – للقوانين راضخ

ويرضى بها ، حتى غدت تتحكم؟

وهل خيّرٌ من باع ديناً ومِلة؟

وأمسى يُحل العُهر ، ثم يُحرّم؟

وهل خيّرٌ من باع داراً عزيزة

لأعدائه ، ثم انبرى يتمسلم؟

وهل خيّرٌ مَن لليهود حمامة

ولكنْ على أهل الحنيفة هيثم؟

وهل خيّرٌ من ذا يغني على المَلا

ويصحب موسيقاه ، والرقصَ يُضرم؟

وهل خيّرٌ من كان يُترع كأسه

بخمر الهوى والقلبُ بالغِيدِ مفعم؟

وهل خيّرٌ من سب ديناً وشرعة

ومازال في سمع الدنا يتهجم؟

وهل خيّرٌ يفتي بحِل مُحرّم؟

وكائن ترى في الناس من يتمعلم!

وهل خيّرٌ من قد تعبّد ماله

ومن يعبد الأموال غِرٌ ومجرم؟

وهل خيّرٌ من صوته بلغ السما

من الفحش بين الناس ، هذا مُذمّم؟

وهل مَن سعى عند الطواغي يدلهم

على المؤمنين الصِيد في السر مُسلم؟

وهل خيّرٌ من عزمه في الخنا جثا

وليس له في ساحة العيش مندم؟

وهل خيّرٌ من ليس يعرف ربه

ومَن مِن تكاليف الهُدى يتبرم؟

وهل خيّرٌ من دينه سَبّ عالم

بغير هُدىً كلا ، وها ذاك ألأم؟

وهل خيّرٌ من يشتري الصيت بالهوى

ومَن أمرُ تهويلاته ليس يُكتم؟

وهل خيّرٌ من باع – بالمال دينه

وللطين والأوحال يحيا ويطعم؟

وتلقاهُ ثرثاراً يؤز بقيله

ويقطع في كل الأمور ، ويَجزم

بُنيَ احترسْ ممن نصحتُ موجّهاً

فإن اعتزال الفاسقين مُحتم

وأنت التقيّ الفذ ، فاصحب موحّداً

وإنك في دنيا البرايا بُريعِم

وأبشرْ ، فإن الخير عُقبى من اتقى

وإنك بالخيرات حيٌ ومُغرم

وجيلُ المخازي في الأباطيل غارقٌ

فلا تتبعْهم طرفة ، أنت ضرغم

بُني تمسكْ بالكتاب وسُنةٍ

ولا ترجُ نوماً ، إنما النومُ أرقم

بُني تخلقْ بالتسامي فضيلة

ولا تصحب المِجهال ، هذا غشمشم

ولا تقطع الأرحامَ ، هذي مُصيبة

وفرّجْ كروبَ الأهل ، تسمو وتُكرم

ولا تجتنب إنكار منكر مُعلن

ولا تبق ردحاً في الأسى تتهينم

فعُمرك رب الناس مالكُ أمره

ورزقكَ في جوف السما يتبسم

وأنت رفيع القدر صدقاً ومؤمنٌ

وأنت بصيرٌ ، والطواغيت قد عَمُوا

فخذ من جميع الخلق ما فيه أحسنوا

ورُد عليهم صاح ما فيه أجرموا

على شرط شِرعة الله لا شهوة الهوى

توافقُ ما قال النبي المُعَظم

وتخلصُ في شأن النوايا لربنا

وهذا الذي من شبلنا أتعشم

أخافُ عليك الموت يأتي مُباغتاً

ألا يومُ موتِ المرء حقاً لأيْوم

وإنْ يدركِ المَرءَ المُقصّرَ حَتفُه

فسوف ترى أطرافه تتلعثم

وينخرس الحرفُ المريضُ مجندلاً

وقد كان لا يرضيه في الناس أبكم

تخاف الأذى روحي عليك من الورى

وليت مآسينا مِن الخلق تُحسم

وإني لمَا يُضنيك آسى ، وأشتكي

وفرحُك – عندي عنبرٌ مُتقوم

فلا ينفطرْ منك الفؤادُ على البلا

فإن انفطارَ القلب يكوي ويُؤلم

وإن ابتلاء الله – للخلق سُنة

وليس بلا قصدٍ ، كما تتوهم

فلا بد مِن تمحيص صفٍ موحّدٍ

لكي ينتفي منه البغيضُ المُذمم

فإن تصطبرْ ، تلق الجزاءَ مُضاعفاً

وهذا الذي في صاحبي أتوسم

تمرّستُ في دنياي ، حتى خبرْتها

فكل الذي بالدار وردٌ مُعندم

وسرعان ما ترميه بعد ذبوله

وصِنوان فيها ذو رياش ، ومُعدم

ويمضي قويّ القوم ، مثلَ ضعيفهم

كما ينزوي تيسٌ ، ويذهب ضرضم

فلا تبتئسْ ، إن فاتك العز يا فتى

فللعز أقوامٌ ، له تترسم

وما قيمة العز الذي يُذهِب الهُدى؟

وظني بأن العِز – بالجهل مَأثم

وما قيمة المال الذي يُذهِب الإبا؟

ولو أن أهل الأرض – للمال يمّموا

وطالعتُ أفكاراً وعتْها قريحتي

وناقشتُ أقواماً ، فضجّوا وأحجموا

وما كان حِلمي في النقاش بنافع

ولا كان لطفي في الجدال يُقدِم

حلمتُ كثيراً ، فاستحالوا أوابداً

وهاج كبير القوم – كالليث يهجم

فلم أنتحب كيلا يقولوا بنصرهم

ولكنْ غسلتُ العار عمداً ليعلموا

وأطفأتُ غيظي في مغاني غرورهم

وأظهرتُ كيداً لفقوهُ ، وأبرموا

وأعلمتُ قومي ، أنني اليوم واثقٌ

بنصر المليك الحق إن هم تشرذموا

وكابدتُ ، حتى جاءني النصر باسماً

وليس انتصارٌ – للمهازيل يبسُم

وعانيتُ في داري تحديَ أهلها

وإنّ معاناة الأقارب أشأم

وكان اعتزامي حزمَ أمري وحُرقتي

وإن لبيب الناس في التو يحزم

بُنيَ اغتربْ تلق الحياة لذيذة

ويعرفك مَن يسمو ، ومَن يتأقلم

كثيرون ذموا غربة وتغرّباً

ولكنني في غربتي أتنغم

نعم أحرقتني غربتي دون رحمةٍ

وما كنتُ مِن أشواكها أتظلم

وأثر في قلبي نفاقُ أحبتي

ومَن هم وأجنادُ الفراعين توأم

ولكنني عبر الدجُنّات لم أهِنْ

فقد كان شعري – للمآسي يُترجم

فكنتُ عزيزاً ، لم تمَس كرامتي

وكيف يُدسّى مَن له الله يعصِم

وأقوالُ أهل الحق نورٌ ونعمة

تنير مِن الهَدي الذي بات يعجُم

لقد صغتُ أشعاراً تَناغى أوارُها

وكانت حُساماً نصله ليس يُثلم

وكانت مناراً في اغترابي مُغرداً

وكانت رماحاً ، إن دَهى الدارَ ديلم

وكانت صُيودي مِن بحار عميقةٍ

طرحتُ شباكي ، ثم في العين مِرقم

فلمّا رأيتُ الصَيدَ يُلقِي طيوفهُ

ويُرسل أنساماً حياءً تتمتم

نظمتُ قريضي ، وادّهنتُ بعطره

وفيهِ تَخِذتُ الكوخ ، فالشعرُ قمقم

فإن القريض العفّ داري ، ورفقتي

وزورقُ أشجاني به متهيّم

هو الشعرُ لا يحيا بغير مَرارةٍ!

قروحٌ وأدواءٌ ، رياضٌ ومَأزم

عذابٌ وأفراحٌ ، وجرحٌ ومَوئلُ!

رماحٌ وأسيافٌ ، وطلحٌ وشبرُم

ونخلٌ ورمانٌ ، وشِيحٌ وكندرٌ!

وموزٌ وتفاحٌ ، وسَلقٌ وحِصرم

وليلى وقيسٌ وابن عوفٍ رسولهُ!

ونوقٌ وأكواخ ، وبيدٌ وشيهَم

ويومٌ كحيلُ الطرف صافٍ غديرُهُ!

وليلٌ كسيرُ القلب ثاوٍ وأسحم

هو الشعرُ كالدنيا يُضاحك تارة

وأخرى يؤز النفس أزاً وينقم

وإن ينفعلْ ، يعصفْ بحشدٍ يحوطه

وإن يتبسم ، فهْو الربابُ المرَخم

وإن يرض ، فالدنيا جميعاً عشيرُهُ

كأم رؤوم تمنح العطف ، ترحم

بُنيَ احترفْ شعر اليعارب ، إنه

إذا حاطك الأعداءُ درعٌ وصَيلم

وجاهدْ – به أهل التحلل والخنا

عساهم بما أنشدت أن يتفحموا

ونقح قريضاً قلته دون عدةٍ

فإن القريض العذب تمرٌ وغيلم

وخصمك مهزوم ، فعُدتك الهُدى

وشِعرُك عبْرَ الحرب سهمٌ ومِخذم

ومنْ يرتزقْ بالشعر يكسرْ يراعهُ

ومَن يتأدمْ – بالشعر أمسى يُخمخم

بُنيَ التمس في الناس زوجاً حصينة

تصون الوفا ، تسمو ، ولا تتمسلم

عليها حجابُ الخير عفٌ وسابغ

فلا ينظر العصماءَ ذي متجرم

تسير وسربالُ الحياء يلفها

وجلبابُها كث القماشة أيهم

تُصَلي ، فتكويها دموعُ ذنوبها

ودمعٌ لترتيل التقية مُسجم

لها روحُ صدّيق ، وتقوى مُوحدٍ

وعِز عليها ، ما رأى ذاك (رستم)

بُني اصطحب في كل حال – مقاله!

وزايلْ مقاماً فيه صرعى وخوّم

فإن لم تفاصلهم ملئتَ سَفالة

عسيرٌ على الأنذال أن يتفهموا

نفوسٌ على الأوهام أرغتْ وأزبدتْ

وقومٌ على الأعفان عاشوا ورمرموا

وإياك والهلكى ، فقاطعْ جموعَهم

فليلُ الكُسالى مُكْفهرٌ وحُلكُم

وحافظ على عمر يمر مودّعاً

وإن اجتهاد المرء – للخير يلزم

وإياك والصرعى على المال ، إنهم

صريعٌ جهولٌ ، ثم آخرُ غيشم

تلاقت على الدينار فيه ضمائرٌ

فبئس الورى والمنطقُ المتوخم!

فماتت قلوبٌ في أساها صريعة

إذ المالُ إنْ ولى ، لقد تتدمدم

فليست من الأخلاق تدرك ظلها

وأغلبها في حَمأة الذل يبصم

وكالمرأة الحُبلى تراهم تشوّقوا

لدينارهم ، والعز إذ تتوحم

ولم يشبعوا ، كلا ، ولم يتورعوا

ولم تُتخذ خوفاً – لديهم جهنم

أراني أطلت النصحَ ، والنصحُ واجبٌ

سأمضي ، ويُبلي الجسمَ دودٌ وكِلحِم

وحسبي نصحتُ الشبلَ والشبلُ منصتٌ

ونصحي غداً يعلو ضحىً ، ويُعمم

فلا تستطلْ نصحي بُني ، فحيرتي

بأن ينزوي خلف الدجى ، ويُؤمم

فكم من شعور صُغته في مواقفي!

وكم عن شعوري دفقة النور تنجم!

وكم من طيوب من سنا الذكر حِكتها!

وأطيافُ شعري من سنا العطر هُيّم

أُحذرُ أقوامي ، وألهبُ عزمهم

ولكنّ قومي من أسى القهر سُوّم

أسلي بشعري مَن بكربي تعللوا

وأصرخ وحدي ، فالمشاليل نوّم

أعيدُ على الأسماع ذكرى (ابن حنبل)

ولا يسمع الذكرى هنا متنعم

وأطلبُ منهم أن يُواروا عَوارَهم

إذ القدوة المثلى – لقومي بَلعَم

إذِ المال أودى بالنوايا وبالمضا

ولم يكُ جباراً ، ولم يكُ يُرغم

بُنيَ تخلقْ بالحنيفة تنتصرْ

فإن العُلا صرحٌ بها لا يُهَدّم

نصحتك ، فاعملْ بالذي قلتُ ، واعتبرْ

وحاذرْ مجاراة الغثا ، أنت أكرم

رجائي بأن تحيا لدين وشِرعةٍ

وإياك والنوكى ، فهم جدّ هُوّم

ختاماً لك الحبُ الكريمُ وقُبلة

وأبشرْ بخير يحتويك ، فتسلم

 

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة