أزالوا جنّتي ونفَوْا طُيوري ** فخارتْ بيتَها وبكتْ هُمومي
ومدُّوني وقد أهدَوا عُيوني ** بماءٍ لاثهُ سِلْمُ الخُصومِ
وإذ رَحَضُوا بمائي سلْسبيلا ** فقد نهَكَ الكُلى شربُ السُّمومِ
وضاءتْ خيْمتي فكبا خياليْ ** وضاءَ جوارُها فخَبتْ نُجومي
وما ليْ بعد خيلي منْ رسولٍ ** وما ليْ بعدَ نجميْ من كليمِ
وأجرَوا شارعًا في الدّارِ حتّى ** استحالَ البيتُ بيتًا للعُمومِ
وهدُّوا مسجدِي العمريَّ حتّى ** يُقيموا متحفًا باسمِ الزّعيمِ
وظنُّوا عُقدتي في نهجِ جدِّي ** وسيرتهِ ومنطقهِ القويمِ
فأُشبِعتِ المناهجُ بالحقوقِ ** الّتي كُتبتْ بخطّ يدِ الرّجيمِ
وأُبدِلتِ الشّريعةُ بانتماءٍ ** لإنسانيّةِ الغربِ الرّحيمِ!
وصار الفتحُ غزوًا واحتلالًا ** وأُخرجَ صحبُ طه منَ النّعيمِ
وقيسَ اللهُ في فصلِ الحُجومِ ** وأُلّهتِ الطّبيعةُ في العُلومِ
وما بخلوا على الزّهراءِ إذْ صُوْ ** وِرتْ بال “جينزِ" وال "كعبِ الحريميْ"
أما وقدِ ارتقتْ بنتُ الكريمِ ** فهيّا اخْلعْنَ ما فوقَ الجُسومِ
فإن جسومَكُنّ بلا هدومِ ** عليها نُصَّ في العهدِ القديمِ
ولا تنجِبنَ أطفالًا ليبقىْ ** القوامُ مهفهفًا سهلًا كريمِ
وما تحتجْنَ من عقدٍ عقيمِ ** به تُمسينَ طوعَ فتىً عديمِ؟!
بملهىً قيل مدرسةاقامو ** هُ دفعًا للنموّ المُستديمِ
وأُمِّمت الصِّحاحُ فلمْ يعُدْ شرْ ** حُها حكرًا على الرّجلِ العليمِ
وجُرّمتِ الملاحمُ باعتذارٍ ** لأقباطٍ وسُريانٍ ورومِ
وجُرّمَ خالدٌ وبن زيادٍ ** وعكرمةٌ وقعقاعُ تميمِ
وسُمّي طهَ أوّلَ داعشيٍّ ** ودينُ اللهِ بالوحشِ النّهيمِ
ودِيْنَ الخضرُ في بُطلانهم ذنْـ ** بهُ قتلُ الفتى دونَ جُرومِ
وذو القرنينِ في القيدِ انتظارًا ** كذلكَ حالُ أصحابِ الرّقيمِ
وطالَ المدحُ جالوتَ انتصارًا ** لأصلٍ أصلهُ أصلُ الجحيمِ
ونالَ الذمُّ هارونَ امتثالًا ** لقاهرِهمْ حبيبِ "رَعِ العظيمِ"!
بإعلامٍ يموّلُه غروبٌ ** يؤرقّهُ شروقٌ في قدومِ
وقُبّحتِ الجميلةُ من قِباحٍ ** إذا نطَقتْ بقافٍ أوْ بجيمِ
وسمَّوْا كلَّ فاطمةٍ بفيفي ** كذلكَ كلَّ شيماءٍ بميمي
ببلداتٍ يقاسُ الحُسْنُ فيها ** بما حوتِ النُّهودُ من شحومِ
وجاءوا بالغرابِ مغنّيًا كيْ ** يكفَّ عنِ الغِنا عبدُ الحليمِ
وما عادَ اليتيمُ مغنّي النا ** سِ مذْ أمْسَى يُغنّي للنّجومِ
وضمُّوا بلدَتي لمدينةٍ إنْ ** تزُرْها خلتَ أنّكَ في سَدومِ
كأنّ الدّهرَ ألقاها علينا ** وقد ضاقتْ بها نفسُ القديم
فآواها زمانُ بني نضيرٍ ** وخَصَّ بها يساريي الغريمِ
فألبسها اليسارُ ثيابَ أمٍّ ** فلسطينيةٍ نُسبتْ لرومِ
وجاءوها بأولادٍ تلقَّوْا ** علومَ العُهرِ في دُولِ الجَحيمِ
فعادتْ مجمعًا للعُهرِ يُكنىْ ** لُواطيُّوهُ عدوانًا بميمِ
وما أبقَوْا من الأيّامِ إلّا ** سويعاتٍ لتسليةِ القُدومِ
وما أبقوْا من الأجدادِ إلّا ** جُحا واللصَّ في الشّهرِ الكريمِ
وما أبقوا من الإسلامِ إلّا ** حكاياتٍ تُقدّمُ في رُسومِ
وما أبقَوا من الفُصحى سوى اسمٍ ** على غُلُفٍ ومخطوطٍ قديمِ
70
قصيدة