الديوان » مظهر عاصف » أشباه الزّبد

السّادسةُ صباحًا
قتلوكِ؟!
هذا البحرُ يرفضُ أن يعاديْ الرّيحَ
والسّفنَ الغريبةَ فاقئًا
مِن أجلِ عينيها عيونَ الموجِ
والأسماكِ مُحتفيًا بأشباهِ الزّبدْ
قتلوكِ؟
هذا البحرُ ممتلئٌ بخيماتٍ ممزّقَةٍ
وأقدامٍ مُشقَّقَةٍ
وليلاتٍ يودُّ الوهمُ فيها أنْ يعيشَ إلى الأبدْ
كلُّ القوافلِ قد أضاعَت نوقَها
كلُّ القبائلِ أرسلَتْ خلفَ السّموألِ بوقَها
وكُليبُ تخدعُهُ البَسُوسُ
ولا يَرى وجهَ الجليلةِ
أو يرى ممشوقَها
والزّيرُ يقتلُهُ الغُرورُ ولا يصدِّقُ ما جرى
يبتاعُ سيفًا
ثمَّ يقتلُ كلَّ أفرادِ القبيلةِ
ثمَّ قيلَ بأنَّهُ للرّومِ أسلمَ درعَه
ويقالُ باعَ الثأرَ
باعَ الخمرَ في ملهى البغايا واشترى
أوطانُنا حقلُ التّجاربِ للرّصاصاتِ المقيمةِ
في صدورِ الرّافضينَ
القابلينَ
ومَن تحدَّثَ أو تهرَّبَ أو وقَفْ
يتربّصونَ وقوعَها
يتحسّسونَ على الظّلامِ ضلوعَها
يتقاتلونَ لقتلِها
ولقتلِها اتَّخَذوا فتاةَ الماءِ في «تعز» الهدفْ
أوطانُنا حقلٌ مِنَ الألغامِ مزروعٌ بأحلامِ البلادِ وقدْ
غدتْ
شبحًا يقالُ لهُ البلادْ
تكتظُّ أسواقُ الأمانِ
ومَتجرُ الإنسانِ
والسّلمِ المُسيّسِ بالعَتادْ
تكتظُّ بالوطنِ المُجرّدِ مِن زعاماتٍ تليقُ بها السّيادةْ
بالخائفينِ مِنَ المماتِ وحيُّهُمْ
قدْ ماتَ مِنْ قبلِ الولادةْ
ماذا سيبقى منكِ يا «صنعاءُ» والطّائيُّ يعقِرُ راضيًا
للفُرسِ إن جاعوا جيادَهْ؟
ماذا سيبقى حينَ ينهَبُ ضَرعَها العربيَّ بُهلولٌ
ويحسبُها بلادَهْ
حينَ لا تبقى السّيوفُ هي السّيوفُ
ولا الجيوشُ هي الجيوشُ
ولا القِلادةُ حولَ أعناقِ الملوكِ هي القلادَةْ
قد يُقسِمونَ على الحضورِ فلا تظنِّي
أنَّ قولًا يحملُ اللاءاتِ قد يمشي إليكِ
أو يغادرُ _بعدَ أن يُحكى_ السّطورْ
إنّهم يخشونَ مِن صوتِ ارتشافِ الوجنِ للدّمعِ
الحَرورْ
قد فاضَتْ الخيباتُ فيهم
فاضَ فيهم كلُّ شيءٍ مِن هروبٍ وانهزامٍ هادئٍ
وبهم تهاوى مثلَ عادتِه الحُضورْ
يا مَن قصدتِ الأرضَ للسّقيا
فبتّ السّاقيةْ
يا ألفَ حلمٍ صادروه من الثّيابِ الباليةْ
يا ألفَ أنثى لم تَجِد في القومِ قلبًا حانيًا
فجميعُهم عندَ الخدورِ زبانيةْ
قتلوكِ؟
قتلوكِ كي تحيا العمائمُ
والعباءاتُ ال تبيعُ المَتنَ
والأنسابَ
والإسنادَ من أجلِ الهِباتْ
مَن يصنعونَ مِن المواعظِ بعدَ ليِّ الواضحاتِ
ومثلما يهوى أميرُ المؤمنينَ لهُ السّياطْ
مَن يرقصونُ إذا لهم غنّى أميرُ المؤمنينْ
مَن صفّقوا للتّأتآتِ إذا بها يشدو أميرُ المؤمنينْ
مَن حلّلوا ما لا يحرِّمهُ أميرُ المؤمنينْ
مَن أرَّخوا ما لا يقومُ به أميرُ المؤمنينْ
مَن أمّموا المحمولَ والبترولَ والفوتبولَ
والقبَّاتِ والسّاحاتِ
والباراتِ والحاناتِ كي يرضى أميرُ المؤمنينْ
مَن حرّموا مضغَ اللّبانِ
وحرَّموا صوتَ السّنانِ
وفاخروا ببني قريظةَ مثلما يهوى أميرُ المؤمنينْ
سقطَتْ ملامحُهم كما أسنانُهمْ
سقطتْ وقُصَّ لسانُهمْ
وهُمُ بآلاءِ الأميرِ يسبِّحونْ
قتلوكِ...
فالرّجلُ الّذي يختارُ عندِ الجِدّ أوساطَ الحلولِ
لجبنِهِ
يختارُ وجهَك للعَداءْ
هو لمْ يَرِدْ نبعًا
ولم يعرفْ بأنّ الماءَ يسكنُ في العراءْ
هو لم يكنْ كالنّسوةِ المُتأنّقاتِ بخُمرِهنّ
يَرِدْنَ بالطّهرِ الشّفيفِ البئرَ في ظلِّ الدّلاءْ
يخشى فلا تتوقّفي عن كنسِ هذي الأرضِ
مِنْ هذا الهُراءْ
عن زرعِ بتلاتِ الطّفولةِ
في بساتين البقاءْ
يخشونَ أن تلهو ضفائرُكِ الطّويلةُ بالدّمى
يخشونَ مِن عينيك إذ تَهمي الحقيقةُ منهما
يخشونَ
والكفُّ الّتي قنصتكِ لم تقنصْ بتاريخِ الحروبِ
سوى الظّباءْ.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مظهر عاصف

مظهر عاصف

101

قصيدة

" مظهر عاصف" أحمد علي عودة. - شاعر أردني مِن أصول فلسطينية. - من مواليد مدينة (عمان) 31/10/1980 - أعمال مطبوعة: فلسفات جنازة (شعر) هناك (شعر) السّادسة صباحًا (شعر) ما لم يقله أحمد عود

المزيد عن مظهر عاصف

أضف شرح او معلومة