1
أفضلُ
من ألفِ صباحٍ فاقعٍ وباهتْ
أفضلُ ألفَ مرّةٍ
أن تسقطَ البصرةُ فجراً
في يد الفواختْ
2
نسيتْ فوق دارِنا أغنياتِها الفواخت
أغنيةٌ لها قديمةٌ مرميّةٌ على سعفةِ نخلةٍ ، 
منذ بصرةِ الجداولِ ، كان الملحُ بضاعةً 
يحملُها (الطّوّاشون) ،
وكان الرطبُ يتدحرجُ بين أصابعِ الأقدام...
3
أستلُّ من شراشفِ الشّمسِ شراعَ رحلةٍ
أو كفناً ، أمشي تلفُّني عباءةُ الريحِ على
أجنحةِ الطيورِ ، صبحٌ نائمٌ على مخدّةِ
الغيومْ...
ندخلُها ثانيةً
من بائعٍ شيخٍ تضاريسُ دروبِ وجهِهِ
تملؤها السُّنونْ
أقرؤهُ ألفُ مسيحٍ يسكنُ الغُضُونْ
في الجبهةِ المعتّقةْ
مسالكٌ وأروقةْ
أفواهُ صِبيةٍ بالموتِ يلعبونْ
من دمعةٍ حائرةٍ تراوغُ العيونْ
من وجعِ البلبلِ تحت صخرةٍ
ينتظرُ المطرْ
من دهشةِ العاشقِ حين ينزلُ القمرْ
أحمرَ مثلَ وجنةٍ خَجلى
وقد تَسللَ السَّحَرْ
4
الكلمةُ برحيّةٌ بألفِ عِذْق
بعمرِ سفيفةِ جدّيَ السّومريِّ 
وهو يقصُّ عن البَكاراتِ  
البَكاراتِ في كلِّ شيءٍ
حتّى في عِشاءِ الآلهة وعِشقِ عُشتار  
الكلمةُ صليلُ البرقِ على السّواحل   
لحظةَ يتغشّاها السّحاب
الكلمةُ الغابةُ تنهضُ متسابقةً  
نحو منافذِ الشّمسِ   
والطبيعةُ تتحدّث قمراً وشمساً، 
أيائلَ وسعالي...  
تُمطرينَ بي من الجذرِ البعيدِ
من البروقِ تغسلُ شواطيءَ الأزليّة
جذرًا يُؤاخي الشّجرةَ والنّهر
يفتحُ حافاتِ الصّيرورةِ على الحُلم
ثديُ الكلمةِ في فمي
يبحثُ عن تشكّلاتِه الأولى
شجرةُ القاموسِ في خريفِها
لا نارَ ولاروح
اقطعِ الغصنَ وارحلْ مع الجذور
لاوقتَ لانتظارِ عربةِ الأسلاف 
5
أُشرعُ أحياناً نافذتي للكلماتِ
وأتركُها تتشكّلُ تجلسُ حيثُ تشاءُ
وتستلقي فوقَ أمامَ وراءَ بقربِ النصِّ 
وأمضي أتشاغلُ عنها بالتلفاز 
وفاختةٍ ظلّتْ طولَ اللّيلِ تنوحُ على نافذتي ، الألفُ المهموزةُ عُكّازٌ 
والرّاءُ كسيفٍ في كفِّ الّلامِ الفارسِ 
والنونُ إناءٌ والغَينُ غزالٌ يقفزُ ، 
مَن يُنقذُه من أسدِ المعنى...
لا فرقَ ستكتبُكَ الأغصانُ الأوراقُ الشجرُ
فوق كتابِ الغيمِ غداً أو يكتبُكَ المطرُ
6
لم يعُد لدينا المزيدُ من التوابل
القصيدةُ بدينةٌ حدَّ الترهلِ
أطباقُ الجناسِ والطِّباقِ
صارت رُقعاً فاقعة
قصيدةُ الطينِ المطعّمِ بوجعِ الماء
والخبزِ المدافِ بجمرِ التنور
والعشقِ لِصقَ السكّين
هي قصيدةُ العُريِ المطهِّرِ
لانسداداتِ شرايينِ عصورِ البلاغة
في أيِّ مَتْجَرٍ
ستُعرَضُ كلُّ هذه الأقمشةِ
لو أنّ القصيدةَ
خلعَتْ ملابسَ عرسِها
وبهارجَ حفلِها
ثمّ خرجَتْ على المحتفلينَ
بفاكهةِالنّوم...!
7
...ثمّ كانَ وكانْ
كان يبحثُ 
عن كائناتٍ فضائيّةٍ تحتَ أسوارِ سومرَ
عن سرِّهااللُّغزِ ، عن دفقةِ العُنفوانْ
كان يبحثُ 
عن فاعلٍ يتجددُ
عن فاعلٍ يتمـدّدُ
يُبدعُ في أيِّما مفصلٍ شاخصاً للحضارةِ
من عهدِ سومرَ منذ نعومةِ طفلِ الزمانْ
كان يستنطقُ الحجرَ المطمئنَّ بحضنِ المكانْ
يسألُ من أينَ يبدأُ ومضُ التحوّلِ؟
من أينَ يَفتحُ هذا الترابُ المغالقَ؟
من أينَ يبتدئُ التاجَ والصّولجانْ؟
للحضاراتِ روحٌ تُحاربُ 
تدفعُ عن نفسِها 
ثم تكسبُ خيلَ الرِّهانْ
8
صبيّــــةُ الهورِ تلك
شفتـاها كوزا عسل
ونهـداها برنيّتا لبن 
تعصفانِ بلا عاصفة
وتنهضانِ بغيرِ عمد
على قبّــــــــةِ شَبَق 
وفضــاءاتِ حريَّــةٍ
وشلالاتِ عبـــــــق 
9
يبدأُ الشعرُ من لحظةٍ 
يتخلخلُ فيها الزمانُ وتنصهرُ الأمكنةْ
وتسبحُ حولَكَ في كُتلةٍ من سَديمٍ
رُؤىً لا تُسمّى ولا قَسَماتٌ لها مُعلَنةْ
تتحاورُ أو تتعالقُ أو تتعانقُ
أو تتجاذبُ في دَوزَنةْ
وبين أعاصيرِ رأسِكَ والممكناتِ
دروبٌ إلى الكشفِ تُغويكَ
أو تستميلُكَ للشيطنةْ
ألوهيّةٌ أنتَ سيّدُها 
ستكونُ إذا قلتَ كوني
وتلكَ ألوهيّةُ الأنسنةْ
10
خرائطُكِ الغامضة
وكشوفاتي في مملكةِ الجمال
قارّةٌ ثامنة
أو كوكبٌ يخترقُ سماواتي
ليس للكرز موعدٌ
وليس لقطافِ الرّمانِ طقوس
مع كلِّ لمسةِ وتر
عزفٌ آخرُ
على القممِ الثلجيّةِ الملتهبة
ومع ربيعِك 
لا مواعيدَ لمهرجاناتِ الورد 
واحتفالاتِ الطّيور
11
مُطفَأةٌ
من بعدِك الأيّامْ
تهرولُ الساعةُ أحياناً
وأحياناً 
على سريرِها تنامْ
ترمقُني
تعبثُ بيْ
تهوِيْ على فجيعتيْ
طوارقُ الأحلامْ