الديوان » عبدالله عباس خضير » نايات الوجع

بصوت :

(1)
هوىً
مثلُ قلب ِالتي ضيّعتني 
صغيراً
كأرصفةِ الطُّرُقاتِ
التي شهِدَتْ
خطواتِ الطفولةِ
في ذات ِيومْ...
 
وأعرفُ
أنّ الطفولةَ دُنيا ،
وأعرفُ
أنّي أسيرُ إليها
لعلّ
التي واعدتني تجيءْ ،
 
كنتُ خلّفتَهُمْ
عندَ بابِ اللِّوى ...
يسهرُ النّايُ في ليلِهِمْ ،
نارُهُمْ
تفضحُ البيدَ
وأصداءُ قهوتِهِمْ
تُسكِرُ الليلَ
والغيدُ
عندَ الينابيعِ
تُناغي المواويلَ ...
 
يا راحلاً
خُذْ سلامي
وعِطْرَ المناديلِ
للرّاحلينَ
إلى مغربِ الشّمسِ
خُذْبعضََ قلبيَ
أو
بعضَ دقّاتِهِ
للغريبِ الذي لم يَعُدْ
للدّيار ِ...
 
ومنذُ الطفولةِ
منتظراً كنتُ
أعرفُها
وجهَها
شَعرَها ...
في المحطّاتِ
كنتُ انتظرتُ
وفي الطُّرُقاتِ
وحينَ تنامونَ 
ممتلئينَ بأحلامِكمْ ...
كنتُ أخلقُها
ثمَّ أنفُخُ فيها
فتهمَدُ ...
 
يا نافخاً
في رمادِ المجامرِ
نَمْ
فالتي
كنتَ تعشَقُها
رَحَلَتْ
والدّروبُ الشّريدةُ
لا ترحمُ العاشقينْ ...
 
ولكنّني
سائرٌ ...
فالتي واعدتني
وراءَ الغيومِ
وراءَ المسافاتِ
يا سادتي
جرّبوا
أن تناموا جياعاً
وأن تعشَقوا
مرّةً
في المنامْ ...
 
(2)
تأتيكَ من نهر المِسِعْدَهْ
من نهر سوادَ الطيورُ تحطّ في حمدانَ
هل صارت شراعاً في اصطفاقِ الريحِ
في نخل السِّمَيْدَهْ
دشداشةٌ صفراءُ تنفخُها الرياحُ ، كتابّكَ المفتوحُ
يقرؤهُ الترابُ ، وأنت تسبحُ ، هل عبرتَ الشطَّ 
بطيخُ القرى الچولان والقصب المسافر هذه
الأكلاكُ ترميها الرياح إلى الجنوب كما الطيور
تمدُّ أعناق المسافر قبل أن يصفرّ قرص الشمس
طلقٌ من هنا ها قد تهاوت بطّةٌ عند الشواطيء
والصبايا قد تهانفنَ الشواطيءُ تحرسُ الأسرار
في جرف النهيراتِ المصاخن قد تفيض على
الصدور برقصة يلقاكَ سربٌ من صبايا الحيّ سربٌ
آخرٌ للبطّ يقتحمُ الغروب إلى ربوع الهور ...
هلاّ ترتمي من شاهق الجسر المعلّق حيث 
تصطفق البطون العاريات مع المياه ، معلمٌ هذا
إلهٌ مرّ تحتبس القلوب وتقفل الأنفاس يوم غد
لنا حفلٌ لنا في وقفة التفتيش درسٌ آخرٌ خبّئهُ
عنك الآنَ عند مواجع الآتين من فجر القرى
 
(3)
وجهها
ينفلت اﻵن
كما تنفلت الريح على اﻷشجار
كم كنا غريبين
وما ندري !
وكم صرنا غريبين ؟
وكم أحرقت الشمس ذراعينا
وكان النخل مشرورا ً
على نارك يا تموز
هل تذكرنا ؟
 
كانت
تناجيني
وتبكي ...
وزهور السندبادْ...
 
تزحم الباحةَ بالعطر
تكلم كيفما شئتَ
تجول أينما شئتَ
فصدري ضيّقٌ
واﻷرض سكرى
والنواعيرُ تئن اﻵنَ...
من أيقظها!
 
كانت
تناجيني
وتبكي ...
 
وأنا
أتكيء اﻵن
على النار
أداوي ألف جرح
من جراح الدهر
أصطاد تفاصيل وجوه
عبرت يوماً
وضاعتْ في الدخانْ ...
 
وأنا الهجرة
في ضحكة طفل
والتفاتات صبي
عابر للريح ...
من يوقظ هذا العالم
الغارق في الوحل 
ومن يرجعها
دمعة أم ّهطلت يوما
وغابت في الزمان ...
 
على شفة التنور
نصطاد خبزة
ونأكلها
والشمس حانية سكرى ...
وفي وجه أمي
نبصر الحب والرضى
فيمتليء التنور
من فرح تبرا ...
 
خبزها العافية
وفرحتها الفضة الصافية
وأنا اﻵن
منتفخ بالدخان الرديء
وباللّقمة الدّامية ...
 
(4)
ناياتها خفتت 
فكيف تغني
أقفل جراحات السنين
 ولمّ ذكرى العشق عنّي
 ‏من ألف ألف غواية
 ‏لازاد لي غيرَ التّمنّي
 ‏وجعي
 ‏عتيقٌ والرياح عتيّةٌ
 ‏والدرب مضني
 ‏ويسار بي ويقال لي
 ‏ويراد مني
 ‏لا شمس تهديني
 ‏ألمُّ من السراب
 ‏رماد ظنّي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله عباس خضير

عبدالله عباس خضير

78

قصيدة

شاعر من البصرة جنوبي العراق، ليسانس في اللغةالعربية وآدابها ، تتلمذ على يد الشاعرة نازك الملائكة والشاعر د.البياتي ، له سبع مجموعات شعرية مطبوعة أولاها قراءة في سيرة التتار / بغداد عام 2000م

المزيد عن عبدالله عباس خضير

أضف شرح او معلومة