الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » قد تلوى رفاقنا وبقينا

عدد الابيات : 43

طباعة

قَدْ تَوَلَّى رِفَاقُنَا وَبَقِينَا

يَعْلَمُ الله بَعْدَهُمْ مَا لَقِينَا

هَلْ مِنْ الصَّابِ فِي كُؤُوسِكَ سُؤْرٌ

قَدْ سُقِينَا يَا دَهْرُ حَتَّى رَوِينَا

أَوَدَاعٌ يَتْلُو وَدَاعاً وَتَأْبِي

نٌ عَلَى الإِثْرِ مُعْقِبٌ تَأْبِينَا

أَيُّهَا الشَّاعِرُ الَّذِي كَانَ حِيناً

يَتَغَنَّى وَكَانَ يَنْحَبُ حِيناً

حَطِّمِ العُودَ إِنْ كَرَّ اللَّيَالِي

لَمْ يُغَادِرْ فِي العُودِ إِلاَّ الأَنِينَا

أَنْ يُلِمَّ الرَّدَى بِمَيَّ غَدَاةً

يَا لَقَوْمِي بِأَيِّ خَطْبٍ دُهِينَا

طَالِعُ السَّعْدِ هَلْ تَحَوَّلَ نَوْءاً

يَبْعَثُ الرِّيحَ وَالسَّحَابَ الهَتُونَا

فَإِذَا مَا أَقَرَّ أَمسٍ عُيُوناً

قَرَّحَ اليَوْمَ بِالدُّمُوعِ العُيُونَا

نِعْمَةٌ مَا سَخَا بِهَا الدَّهْرُ حَتَّى

آبَ كَالعَهْدِ سَالِباً وَضَنِينَا

أَيُّ هَذَا الثَّرَى ظَفِرْتَ بِحُسْنٍ

كَانَ بِالطُّهْرِ وَالعَفَافِ مَصُونَا

لَهْفَ نَفْسِي عَلَى حِجىً عَبْقَرِيٍّ

كَانَ ذُخْراً فَصَارَ كَنْزاً دَفِينَا

إِيهِ يَا مَي أَسْرَفَ اليُتْمُ تَبْرِي

حاً بِرُوحٍ كَانَ الوَفِيَّ الحَنُونَا

فَقْدُكِ الوَالِدَيْنِ حَالاً فَحَالاً

جَعَلَ البِيضَ مِنَ لَيَالِيكِ جُونَا

وَرَمَى أَصْغَرَيْكَ رَامِي الكَبِيرَيْ

نِ فَذَاقَا قَبْلَ المَنُونِ المَنُونَا

أَقْفَرَ البَيْتُ أَيْنَ نَادِيكِ يَا مَيُّ

إِلَيْهِ الوُفُودُ يَخْتَلِفُونَا

صَفْوَةُ المَشْرِقَيْنِ نُبْلاً وَفَضْلاً

فِي ذَرَاكَ الرَّحِيبِ يَعْتَمِرُونَا

فَتُسَاقُ البُحُوثُ فِيهِ ضَرُوياً

وَيُدَارُ الحَدِيثُ فِيهِ شَجُونَا

وَتُصِيبُ القُلُوبُ وَهِيَ غِرَاثُ

مِنْ ثِمَارِ العُقُولِ مَا يَشْتَهِينَا

فِي مَجَالِ الأَقْلامِ آلَ إِلَيْكِ السَّ

بْقُ فِي المُنْشِئَاتِ وَالمُنْشِئينَا

أَيْنَ ذَاكَ البَيَانُ يَأْخُذُ بِالأَلْبَ

ابِ فِيمَا تَجْلِينَ أَوْ تَصِفِينَا

فِي لُغَاتٍ شَتَّى وَفِي لُغَةِ الضَّ

ادِ تُجِندِينَ صَوْغَ مَا تَكْتُبِينَا

أَدَبٌ قَدْ جَمَعْتَ فِيهِ عُلُوماً

يُخْطِيءُ الظَّنُّ عَدَّهَا وَفُنُونَا

وَتَصَرَّفْتِ فِيهِ نَظْماً وَنَثْراً

بِاقْتِدَارٍ تَصَرُّفَ المُلْهَمِينَا

تَبْتَغِينَ الصَّلاحَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

وَتُعَانِينَ شِقْوَةَ المُصْلِحِينَا

وَحْيُ قَلْبٍ يَفِيضُ بِالحُبِّ لِلخَيْ

رِ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يَهْتَدُونَا

وَيَوَدُّ الحَيَاةَ عِزّاً وَجُهْداً

لا يَوَدُّ الحَيَاةَ خَسْفاً وَلِينَا

فَهْوَ آناً يَبُثُ بَثّاً رَفِيقاً

يَمْلأُ النَّفْسَ رَحْمَةً وَحَنِينَا

وَهْوَ آناً يَثُورُ ثَوْرَةَ حُزّ

عَاصِفاً عَصْفَةً تَدُكُّ الحُصُونَا

يَنْصُرُ الْعَقْلَ يَكْشِفُ الجَهْلَ يُوحِي ال

عَدْلَ يرْعَى الضَّعِيفَ وَالمِسْكِينَا

أَيْنَ ذَاكَ الصَّوْتُ الَّذِي يَمْلِكً الأَسْ

مَاعَ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ تَقِفِينَا

فُجِعَ الشَّرْقُ فِي خَطِيبَتِهِ الفُصْحَ

ى وَمَا كَانَ خَطْبُهَا لِيَهُونَا

أَبْلَغُ النَّاطِقَاتِ بِالضَّادِ عَبَّتْ

بَعْدَ أَنْ أَدَّتِ البَلاغَ المُبِينَا

أَطْرَبَتْهُ وَهَذَّبَتْهُ وَحَثَّتْ

هُ عَلَى الصَّالِحَاتِ دُنْيَا وَدِينَا

بِكَلاَمٍ حَوَى الطَّرِيفَيْنِ تَنْغِ

يماً كَمَا يُسْتَحَبُّ أَوْ تَلوِينَا

قَدَّرَتْهُ لَفْظاً وَلَحْظاً وَإِيمَا

ءً بِمَا وَدَّتِ المُنَى أَنْ يَكُونَا

ذَاكَ فِي العَيْشِ مَا شُغِلْتَ بِهِ وَال

غِيدُ تَلْهُو وَأَنْتَ لا تَلْهِينَا

لَمْ تَرُومِي إِلاَّ الجَلِيلَ وَجَانَبْ

تِ الأَبَاطِيلَ وَاتَّقَيْتِ الفُتُونَا

وَجَعَلْتِ التَّحْصِيلَ دَأْباً وَآتَيْ

تِ جَنَاهُ فَطَابَ لِلمُجَتَبِينَا

فَعَلَيْكِ السَّلامُ ذِكْرَاكِ تَحْيَى

وَبِرَغْمِ البِعَادِ لا تَبْعِدِينَا

لاتِّحَادِ النِّسَاءِ فِي مِصْرَ فَضْلٌ

أَكْبَرَ النَّاسُ مِنْهُ مَا يَشْهَدُونَا

قَدَّمَ اليَوْمَ فِي الوَفَاءِ مِثَالاً

مِنْ مَسَاعِيهِ بِالثَّنَاءِ قَمِينَا

فَهْوَ يَرْعَى بِهِ لِمِيَّ حُقُوقاً

وَهْوَ يَقْضِي عَنْ البِلادِ دُيُونَا

يَا هُدَى أَنْتِ رَحْمَةٌ وَهُدىً لِلشَّ

رْقِ فَأَبْقَى لَهُ وَأَفْنِي السِّنِينَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

723

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة