الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » نذالة وخِسّة! (معلم خذله طلابه)

عدد الابيات : 79

طباعة

لا يستوي الشحُّ في الميزان والكرمُ

إلا إذا عمّ قبحُ الجهل مَن علموا

والنذلُ مهما اغتنى يعشْ أسيرَ هوىً

شأنَ الرعاع لهم – في غيّهم نهم

لا مجد بين كِرام الناس يُسعفه

صِنوانِ نذل – قلاه الناسُ – والعدم

وللنذالة أقوامٌ بها عُرفوا

إن قِيل مَن لفظوا العطاء وانهزموا؟

أو قيل مَن بخلوا ، فالبخلُ ديدنهم؟

أو قيل مَن عن نوال العالمين عموا؟

أو قيل مَن عبدوا الدينار في وضَح

والمالُ في حَس كل منهمُ صنم؟

أو قيل مَن عشقوا الدنيا طواعية

كأنما جُلهم دوامَها وهموا؟

أو قيل مَن فتنوا بالعيش ، طاب لهم

فلم تشُبْه عذاباتٌ ولا نقم؟

أو قيل مَن برئوا مِن كل عارفةٍ

فلا يُراودهم جودٌ ولا كرم؟

أو قيل مَن ألّهوا الطاغوت يحكمهم

بغير شرع مليك الناس فاحتكموا؟

أو قيل مَن سبّحوا بحمد مَن فسقوا

وأفسدوا ، وحدودَ الله ما احترموا؟

أو قيل مَن رضخوا للتيه ، فانحدروا

إلى الحضيض ، فما سَمتْ بهم قِيم؟

أو قيل مَن جهلوا فحوى عقيدتهم؟

أو قيل مَن في الورى أتباعُ مَن ظلموا؟

أو قيل مَن ركنوا إلى الألى جحدوا

دينَ الإله ، لذا عمّتهمُ الإزم؟

أو قيل مَن عمدوا إلى شقاوتهم

حتى أحاطت بهم في الفتنة القُحم؟

أو قيل مَن لفظوا توحيد خالقهم

وشِرعة الحق والإسلام؟ قِيل: هم

يا ليت شعري أما بان السبيلُ لهم؟

إذ إنهم بالهوى والفتنة اتهموا

أين الدروسُ التي أبنتُ زبدتها

لم أخش بأسَ أولي الطغيان مَن حكموا؟

أين البيانُ الذي أسديتُ مرتجياً

أن تفقهوه بألباب الألى علموا؟

أين الحقيقة لم أكتم معالمها؟

فلستُ ممن إذا قيل انصحوا كتموا

أين العقيدة لم أغفِل أدلتها

بل شرحُها بسنا التفصيل مُتسم؟

أين الشريعة قد سِيقت بلا شُبهٍ؟

أين الرشادُ؟ وأين المنهجُ اللقم؟

أين النصوصُ وترجيعي يُشيّعها

حتى وعاها فتىً مستبصرٌ فهم؟

والآي أين وتفسيري لمحورها

وفق الذي قال أهل العلم جُلهم؟

أين الأحاديث كم حَققتُ صِحّتها

كما تلاها النبيُّ المصطفى الهشم؟

أين القواعدُ والأحكامُ تُتْحِفها

كيلا أراها على الأطفال تنعجم؟

والفقه أين مضى؟ إني أسائلكم

فيم السكوتُ؟ لماذا الصمتُ والبَكم؟

ألم أؤدّ أماناتٍ نُدبتُ لها؟

وكم جنى نورَها كهلٌ ومحتلم

ألم أوف مكاييلي التي وُزنتْ؟

عنها سيسألني المهيمنُ الحكم

علمتُ ، لكنما التلميذ عاقبني

والظلمُ يوم الجزا يا صاحبي ظلَم

بذلتُ ، لكنما التلميذ شحّ بما

حباه ربي ، فأعمتْ عينَه النعم

فليس يُبصر حقي كل ذي صلفٍ

من التلاميذ ، إذ بالباطل اعتصموا

أهل الديار همُ ، وهم أشاوسُها

كأنما بهمُ الأشرافُ قد ختموا

 مواطنون بهم تزهو حواضرُهم

و(الوافدون) لهم مهما علوْا خدم

هذي المعاييرُ مَن في الدار أوجدها؟

هي القذارة ، منها يبرأ السَلم

الناسُ إما تقيٌ مؤمنٌ ورعٌ

أو كافرٌ بإله الناس ، مجترم

لا فرق إلا بتقوى بعدها عملٌ

بما تقرَر في القرآن ملتزم

ما الجاهلية إلا منهجٌ عَفنٌ

فيه الزبالاتُ والأدناسُ والرمم

ولا يعاقرُها إلا أسيرُ هوى

هانت عليه حدود الشرع والحُرُم

لآدم كلنا من طينةٍ أسنتْ

مهما تفاضلتِ الآنامُ والنسم

فيم التفاخرُ بالأنساب ما اتبعتْ

هدي النبي؟ لذا للعُرْف تحتكم

عُرفٌ تمرّق من دين ومن خلق

فما به رَشَدٌ يُعلي ولا شمم

حدّثْ ولا حرجٌ عن عُرف من سفلوا

واستمرأوا الخذل ، لمّا كلتِ الهمم

إن المروءة بذلٌ ، ثم تضحية

فهل مع التضحيات النذلُ ينسجم؟

والخذلُ والبذلُ وايمُ الله ما اجتمعا

وفيهما كلنا نعفو ونختصم

والنذل يأخذ بالخُذلان منفعة

والشهمُ دَيدنُه العطاء والكرم

ألم أعلمْكُمُ العطاء يرفعُكم

بين الأنام ، فنعم الموئل السنم؟

ألم أناولكُمُ الجودَ الرفيعَ صُوىً؟

وعِقدُه ليس بالعطاء ينفصم

ألم أقل يتعدّى الخيرُ غيرَكمُ

فبينكم خيرُكم والناس يُقتسَم؟

إن النذالة عارٌ ليس يُذهبه

كرّ السنين ، فذي سِنيّه دُهُم

يبقى لما خلّفَ الأنذالُ من ولدٍ

ينال منهم به الأعرابُ والعجم

أغنانيَ الله بالإسلام يا همجٌ

والشعرُ من نِعم المنان والحِكم

بئس الدنانيرُ في أيدي الألى بخلوا

من كل نذل هنا دينارُه صنم

إني لأعذر أستاذي وأكرمه

حياً ومَيْتاً ، وما أولاه يُحترم

ولستُ أبخل إن أودى به عَوز

فِداه مالٌ إذا ما احتاجه – ودم

جميله نصبَ عيني لا يُفارقني

ولاهجٌ بالدعا للعبقريّ فمي

فكم تفضل بالعلوم ينشرها

من كل عِلم غزانا نورُه التمم

وكم ألان لنا عويصَ مسألة

بلا انفعال علينا ، بلهُ يبتسم

ولم يضقْ بفتىً يوماً ليُحرجه

ولم يُصِبه – على عطائه – ندم

واليوم صرتُ مكان الفذ مُحتملاً

عبء الرسالة ، مهما هدّني الهرم

أعطي وأبذل هذا العلم محتسباً

فكم أفسر ما يخفى وينبهم

وكم أعالجُ جهلاً لا حدود له

وكم تُداهمني الآلامُ والغمم

وكم أنقحُ أبواباً بكاملها

كانت بكل الغموض الفج تتسم

وكم أقدّم ما حُمّلتُ من رَشدٍ

طاب الرشادُ وطاب العَرضُ والكلم

وكم أجاهد بالعلوم من جهلوا

وعُدتي أدبي ، والعلم ، والشيم

وكم أبصّر بالطريق من صُرفوا

فالناسُ دون هُدى رب الورى غنم

وكم أناصحُ طلابي بلا ضجر

لا يستوي اللينُ عند النصح والرغم

وكم أقِيمُ دليلاً في مناظرتي

منه الخصومُ لدى التنظير تنفحم

وكم بقلبي من الأسرار أحفظها

عنهم ، وحافظ سر الناس يُحترم

فهل وعتْ زمرة الأنذال موعظتي؟

أم أن جرح حِجاها ليس يلتئم؟

ويحَ الأخِسّاء قد عاشوا لأنفسهم

ونارُ خستهم في الخلق تحتدم

يحيا الخسيسُ وضيعاً في مرابعه

وإن يكنْ للخسيس المالُ والحَشَم

مهما تجمّل ذي طِباعُه أسنتْ

بئس الطباعُ وبئس السمتُ والسيَم

أجارنا الله من أنذال ضيعتنا

مَن داؤهم في الحياة الشح والغشم

يا رب فلتغننا عنهم وما ملكوا

فلا يكون لنا حِيالهم خِدم

لبعض خلقك زدت الرزق مختبراً

والبعضُ بالكاد مرزوقٌ ، فذي قِسَم

لحِكْمةٍ كل هذا ، لا نعاينها

تبارك الخالق المصوّر الحكم

لا يُسأل الله عن قول ، ولا عمل

ويُسأل الناسُ عن فعل وما علموا؟

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة