الديوان » مصطفى الركابي » صناديق البريد

قد ترجلتُ من العربةِ بعيداً عن منزلي ..
كي أقطع الدربَ شارداً 
من تأنيبِ الساعات ..
من ثرثرةِ أميالها في غرفتي
تُعدُّ نفسها كي تُقطَعَ ضجراً 
أميالٌ تخادعُ الزمنَ بتعجُّلها
نهمةٌ للتوبيخ !
 
صرتُ أراوغُ سيري نحو مصبٍ ضحل
صرتُ كنهرٍ يتسلقُ الضفة
يتساءلُ المجرى عن الماءِ مصدوماً و لا يدري ..
كيف يشتعلُ بسبِّي كل الفلاحين
بعد أن أغرقتُ محصولهم بالمجهول
أعشقُ المجهول ..
أعشقُ المفاجآت ..
فلا تعلمُ متى تصيبُ مصباً أعمقَ من ضحالةِ نهرك
لا أعلم ..
فقد يكون البحرُ على بعدِ ضفةٍ أو اثنين ..
فكيف لا أخاطر ؟ 
 
فيَّ عطشٌ للمغامرة
فأنا إبنُ العشرين !
و أقدامي الجوَّابةُ في أوجِ تراقصها
علىٰ ألحانِ المقاهي .. 
تراطمِ الفناجين 
تراطمِ الشفاهِ المهمهمةِ في زوايا المقهى
نهضتُ أخيراً ..
قبل أن أنصلَ سيفَ قلمي المغامر
أغلقتُ بابَ المقهى خلفي ..
و لم يرَ أحدٌ حماساً يلتهبُ في داخلي
 
هربتُ ..
كي أترددَ على وجوهِ الباعةِ في الأسواق
في شوارعٍ لم تطئها قدمي من ذي قبل
في أطرافِ المدينةِ بعيداً عن مناراتِ المساجد
بين شوارعٍ تكادُ تكونُ مدينةً أخرى
و عدوِي يكادُ يكونُ غربةً بعيدة 
أتلهفُ لصناديقِ البريدِ مهجورةِ العشاق ..
و أحضنها بوسطِ حِجري ..
متضرعاً لها راجياً وصلَ الوطن
باحثاً عن انتماء 
أنادي من فوهةِ الصندوقِ أحبابي 
أنادي جلساتِ الليلِ و الأصحاب ..
عبر الزمانِ و المكان
رحتُ أجمعُ الكلماتَ من تحتِ الغيوم ..
تتساقطُ ثماراً ناضجةً تتجملُ للسرد
أعتصرها و أمزجها ..
بضبابِ أحلامي المتساقطة ..
مع غمضِ النعاس
أمزجها بعطرٍ أرشهُ فوق رسائلي
قبل أن تبحرَ الرسائلُ في ظروفٍ تبحثُ عن مرفأ قلب ..
خلف أفقٍ من الأمنيات
فتستوطنُ روحي المنثورةُ في غربتها قلبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مصطفى الركابي

مصطفى الركابي

67

قصيدة

إسمي مصطفى محسن الركابي، طالب للطب العام في جامعة الكوفة. عمري عشرون عاماً. بدأت الكتابة منذ ستة أعوام، و أصدرت ديواني النثري الأول في الشهر الرابع من هذا العام. وِلِدتُّ في عائلة متخمة بالش

المزيد عن مصطفى الركابي

أضف شرح او معلومة