عدد الابيات : 43

طباعة

عِــش نـصـف عـمرك مـشتاقا مـعانيها

ودع بــقــيــتـه تـــســكــنْ مــغـانـيـهـا

مـــن عــهـد آدم والأســمـاع تـشـهدها

ولـلـقـيـامـة قـــــد ألــقــت مـرامـيـهـا

الـدهـر يـبـسط فــي الأرجــاء رائـحها

والـــقــدر يـــرفــع لــلآفــاق غــاديـهـا

حـديـثها فــي فـسيح الأرض مـنطلق

كــأنــه لــــم يــنــل قــــدرا بـمـاضـيها

وجــــاز سـابِـقُـهـا فـــي كـــل نـاحـيـة

كـــأنــه لـــــم يــــدع شــيـئـا لآتــيـهـا

بـهـا الـكـتاب الــذي اكـتـظت خـزائـنه

أمـــدّهـــا بـــمـــدادٍ كــــــان كــافـيـهـا

قــد أوتـيَـتْ بـأمـين الـوحـي مـعجزة

" اقـــرأ " بـلاغـتـها مــن ذا يـضـاهيها

فــي مـتـنها نـشـهد الأخــلاقَ بـاسـقةً

شـــمّــاءَ شــاهــقـةً يــعــتـزّ راجــيـهـا

بـالـحـق والــعـدل لـلإنـسـان ذاخـــرةٌ

وكــــم أفــــادت بـــلا مـــنٍّ مـمـاريـها

فــي قـولـها حـكمة يـزهو الـلسان بـها

ويـنـتـشي طــربـا مــن كــان شـاديـها

الـــــدرّ مــعـدنـهـا والــعــلـم ديــدنـهـا

والــذكــر أحـسـنـها والـــرب راضـيـهـا

الــنــور بـاثِـقـهـا والــحـسـن مـوْنِـقـهـا

والــحُـلـو مـنـطِـقـها والــقــزُّ كـاسـيـها

ولـــم تـــدع ظـلـمةً يـشـقى مُـطـالِعُها

كــأنـهـا الــبـدر تــسـري فـــي لـيـالـيها

عـلـى ربــوع الــورى خـطّت فـضائلها

هـذي الـسبيل الـتي مـا ضـلَّ مـاشيها

وأغـدقـت يـدُهـا خـيـرا كـمن سـكبتْ

غـيـثـا هـتـونـا عــلـى أقــداح واديـهـا

وأدهــشــت أعــيـنـا لـلـنـاظـرين لــهـا

مــنــمـنـمـاتٌ عــجــيـبـاتٌ مــثـانـيـهـا

مـسـاؤهـا قــمـرٌ فـــوق الــربـا وصَـبـا

هــبـّت وأخـبَـرَنـا هـــذا الــشـذا فـيـها

وأسـأل خـليلك يـا مـشتاق مـا فـعلت

تـلـك الـعـروض ومــا قـالـت قـوافـيها

هــل تـنعم الأذْنُ والأبـصار إن أفـلت؟

وهـــل يـطـيب حـديـث دون داعـيـها

عـــبّ الــغـرام كـؤوسـا لـلـنسيب بـهـا

والـعـشـق غـــرّد فــي شــوق أغـانـيها

بـالـسحر دون العصا دان الـبيـان لـهــا

وللبلاغــــــة شــــأن في  أراضـــيـهـــا

فـفـي الـمـغارب مــا خــارت عـزائـمها

وفــي الـمـشارق مـا خـابت مـساعيها

جـــاء الأعــاجـم يـشـتـاقون طـلـعتها

فــهــلْ مـجـالـسُ أهـلـيـها تـجـافـيها؟

يـا بـحر قلتُ وما في القول من كذب

فـالـفلك تـجري بـها واسـأل صـواريها

ولا تـخـف فــي عـباب قـد هـدرت بـه

فـالـتـيه يـبـطـل إن بــانـت مـراسـيها

الـنـحـو يـضـبـط بــالأعـراف داخـلـهـا

والـصـرف يـصرف نـحو الـسهل آتـيها

لـم تـنْبُ أيـدي الأُلـى ضموا محاسنها

لـم يـخْبُ مـن نـال مـن أسرار ما فيها

يــفــوز حـاجِـبـها ، يــحـوز صـاحِـبـها،

يــجــوز نـاخِـبـهـا والــعـدل قـاضـيـها

مــا ضــاع طـارقـها ، يـغوي مـفارقها،

يــخــتـلّ تــاركــهـا يــعــتـلّ شـانـيـهـا

أهـــل الـلـغات الـتـي تـاهـت بـلـثغتها

ركــودهــم آســـن والــعـذب جـاريـهـا

إن كــان كــل الــذي يـجـري بــأي فـمٍ

مــا زال يـشـرب كـأسـا مـن سـواقيها

مـــا جـــاء قـــولٌ لـــدى أتـرابـها ألـقـا

إلا وقــــد صـــار عــنـد الــعـدِّ تـالـيـها

تـلـقـفت مـــا أتـــاك الـسـاحـرون بـــه

وأبـطـلت مــا جـنـت أيــدي مُـعـاديها

بـيـضـاء نـاصـعـة كـالـطـهر فــي بــرَدٍ

مـن روعـة الـفل قـد أمـلت حـواشيها

صـفـراء فـاقـعة مـثـل الـفـلا اتـسـعت

لــكـنـهـا واحـــــة تــســقـي بــواديـهـا

خـضـراء يـانـعة تـزهـو الـحـقول بـهـا

مــن مـفـردات تـهادت فـي ضـواحيها

زرقــاء سـاحـرة كـالـبحر فــي صـدف

أو كـالـسماء صـفـت قــد جــل بـاريها

حـــمــراء قــانــيـة أم أنــهـا صــبـغـت

من هول ما في الوغى نالت مواضيها

ســـوداء كـاحـلـة فــي عـيـن جـاهـلها

تـخـفى الـمـحاسن عــن عـين تـعاديها

مــصـونـةٌ ربُــهــا بــالـذكـرِ يـحـفـظُـها

جــــل الـــذي كـــان لـلـقـرآن هـاديـهـا

قــد شــرف الـطاهر الـعدنان مـعجمها

ومـــن جـوامـعـها أبـــدى الـعـلا فـيـها

خـيـر الــذي قــال ضـادا فـي مـرابعها

وأحـسـن الـقـول يـربـو فــي روابـيـها

مـسـك الـخـتام بـحـبر الـعطر أحـمده

وبـالـعـبـير عــلــى روضــــي أنـاديـهـا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الحسن عباس مسعود

الحسن عباس مسعود

82

قصيدة

شاعر مصري

المزيد عن الحسن عباس مسعود

أضف شرح او معلومة