السّادسةُ صباحًا
لسببٍ ما أجهلُهُ تمامًا أحبُّكْ
لسببٍ ما أعرفُهُ جيِّدًا
ودونَما سببٍ أحبُّكْ
فهل تشعرينَ بهذا الشُّعورِ اللَّذيذْ؟
أنا لا أحلِّلُ معناكِ في الأمسِ ليْ
ومعناكِ في غدِنَا وما بعدَ غَدْ
ومعنى احتراقِي
ورقصي أمامَ الجميعِ احتفالًا لأنَّكِ جِئتِ
ومعنى انتشاءِ العروقِ بذاتِ الجَسدْ
ومعنى انصهارِ اليدينِ اللَّتينِ تُلملِمُ شَعْرًا يَحُطُّ
كنورسةٍ تحتَ شالِكْ
فلا شيءَ يُعرفُ للعاشقَينْ
ولا شيءَ يُفهمُ مِنْ عاشقَينْ
فلا الحقدُ حقدٌ ولا النَّأيُ نأيٌ
ولا قتلُهُمْ للحنينِ مِرارًا يُميتُ الحَنينْ
لسببٍ ما سأغنِّي
ففي الأغنيةِ آخرُ ما ضاعَ منِّي
أو ما قدْ يَضيعْ
سُمرتُك مثلًا حينَ تَصبُغُ ذاكرتي بالقُبَلْ
وليلٌ أطولُ ممَّا تصوَّرتُ وفكَّرتْ
أطولُ مِن شَعرِكِ الَّذي يُحيِّرُنِي لونُهُ
ومِنْ مساحةِ ابتسامتِكِ البيروتيَّةْ حينَ تشاغبُ في عمّانْ
أطولُ منِّي وأنا لوحدي
وأقصرُ طالما كنتُ بجانِبِكِ كالفاصلةِ المنقوطةْ
فهذا اللَّيلُ يا «لولا» يُعشَقُ
كأنتِ
كأنَا
كمُعظمِ الفضوليِّينَ في عصرِ الخَبَرْ
وهذا اللَّيلُ يَعشقُكِ
كأنَا
كأنَا تمامًا حينَ أتماهى بضحكتِكِ الطَّويلةْ
كأنَا حينَ أُرتِّبُ الصُّدفَ تِباعًا
واللَّحظاتِ الأولى تِباعًا
كأنَا حينَ أحاولُ..
قصَّ المسافةِ دومًا بنصٍّ قصيرٍ تكونينَ فيهْ
وقطعَ الطَّريقِ
ودمجَ البلادِ الّتي لا أراها بنصٍّ قصيرٍ
تكونينَ فيهْ
هذا اللَّيلُ أنتِ
وأنَا
والكثيرُ مِنَ النُّصوصِ القصيرةْ
لسببٍ ما سأذكرُ أوَّلَ موعدٍ بيننا
أوَّلَ طاولةٍ
وفنجانَ قهوتِكِ الباردةْ
أوَّلَ اكتشافي لَكِ
أوَّلَ التهامي لِلَكنَتِكِ الأنثويَّةِ
بواكيرَ الرَّعشةِ
والفُضولْ
قلقَ اللَّحظةِ إذْ تَتدفَّقُ فجأةً
تتوقَّفُ فجأةً
أكتشفُكِ
أكتشفُ المساماتِ الصَّغيرةْ
البيانو تحتَ جَلدِكْ
العودَ مِن بينِ أصابِعِكْ
الطَّبلَ في حنايا قلبِكْ
أستَلِذُّ بالعِطرِ الباريسي أسفلَ رقبَتِكْ
أخبرتُكِ يومًا: "لا تهمُّنِي باريس"
لكنَّ عطرَكِ يَهمُّنِي
لذا أستَلِذُّ بدورانِ خصرِكْ
أترُكُكِ كقطَّةٍ تُخرِمشُ صدري غاضِبةً
وتعبثُ بياقةِ قميصي حينَ تعتذرُ عَن عدمِ اعتذارِها
لسببٍ ما سأحبُّكِ أكثرْ
سأكونُ مُتَّزنًا
ومرتديَ الجنونْ
إذْ لم تَزَلْ في خطوتينِ..
مِنَ الخَطيئةِ والفضيلةِ..
هذهِ القدمُ الَّتي تمشي إليكِ
وإنْ تكسَّرتِ المسافةُ تحتَها
تمشي إليكِ كأنَّ سادستي ستجمعُنَا معًا
لا زلتُ متَّزِنًا
فتنتقِمُ المشاعرُ مِنْ فميْ
فأعَدُّ وجهَكِ راهبًا... مُتنَسِّكًا
وأعَدُّ وجنَكِ ثائرًا... مُتحامِلًا
فلطالما منعَ التقاءَكِ بالتقائِي
هل تقرئينَ الكفَّ؟
قولي ما يفسِّرُهُ المُنجِّمُ عن خطوطِ يديكِ
أو حتَّى يَديْ
وخطوطِ ألوانِ الشِّفاهِ على الشِّفاهِ المُستبدَّةْ
قولي فأغلبُ ما يقالُ نودُّ دومًا أنْ يُقالْ
أنا لا أجيدُ الوصفَ
وصفَ المَقعدَينِ إذا جلسنَا
ووصفَ رصيفٍ يَعُدُّ خطانا إذا ما مشينَا
أنا لا أجيدُ الحديثَ عن شوقِ فنجانِنا للشِّفاهْ
وكيف على رؤوسِ قدَميها تقِفُ الشُّرفاتُ البعيدةْ؟!
ولا عنْ صباحٍ تمرِّينَ فيهْ
ولا عنْ مساءٍ تكونينَ فيهْ
ولا عن صوتِ جوَّالِنا بميلادِ نُقطةْ
وميلادِ صورةْ
وميلادِ حرفٍ
وميلادِ نَبضةْ
أنا لستُ أكتُبُكِ زهرةً في حديقةْ... وشمسًا مُستديرةْ
وراقصةً غجريَّةً فرَّتْ مِن ويلاتِ الحروبْ
لا أكتبُكِ وجهًا غفا فوقَ صدري كعُصفورةٍ مُستجيرةْ
أنا حين أكتبُ
أكتبُ عنكِ كأنتِ... كأنتِ تمامًا
لذا لا أجيدُ الكِتابةْ.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مظهر عاصف

مظهر عاصف

101

قصيدة

" مظهر عاصف" أحمد علي عودة. - شاعر أردني مِن أصول فلسطينية. - من مواليد مدينة (عمان) 31/10/1980 - أعمال مطبوعة: فلسفات جنازة (شعر) هناك (شعر) السّادسة صباحًا (شعر) ما لم يقله أحمد عود

المزيد عن مظهر عاصف

أضف شرح او معلومة