عدد الابيات : 101

طباعة

خُذوا من يَومكم لغدٍ متاعا

وسيروا في جهادِكمُ جِماعا

وكونوا في ادَّراء الخطب عنكم

يداً تَبني بها العَضُدُ الَّذراعا

ذروا خُلفاً على رأيٍ ورأيٍ

إلى ان يلقيَ الأمرُ القِناعا

وخلُّوا في قيادتكم حكيماً

يدبِّرُها هُجوماً او دِفاعا

رحيبً الصَدر ينهضُ بالرزايا

ويُحسنُ أن يُطيع وأن يُطاعا

حملتم ثِقْل جائرةٍ عسوفٍ

تميل بمن يحاولُها اضطِلاعا

ونادَيتم بذائعةٍ هَتوفٍ

نَمى خَبَرٌ بها لكُمُ وذاعا

تعلَّقَتِ العُيونُ بها احتفاءً

وأُتلِعَتِ الرقابُ لها اطلاعا

وأوجفتِ الشعوبُ على صداها

وقد عابَ العِيانُ بها السَماعا

تراهَنُ بينها عن كلِّ شَوط

بحلْبتكم ، وتُقتَرعُ اقتراعا

فقد وعَظَتْكُمُ سُودُ الليالي

ولم تعرفْ بما تعِظ الخِداعا

بأنَّ اشقَّ مطَّلَبٍ رأته

ضعيفٌ طالبٌ حقاً مُضاعا

فلا تكِلوا الأمورَ إلى قضاء

فما كانَ القضاءُ لكم رَضاعا

ولا تنسَوا بأن لكمْ عدوّاً

طويلاً ، وفي ازدراع الخُلفِ ، باعا

يُلوِّي كلَّ يَوم من قناةٍ

ويَبتدِع الشِقاقَ بها ابتِداعا

وانكُمُ بكَعْب السَوطِ منكم

قَرَعْتُم " رأس " مَن سنَّ القِراعا

قَرَعَتُم رأسَ مختَبطٍ رؤوساً

مماكرةُ ، ومالكَها صُداعا

مسكتُمْ من خِناقةِ أفعُوانٍ

شديدِ البطش يأبى الإنصِراعا

تعاصى والدُنى من كل حَدْبٍ

تهزُّ الصُلْبَ منه والنُخاعا

فمُدّوا كفَّكَم هَوناً فهَوناً

وجُرّوا منه أنياباً شِناعا

وفكُّوا شِدْقَ مُؤتذِبٍ خبيث

وسُلُّوا حَقَّكم منه انتزِاعا

ولا تَنْسَوا بأنَّ له عبيداً

شَراهم بابتسامته وباعا

حَباهم شرَّ ما يُحبَى خَؤونٌ

يغذَّي من كرامته الطِماعا

وعوَّضَهم عن الشَرَفِ المُبَقَّى

حُطام المالِ يذهَبُ والضِياعا

احَلَّ لهم دماءكمُ مَخاضا

وبؤَّأهم " حقوقَكمُ " رباعا

وملَّكهم رقابَكم فآبٍ

تملَّكَها وذو خَورَ أطاعا

فسقُّوهُم بكأسهمُ دِهاقاً

ذِعافَ الهَون والذلِّ اجتراعا

وجُروّهم على حَسَك الخطايا

ورُدُّوا كَيْدَهم بالصاع صاعا

وزيدوا بالدم العَبِق اتشاحاً

وبالوحي الذي يوحي ادِّراعا

وكانوا في احتراشِهمُ ذئاباً

فكونوا في ضَراوتكمْ ضِباعا

شَبابَ اليَوم إن غداً مَشوقٌ

يَمُدُّ لكم ليَحضُنَكم ذِراعا

يُمدُّكُمُ بروح من خُطوبٍ !

تعوَّدَ انْ يمدَّ بها الصِراعا

وأنْ يعتاضَ عن جيل بجيلٍ

بها ، ويفضََّ بينهما النزاعا

رصاص البَغي يفجُرُكم ليجري

دمٌ يَزْكو به الوطنُ ازدِراعا

ويُخصِب من رياضِ حقلٌ

يُراح القادمونَ ! به انتِجاعا

و " سَوطُ " الفاجرينَ يُعيد لحناً

له تترنَّحُ الدنيا استِماعا

وقَعرُ السجن حيثُ مشتْ " فرنسا "

من " البستيل " ترتَفِعُ ارتفاعا

والوانٌ من " التعذيب"! تَهدي

سجلَّ " الثورة " الكبرى شُعاعا

واشباحٌ تُراوحكم قِباحٌ

تَروعُ حَصاتَكم ساعاً فساعا

هي الاشباحُ من عهد تَرامى

على عهد فترتجفُ ارتِياعا

شبابَ اليوم إنكمُ ثمارٌ

سيقطفُها الغدُ الآتي سِراعا

جَنى جيلٌ يعبِّئُ للرزايا

مصايرَه وللذُل اقتناعا

على جيلٍ كأنَّ عليه مما

بَنَى البانون من وِزْرٍ قلاعا

بذَوب الفكر يفتتح القَضايا

ويختِمها بمهجته اندفاعا

دَمَ " الشهداء " لا تذهَبْ هباءً

ولا تجمُدْ بقارعةٍ ضَياعا

ولا تشكُ الظِماء فان فينا

دماءً سوفَ تشربُها تِباعا

ولا تَخَلِ الجفاءَ فلم تُغَيَّبْ

يدٌ تُرعى ، ولا ذمم تُراعى

فما كَدم " الشهيد " اذا تَنادى

كثيرٌ ناثِروهُ اذا تَداعى

وما تَهَب الصنائع للبَرايا

كما يَهَبُ " الشهيد " لها اصطِناعا

انَفقِدُكم ! ولا نَرعىَ حفاظاً

وتَرعَى البيتَ فاقدةٌ صُواعا

اذن! فالثَأر نَنشُده كِذاباً

وصوتُ الحق نسمعُه خِداعا

اذن! فسَيُوسِعُ التاريخُ رجماً

كِلَينا ، من " أطَلَّ " ومن أضاعا

ونحن – اذن – نَسومُ دماً زكيّاً

بعاجلةٍ شِراءً وابتِياعا

فالىُّ " زكاً " يُصان – اذن – ويُقْنَى

وايُّ شذاة طهرٍ لن تُباعا

ونحن – اذن – على الأشلاء نُزجي

رغائبَنا ! ونُسمنُها رِتاعا

فليتَ الحزنَ تُطبقُ فوق سالٍ

سحابتُه وتأبى الإِنقِشاعا

وليت الليلَ يغمرهُ دخاناً

وليت الصبحَ يُمطرُه التياعا

وليت مُنىً يُراودها فِجاراً

تُعاوِده لتنهَشَه ضِباعا

وليت ضميرَه يثب افتزاعا

من الذكرى وينتفِضُ التذاعا

وليت العارَ يبرحُ مستضيفاً

سريرتَه اصطيافا وارتِباعا

وليت امامَ عينيه احتراقاً

جَرىَ كالشمع حاضرهُ وماعا

وليت خيالَ ماضيه مَسيخاً !

يَلوح على ملامحِه انطِباعا

دمَ " الشهداء " انتَ اعزُّ مُلكاً

وقاعُك اشرفُ الدنيا بِقاعا

وانت الخُلدُ بالأنهار يَجري

وبالمِسك انتَشَى أرَجاً وضَاعا

دمَ الشهداء كنتَ النارَ شبَّتْ

على الباغين تندَلِعُ اندلاعا

تلُفُ طَغامَهمْ نِكساً فنِكساً

إلى يَومٍ تَلفُّهُمُ جِماعا

إلى يوم تُطيح بما أقاموا

وما اختَطُّوا فتَنسِفُهُ اقتِلاعا

دمَ " الشهداء " اهِدِ الجمعَ يُبصِرْ

طريقاً منك يزدَهِرُ التِماعا

أهبَّ له الحواضر والبوادي

وعرِّفْه المَشارفَ والتِلاعا

متى يَقْحَمْ قِطاعاً من شُرور

فأقحِمْه بسَوْرتِه قِطاعا

وسدِّدْ من خُطاه اذا توانى

وجدِّدْ من قُواه اذا تََداعى

وكن ، إن لفَّه ليلٌ ، شُعاعاً

وان طال الطريق به ، متاعا

دفعتَ بما استطعتَ الضُرَّ عنه

فزده ما استطعتَ بك انتِفاعا

وزِدْه ما استطعتَ لك انصياعا

وعما يُغضِبُ الوطَنَ امتِناعا

وزِده في الخُطوب بك اعتِزازاً

وحَوْلَ شعارِك الألِقِ اجتماعا

وكنْ فيما اندفَعْتَ شِعارَ جيلٍ

حثيثِ الخطو يأبَى الإرتجاعا

وأعلِنْ بانفطامِك عن شَبابٍ

به يتعلَّلُ الشيخ ارتِضاعا

عن الشهوات في الحكمِ ازدجاراً

وعن حكم يُلاث بها ارتِداعا

دمَ " الشهداء " مهما اسطَعْتَ فادفَع

وحَسْبُ الحر جُهداً ما استطاعا

إلى الغَمَرات افئدة تَنَزَّى

من " الغَمرات " تَخْشَى الانخِلاعا

تُحبُّ الموتَ تغمرُه التحايا

وتأبَى ان تَطيرَ به شَعاعا

وتَخْشَى الخُلدَ ، مُفزعةً ، نفوساً

وتهواه ، مُكرِّمةً طُباعا

وما انفكت على رِجْلٍ وأخرى

تُخالفها نُكوصاً وانصِياعا

فأكرِهْها وقُل سيري بسَوطٍ

يُدَمِّي من أبَى سَيْراً وطاعا

بسَوْطٍ من جُلودٍ ملزماتٍ

بهَدْي الناس يقتَطِعُ اقتِطاعا

تَوَكَّلَ ان يسودَ الناس حكمٌ

يُساوي من أُجيعَ بمن أجاعا

ويُسقطُ من شِفاهِهُمُ سَواداً

ويمحُو من مَعاجِمهم رَعاعا

وقل سيري ولا تقفي انتِكاصاً

وانتَ فَسَلْ ولا تقفِ انقِطاعا

وقل سيري فما يَعْيَا دليلٌ

حَدا من قبلكم فَهَدَى وضاعا

وقل سيري اتباعَ أخي افتِداءٍ

مَشَت من خَلفه الأمم اتباعا

جلبتُ لها " السُمُوَّ " فأوسعتني

من النُّكران ما يصِمُ اتضاعا

وذُقْتُ الوحشةَ الكبرى فكانت

أنيسَ الناعمين بها اضطجاعا

وكنت لها انا المجهول علماً

وأخلاقاً وحكماً واشتِراعا

ومخترعٍ يتيه على كِبراً

ولو لم أجرِ لم يجدِ اختِراعا

وفذٍ " عبقريّ من نَتاجي

تَرَعْرَعَ " صيتُه " ونما وشاعا

تجاهَلَني وكنتُ له خيالاً

وأهملني وكنت له يَراعا

وآخرَ ذي فُتوحٍ أشجعيٍّ

سفحتُ له ليرتبيَ اليَفاعا

تناسى من له اقتادَ السرايا

ومن كانَ الشَّجاعةَ والشُّجاعا

ويا اكفانَهم كوني لواءً

وسيعاً يحضُن الهِممَ الوِساعا

وسُدي ثُلمةً من كل خَرْقٍ

يَزيدُ الخَرقُ شقتَّه اتساعا

وزِيدِي في خضَمِّ المجد مَوْجاً

وكوني من سفائِنه شِراعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1951

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة