الديوان » عمارة بن صالح عبد المالك » أَعَافُكَ حَيًّا مَيِّتًا

عدد الابيات : 78

طباعة

خَبُرْتُكَ نَذْلًا فَاسِدَ النَّفْسِ غَاوِيَا

وَ مَا زِلْتَ فِي نَفْسِ الرَّذَائِلِ ثَاوِيَا

كَأَنّكَ عَادَيْتَ الْمَكَارِمَ يَافِعًا

وَ كَهْلًا وَ شَيْخًا، لَسْتُ فِيكَ مُغَالِيَا

تَدُبُّ إِلَى السَّبْعِينَ دَبَّةَ غَيْلَمٍ

عَلَى ظَهْرِهِ الْحَانِي اسْتَوَى الذُّلُّ جَاثِيَا

وَ لَمْ تُرَ يَوْمًا مُثْقَلًا مُتَأَفِّفًا

وَ لَمْ تُلْقَ مَكْرُوبًا وَ لَمْ تُلْفَ بَاكِيَا

وَ هَلْ يَبْكِيَنَّ الْقُبْحَ فِي نَفْسِهِ امْرُؤٌ

يَرَى أَقْبَحَ الْمُسْتَقْبَحَاتِ عَوَافِيَا؟!

عَهِدْنَاكَ كَذَّابًا لَئِيمًا مُنَافِقًا

حَقُودًا حَسُودًا نَرْجَسِيًّا مُرَائِيَا

وَصَلْتَ إِلَى مَا تَرْتَجِيهِ تَمَلُّقًا

وَ أَعْيَا الشَّرِيفَ الْفَذَّ مَا كَانَ رَاجِيَا

بِأَرْضٍ يُعَاقُ اللَّيْثُ فِيهَا وَ يُزْدَرَى

وَ يُجْعَلُ قِرْدٌ لِلْجَمَاهِيرِ رَاعِيَا

وَ حَاشَا لِفَذٍّ أَنْ يُبَدِّدَ حُسَّدٌ

عَزَائِمَهُ أَوْ أَنْ يُبِيدُوا الْمَسَاعِيَا

جَلِيدٍ لَجُوجٍ مُدْرِكٍ مُتَدَارِكٍ

سَيَبْلُغُ مَهْمَا عَطَّلُوهُ الْمَرَامِيَا

أَلَا تَسْتَحِي يَا نِصْفَ أَمْرَطَ إِذْ نَعَى

لَكَ الْقِحْفَ شَيْبٌ لِلْقَفَا بَاتَ غَازِيَا؟!

أَمِ اعْتَادَتِ الْأَعْضَاءُ مِنْكَ مَوَاتَهَا

كَرُوحِكَ وَفَّيْنَاكَ فِيهَا التَّعَازِيَا؟!

إِذَا عَدِمَ الْأَخْلَاقَ قَوْمٌ فَدَعْهُمُ

وَ سَلِّطْ لَدَى اللُّقْيَا عَلَيْهِمْ مَكَاوِيَا

خَبِيثٌ جَبَانٌ عَاجِزٌ مُتَلَهِّفٌ

عَلَى كُلِّ مَنْفُوسٍ غَدَا لَكَ هَاجِيَا

يَفُوزُ بِهِ الْحُذَّاقُ قَدْرَ اجْتِهَادِهِمْ

وَ تَرْقُبُهُمْ مِنْ تَخْتِ زَوْجَيْكَ قَالِيَا

لَوِ اسْطَعْتَ تَفْدِي فَائِتًا بِكِلَيْهِمَا

لَسُقْتَهُمَا لِلرَّيِّسِينَ جَوَارِيَا

أَيَا جَشِعًا مَا كُلُّ شَيْءٍ بِرَائِقٍ

وَ لَا كُلُّ مَنْ تَلْقَاهُ فِي السُّوقِ شَارِيَا

كَمِثْلِكَ مَنْ تَبْتَاعُهُمْ بِدِيَاثَةٍ

يَزُفُّونَ لِلْغَيْرِ النُّفُوسَ عَوَارِيَا

فَتَبًّا لِمُعْطِيكَ الْوَظِيفَةَ أَوَّلًا

وَ تَبًّا لِمَنْ رَقَّاكَ فِي السِّلْكِ ثَانِيَا

بِعَهْدٍ قَرِيبٍ كُلُّ مَنْ جَرَّ مِرْقَمًا

يُنَادُونَهُ: ”يَا سِي فُلَانُ“ تَدَانِيَا

مُدَرِّسَ صِبْيَانٍ جَهِلْتَ مَنَاهِجًا

وَ لَمْ تَكُ إِلَّا بِالْخَدِيعَةِ دَارِيَا

تَغُشُّ بَرَاءَاتٍ تَظُنُّكَ قُدْوَةً

وَ قُدْوَتُكَ الشَّيْطَانُ لَبَّيْهِ دَاعِيَا

وَ تُلْقِي عَلَى آبَائِهِمْ مَا لَقِيتَهُمْ

سَلَامًا وَ مَعْسُولَ الْكَلَامِ مُرَابِيَا

يَعُومُونَ فِي أُمِّيَّةٍ وَ بِنِيَّةٍ

يَقُولُونَ: اِزْرَعْ فِي الْبَنِينَ الْمَعَالِيَا

وَ أَخْرِجْ لَنَا مِنْهُمْ طَبِيبًا وَ ضَابِطًا

وِ مِثْلَكَ أُسْتَاذًا وَ آخَرَ قَاضِيَا

تُرِيدُ حَلِيبًا سَائِغًا مِنْ شِيَاهِهِمْ

وَ جُبْنًا وَ بَيْضًا نَالَكَ السُّقْمُ بَاقِيَا

كَأَنّكَ تَبْغِي مِنْهُمُ الشُّكْرَ وَ الرِّشَى

عَلَى وَاجِبٍ لَمْ تُبْدِ فِيهِ تَفَانِيَا!

فَمَا تَلِجُ الْأَقْسَامَ إِلَّا تَضَجُّرًا

وَ لَا تَتَوَلَّى الدَّرْسَ إِلَّا تَوَانِيَا

تُضَيِّعُ أَوْقَاتَ التَّلَامِيذِ غَالِبًا

بِأَنْ تَلْزَمَ الْكُرْسِيَّ تَفْتَأُ لَاغِيَا

بَعِيدًا عَنِ الْبَرْنَامَجِ الْمَدْرَسِيِّ، لَا

لِمَعْبُودِنَا لَا لِلْعِبِادِ مُرَاعِيَا

وَ لَسْتُ مِنَ الْمُسْتَغْرِبِينَ خَبَاثَةً

تَأَوَّتْكَ مَا لَمْ يَغْدُ قَلْبُكَ زَاكِيَا

تُطَيِّرُ أَعْيَانًا إِلَى كُلِّ طِفْلَةٍ

تَمَنَّى إِلَيْهَا أَنْ تَمُدَّ الْأَيَادِيَا

أَلَا اقْعُدْ عَلَى الْمِذْرَى أَيَا ثَعْلَبَ الْخَنَا

بَنَاتُ الطَّهَارَى كَالنُّجُومِ سَوَامِيَا

عَفِيفَاتُ أَرْوَاحٍ عَفِيفَاتُ أَجْسُمٍ

وَ مَا بَلَغَتْ أَعْمَارُهُنَّ الثَّمَانِيَا

حَلِيمَاتُ أَلْبَابٍ يَذُبْنَ مِنَ الْحَيَا

وَ يُصْبِحْنَ فِي وَجْهِ الْخَبِيثِ أَفَاعِيَا

وَ لَسْنَ كَقِرْدَاتٍ إِلَيْكَ انْتِسَابُهَا

وَ لَسْنَ كَمَنْ تَحْيَا عَلَيْهِنَّ بَانِيَا

فَلَا الْعِزُّ لِلدَّارِي صَدِيقًا مُوَالِيًا

وَ لَا الذُّلُّ لِلْأُمِّيِّ مَوْلًى مُصَافِيَا

وَ آفَةُ الِاثْنَيْنِ السَّجَايَا فَإِنَّمَا

كَفَى الْمَرْءَ أَنْ يُلْفَى خَلُوقًا وَ وَاعِيا

وَ مِنْ تَلَفِ الدُّنْيَا يَصِيرُ لِئَامُنَا

أَكَارِمَنَا وَ الْأَسْفَلُونَ أَعَالِيَا

لَرُبَّتَمَا فِي الصِّغْرِ كُنْتَ مُخَنَّثًا

مُحِبًّا لِأَفْعَالِ النِّسَا وَ مُحَاكِيَا

فَأَصْبَحْتَ مَيَّالًا إِلَى جِنْسِكَ الَّذِي

تَمَنَّعَ أَنْ يَنْسَاكَ مَا كُنْتَ نَاسِيَا

تَتُوقُ إِلَى إِثْبَاتِ بَعْضِ رُجُولَةٍ

بِلُبْسِكَ رَبْطَاتِ الْجُيُودِ الزَّوَاهِيَا

وَ فِعْلُكَ مُحْتَالٌ وَ قَوْلُكَ مَائِنٌ

وَ ذَاتُهُمَا ظَلَّتْ عُقُودًا كَمَا هِيَا

وَ كَبْتُكَ وَضَّاحٌ وَ شَيْبُكَ فَاضِحٌ

وَ لَكِنْ بِذَا أَوْ ذَاكَ لَسْتَ مُبَالِيَا

مُدِيرَاكَ مِنْ قَبْلِ الْمُدِيرِينَ كُلِّهِمْ

هُمَا أَصْغَرَاكَ الشَّاحِذَانِ جَدَاوِيَا

فقَلْبُكَ نَقْنَاقٌ بِصَدْرِكَ خُبْثُهُ

وَ فِي فِيكَ أَفْعَى دَأْبُهَا أَنْ تُدَارِيَا

تَنَزَّيْتَ حِينًا فِي الْمَدَارِسِ ظَالِمًا

إِلَى الْعَامِلِينَ الطَّيِّبِينَ مُعَادِيَا

فَخُورًا وَ مَغْرُورًا وَ مُنْتَفِشًا بِهَا

بِأَنْ صِرْتَ فِيهَا الْأَوّلَ الْمُتَبَاهِيَا

تُلَفِّقُ تُهْمَاتٍ فَوَائِقَ ضِدَّهُمْ

وَ تُرْسِلُ لِلْمَسْؤُولِ عَنْكَ الشَّكَاوِيَا

لِتُخْطِرَهُ إِنِّي هُنَا رَبُّ أَمْرِهَا

وَ لَا شَائِبًا إِلّا يُغَرْبَلُ صَافِيَا

تُشَرِّفُنِي جِدًّا مُرَاسَلَتِي لَكُمْ

وَ تُؤْسِفُنِي شَكْوَايَ مَنْ كَانَ جَانِيَا

مُوَثَّقَةً يَا سَيِّدِي بِأَدِلَّةٍ

وَ وَحْدَكُمُ الْقَاضِي وَ مَا حُكْمُهَا لِيَا

وَ إِلّا لَمَا رَاجَعْتُكُمْ فِي جُنَاحِهِ

وَ ثَأْثَأْتُ عَنْ هَذَا الْمُوَظَّفِ عَافِيَا

فَأَعْظَمُ خَلْقِ اللهِ عَافٍ عَنِ الْوَرَى

أُعِدَّ لِنَارِ الْمُخْطِئِينَ مَطَافِيَا

خَسِئْتَ! فَمٌ كَالْبُوقِ يُنْشِدُ حِكْمَةً

وَ لُبٌّ غَوِيٌّ يَنْشُدُ الْحُمْقَ هَادِيَا

تَغَارُ مِنَ الْأَفْضَالِ مَاطِرَةً لَدَى

سِوَاكَ، وَ عَنْ أَرْضِيكَ تُبْدِي التَّغَاضِيَا

إِذَا لَمَعَتْ نَعْلَا أَغَرَّ لَعَنْتَهُ

بِعَيْنَيْكَ إذْ تُضْحِي كَرَقْمَيْنِ خَافِيَا

تَمَنَّى مِنَ الْبُخْلِ احْتَذَى النَّفْسَ أَنْ تَرَى

حَوَالَيْكَ أَقْدَامَ الرِّجَالِ حَوَافِيَا

وَ فِيكَ مِنَ الْعُقْدَاتِ مَا لَيْسَ يَنْجَلِي

سِوَى أَنْ تُرَى عَنْ كَوْكَبِ الْأَرْضِ جَالِيَا

تَظُنُّكَ يَا أَعْمَى الْبَصِيرَةِ عَالِمًا

وَ أَبْصَرُ مِنْكَ الْمُبْصِرُ الصُّبْحَ قَانِيَا

بِمُجْتَمَعٍ تَهْوَى الْجَهَالَةُ وَصْلَهُ

حَبِيبًا، وَ لَا يَدْرِي بِمَحْيَاهُ هَاوِيَا

فَخَادَعْتَهُ غِرًّا وَ نَصْفًا وَ لَمْ تَزَلْ

تُخَادِعُهُ بَعْدَ التَّقَاعُدِ فَانِيَا

مُبَدِّلَ بَدْلَاتٍ عَبَايَاتِ أَعْرُبٍ

وَ لَمَّا تُبِدِّلْ مُخْزِيَاتٍ مَعَالِيَا

كَأَنّكَ فِي هَاتِيكَ سِمْسَارُ مَرْقَصٍ

وَ فِي هَذِهِ رَاقٍ يَحُوكُ الدَّوَاهِيَا

أَلَا رُبَّ حَيٍّ بِالْحَرِيرِ اتِّزَارُهُ

يَعِيشُ بِفُقْدَانِ الْكَرَامَةِ عَارِيَا

وَ صَاحِبِ أَسْمَالٍ مُهَابٌ جَنَابُهُ

أَشَمُّ عَلَيْهِ الزِّيُّ لَمْ يَغْدُ زَارِيَا

عَرَفْتَ زَمَانًا نُقْطَةَ الضَّادِ أَيْنَهَا

فَأَوْشَكْتَ تَنْثُو: جِئْتُ بِالْوَحْيِ دَاعِيَا!

وَ رُحْتَ كَ”دُونْكِيشُوطَ“ أَشْمَطَ تَدَّعِي

فُرُوسِيَّةً فِي الْجَرِّ وَ الْجَزْمِ وَاهِيَا

تَجُرُّ الْفَرَاهِيدِيَّ وَ الْجَوْهَرِيَّ وَ الْـ

ـكِسَائِيَّ والْفَيْرُوزَبَادَيَّ عَاتِيَا

وَ تَجْزِمُ أَعْتَى خَالَوَيْهِ وَ أَخْفَشًا

فَيُصْبِحُ مَا قَدْ خَلَّفَا مُتَوَارِيَا

وَ تُرْسِلُ عَطْفًا نَفْطَوْيْهِ وَ سِيبَوَيْـ

ـهِ واللُّغَوِيِّينَ الْقُرُومَ الْمَنَافِيَا

فَقَعْسًا وَ رَفْسًا ثُمَّ طَمْسًا لِطَالِعٍ

أَتَى عَائِدًا لَمَّا طَلَبْتَ مُدَاوِيَا

وَ أَحْسَبُهُ مِمَّنْ يُضَيِّعُ دَرْبَهُ

وَ إِلّا لَمَا وَافَى امْرَأً لَيْسَ وَافِيَا

 سَأَحْيَا أَيَا رِعْدِيدُ أَلْحُوكَ مُنْصِفًا

وَ مَا أَنَا وَحْدِي فِي الْبَرِيَّةِ لَاحِيَا

وَ لَا أَنَا سَادِيٌّ أَيَا سَيِّدَ الْأَذَى

وَ يَعْلَمُ رَبِّي لَا أُحِبُّ الْمَآذِيَا

تُدَنْفِشُ مِنْ مَقْتٍ مُخَيِّلَتِي لِمَا

مَضَى، وَ لِسَانِي لَا يُدَنْفِسُ رَاضِيَا

أَعَافُكَ حَيًّا مَيِّتًا وَ بِقُوَّةٍ

كَمَا ”عِيفَ جِدِّي“ غَيْرَةً وَ تَحَاشِيَا

أَلَا دُكَّتِ الْأَرْضُ الّتِي دُسْتَ فَوْقَهَا

وَ لَمْ تَعْتَقِلْ إِبْلِيسُ رِجْلَيْكَ مَاشِيَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمارة بن صالح عبد المالك

عمارة بن صالح عبد المالك

51

قصيدة

شاعر جزائري، من مواليد 1973 بالشريعة ولاية تبسة، درس اللغة الأنجليزية والحقوق. عمل أستاذا للغة الأنجليزية بضعَ سنوات، ثمّ مفتّشا للشّرطة فترةً قصيرة. زار عدّة بلاد في العالم، ويُقيم حاليا خ

المزيد عن عمارة بن صالح عبد المالك

أضف شرح او معلومة