الديوان » عمارة بن صالح عبد المالك » نظنّ إِسْلَامَنَا بِالْفَاهِ كَافِلَنَا!

عدد الابيات : 56

طباعة

أَ مُمْرِعٌ مَوْضِعٌ سُكَّانُهُ عَرَبُ

إِنْ يَنْزِلُوا مَوْطِنًا تَنْزِلْ بِهِ الْكُرَبُ?!

لَوْ قِيلَ لِي: لُبَّ، لَمْ أَلْبُبْ بِأَرْضِهِمِ

لَكِنْ أُسَارِعُ مَسْرُورًا مَتَى ذَهَبُوا

مِنَ النِّفَاقِ تَرَاهُمْ يُجْهِمُونَ وَ لَا

وَدْقٌ هُنَاكَ، وَ هُمْ عَطْشَى وَ هُمْ جُنُبُ

أَلْوَالِجُونَ جُحُورَ التِّيهِ مِنْ نَزَقٍ

وَ الْخَارِجُونَ عَنِ الْمَعْقُولِ مَا لَبِبُوا

كَمْ مِنْ عُصُورٍ أَيَادِيهِمْ مُخَضَّبَةٌ

بِالْخِزْيِ وَ الْعَارِ، لَا بِالْعِزِّ تَخْتَضِبُ

أَلْمُفْلِتُونَ عُرَى الدِّينِ الْحَنِيفِ بِهِ

عَلَتْ لَهُمْ رَايَةٌ لَمْ تَعْلُهَا الْحُجُبُ

وَ الرَّاغِبُونَ عَنِ الْأَسْبَابِ رَافِعَةً

وَ الرَّاغِبُونَ بِأَسْبَابٍ بِهَا صَبَبُ

هَيْهَاتَ يُفْلِحُ قَوْمٌ قَدْ رَمَوْا نَسَبًا

مَحْضًا، وَ رَامُوا دَخِيلَ الْعِرْقِ وَ انْتَسَبُوا

بَاعُوا الثَّرَى وَ أَضَاعُوا جُلَّ ثَرْوَتِهِمْ

لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ ثَمِينٌ ثَمَّ يُحْتَسَبُ

لَا فَرْقَ مَا بَيْنَ نَفْطٍ أَوْ نِطَافِهِمِ

لَوْ يَسْتَطِيعُونَ بَاعُوا كُلَّ مَا اكْتَسَبُوا

مِنْ نَرْجَسِيَّتِهِمْ يَرْجُو ابْنُ جِلْدَتِهِمْ

إِنْ لَمْ يُصِبْ قَطْرَةً أَنْ تُمْسِكَ السُّحُبُ!

وَ مِنْ تَبَاغُضِهِمْ إِنْ لَمْ يَصِلْ أَحَدٌ

غُصْنًا، يَوَدُّ لَوِ الْأَشْجَارُ تَلْتَهِبُ!

لَمَّا يَزَالُوا أَضُبًّا فِي فَدَافِدِهِمْ

إِذْ لَيْسَ يَنْحَلُّ مِنْ عُقْدَاتِهِ الذَّنَبُ

يُعَاوِدُونَ الذُّنُوبَ الْفَاتِكَاتِ بِهِمْ

دُونَ الْخَلَائِقِ لَمْ تَرْأَبْهُمُ الْحِقَبُ

فَالشَّمْلُ مُنْقَسِمٌ، وَ الْعَدْلُ مُنْقَصِمٌ

وَ الرَّأْيُ مُنْشَعِبٌ، وَ الْأَمْرُ مُضْطَرِبُ

بِالشَّعْبِ وَ الْمَالِ مَالَ الْحَاكِمُونَ إِلَى

شِعَابِ لَنْدُنَ أَوْ طَهْرَانَ وَ اغْتَرَبُوا

فَمِنْ غَسَاسِنَةٍ أَوْ مِنْ مَنَاذِرَةٍ

قِدْمًا، إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ يَا عَجَبُ!

يَا شُؤْمَ عُرْبٍ مِنَ الْغِرْبَانِ تُرْشِدُهُمْ

أَ كُلَّمَا نَعَبَتْ فِي خِرْبَةٍ نَعَبُوا؟!

لَنْ يُتْرِبُوا الدَّهْرَ أَذْنَابًا مُذَلَّلَةً

كَأَمْسِهِمْ زَحَفُوا، فَالْيَوْمَ لَنْ يَثِبُوا

قِيلَ: اضْرِبُوا بَعْضَكُمْ بَعْضًا بِأَرْضِكُمُ

فَإِنَّ أَقْرَبَكُمْ لِلْقَلْبِ مَنْ ضَرَبُوا

قُلْنَا: وَ إِنَّا لَنَا التَّمْكِينُ؟! قِيلَ: نَعَمْ

قُلْنَا: إِذًا هِيَ حَرْبُ الْأَهْلِ وَ الْحَرَبُ

سِلَاحُنَا قَبْلَ رَشَّاشٍ وَ قُنْبُلةٍ

فِيهَا الْخَدِيعَةُ وَ الْبَغْضَاءُ وَ الْكَذِبُ

تَشِيبُ مِنْ حَرِّهَا الصَّيْخُودِ أَصْبِيَةُ

ذُعْرًا، وَ تَذْهَلُ أُمٌّ عَنْهُمُ وَ أَبُ

وَ قَدْ تَعَالَى الْبُكَى وَ اغْرَوْرَقَتْ مُقَلٌ

وَسْطَ الْمَعَامِعِ وَ الْأَرْوَاحُ تُنْتَهَبُ

حَرْبٌ بَسُوسِيَّةٌ أَحْطَابُهَا بَشَرٌ

يَهْوِي الْجُنُونُ عَلَيْهِمْ مِثْلَمَا الشُّهُبُ

عُلَّتْ سَرَائِرُهُمْ، كُفَّتْ بَصَائِرُهُمْ

سَاءَتْ طَبَائِعُهُمْ لَمَّا انْتَفَى الْأَدَبُ

يَرُجُّ مِحْرَاكَهَا جَهْرًا زَعَابِلُنَا

مِنَ الْحُصُونِ، وَ عَنْ نِيرَانِهَا عَزَبُوا

بَيْنَا يُرَاقِبُهُمْ سِرًّا أَبَاطِرَةٌ

يُعَزِّرُونَ قِوَاهُمْ كُلَّمَا تَعِبُوا

يَخُوضُهَا نَاقِمُونَا فَوْرَ يُعْلِنُهَا

مِنْ بَيْنِنَا مَنْ لَهُ لَا اسْمٌ وَ لَا لَقَبُ

فَكُلُّنَا مِنْ قَلِيبِ الْمَوْتِ مُجْتَرِعٌ

بِئْسَ الْقَلِيبُ إِلَيْهِ الْكُلُّ يَنْقَلِبُ

نُمْسِي هَيَاكِلَ إِلَّا مِنْ غَوَائِلِنَا

جُوفًا، كَأَنَّ اغْتِيَالَ الْأَبْرِيَا لَعِبُ

أَخٌ يُبِيدُ أَخًا، وَ ابْنٌ يُبِيدُ أَبًا

هَيْجَاءُ شَعْوَاءُ لَا قُرْبَى وَ لَا نَسَبُ

تَدُوسُ أَرْجُلُنَا الْحَيْرَى عَلَى جُثَثٍ

تَحْتَ الدِّمَاءِ الَّتِي مَنْسُوبُهَا الرُّكَبُ

فَأَسْعَدُ الْخَلْقِ ذَيَّاكَ الَّذِي انْطَفَأَتْ

عَيْنَاهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَصْطادَهُ الرُّعُبُ

حَرْبٌ تَمِيعُ الصُّخُورُ الْقَاسِيَاتُ لَهَا

مِنَ الذُّرَى، وَ يَذُوبُ الْمَعْدِنُ الصَّلَبُ

إِذَا الشُّجَاعُ بِهَا أَبْلَى بَلًا حَسَنًا

تُشَاهِدُ الْبَوْلَ فِي فَخْذَيْهِ يَنْسَكِبُ

وَ خَلْفَ أَضْلَاعِهِ قَلْبٌ تَفَتَّقَ مِنْ

هَوْلٍ؛ يَهُزُّ جَنَاحَيْهِ وَ يَصْطَخِبُ

لَا دِينَ يَرْدَعُهَا، لَا عُرْفَ يَمْنَعُهَا

مَا الدِّينُ وَ الْعُرْفُ إِلَّا مَا قَضَتْ قُضُبُ

مَرْفُوعَةً فِي وُجُوهِ الْخَارِجِينَ عَلَى

أَصْنَامِنَا فِرَقًا يَقْتَادُهَا الْغَضَبُ

يُطَالِبُونَ بِأَوْطَانٍ قَدِ اسْتُلِبَتْ

مِنْهُمْ، وَ هُمْ أَوَّلُ الْأَسْلَابِ تُطَّلَبُ

لَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ أَنْ يَبْتَزَّ سَيِّدَهُ

مَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدَيْهِ الرُّمْحُ وَ الْيَلَبُ

فَأَنْزِلُوا الصُّمَّ مِنْ أَبْرَاجِهِمْ رَغَمًا

لَنْ يَنْزِلُوا رَغَبًا إِلَّا إِذَا غُلِبُوا

مِلْآنَ أَيَّتُهَا الْأَصْنَامُ لَنْ تَطَئِي

هَامَاتِنَا، وَ كَأَطْوَادٍ سَتَنْتَصِبُ

قَدِ انْتَهَى عَهْدٌ اِسْتَرْهَبْتِنَا غَنَمًا

مَا نَالَنَا مِنْكِ إِلَّا الذَّبْحُ وَ الْحَلَبُ

جَوَّعْتِ بَاطِنَنَا، جَرَّدْتِ ظَاهِرَنَا

أََلَا لِيَمْسَسْكِ ذَانِ الْعُرْيُ وَ السَّغَبُ

كَمِ اغْتَصَبْتِ مِنَ الْأَعْرَاضِ مُنْشِبَةً

فَينَا مَخَالِبَ خُبْثٍ لَيْسَ تَتَّئِبُ

وَ كَمْ نَهَبْتِ مِنَ الْخَيْرَاتِ تَذْخَرُهَا

لِأَهْلِهَا فَوْقَهَا أَوْ تَحْتَهَا التُّرَبُ

حَتَّى تَحَيَّرَتِ الْأَعْجَامُ سَائِلَةً:

”ثَرَاؤُكُمْ مِنْ ثَرَاكُمْ أَيْنَ يَا عَرَبُ؟!“

ثَرَاؤُنَا مِنْ ثَرَانَا!! هِيهِ أَسْئِلَةً

هَلِ الْجَهَالَةُ غَيْرَ الْبُؤْسِ تَجْتَلِبُ

كَأَنَّهَا ضَبُعٌ شَرْسَاءُ تَأْكُلُ مِنْ

أَمْخَاخِنَا شَرَهًا مُذْ صَابَنَا الْوَصَبُ

مِنْ أَلْفِ عَامٍ مَضَتْ لَمْ تُشْفَ أَنْفُسُنَا

بِالرُّغْمِ لَمْ يَفْشُ فِي أَجْسَادِنَا الْعَطَبُ

نَظُنُّ إِسْلَامَنَا بِالْفَاهِ كَافِلَنَا

فَي الْيَوْمِ وَ الْغَدِ تَأْتِينَا بِهِ النُّصُبُ

وَ أَنَّ تَوْحِيدَنَا لِلهِ خَالِقِنَا

كَافٍ وَ وَافٍ لِكَيْ تَسْمُو بِنَا الرُّتَبُ

هَيْهَاتَ! لَا يُدْرِكُ الْمَجْدَ الرَّفِيعَ سِوَى

مَنْ مَسَّهُ النَّبْخُ فِي دُنْيَاهُ وَ النَّصَبُ

تَعَلَّمَتْ أُمَمٌ فِي اللهِ مَا اعْتَقَدَتْ

فَكَانَ أَن أَفْلَحَتْ إِذْ قُدِّمَ السَّبَبُ

وَ آمَنَتْ أُمَمٌ لَكِنَّهَا انْدَحَرَتْ

بِتَرْكِهَا الْعِلْمَ وَ الْفِعْلَ الَّذِي يَجِبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمارة بن صالح عبد المالك

عمارة بن صالح عبد المالك

51

قصيدة

شاعر جزائري، من مواليد 1973 بالشريعة ولاية تبسة، درس اللغة الأنجليزية والحقوق. عمل أستاذا للغة الأنجليزية بضعَ سنوات، ثمّ مفتّشا للشّرطة فترةً قصيرة. زار عدّة بلاد في العالم، ويُقيم حاليا خ

المزيد عن عمارة بن صالح عبد المالك

أضف شرح او معلومة