الديوان » محمد الشربيني » يوميات متجوِّل

 
وأظلُّ يُسْلمُني الطريقُ .. إلى طُرُقْ
فأنا .. ونهرُالحزنِ .. والترحالُ
_منذ بَدَأْتُ هذا النزفَ_
ثالوثٌ يتابعُ سَيْرَه المَقْدورَ
يحلمُ بالديارِ 
وضَمَّةٍ تطوي الأرَقْ 
لكنني .. مِنْ بعد تِطْوافي المُمِضِّ
أعودُ .. تصفعني الحدودُ
كَفَارسٍ تتثاءبُ الأبوابُ ...خَشْيةَ ظِلِّه الآتي
وتعبَسُ إذْ أطلَّ بوجهه
يدُه تُلَمْلمُ ما تبَعْثرَ... من كنانته
فلمْ يحملْ من المحظورِ 
غيرَالحلمِ حاصَرَه الصدأ ْ
وقصيدةٍ تشكو إلى النهرالظمأ ْ
وهـويَّةٍ شمَّاءَ تحملُ ألْفَ توقيعٍ 
تؤكدُ أنَّه العربيُّ يُطْرِبُه التكاثرُ... والتفاخرُ
فـاستزادَ تسلُّحاً 
من عِلْمِ أنسابِ القبائلِ ... وانطلقْ 
       ★  ★                 
في وجهِ أبوابِ المدينةِ 
واتهامِ الأعينِ المُستجْوِباتِ 
هويِّتي أشهرْتُها .. هلْ من مُنازِلْ 
ملهوفةٌ مِثْلي
تتابعُ سيرَها هذي القوافلْ
مَلْأَى بكلِّ المُتْعَبين المُبْطِئين
لعلَّهم يَلْقَوْن منتظِراً
يُلوِّحُ بابتسامةِ مُقْلتَيه مُرَحِّباً
وأنَا أحدِّقُ في الجموعِ ... فلا أرى 
تتلاحق النظراتُ 
أبحثُ عن غطاريفِ القبائُلْ
ترتدُّ حاسرةً .. أغضُّ الطرفَ
تصفعُني تماثيلٌ 
قد انتصبتْ على كلِّ المداخلِ  
للعماليق الأوائلِ ... آه لو نطَقَ الحجرْ
    ★  ★            
كمْ أعشَقُ التجوالَ 
ْبين عَوَامِ حاضرةِ الخلافة ْ
مُتَعَمِّماً بِفَرَاسَتي
مُسْتَنْطِقاً صمتَ الرعيَّةِ 
ْفي الضيافة ْ
لكنَّهم يتحسَّسون شفاهَهم .. ورقابَهم
    : للَّيلِ آذَانٌ .. وللجدرانِ ألْسِنةٌ
      وأنتَ تَحُومُ 
      حيث كمائنُ الحرَّاس تفترسُ الخلافةَ 
      ليلَها ... ونهارَها 
وأسيرُ أسمعُ ... وَقُعَ أقدامٍ مُدَجَّجةٍ
تتابعُ خُطوَتي .. هل أنعطفْ 
ما من مُجِيرٍ حين تبتلعُ الأزقَّة ُصَرْختي
هل أختبئْ 
منذ الصِغَـرْ
قد أدمنتْني بعضُ عاداتٍ 
تُعَـدُّ من الرذائلٍ 
كالتطيُّرِعند رؤيةِ ظِلِّ شُرطيٍّ 
وتفكيري بصوتٍ .. والحَذَرْ
الظـلُّ سدَّ منافذي.. والساعدانِ استوقفا
فإذا رأيتَ الـريحَ قادمةً .. أتثْبتُ 
لا جُناحَ إذا انحنيتَ توَدُّدا
ويمرُّ تفتيشٌ فأحْمَدُ فِطْنتي
حين التقطتُ بهذه الحِكَمِ الرشيدةِ مَخْرَجا
       ★  ★
وأهيمُ قد أدْمَتْ سياطُ الظنِّ أنسجتي
كأنَّ ملامحي قـد أسْكَنوها ألفَ شُرطيٍّ..
فأفـزعُ كلَّما هتكتْ سكونَ الليلِ 
خطواتٌ تُرَاقبْ 
أمضي يلاحقُني خيالي 
صوتُ أنفاسي ...
أنينُ السائرين بلا انقطاعٍ 
والمصابيحُ الشواحِبْ
ملعونة ٌهذي المدينة ُ
ذلك المخدوعُ شيَّدَها تَسُرُّالناظرين 
كحلمِ مولاه المُعـزِّ
تجاورُالأفلاكَ لؤلؤةً .. وقاهرةَ الكواكبْ
ملعونة ٌهذي المدينة ُ
صرخة ٌحَبَسَ انفجارَ حروفِها
شَفَتانِ يابستانِ
في وجهٍ بدا إشراقُه
يتلو من القرآنِ آياتٍ تُثبِّتُ قلبَه
فلقد رأى 
من عدل والينا المُعَظَّم ما رأى
لا تبتئسْ
أو ترتقبْ في وجهيَ المجهولِ 
سجَّاناً بألفِ وَثاقْ
لا تُخْفِ ما فعلتْ بكَ الأشواقْ
طالتْ أظافرُ صمتِنا..والمُتْعَبون رفاقْ
      ★  ★ 
وتَمُرُّ ليلتُنا الضريرةُ ... لمْ نَنمْ
بَوحٌ لجُـرحٍ ما التأمْ
وحديثُ قلبٍ ...
لم يكن لِيَعُضَّ إبهامَ الندمْ
عند الوداعِ .. استأْمَنَتْني مُقْلَتَاه
أَسَرَّ شيئاً لا يغادرُ ليلَه ؛
       ناراً 
       تشُبُّ بِقاعِ هذا النهرِ ظامئةً 
       وزَلزَلةً بقلبِ السفحِ 
       تستبقان .. تعتليان أسوارَ القِمَمْ
أنبوءةٌ .. أَمْ أنَّها أضغاثُ أحلامٍ  
تراءت كالعدم
مازال يوسفُ تحتويه غياهبُ السجنِ الأَصَمّْ
والسجنُ مُمتدٌ 
يموجُ بألفِ يوسفَ ما ازدحمْ
كفِّي على الأبوابِ ... تصرخُ 
أيها الصدِّيق.. نَبَئْنا بتأويلِ النبوءةْ
       ★  ★  

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد الشربيني

محمد الشربيني

14

قصيدة

شاعر مصري من مواليد الإسكندرية والنشأة بها فترة الصبا حتى العام الثاني عشر ثم الانتقال إلى المنصورة ★درجة الليسانس في الآداب والتربية قسم اللغة العربية ع٨٤/ كلية التربية جامعة طنطا ★كتبت

المزيد عن محمد الشربيني

أضف شرح او معلومة