عدد الابيات : 144

طباعة

إن الجميلَ – لدى الأوباش مُندحِرُ

لأنهم – لمدى المعروف – ما قدروا

أعماهمُ الطمعُ المقبوحُ ، فانتكسوا

وبالتنكر – للمناقب افتخروا

فما لهم هِممٌ تسعى لمَكرُمةٍ

وما لسعيهمُ – إن هم سَعَوْا ثمر

ولا تراهم إذا عنتْ مواجهة

همُ التخاذلُ ، إن غابوا وإن حضروا

يستمتعون إذا سادتْ بُلهنية

دوماً ، وإن عاهدوا في جهرهم غدروا

والخلفُ ديدنهم – عمداً – إذا وعدوا

وإن تعددتِ الآياتُ والنذر

والكِذبُ طابَعُهم – صدقاً – وإن نطقوا

لفظاً ، وإن خاصموا مُوحّداً فجروا

والغِش دربٌ لهم يفدون تربته

وبالمعاصي – أمام الخلق – قد جهروا

أما إذا اؤتمنوا خانوا أمانتهم

وللعواقب – في الأمور – ما نظروا

إن استعان بهم مُضيّقٌ ظلموا

وبالذي يرتجي جوارَهم مكروا

همُ الغفاة ، وتغشى الأرضَ غفلتهم

وفي الوجوه الأسى والجهلُ والقتر

همُ العُتاة ، وقد شط العُتو بهم

والظلمُ طفّ ، وغمط الناس والبطر

همُ القساة ، وخلقَ الله ما رحموا

والدارُ مِن جورهم تشقى وتستعِر

همُ الجُفاة ، فلا عطفٌ به عُرفوا

والقلبُ من قسوة الأوباش ينفطِر

همُ العُراة ، وإنْ أثوابُهم برجتْ

فوق الجسوم ، فبئس الحجبُ والسُتُر

همُ الحُفاة ، وإنْ نعالهم لبستْ

بئس الجلود وبئس الشَعر والوبر

همُ التبَذل ، إن صلوا وإن بذلوا

مالَ الزكاة ، وإن حجّوا أو اعتمروا

همُ الأراذل ، لا يعلو بهم أحدٌ

وكل منتسب للعِير مُحتقر

همُ السفولُ ، فلا شأنٌ ولا شرفٌ

همُ السقوط بدا ، واللؤمُ والدَبر

همُ الضياعُ تمطى في مهالكه

وسالكٌ دربَهم يُودي به الغرَر

همُ الوضِيعون بين الناس أجمعهم

وما لهم مبتدا – كلا – ولا خبَر

همُ الأذلة إن فقرٌ تعقبّهم

أما إذا شبعوا مِن الغنى بطِروا

همُ الأخِسّة – بالإيقاع – قد عُرفوا

لأنهم لكِتاب الله قد هجروا

لا يفقهون – من الآيات موعظة

وإن تلوْها فما انصاعوا ولا اعتبروا

المُعرضون إذا صاح النذيرُ بهم

فهل تُحَرّكهم – في الغفلة البُشُر؟

المُفترون إذا قالوا ، وإن صمتوا

غالوا ، وإن غلطوا واللهِ ما اعتذروا

المُمترون وإن الشك قاتِلهم

وما لهم مِن لظى التشكيك مزدجَر

المُعتدون بلا حق يُبرّئهم

والسافكون دماءَ الصِيدِ إن نفروا

المُهدرون دماً حقتْ حَصانته

والهادمون لمَا أسيادُهم عمَروا

المُسقِطون حقوقَ الغير دون حيا

وطالبُ الحق منهم سوف ينتحر

لا يرعَوون لدِين – عز – أو خلق

وجمعُهم – لِسَنا الأخلاق مُفتقِر

لم يعلموا لنقولَ القوم قد علموا

وحشدُهم – بسواد الجهل مُشتهِر

لا يحملون بشاراتٍ ، فنغبطهم

وكيف يُسدي الهنا مَن ليس يبتشِر؟

لا يرفعون لواء السلم إن رتعوا

لذا دواؤهمُ الهندية البُتُر

منحتُهم ثقتي وجُل تجربتي

وكل وقتي وأموالي ، وما شكروا

وجُدتُ لم أدخرْ شيئاً لنائبةٍ

وكنتُ أحتقر الإنسان يدخر

أعطيتُ ما خصّني رب الأنام به

وكنتُ بالخير – للأوباش أبتدر

رغم الخصاصة كم آثرتُ ، ما بخلتْ

نفسي لأجبر كسراً ليس ينجبر

رغم افتقاري إلى الأموال جُدتُ بها

والبَر يُنفق ما إليه يفتقر

ضحّيتُ بالكل كي يرضى حثالتهم

بئسَ المعارفُ والأهلون والزمر

فتحتُ قلبي وبيتي كي أقرّبهم

وكم تحمّلتُ ، والكريمُ يصطبر

قرّبتهم أبتغي أهلاً أسُود بهم

فخاب ظني ، وما قد كنتُ أفتكر

أدخلتهم في شِغاف القلب مُغتبطاً

وفي الشغاف لهم كم حِيزتِ الدُرَر

وفي السُويداء كم وقرتُ أكبرَهم

هو الأمانيْ زهتْ ، والسمعُ والبصر

ولامني الناسُ أنْ هذي مبالغة

وذات يوم – مِن العلياء تنحدر

وأشهرَ القومُ في وجهي نصائحهم

كيلا يُزيل صِياني الخسرُ والضرر

وأعلموني بعُقبى ما أمارسُه

من المخاطر لو قد حل بي الخطر

لكنني كنتُ مأخوذاً بمَن نبذوا

نورَ المليك ، وبالإفلاس قد ظفروا

أوليتهم خاطري المُلتاعَ ، أحسبُهم

نعم الرفاقُ ، وهم كرامتي نحروا

أحببتهم حب مَن يرجو مَودتهم

وفي البرايا بهم كم كنت أفتخر

وكنت أنشرُ في فخر مناقبهم

وهم لخيري ورب الناس ما نشروا

بل شوّهوا صورتي في كل حاضرةٍ

وفي البوادي ، وزيفٌ كلّ ما ذكروا

وأفهموا الناس أني مِن قبيلتهم

بئس القبيلة والأحلافُ والنفر

وقد أعانهُمُ ما عشتُ مِن مِحَن

مِن هولهن شِغافُ القلب تعتصر

لم يبذلوا جهدهم في حل مُعضلةٍ

مِن بأسها عزمتي الشهباءُ تحتضر

ما خصني نصفُ ما أسديتُ مِن كرم

كلا ، وما نالني منهم ولا العُشُر

تذكّروا حقيَ المغصوبَ مِن زمن

وغصبُ حقيَ أمرٌ باسلٌ عَسِر

تذكّروا جود مَن في الله أكرمكم

إن اعترافكمُ بالجُود مُعتبَر

تذكّروا – إن جهلتم – بعضَ مَنقبتي

فإنما النفس – بالتذكير تزدجر

عُودوا إلى صفحاتٍ حِبرُها ألمي

والعاقلُ الفذ – بالتاريخ يدّكِر

عانيتُ وحدي ، وأنتم في ترفعِكم

عن العطاء ، ألا غالتكمُ الغِيَر

هيا اقرأوا ما مضى مِن عطب سيرتنا

لو كان تنفعكم – في الغفلة السِيَر

أشقيتُ نفسي ، وأنتم في تنعّمكم

مستأنسين ، ولي – بين الورى سقر

لمّا تزرْ مُقلتي – في ليلة سِنة

والدمعُ يلسَعُها ، كأنهُ الشرر

والعينُ تبصرُ ما تأتون من كُرب

إذ لم يفارقْ حِياضَ المُقلة النظر

إني تمرستُ في تاريخكم دَهِشاً

فجُله كَدرٌ ، من فوقه كدر

خلائقُ الله من تلفيقكم برئتْ

والجو مِن عفن التلفيق مُعتكر

إن الحقيقة – بين الناس مُعلنة

وإن باطلكم – في اللحن يستتر

تُبدون للناس حقاً ناصعاً ألِقاً

وفي ثناياه وعظ بعضُه عِبَر

وتطرحون عِباراتٍ مُنمقة

يحلو الحديث بها ، ويَعذبُ السَمر

يَحار في قولكم مَن كان يُشبهكم

ماذا يصدّق مِن قِيل وما يذر

والفذ يعرفكم في لحن نبرتكم

فما لإفكِكُمُ – في قلبه – أثر

مهما صنعتم مِن التزوير ملحمة

فجُلها عُجَرٌ تعنو له بُجَر

ألا تحسّون بالتدمير يَدهمُكم

وليس يَنفعُكم مَهلٌ ولا حَذر

ألا ترون جميع الناس تهجرُكم

وفوق أرؤسِكم تهاوتِ الدِرَر

فكيف تحيَوْن في ذل وفي غصَص؟

ألستمُ بشراً يأوي له البشر؟

ألا تحسّون – بالدنيا تبعثرُكم

على الدروب ، فلا مأوى ولا وَزر؟

ألا ترون كِرام الناس تلفِظكم؟

أم أن أعيُنكم أودى بها العَوَر؟

إني لأسأل ، والأيامُ تشهدُ لي

والدارُ تشهدُ ، والأحداث والحُجَر

وأنسجُ الشِعر  ، أنوي فضْحَ باطلكم

وفي قريضيَ صَحّ الخُبْرُ والخَبَر

نارٌ هو الشِعر في دنيا تدسُسِكم

منها تطايرت الجمْراتُ والسُعُر

أسطرُ – اليوم – ما قاسيتُ مُحتسباً

عند المليك ثوابُ الشِعر مدخر

جلّ المهيمنُ مَن آوي لنصرته

إن المليك – على نصري لمقتدر

كان ابتلاءٌ مِن الرحمن ذدتُ به

هدىً ، وإني بكل الحب مصطبر

أواجه – اليوم – أوباشاً بُلِيتُ بهم

ولستُ أعبأ إن قلوا ، وإن كثروا

إني أذكّرهم أرجو مَثوبتهم

والمؤمنون إذا ما ذكّروا ذكَروا

أتوْا فِعالاً – من الأخلاق – قد برئتْ

تعَافُ مِن ذكرها الحميرُ والبقر

وحدي أقرّعُهم – دوماً وأكبتهم

لأنهم كابروا ، وخاطري قهروا

وحدي ألقنهم درساً وموعِظة

شعراً تبايعُه السيوفُ والسُمُر

شِعراً يُعيد حقوقاً طالما غصِبتْ

والغاصبون ألا خابوا ألا خسروا

شِعراً يرد هجومَ العِير منتصراً

وإنْ هُزمتُ ليَ الأشعارُ تنتصر

شِعراً هو البحرُ يُهدي الخيرَ مبتسماً

وطاب منه العطا والوِرْدُ والصَدَر

شعراً هو الليثُ لا تمَسّ لِبدته

على العَرين يهيم الوَشْيُ والحِبَر

شعراً هو السيف يمحو بأس مَن رفعوا

يد العداء وبالدناوة اشتهروا

شعراً يُنيرُ دروباً طالما حَلكتْ

كما يُنيرُ الدجى – في ليله القمر

شعراً يُزيلُ الأسى مِن قلب مُبتئس

مِن بعد ما هدّه في كربه الضجر

شعراً يُرَجّع لحنَ النصر أغنية

هي الكرامة والإقدامُ والظفر

شِعراً به تزدهي الورودُ يانعة

والزرعُ والعشبُ والأشجارُ والزهر

شِعراً به الأرضُ تعطي كل زخرفها

تحيا به ولهاً ، كأنه المطر

شِعراً يُفصّل ما لاقيتُ مُغترباً

يُطيل نثر الجوى ، وليس يختصر

شِعراً يُبدد نوماً كله شجنٌ

حتى يَطيبَ مساء الفرح ، والسهر

شِعراً هو الفل والريحان ، فاح به

بوحُ القوافي ولحنٌ مُطربٌ عَطِر

شِعراً سَفينُ المَضا – في البحر مَركبُه

تسعى تعضّدها الألواحُ والدسُر

شِعراً طليقاً له الآفاقُ شاخصة

وليس في لجَج الأهواء ينحصِر

شِعراً له فلكُ الجوزاء مملكة

تعنو البروجُ له ، والأنجمُ الزهُر

شِعراً يفيضُ ترانيماً ومَعدلة

بين القريض ، كما في شَعبه عُمر

شعراً يشع بياناً مِن ترائبه

فيهِ تنوعتِ الألوانُ والصور

شعراً مَقاطعه طابت لطاعمِها

فيهِ تعطرتِ الأبياتُ والفِقَر

شعراً هو الفصلُ ، لا هزلٌ يُخالطه

وذنبُه عند من يتلوهُ مُغتفَر

شعراً حشيمُ الرؤى ، لا عُرْيَ يَدْحَرُه

والشعرُ بالعُرْي مَجنوز ومُندحر

شعراً عِباءته مِن لحم كاتبه

صِيغتْ ، وبالعَظم شِعرُ العفّ مُؤتزر

شعراً مثوبته – عند المليك غداً

نعم الثوابُ ونعم الفضلُ والأجَر

شعراً يُسامح مَن يسمو اليَسارُ به

ومَن يُناوئْهُ فهْو السهمُ والوَتَر

شعراً يُعالجُ كسرَ الود يَجبرُهُ

والود – بالخِسة الرعناء منكسر

شِعراً يُقِيم – على الباغين حجته

إن المَحَجة – بالتدليل تزدهِر

شعراً يجود بخير في سرائره

كما يجود بأثمار له الشجر

شعراً – على خوْخة التفهيم منفتِحٌ

وما استبد به – في المحنة الخدَر

شعراً هو الحِيلة المُثلى إذا عجزتْ

كفّ البريء ، وأضنى عزمَه الصبَر

شعراً يُبيّنُ ما الأوباش قد فعلوا

عساهُ يوماً – على الأصقاع – ينتشِر

شعراً يردّ اعتباراً بعد غيْبتهِ

وغاصبوهُ – على التوهين – قد فطِروا

شعراً أراهُ عزائي إصرَ نائبتي

إن زارني الشيبُ ، أو غالى بيَ العُمُر

شعراً هو المَرفأ الأسمى لمركبتي

إن طالتِ الرحلة العصماءُ والسفر

شعراً هو الطهر إما رمْتُ مَطهرة

في قوم سوءٍ عَتوْا دهراً ، وما طهُروا

شعراً مَعينُ التقى والبر دولتهُ

وأهله الصِيدُ لا عُرْبٌ ولا حَضَر

شعراً أفاقتْ – على التوحيد ثورتهُ

ما غالهُ بَلَهٌ يُزْري ولا سَكَر

شعراً يُحب قضاءَ الله خالقه

حُباً يَتِيه به النصيبُ والقدر

شعراً يردّ جميلَ العَف تبصِرة

بما جنتْ عُصبة الأوباش والتتر

شعراً هو الصحبُ إن ضنّتْ معارفنا

عن العطاء ، فما آوَوْا وما نصروا

شعراً شمائله تُقري مناقِبه

فحبّذا النصُ والموضوعُ والفِكَر

وحدي أواجهُ – بالأشعار – مَن هزلوا

ومَن – على جُثتي – للعِز قد عَبَروا

وحدي أجابهُهم ، والله يلطفُ بي

والنصرُ أوشك ، والأقدارُ تختبر

عقدٌ ونصفٌ ، وهم نارٌ تحَرّقني

بئس الجُناة طغوْا ونِعمَ مُحتضر

ما عدتُ أحتملُ الإذلالَ يَسحقني

لأنني رجلٌ قد زارني الكِبَر

صداقة ما لها كبيرُ فائدةٍ

ورفقة ما لها – في خاطري أثر

وصحبة جدّعتْ أنفي وأنفَ أبي

وليس – في الصحب – لي نفعٌ ولا وطر

تقاسَم الصحبُ مِيراثي وقد علموا

أن ليس وازرة وزرَ اْختها تزر

وقد جُعلتُ لهم غنْماً ونافلة

وفوق قبري ترابَ الخذل قد نثروا

وقد أماتوا سَنا ذكرايَ ، وانتقموا

مِمّن يُعدّد معروفي ويفتكر

وأوسعوا الاسمَ تشويهاً وتشفية

كأنني وقِحٌ ، أو أنهم غجر

وأشبعوا الأهلَ تحقيراً وتصفية

وقبرَ تكرمتي – يا ويحهم حفروا

رباهُ أنت على مَن نالني بأذى

ومَن على ذلتي – في الخلق يأتمر

الله بيني إذنْ وبين مَن ظلموا

سبحان ربك – للمظلوم ينتصر

وحسبيَ اللهُ ، إن الله مطلعٌ

مَن ذا على نصرتي سواه يقتدر؟

ونعم ربي وكيلاً ليس يُعجزه

شيء ، تبارك فوق العرش مُقتدر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة