عدد الابيات : 38

طباعة

تذكَّرتُ أيَّاماً مضَتْ ولَيالِيا؟!

قَضَيْتُ بها كِفْلاً من العُمْرِ حالِيا!

تَملَّكْنَ منِّي نُهْيَتي وحَشاشَتِي

وأَنْسَيْنَني ما كان عَذْباً وغالِيا!

وأَنْسَيْنَني حتى أُهَيْلي ومَعْشري

فما عُدْتُ إلاَّ عاشِقا مُتَصابِيا!

وما عُدْتُ إلاَّ مُسْتَهِيماً بِخُرَّدٍ..

من الغِيدِ أَصْبَحْنَ الهوى المُتَفانِيا!

زَمانٌ تَوَّلىَّ ليتَهُ كانَ باقِياً..

ويا لَيْتَهُ كانَ الزَّمانَ المُوالِيا!

كَأَنِّي به كنْتُ المَلاكَ الذي ثَوى

بِفِرْدَوْسِهِ يَرْجو الخُلودَ المُصافِيا!

فَلَمْ أَبْقَ مَخْلُوقاً مِن الأُنْسِ راجِياً

حُطاماً ومَجْداً.. بل غَدَوتُ المُجافِيا!

كِلا اثْنَيْهِما كانا لَديَّ تَفاهَةً

أَمامَ الهوى يُزْجِي إليَّ الأمانيا!

وكُنَّ حِساناً شامِخاتٍ بعزَّةٍ

مِن الحُسْنِ ما يَخْتارُ إلاَّ العَواليا!

إذا اخْتَرْنَ لم يَخْتَرْنَ إلاَّ مُجَلِّياً

وإلاَّ كَرِيمَا يَسْتَطِيبُ المجانيا!

له وَحْدَهُ أَلاؤُهُنَّ سَخِيَّةً

تُضِيءُ حَوانِيهِ فَيُشْجِرَ المغانِيا!

بِشِعْرٍ إذا ما صاغَهُ جَوْهَراً

فَآياتُهُ تروي القلوب الصواديا!

له القَوْلُ مِطْواعٌ كبِئْرٍ مُنَضَّر

فَيُطرِبُ ألفاظاً. ويَسْمو مَعانيا!

وما ابْتَذَلَتْ مِنْهُنَّ قَطُّ خَرِيدةٌ

ولا واصَلَتْ إلا الكَمِيَّ المباهيا!

وقُلْتُ لإحداهُنَ يَوْماً وقد رَنَتْ

إليَّ بِشَوْقٍ يَسْتَرِقُّ الحَوانِيا!

أَلَيْسَ لِما تَطْوِينَه مِن نِهايةٍ

تُخِيفُ. وتَطْوِي لِلْقُلوبِ العَوادِيا؟!

فقالتْ. وقد أَذْرَتْ دُمُوعاً سَخِينَةً

تشِفُّ عن الحُبِّ الذي كانَ ضاريا!!

لقد كِدْتُ أَنْسى في هَواكَ كَرامَتِي

وإنْ كانَ عَقْلي في الهوى كان هادِيا!

وإنْ كُنْتُ لم تَنْسَ العَفافَ فَصُنْتَني

وآثَرْتَ مِنِّي عِفَّةً وتَدانِيا!

أراكَ كَروُحي بَلْ وأَغْلا مَكانَةً

فكيف لِصادٍ أَنْ يَعافَ السَّواقِيا؟!

وَمَرَّتْ بِنا الأَيَّامُ ثم تَنكَّرَتْ

فيا لحياةٍ تَسْتَطِيبُ المآسِيا!

تَرُدُّ بِها العاني إلى اللَّهْوِ عابِثاً

وتَمْسَخُ مِن أَحرارِهِنَّ غَوانِيا!

…………… بعْدَ تَرَهُّبي

وبَعْدَ اعْتِيادِي أَنْ أرى الرَّوْضَ ذاويا!

وقد عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ حاضِراً

كما عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ ماضَيا!

تَأَنَّ.. فَما كُلُّ الحِسانِ كَمِثْلِها

ودَعْ عَنْكَ أَيَّاماً مَضَيْنَ خَوالِيا!

فَإنَّ لك الحُسْنى لدَيَّ فَصافِني

تُصافِ فُؤاداً مِنكِ يَرجو التَّلاقيا!

يَعيشُ زَماناً بالمُنى تَسْتَفِزُّهُ

إِليكَ وتَرْضى في هَواكَ الدَّواهِيا!

عَرَفْتُ بِما لاقَيْتُ منها فَسَاءَنِي

وما هي قد لاقَتْهُ. فارْتاحَ بالِيَا!

لقدْ رَثَّ مِنْها ما ازْدَهَتْ بِجَدِيدِهِ

وقد نَدِمَتْ مِمَّا أَشابَ النَّواصِيا!

وقد بَلَغَتْ بالحُزْنِ أَقْصى مَجالِهِ

وعادَتْ كَمِثْلِ الضَّلِّ يُدْمي المآقيا!

فَلا تَبْتَئِسْ. إِنِّي الوَفِيَّةُ في الهوى

وإنِّي به أَدْرى. أَجْلى مَرائِيا..!

أُحِبُّكَ حتى ما أَراكَ سِوى الرُّؤى

تَطِيبُ وتَحْلو أَيْنَما كُنْتَ ثاوِيا!

فقُلْتُ لها.. كُفِّي فَإِنِّي مُرَزَّأٌ

فلَنْ أَسْتَوِي في مَرْبَع الحُبِّ ثانيا!

لَسَوْفَ سَتَسْلِين الهوى وسِفاهَهُ

وسَوْفَ سَتَلْقِينَ الهوى عَنْكِ ساليا!

تَظُنِّينَ مِثْلي أَنَّ حُبَّكِ خالِدٌ

وكلاَّ. فَمُذْ كانَ الهوى. كان فانِيا!

أدُنْيايَ ما أَحْلا الحَقِيقةَ في النُّهى

وفي الحِسِّ. ما أَنْكى الخَيالَ المُداجِيا!

وقد كنْتُ –وَيْحي شاعراً مُتنَكِّباً

هُدايَ. فإِنْ عُوتبْتُ كنْتُ المُلاحيا!

أَرى واقِعي رَوْضاً فَأصْدِفُ سالِكاً

قِفار خَيالٍ مُسْرِفٍ.. وفيافيا!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد حسن فقي

avatar

محمد حسن فقي حساب موثق

السعودية

poet-mohamed-hassan-faqi@

99

قصيدة

91

متابعين

محمد حسن بن محمد بن حسين فقي،أديب وكاتب وشاعر سعودي. ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 1914م، تلقى علومه بمدرستي الفلاح بمكة المكرمة، وجدة، وتخرج من مدرسة الفلاح بمكة المكرمة.وثقف نفسه ...

المزيد عن محمد حسن فقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة