(1)
كم بقِيْ لتعودَ إلى حضنِها الأمِّ؟
أحزمةٌ جُلُّها رُبطتْ
وحقائبُ بَعثرتَ فيها الدفاترَ
ترقُبُ في العتباتِ
عليها غبارُ الطريقِ
السماءُ ملوّثةٌ برمادِ الغيومِ
وبعضُ طيورِ الغروبِ تمرُّ
وطائرةٌ تُقلعُ الآنَ تُبصرُها
فوقَ مجمرةِ الشمسِ من شرفةٍ
فوق أشجارِ دلهي معلقةٍ
كنتَ تطلقُ طائرةً في الطفولةِ
تفتحُ قلبَ السماءِ 
ويخطفُها النخلُ يُطفىءُ
بالسعفِ جمرَ الغروبْ
 
(2)
أَطِلْ فجرَكَ يافجرُ وزخرفْ بالعصافيرِ
عِذارَ الشمسِ فالليلُ طويلٌ قادمٌ قامتُهُ
الشمطاءُ والخطوُ مُريبٌ ، أعطِنا فرحةَ
طفلٍ ، وردةً قبل ذبولٍ ، قُبلةً تأتي بلاوعدٍ ، 
ربيعاً يفتح السدرةَ للفاختِ في ناصيةِ
البيتِ ، جبالٌ كَوّمتْ معطفَها الثلجيَّ فوق
الزرعِ ، غيماتٌ بشالٍ أحمرِ الطلعةِ ، هل جئنا
تُرى توّاً كأنّا لم نرَ الأشجارَ تمشي قربَنا ! 
قد يفلُتُ القلبُ بعيداً مثلَ طيّارةِ طفلٍ ، 
بائعٌ تنثرُ أصداءُ المباني صوتَهُ ، الأطفالُ 
في سيطرةِ التفتيشِ والنسوةُ من غيرِ وجوهٍ
يسألون العابرَ الطاوي على أحزانِهِ المالَ
تُرى من أيِّ ليلٍ هاربٍ أنتَ ، تَمَلَّ الصبحَ
والطفلَ العصافيرَ تمَلَّ الشجرَ الهاربَ للنورِ
سميكٌ ليلُكَ الآتي ، ومغرٍ حِضنُها الدافىءُ
خمريٌّ كرملٍ خدُّها كنتَ تذكرتَ لياليك 
وإيّاها قُبيلَ النشأةِ الأولى فلا وحشةَ لاغربةَ
في أحضانِها قبلَ عجينِ الخلقِ هذا خبزُها
عاد إلى تنورِها محضَ تراب.
 
(3)
هل تَرى
أنجيءُ إذن وحدَنا ثانياً
من ترابِ القرى
قلقُ الإرتحالِ المريبِ
وحشوُ الرؤوسِ 
وزيغُ المعلّبِ والمُفترَى
هل سندفِنُها خلفَنا
ونواري جثامينَها في الثرى
نظيفاً أرى زمناً طالعاً
من صليلِ السنابكِ
من وجعِ السيفِ
من ظُلُماتِ السُّرى
هل تَرى 
خلفَ أشجارِها 
ما أرى؟

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله عباس خضير

عبدالله عباس خضير

78

قصيدة

شاعر من البصرة جنوبي العراق، ليسانس في اللغةالعربية وآدابها ، تتلمذ على يد الشاعرة نازك الملائكة والشاعر د.البياتي ، له سبع مجموعات شعرية مطبوعة أولاها قراءة في سيرة التتار / بغداد عام 2000م

المزيد عن عبدالله عباس خضير

أضف شرح او معلومة