(من حديث النار والماء والتراب والهواء والعدم)
لا يعنو القلبُ لأخطارِ
ويذوبُ لنَفح الأسحارِ
وَوساوس نفسٍ تُقلقها
مَوتُورٌ باتَ على الثّار
ما نام الليلَ مسهّدُهُ
أو رقَّ لباهي الأسمار
فالجسمُ على هَمّ يخبو
وتشبُّ الرُّوح بأوطار
*
عشرٌ مرّت بهَواجسها
تعشو بطويل المشوار
يحدوها كَهلٌ، لا يلوي
مطلوب سِيق لأقدار
أدناه الدَّربُ وباعدَهُ
وخريفُ العُمر على نار
عشر، والآتي ما احتملَت
تزدادُ لأقرب إعصار
*
في الدَّرب عجوز رابضة
تلهو بَبقيّة أحجار..
ورِمال ساوتها بيَدٍ
تُخفي من بعض الآثار
نظَرَت تتفرّس في وجهٍ
لَفَحتهُ عُلالةُ آيار
هزَّت بالراس مُواسية
تتبصَّرُ نُسْغ الأخبار
*
قالَت: ما زلتَ كما النّارِ
بشباب حجَّ لأخطار
وبروحٍ مَدَّت أجنحةً
كالنَّسر يَمُدُّ لأسفار
وبقلبٍ ثَبتٍ، كم يَشدو
حُراً من خلف الأسوار
وبعينٍ تَكتُمُ ما بَرِقت
من وهْج بَريق الأسرار
*
ما زلتَ رواءً كالماءِ
بجَبينٍ راقَ كأقمار
بِعِذابٍ.. ما قلتَ؛ انتثرت
وبضوعٍ طابَ كأزهار
أنفاسُكَ طُـهرٌ، يا ولدي!
بحديثٍ رَقَّ كأوتار
وبنَفسٍ عفَّت إن أخنـى
خـتَّارٌ ذلَّ لجبّار
*
ولأنتَ أصيلٌ كالتُّربِ
والمعدِنُ سرُّ الأنـوار
كالأرض تُخَـبّي بَذرتـها
يوماً سَتَضِـجّ بأمطار
وستُنْبِتُ حُبّاً بهجَتَـها
وستورِقُ كلُّ الأشجار
سيُغرّد طيرك، يا ولدي!
أشعارُك روح الأشعار
*
كهواءٍ أنتَ إذا هبَّـت
أنسـامُك بين الأطيار
تصفو كالرّيـح مُداعبـة
في الفَجرِ خُدود الأنهار
وتزمجرُ حِيناً ما ضَجَّت
في النَّفسِ قصيدةُ أحرار
إعصارٌ أنت، وهل تخفَـى
في الثورة هَبّة إعصار؟!
*
وفضاءُ العقل كما العَدم
ما حِيز بلمح الأبصار!
ويضيقُ برحبٍ ما اتَّسعت
ببصائر أهل الأسرار:
معرفةٌ تُتعب طالبها،
جِرماً يسّابقُ بمدار
كُن خِفّاً، لا شيءَ بيده
كُن صِفراً بين الأصفار!
*
فأجبتُ وعينٌ ترمُقها:
قد كانَ وكان بأطواري!
لكنَّ العُمر مَضَى عبثاً
مَسفوحاً بين الأقطار
موجٌ وعذاب يأخذهُ
جَزْراً.. لبعيد الأغوار
ويعود كمَدٍّ أرهقه
تَردادٌ.. غِبَّ الإبحار
*
تدرينَ على ماذا اشتبكت
شُهُب الأفلاك وأقماري؟
وبأيّ الأرض ذوى نَخلي
وبأيٍّ غاضَت أنهاري؟
ببلادٍ أكلت أعماراً
كانت كالزَّهر من الدّار
أقْوَت من بعد غَضارتها
تشكو من ظُلم الأغيار
*
أنا روحٌ شاخت في جسدٍ
وحنينٌ ناء بأوزار
والشّوقُ يدور بلا أملٍ
ليُمثّل كلَّ الأدوار
أنا حُلم أُجّل في زمنٍ
يستامُ القَرْم بدِينار
أنا صوت آفتُه رأيٌ
في عصر الطَّبلة والزّار

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن فراس عبد الرزاق السوداني

فراس عبد الرزاق السوداني

11

قصيدة

الاسم الأدبيّ: بقيّة كِندة محلّ وتاريخ الولادة: بغداد - العراق 1971م الدرجة العلميّة: دكتوراه فلسفة في الهندسة الإنشائيّة المهنة: ضابط سابق في الجيش العراقيّ وأكاديميّ ومهندس استشاريّ ومدي

المزيد عن فراس عبد الرزاق السوداني

أضف شرح او معلومة