الديوان » العراق » حميد العقابي » قفص العنقاء(خاتمة)

في العراءِ المهندمِ
النوافذُ تغدو سجناً وفي ذاكرةِ الأشياءِ تتسعُ خلواتٌ شاغرةٌ ، الطائرُ الذي فكّرَ بالهربِ صدتْه الجهاتُ قبل شروعهِ ، الجهاتُ الأسيرةُ التي تنتظرُ القمرَ ، القمرَ الزائرَ الجريء الذي يتسللُ كلَّ مساءٍ بين النوافذِ كي ينكثَ روحَه ويوزعها خيوطاً للجهاتِ ، الج
العراءُ امرأةٌ عاريةٌ ، نسيتْ ( الجهاتُ ، النوافذُ ، الطائرُ ، القمرُ ، ... الخ ) نفسها في حضرتها لتقيمَ موتها تمثالاً .
العنقاءُ انزوتْ في قفصها الرمادِ تراقبُ العراءَ وهوسَ النوافذِ الشبقةِ .
أقتفي أثري ، بوصلةٌ عاثرةٌ تشيرُ إليَّ .. فأضيعُ .. دلّني يا عراء !
قلتُ للجهاتِ الأسيرةِ ( آسرةِ الطائرِ المتمرد ) : اندفعي !
قالتْ : ليس خلفَ العراء فضاء .
قلتُ للعنقاءِ : اخرجي !
قالتْ : ليس بعد الرمادِ عشبٌ .
قلتُ للعراء : تعرَّ
قالَ : عرائي الذي يجعلُ سجنكَ أكثرَ إلفةً ورحمةً ... أنتَ المنعتقُ بي ، أسيرُ مفاتني .
ــ ولكني أسير! ؟
ــ لأنكَ لم تتسعْ مثلي
ولأنكَ واسعٌ بلا جهات
ولأنكَ بلا قمرٍ مشاكس
ولأنكَ أنتَ .....
أنتَ المقتفي أثركَ مثلَ عتبةٍ حرون ، وإن تهربْ تهربْ مثلَ نفقٍ ، تظنُّ أن لصحرائكَ نسغاً يسعُ مرورَكَ ، أيها البحّارُ الضريرُ ، الظامئ مثلَ قدحٍ ، أيةُ بوصلةٍ ستقودُ المراكب إليكَ ؟ وأنتَ المتعثرُ بمركزكَ
الدائرُ حولكَ
الراسمُ موميائكَ
الحافرُ هاويةً في الروحِ
حينَ تميطُ لثامَ آثاركَ تجدني وأنى ترحلْ فأنا غربتكَ ، أنا الدمُ المتصاعدُ في شرايين تمثالكَ ... وسياجكَ الأليف .
حينما أغراكَ الإبحارُ نسيتَ بأن القاعَ مقبرةٌ شرهةٌ ، أغراكَ صراخَ لؤلؤةٍ أسيرةٍ فأطلقتَ سراحها لتسكنَ الصَدَفَةَ ، بحثتَ في جماجمِ الغرقى عن فكرةٍ تحملها إلى جُزرِ الكلامِ ونسيتَ أنّ الفضاءَ تنخرهُ عثةٌ تعزفُ الخرابَ بقوسِ قزحٍ ، تسوقُ قطيعَ فراشاتٍ إلى
نسيتَ
نسيتَ سفينتكَ المحملةَ بالفكرةِ والفراشاتِ وصولجاناتكَ المرصعةَ باللآلئ . كنتَ
كخالقٍ ضريرٍ يضيء نسلَ الجاحدين ....
والآنْ
اقرأْ ماذا كُتبَ على جبينِ اعصاركَ :
تسكن بي
تحيطكَ جهاتي
أيها العنكبوت المتواطئُ مع القمر .

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حميد العقابي

avatar

حميد العقابي حساب موثق

العراق

poet-hamid-al-aqabi@

79

قصيدة

126

متابعين

حميد العقابي شاعروروائي عراقي ولد سنة 1956م في مدينة الكوفة. غادر العراق في عام 1982م وتجول في العديد من البلدان حتى استقر أخيراً في الدنمارك منذ عام 1985 ومن أبرز أعماله ...

المزيد عن حميد العقابي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة