الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » رسالة إلى سائق متهور

عدد الابيات : 103

طباعة

أيها الراكبُ متن الجوْر فردا

إن يوم البعث آتٍ فاستعدا

أنت مخدوعٌ ، ترى الرملَ عقيقاً

غرّك الكِبْرُ الذي ألبستَ بُردا

عابثٌ أنت ، ترى الخلق تراباً

كل حر لك بات اليوم عبدا

مجرمٌ تقتاتُ إجراماً وظلما

وعُتلٌ تحسِب التدجيل رُشدا

نقش الكِبرُ على خديْك رمزاً

مستبيناً ، فظننتَ الرمز مَجدا

والخيالاتُ على دربك شتى

والأحاجي تقرأ التدشين وِردا

والأضاليلُ إلى قلبك تهفو

تفعِم القلبَ جهالاتٍ وحِقدا

والأراجيفُ بما أنجزتَ تشدو

والشياطين غدت للغِر جُندا

والأماني في عيون النذل كهفٌ

أصبح الرأسُ لها بالرغم طوْدا

والأغاليط  على روحك غلٌ

مُطبقٌ ، إحكامه أصبح قيدا

ألقمتك الكبرَ أفواهٌ تعامتْ

قولها أخزى مقاماً ومَردّا

أشربتك الظلم أفكاراً تخلتْ

عن هُدى الإسلام ، والظلم تبدّى

وسقاك الجوْر تعليمٌ مَقيتٌ

لتعاليم الأعادي بات صيدا

وتعلمت ، ولكنْ دون جدوى

حيث أصبحت بما عُلمت وغدا

ورأيت الناس أقزاماً وعِيراً

ويراك الناس تيساً يتحدى

واحتقرتَ الخلق في سِر وجَهر

وتنكبت السبيل الحق عمدا

وتنقصت البرايا في غرور

وملأت القلب يا معتوهُ عِندا

وتطاولت على الحق كثيراً

والذي يفعل هذا يتردى

أنت ، من أنت؟ أديمٌ وترابٌ

وبك الدود قريباً يتغذى

أنت ، من أنت؟ حضيضٌ وانحطاط

زادَك البعدُ عن الرحمن جَحدا

أنت من؟ أنت سرابٌ وخيالٌ

يعبد الدولارَ والقصرَ وهِندا

أنت من؟ قل ، أنت مخلوق حقير

خان مختاراً مواثيقاً وعهدا

أنت من؟ قل ، أنت شيطانٌ رجيمٌ

وحدودَ الله ظلماً تتعدى

أنت من؟ قل ، أنت مخدوعٌ تلهى

وبرأي خاب صِرت المُستبدا

أنت من؟ قل ، أنت محتالٌ تمادى

في دروب الغي ، خال الزيفَ جَدا

أنت من ؟ قل ، أنت موهوم تغابى

فرأى  في السم والترياق  شهدا

أنت من؟ قل ، أنت دهقانٌ تمطى

ولمن آمن بالله تصدى

آهِ من كبْرك أودى باصطباري

والحماقاتُ غدت للكِبر مَهدا

رخصَ الإنسانُ ، فالناسُ ترابٌ

قيمة الأرواح خذلٌ يتبدى

تقتل الطفل ، وتمضي دون خوفٍ

وعلى أشلائه تلعب نِردا

دمُه فوق الثرى ، والأرضُ ظمأى

وإذا القاتلُ قد أصبح لوردا

أسلمَ الروحَ ، وعن دنياك ولّى

لم يُتمّ الطفلُ يا ظالمُ عقدا

ومع الأصحاب كان الطفل يلهو

يبذل المِسكين في اللعبة جهدا

عاطر البسمة ، يسعى في سَناها

يملأ الدنيا أزاهيراً ووَردا

وعلى الوجه يواقيتُ الأماني

تنتشي حباً وألحاناً وودّا

يعبر الدرب ، ولكن دون وعي

فإذا بالمُفتري يحفِر لحدا

يحمِل الموت على كف المنايا

يحصد العمر بسيف الغدر حصدا

يشدخ الرأس ، ويجترّ البقايا

ويزيد الكيد بعد الكيد كيدا

لم يُراع الوغدُ رباً أو عشيراً

وجرى ينشد في الأعصاب حَردا

غرّه بُعدُ الورى عن صَدْم شبل

لكنِ الأقدارُ لا تعرف بُعدا

قدرٌ أني أرى ما راع قلبي

وحَدا بالروح تعذيباً ولمْدا

وإذا الرعشة في الوجدان كلمى

مُلئت مما ترى حُزناً وكَمدا

وإذا الآلام تجتاحُ فؤادي

وإذا بالبرق يُهدي القلب رعدا

وإذا بالحسرة الثكلى احتوتني

وإذا بالنار تزكي النفس وقدا

وإذا الغيظ  على الرأس  جبالاً

يرسل الحِنق رسولاً كال سُهدا

وإذا الحُرقة تشوي ما تبقى

من شعور فاض أوجاعاً وكدّا

حيرة بين التياع وانفعال

دمعة والسيف قد فارق غِمدا

لوعة بين ابتئاس وانتقام

كخضمّ غاض جَزراً ثم مَدّا

ذهب الناسُ جميعاً ، كنتُ وحدي

أحمل الأشجان والأطلال فردا

دم هذا الطفل طوفانٌ بعيني

يحرم العين مدى الأيام رقدا

صَمْته أبلغ من خطبة قس

ويفوق اليوم في التذكير زيدا

عِبرة تذهب بالعقل مَليّا

وتزيد المرءَ في العيشة زهدا

تجعل الإنسان يُزري بالأماني

ويُجافي قلبه (لبنى) ودعدا

عِظه تجرحُ قلباً لا يبالي

واعتبارٌ يجتني عزاً وصمدا

نظرة بالعين تمحو كل كبْر

واتعاظ يحتوي درساً ونقدا

ينتهي المرءُ ، ويمضي كل حي

والذي يمضي إلينا لن يُردا

كتبَ الموتُ علينا في كتاب

نحمد المولى على ذا الموت حمدا

رقدة في القبر مأوى كل إنس

تنشد الرحمة في الأحداث نشدا

ضجعة لا بد منها للبرايا

لم تدع شِيباً ، ولا لم تنس وُلدا

ما استوى قبرٌ من الجنات يُروى

وشفير طفّ نيراناً وصهدا

ما استوى قبرٌ به الروضة فاحت

ولحَيدٌ وعليه البؤسُ شُدا

طرحَ الطفلَ على الأرض جبانٌ

وعلى سُؤلي له لم ألق ردا

غارقاً في الكرب طفلي مُستكيناً

وأنا عن دمه كم ذدتُ ذودا

ورميتُ الوغد بالحُجة عفاً

وسردت الأمر رغم الحزن سَردا

فارعوى لمّا رأى التهديدَ مُراً

ومضى لمّا رأى الرائين حَشدا

آهِ من غِلظة قلب وشعور

وأحاسيس من الأخلاق جَردا

آهِ من موت ضمير وفؤادٍ

وجهول يحسب الإنسان قِردا

عنده الإنسانُ فلساً لا يُساوي

تلك فوضى بيننا تنشد حَدا

دِيَة المرء على (التأمين) جَبراً

قِسمة ضِيزى ، مَحَتْ دُوراً وبُلدا

منطقُ الغابة هذا والضواري

منه قانونك أضحى مُستمدا

ماتت النخوة ، والإيمان ولى

فتنة فيها التقى أخطأ قصدا

مثلما تصدم كلباً في طريق

تصدم الإنسان ، أمر بات إدا

فالسماوات لهذا في انفطار

وكِرام الناس تبكي منه وَجْدا

وكذا الأرض لهذا في انشقاق

وجبالُ الأرض خرّت منه هَدا

أن يُراق الدمُ فوق الأرض بخساً

ويعاني الأهلُ للمقتول فقدا

أن يُلاك اللحم بالرمل ، ويُرمى

ثم يُلقى ميّتاً في ساح بيدا

وعلى التلة طفلي بات نِسياً

دامياً رأساً وجيداً ، بلْ وخدا

واضعاً كفيه خلف الظهر قسراً

وكأن الصدْم هذا طال زندا

مُغمض العينين ما أزجى حِراكاً

ورفاقُ اللعب كانوا فيه أسْدا

لكن الصمت احتواهم في مصاب

وجحيمُ الصمتِ يرجو الآن خمدا

لعبوا حتى إذا ما الموتُ وافى

جاءهم مُستعبراً يحمل بندا

كلهم يجري ، فهذا للتسلي

وصغير قد جرى يأمل عَوْدا

هكذا الدنيا إذا الموت أتاها

تاركاً قوماً ، وقوماً يتحدى

مِن جنود الله ، فالأمرُ قضاءٌ

إنه يُحصي الخطا: وَقعاً وعدّا

وعَد الله الذي يكفر ناراً

والذي يؤمن جناتٍ وسَعدا

جل شأن الله لا يظلم شيئاً

هل ترى لله في ذا العدل ندا؟

كل مخلوق له يومُ ارتحال

هل تقيّ في الدنا ينشد خلدا؟

ذاك وعد الله ، إنْ كنت بصيراً

مَن ترى مِن ربنا أصدقُ وعدا؟

عِبرة لاحت ، فلو قِيل استفيدوا

لاستفاد الدهرَ مَن يرقب فيدا

عمرنا هذا سويعاتٌ نراها

مُرعداتِ السير لا تعرف تيدا

أعينُ الأيام تحصي كل شئ

ليست الأعينُ هذي قط رمدا

نحن ضِيفانٌ على الدنيا ، فهلا

قد جعلنا صالحَ الأعمال زيدا؟

عن هُدى القرآن كم كنا ابتعدنا

صدنا عن ديننا الشيطانُ صدا

كيف تُهنا عن سبيل الله دهراً؟

وحسِبنا العيش بالعِصيان رغدا

كيف ضعنا في دروب التيه صرعى

وظننا الغي رُجحاناً ورُشدا؟

كيف لم نفطن إلى سِر ابتعاد

عن هُدى الله؟ فزدنا عنه بُعدا

هل ترانا نهتدى للحق يوماً؟

أم ترانا قد طردنا منه طردا؟

هل نتوب الآن عن فعل المعاصي

توبُنا خيرٌ ثواباً ومَردّا

يا إلهَ الناس زينا بعفو

منك ، واجعلنا لدين الحق جُندا

هذه الدنيا أضلتنا كثيراً

فغدوْنا للضلال المَحض عبدا

نحن يا رباه لم نيأسْ ، ولكنْ

أملٌ مِن رحمة الموْلى تبدى

فارحم اللهم قوماً قد أفاقوا

ثم هم قد أخلصوا سعياً وعهدا

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة