الديوان » عمارة بن صالح عبد المالك » الصُّنَانُ الفائحُ

عدد الابيات : 51

طباعة

جُرثُومةٌ كلّما مرّتْ على بالِي

أردتُ في وجهِها اسْتفْراغَ أبْوالِي

شاختْ ولم يشخِ الخبثُ اللّعينُ بها

و الرّأسُ شابتْ بقايا شعرِها البَالِي

و”مَن يَشِبَّ على شيءٍ عليه يَشِبْ“

هذا لَعَمْرُ الْأُلَى مِقياسُ أنْذالِ

لعلّ أنقى الخَلايَا من خَساستِه

تلكَ الّتي تَحتوِي أطْباعَ مُخْتالِ

وإنّ أوْسخَها طُرًّا وأخْلعَها

تلكَ الّتي امْتلأتْ من زُورِ أقْوالِ

ما زالَ يضربُ في الْبُهتَانِ أمثِلةً

ما لا يُطيقُ عليه كلُّ دَجّالِ

ما زالَ كالكلبِ مِهذارًا وقد سقَطتْ

أسنانُه، غارقًا في القيلِ والقالِ

أُذْنَاهُ تَسْترِقانِ السّمعَ من بَشرٍ

ممْدودَتانِ كآذانٍ لِأبْغالِ

والمُقلَتانِ يَجولُ المكرُ وسْطهُما

لا تَستطِيعانِ مكرًا دون تَجْوالِ

فضُعفُ مَسمعِه والْعَشْوُ في كِبَرٍ

لم يَمنَعاهُ هِوايَاتٍ على البَالِ

تَراهُ مُنتَفخًا في القومِ مُفتَخرًا

يذمُّ شيخًا ويبكي اليَافعَ الخَالِي

أنا أنا وأنا، إنّي وكنتُ، ولا

تُصِيخ إلّا إلى ضرْطاتِ مَوّالِ

لنَرجَسيّتِه غَوْرٌ يَحارُ بهِ

مُحلّلُو أنفسٍ قُرّاءُ أحْوالِ

لا شكَّ يُعْجزُهمْ أن يفهمُوا عِللًا

تَوالدتْ فيه قد أدّتْ لِأعْطالِ

حتّى الحَرائرُ لا يَعْشقْنَ أنْفسَهُـ

ـنّ مثلَ مُسترْجِلٍ مِخْناثِ أفْعالِ

والعُنصُريّةُ فيه لا نُضوبَ لها

يَعُبُّها عَلَنًا من غيْرِ إِقْلالِ

الأوّلُ الذّاتُ والثّاني قَبيلتُه

و ما سِواهمْ رِعاعٌ دون أفْضالِ!!

بلْ لا يَليقُ بهمْ إلا القَنَانةُ أو

يُلْقَوْنَ مثلَ قُمامَاتٍ وأزْبالِ

قُبِّحتَ من جاهلٍ وغدٍ بلا شرفٍ

لو كنتَ أذْكى حِجًا من بعضِ جُهّالِ

كذَا إذا اكْتسبَ المَغرُورُ مَعرِفةً

قليلةً لَبِسَ الأهْواءَ كالشّالِ

الجسمُ في لُبُسِ الأعْرابِ مُلْتبِكٌ

لا إبنُ ريفٍ ولا حدّاءُ أجْمالِ

والجسمُ في بِدَلِ الإِفْرنْجِ مُرْتَبكٌ

لا إبنُ حاضرةٍ لا ربُّ أعْمالِ

جميعُ أعْضائِه تغفُو الغُضونُ بها

آجَالُه حاضراتٌ قبْل آجَالِ

ويَعشَقُ العيشَ والدّنيا وزِينتَها

في أرْذلِ العُمْرِ مَخدُوعًا بآمَالِ

نَكْسًا وتَعْسًا له مُقتادَ مَركَبةٍ

مُرتادَ مَاشيةٍ طمّاعَ أمْوالِ

قبْلَ التّقاعدِ كان الذُّعْرُ يَقتلُه

من رَيِّسِيهِ، وما كانُوا بقُتّالِ

يَخشَى كفَأرٍ زِياراتٍ مُفاجئةً

عليه ينْهالُ مسؤولٌ بتَسْآلِ

ولم يكنْ بارعَ التّسييرِ مُضطَلِعًا

إذِ الإدارةُ في فوْضى وبَلْبَالِ

مديرُ مدرَسةٍ في إثْرِ مدرَسةٍ

أضاعَ جيلًا فجيلًا بين أجْيالِ

مُعوِّضًا كلَّ تَفرِيطٍ ومَهزَلةٍ

بلَحْسِ أَنْعُلِ مَسؤُولِيه والوَالِي

وهلْ يُنوَّلُ يومًا أيَّ ترقيةٍ

في السّلكِ دون اتّباعٍ سهلَ مِنوَالِ؟!

وهلْ يَنالُ رضَا السّاداتِ كلّهمِ

لو لم يُجِدْ سنَواتٍ ضرْبَ أطْبالِ؟!

لمّا يَزلْ من قديمِ العهدِ مُتّضِعًا

غريقَ بحرِ مَهاناتٍ وإِذْلالِ

للآنَ للآنَ يَستَقوِي على الضُّعفَا

كمَا تَقوَّى على ضَعْفٍ بعُمّالِ

فكمْ أعدّتْ يَداهُ من مَصائدَ لِلْـ

ـمُوظَّفينَ، وكمْ مدّتْ مِنَ احْبالِ

اللهُ حَسْبُهمُ فيما لَقُوهُ بَغًى

”منَ المُحالِ أجلْ دَيْمَومةُ الحَالِ“

لم يَخْلُ من بَخَلٍ يومًا ومن حسدٍ

خصْماهُ: ذو نعمةٍ، ذو منزلٍ عالِي

تَضيقُ أنْفاسُه إن قيلَ في رجلٍ

فلانٌ اِبنْ فلانٍ بَطْلُ أبْطالِ

أو قيلَ فاز فلانٌ أو رأى بشرًا

يَحظَى بشيءٍ أوَ الْفَى شخصَ مِفضَالِ

و الحقدُ مُتّقدٌ ما بين أضْلعِه

و الكيدُ في رأسِه مِثْقالُ أجْبالِ

مُحتالُ أسْئلةٍ غشّاشُ أجْوبةٍ

يُحبُّ خيرًا فقطْ للنّفسِ والآلِ

مُنافقٌ يركبُ الدّينَ الحَنيفَ إذا

لم تُجْدِهِ طُرْقُ إبْلاغٍ وإيصالِ

لعلّه لا يُصلّي لا يَصومُ سوى

للنّاسِ، إذ زُهْدُه زيتٌ بغِرْبالِ

أنا أكذّبُ إخْلاصًا يُصدّقُه

غيْري إذا شَاهدُوهُ عنْد رِئْبَالِ

إن أنْدهشْ فلذِي سبْعينَ مُسْترِقًا

إلى الصّغيراتِ وَيْ نظْراتِ أصْلالِ!!

من صِغْرِه كان كَرَّافًا وظلَّ كذَا

كهلًا وشيخًا، وتِفْتَافًا بلا نَالِ

لا أحْسِبُ الطّبعَ قبْلَ الموتِ مُنْقلِبًا

إلى جميلٍ، ولا بَخْسًا إلى غالِي

دنَاءةٌ دَجَلٌ بغْضاءُ مَلْأمَةٌ

نميمةٌ وخنًا شتّى له صالِي

مَن أنتَ؟! مَن أنتَ؟! قلْ للنّاسِ يا ابْنَ زِنًى

مَن أنتَ؟! قلْها لنا، مَن أنتَ؟! قلْها لِي

سُمِّيتَ دون الأسَامِي ”عِيفَةً“ كَذِبًا

فالْعِيفَةُ اللّفظُ تعني أحْسنَ المَالِ

كان الأصحَّ تُسمَّى ”جِيفَةً“ لِصُنَا

نٍ فائحٍ منكَ طولَ العُمْرِ قَتّالِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمارة بن صالح عبد المالك

عمارة بن صالح عبد المالك

51

قصيدة

شاعر جزائري، من مواليد 1973 بالشريعة ولاية تبسة، درس اللغة الأنجليزية والحقوق. عمل أستاذا للغة الأنجليزية بضعَ سنوات، ثمّ مفتّشا للشّرطة فترةً قصيرة. زار عدّة بلاد في العالم، ويُقيم حاليا خ

المزيد عن عمارة بن صالح عبد المالك

أضف شرح او معلومة