الديوان » السعودية » محمد حسن فقي » الأمس واليوم

عدد الابيات : 40

طباعة

يا حُلْوتي لو كُنْتِ غازَلْتِني

قَبْلَ مَشِيبي لَرَأَيْتِ العُجابْ!

لكُنتِ أَفْضَيْتِ إلى نَشْوَةٍ

تُنْسِكِ بالبَهْجَةِ نَهْجَ الصوابْ!

فإِنَّني كُنْتُ الفتى عارِماً

يَفْتَرِعُ الذُّرْوَةَ رَغْمَ الصِّعابْ!

عُروقُهُ تَحْوى دَماً لاهِباً

يَجْري بِها مُكْتَسِحاً كلَّ بابْ!

يالَ شَبابي مِن لَظًى مُحْرِقٍ

أَذْهَلَني.. أَذْهَلَ كُلَّ الكِعابْ!

قُلْنَ وقد شاهَدْنَهُ عَاصِفاً

ماذا بِهِ؟! يا سِحْرَ هذا الشَّبابْ!

ورُحْنَ يَحْلَمْنَ بِحُلْوِ الرُّؤى

بِه.. ويُكْثِرْنَ عليه الطِّلابْ!

وهو قَرِيرٌ بالهَوى جارِحاً

أَفْئِدَةَ الغِيدِ.. كماضِي الحِرابْ!

تَعِيْثُ في أَحْشائِهنُ المُنى

وهُنَّ يَسْعَدْنَ بِهذا العذابْ!

أَحْلى المُنى كانَ مِنْها النَّوى

بُشْرى بِوَصْلِ حافِلٍ بالثَّوابْ!

قالتْ وقد رَاوَدَني طَيْفُها

من صَحْوَتي بَيْنَ عَدِيدِ الصِّحابْ!

وهي التي تَسْحَرُ أَعْيُنَ النُّهى

وهي التي تَخْطُرُ فَوْقَ السَّحابْ!

ماذا؟! ألا تَعْرِفُ أنِّي التي

مِن دُونِ كُلِّ الفاتِناتِ اللُّبابْ؟!

ما لَكَ عَنِّي هكذا مُعْرِضٌ؟!

والنَّاسُ. كلُّ النَّاسِ مِنِّي غِضابْ؟!

كأَنَّني الشَّهْدُ حَلا صَافِياً

فاجْتَمعُوا مِن حَوْلِهِ كالذُّبابْ!

يَشْكُونَ مِنِّي الصَّدَّ لكِنَّني

أَرْخَيْتُ –فانْجابُوا صَفيقَ الحِجابْ!

لم أَحْتَفِلْ إلا بِمُرِّ الهَوى

هَواكَ هذا.. بَعْدَ عَذْبِ الشَّرابْ!

فاصْدَعْ بِحُبِّي إنَّني جَدْوَلٌ

صافٍ. وأَخْدانكَ مِثْلُ السَّرابْ!

قُلْتُ لها يا حُلْوَتي. يا جَنى

رَوْضٍ نَضِيرٍ.. أَنْتِ مِثْلُ الشِّهابْ!

مُسْتَعْلِياً من أُفُقٍ شاهقٍ

مُنْتَشِياً بالحُسْنِ غَضِّ الإِهابْ!

من خُيَلاءٍ يَسْتَوِي لاهِياً..

بالشَّجْوِ.. ما لِلشَّجْوِ إلاَّ التَّبابْ!

وما لَهُ غَيْرُ النَّوى والقِلا..

وما لَهُ غَيْرُ ضَنًى واكْتِئابْ!

ولَسْتُ مِن هذا الذُّبابِ الذي

أَشْقَيْتِهِ.. عَرَّضْتِهِ لِلْخَرابْ!

أَمْسى عَمِيّاً ما يَرى دَرْبَهُ..

كيف؟! وقد خَيَّمَ فيه الضَّبابْ؟!

فلا ذَهاباً يَرْتَجي سالِماً

وما لَهُ عِنْدَكِ حُسْنُ المآبْ!

دَعِي فُؤادِي. إنَّهُ قانِعٌ

بِحَظِّهِ مِن زَيْنَبٍ والرَّبابْ!

هُما. وسِرْبٌ ناعِمٌ يَشْتَهي

هَوايَ.. قد يُخْطِىءُ فيه الحِسابُ!

وأَنْتِ.. قد يَغْدو الذُّبابُ الذي

صَدَدْتِهِ.. يُقْذِيهِ مِنْكِ الرُّضابُ!

فَلْتَحْذَرِيهِ.. رُبَّ مُسْتَوْحِشٍ

يَنْهشُ في جِسْمِكِ نَهْشَ الذِّئابْ!

أَخْشى احْتِراقي من شِهابٍ 

يرى ما تَحْتَهُ إلا الهَشيمَ المُذابْ

بَكَتْ.. ولكِنِّي ارْتَضَيْتُ الطَّوى

عن شِبَعٍ يُلصِقُني بالتُّرابْ

أوَّاهِ مِن شَيْخُوخَةٍ لاتَني

تَجْعَلُ مِنِّي الشَّدْوَ مِثْلَ النُّعابْ!

كُنْتُ هِزاراً شادِياً.. مُطْرِبا

وعُدْتُ مِنْها ناعِقاً كالغُرابْ!

لو كُنْتُ مِثْلَ الأَمْسِ ما شَفَّنِي

حُسْنٌ. ولا أَثْخَنَ رُوحي الضِّرابْ!

ولم أَكُنْ أُغْضِي إذا مَسَّني

مِن العوادي جَنَفٌ أَوْ سِبابْ!

لكِنَّهُ الدَّهْرُ.. ويا وَيْلَتا..

مِنْه فقد أَوْجَعَني بالمُصابْ!

ولَيْسَ لي إلا اصْطِبارِي على

سِرْدابِهِ المُظْلِمِ بَعْد القِيابْ!

تَبارَكَ اللهُ.. فَكَم ضَيِّقٍ

نَأْلَفُهُ بَعْد وَسِيع الرِّحابْ!

لَيْسَ عُجاباً أُلْفَتِي لِلأَسى

وهو ضجيعي.. فالنُّفُور العُجابْ!

هذا أَنا. إِنِّي أَلِفْتُ الضَّنى

بعد الغِلابِ التَّمِّ. بعد الوِثابْ!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد حسن فقي

avatar

محمد حسن فقي حساب موثق

السعودية

poet-mohamed-hassan-faqi@

99

قصيدة

91

متابعين

محمد حسن بن محمد بن حسين فقي،أديب وكاتب وشاعر سعودي. ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 1914م، تلقى علومه بمدرستي الفلاح بمكة المكرمة، وجدة، وتخرج من مدرسة الفلاح بمكة المكرمة.وثقف نفسه ...

المزيد عن محمد حسن فقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة