عدد الابيات : 114

طباعة

جادلْ عن المستشعرين ، وزوّرِ

واصبغ جدالك بالخداع وحوّرِ

وانصرْ على الحق الهُراء وأهله

وأطلْ دفاعك في النزال ونظر

واضربْ بسيفك هامة الشعر التي

شمختْ ، وعن ساق الترهُل شمّر

واقذفْ سهامك في البريئة ضادِنا

واطعنْ فؤاد الشعر دون تندر

وارم العَروض بكل رُمح غادر

وبكل وزن في القصائد شهّر

وانبشْ أيا أفاك قبر خليلنا

واسفكْ دم الأشعار يا ذا المفتري

ودَع القوافيَ في القيودِ مَهيضة

واشحذ أيا مُحتال نصل الخنجر

واحجُرْ على شعر الأعارب كله

حتى تجامل كل غِر مُمتر

وافجُر ، وصادرْ يا دعيّ تراثنا

عمداً ، وحاكمْ يا سفيهُ البحتري

وافقأ عُيونَ الشعر كي يرضى العِدا

واقدمْ إلى الهيجا بسيفٍ مُشهَر

وامحقْ عطا الخنساء والقوم الألى

طلعوا على الدنيا بشعر عبقري

وانسفْ بغير هوادةٍ ديواننا

وضَع القصائدَ في مَهبّ الصرصر

 حسان مات ، فروّجنْ ما تدعي

ومضتْ مِن الأعراب أمّة حِمْيَر

وشواعرُ الأعراب في جوف الثرى

والفارساتُ نعيْن بنت الأوزر

كُسر الحسامُ ، فلا تخفْ طعناته

وقضى البيانُ ، وغابَ جيش العسكر

وفوارسُ الشعراء بُحّ قريضُهم

وكما ترى أقلامُهم في المأسر

وخلا لك الجو الذي أمّلته

فاغمز حِصانك ، وانطلقْ كالقسور

هذا (عُكاظ) ، وقد غزا شعراءه

صمتٌ يُطمّع مَن يلوكُ ويمتري

و(مِجنة) يُغريك لينُ حديثهِ

فلكِ الكلامَ عن الغفاة ، وزوّر

وارفع على الأصقاع راية هازل

يئدُ الحقائقَ في الأنام ، ويفتري

وامحُ انتسابك للعُروبة ، إنها

قد أصبحتْ هدفاً لجيل المُكّر

مِن كل مرتكس يُزيل صِيانها

ويقضّ مَضجعَها  بفكر مُهتري

ويُبيد رونقها ، ويمحقُ شِعرها

حتى يُروّج للهُراء الجعظري

ويقول: إن السلم أخرَ مجدها

واقتادها بالرغم نحو المَقبر

فالبس عِباءة مَن تذرّع بالهوى

وادهنْ نفاقك بالهدوء ، وحبّر

سيُعيرُك المُتفلتون عزيفهم

من كل منتكس الرؤى مُتحجّر

ولسوف يغبطك القساة قلوبُهم

مِن كل مُبتذل النهى مُستهتر

تعس الحداثيون ، أسمَوْا هزلهم

شِعراً ، وزانوهُ ببعض تطور

والشعرُ يبرأ مِن رَكاكة مَن لغا

والهازلون اليوم أسوأ مَعشر

قتلوا عَمودَ الشعر ، ثم تعللوا

وصفوه بالمُستهجن المُتأخر

ذهبوا مَذاهب لا سبيل لوصفها

وقد افتروْا إثماً عظيم المَخبر

رمَوْا القريض بحربةٍ في قلبهِ

وأصاب أشقاهم برئ المَنخر

طعنوا التراث بما لديهم مِن هُراً

والشعرُ جزءٌ مِن تراثٍ نيّر

سَفكوا دماء شعورنا وشِعارنا

واغتال شِعرَ العُرب مَن لم يَشعر

أكلوا نضارة ضادِنا بشراهةٍ

أبئسْ بسعي للقطيع مُتبّر

وتقاسموا دَوْراً يشوّه حُسنها

وغدتْ لهم كتبٌ تشدّ المُشتري

لحساب هُود يعملون ، ولا حيا

والشعرُ أصبح مَوْئلاً للمُنكر

لم يضبطوا وزناً بأي قصيدةٍ

وكذا القوافي كاليباب المُقفر

والفكرة انحدرتْ لقعر حضيضهم

وكبيرُهم يهتاجُ فوق المِنبر

سُوءان: في فكر ، وفي تفعيلةٍ

خافٍ ، وآخرُ ظاهرٌ لم يُضمر

قبحان: قبحٌ في المبادئ جاسمٌ

والآخرُ المأفونُ بين الأسْطر

برئوا مِن الشعر الأصيل يسوقه

فحلٌ يزودُ عن التراث الخيّر

الشعرُ يا أوغادُ أغنية لها

وزنٌ وقافية وفكرة مُبصر

وله رسالته التي لا ترعوي

لمُراد (كسرى) أو لمَنهج قيصر

وله شمائلهُ التي يزهو بها

وله بريقٌ ساطعٌ كالجوهر

وله فنونٌ لا يُحيط بعِلمها

إلا الأديبُ الألمعيّ العبقري

وله سُموٌ لا يُنال جنابُه

وله شذىً في الجو مثلُ العنبر

وله قوافٍ ينتشي طرباً لها

وله بحورٌ ذللتْ للمُبحر

وله احتفال بالبديع يزينه

حتى غدت أبياته كالأزهر

وعذوبة التركيب في إيقاعه

تزجي الترنمَ للقريض المُزهر

وطلاوة الإيحاء في تصويره

يشدو الوضوحُ بها كصبح مسفر

وحلاوة الأشعار في صدق الصدى

أمرٌ يَروقُ لذاكر مُتدبر

وسُيولة الأفكار تهدي عِطرها

شعراً بهيَ المُلتقى والمَنظر

وتناغمُ المَعنى يُزخرف جرْسَه

أمرٌ يَطيبُ لراشدٍ مُتفكر

فيم الدفاعُ عن الحداثة منهجاً؟

ولم الجدالُ عن الخنا والميْسر؟

ولم التشدقُ بالتحرر مذهباً؟

ولم التنطعُ في اللجاج الأبتر؟

خرّبتمُ الفصحى ، فكانت فتنة

وسكنتمُ للكيد أخزى أوكُر

ورأيتكم أسْداً على ضاد الهُدى

ولأنتمُ والله أشقى جَيْهر

لحساب مَن تتنكرون لشعرها؟

ولأجل مَن يا جوْقة المُستعمر؟

وعلى الأنام خرجتمُ بهُرائكم

يصف التبختر في القوام السَمهري

ويُضخم الفسق الشنيع ، ويرتدي

ثوب الحضارة فوق أنكى مِئزر

جمع التحللَ في الكلام مع الخنا

يا خيبة المُتفيهق المُستشعر

لا فكرة يحوي الكلامُ ولا هُدىً

لكنهُ لغوٌ وشرُ تحرر

هم حرروا ألبابهم مِن دينهم

وتحرروا مِن نحونا والأبحُر

وإذا لهم كتبٌ تُداوَلُ جهرة

قد خاب مَن يُصغي لهم ، أو يشتري

وحناجرٌ مِن ربها لا تستحي

وضلالهم يُلقى بصوتٍ أجهر

والأمسياتُ لهم بغير مُنازع

وبُخورُهم يحتجُ فوق المِجمَر

دجَلٌ وعربدة وعُهرٌ كالحٌ

والويلُ مدخرٌ لمَن لم يَعهر

ودعارة يندى الجبينُ لذكرها

والقيدُ مُرتصدٌ لمَن لم يَدعر

حتى النساءُ خلعن مِلحفة الحيا

وكأن أبقاراً بدتْ للأثؤر

والحفل باللاشعر يُشجي أهله

وعلى الحضور طغى احتساءُ المُسْكر

حتى خيوط الفجر يلغو جمعُهم

أبئسْ بجمع مُعرض مُستسخر

ضل القطيعُ ، وخاب سعي غفاتهِ

إنا نعاقبُ بالقطيع المُدبر

تباً لمَا صاغتْ قرائحُ عِيرهم

شر الورى عاشوا بأخبث أدؤر

شِعر التفاعيل الذي قد لفقوا

لغوٌ تذرعَ بالضلال المُجتري

وأراه لا شعراً ، وأحلف بالذي

خلق السماء ، وشقّ كل الأنهُر

هذا العزيفُ بقضه وقضيضهِ

والشعرُ يبرأ مِن دعاةِ تحضّر

الشعرُ أوزانٌ وقافية تُرى

وقضية تُلقى بكل تدبر

ما كان قد وسِعَ الأعاربَ قبلنا

إي فليسعْنا اليومَ دون تنكر

أما اتخاذ الغرب أسمى قدوةٍ

فهُو الشقاءُ ، وإن تطاول مُفتر

إن خرّبوا أشعارَهم ، فلأنها

هزلٌ أحيط ببأسه المُتجبر

لم يكتبوا شعراً له مِعيارهُ

لنقول خاضوا في القريض المُزهر

والمُفلسون اليومَ في تقليدهم

نشطوا بدون تمعّن وتفكّر

فاقوا الكِفارَ تميعاً وتحللاً

كلٌ توشحَ في السباق بمِزهر

 مارينتي لم يأت الذي كتبوه مِن

فجْر تمخض في الدنا عن مُنكر

لمّا يسُب الله (بودليرُ) الذي

جعلوه أسْوتهم بكل تأثر

وكذاك (جوستافُ) انبرى في شِعره

للواقع المُنحط دون تحيّر

ومضى يُندد بالفضائح أهله

يأتونها علناً ولم يتنكر

وأسأل عن (الفِرلين) يَهدي قومه

لمعيشةٍ مُثلى ونهج مُثمر

وأسأل (ملارميهَ) عن أفكاره

لم يدعُ للتغريب مِثل المُكّر

واسأل (ما يا كو فسكي) عن أهوائه

تلك التي جارت بكل تبختر

إذ لا يُلام على شناعة ما دعا

فالكفرُ بالرحمن أعتى مُنكر

وادرس (أدونيسَ) الذي فاق الألى

سبقوه ، والتضليلُ تحت المِجهر

فلقد تبنى البنيوية مَسلكاً

ولها حِوارٌ شذ خلف الأبؤر

تعسَ الحِوار ومَن يُحاور والفنا

واشؤمَ جمْع مُقرفٍ مُتهور

بعِدتْ رموز القوم بُعدَ لهاثهم

أبئسْ بجمع في الخراب مُيَسّر

هم في دماء الضاد باعوا واشترَوْا

رباه حُل بين الغثا والمَتجر

شتان بين دم حَصين مُكْرم

ودم بغيض في الخلائق مُهْدر

لا شعر إلا ما تلتْ خنساؤنا

أكرمْ بشعر في الهُدى مُتبحر

لا شعر إلا ما شدا حساننا

أحلى لديَّ مِن الحَلا والسكر

أعلمت ما سطرته ، يا صاحبي؟

من أجل ذلك مِن حديثك أقصر

وزنِ المقالة: لفظها ومرادها

وانظر إلى أبعادها والمِحور

لا تعطِ للحمقى حُساماً صارماً

كي يطعنوك ، وما ذكرتَ تدبر

إني أعيذك أن أراك مُفتناً

أسفي على مُتلوم مُتحسر

جادلت عن تخريفهم ، فتعنتروا

أتراهمُ بلغوا مكانة (عنتر)؟

مازالت ترفعُهم ، وترفعُ رجسَهم

وهمُ وما كتبوا كَرَوْثِ الجؤذر

حتى تمادَوْا في الضلال ، وناوروا

وكبيرُهم قد خاب مِن مُستشعر

وعلى هُدى أسيادهم سحبوا المُدى

وكأننا يا صاحبي في مَجزر

تبْ للمليك ، ولا تنافحْ عنهمُ

أنعمْ بتوبةٍ مُستكين خيّر

لولا أحبّك لم ألمْك لحيظة

أو دون ذلك بالقريض المُزهِر

فدع الهُراء ،  وعدْ لمَا علمتنا

فكتابة اللاشعر أكبرُ مُنكر

لا تحتسبْ شعراً هراءً صغته

ما أنت يا أستاذنا بالمُفتر

إني نصحتك ، والمُهيمنُ غايتي

فارجعْ لرشدِك رابحاً يا عبقري

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة