الديوان » محمد القرني " الأزدي" » مَتَاعُ الغُرُور

عدد الابيات : 44

طباعة

وَإِذَا دَنَا لَكَ غُصْنُ سَعْدٍ بِالجَنَى

فَـعَمَتْكَ حُلْـو ثَمَــارهِ وَتَمَـكَّـنَ

فَظَنَنَّتَ أَنَّكَ قَدْ حَظَيتَ بِشَهْدِهِ

حِكْرًا ،يَفِيءُ لَكَ السَّعَادَةَ وَالمُنَى

وَنَسِيتَ أَنَّكَ ضَيفَهُ فِـي لَحْظَةٍ

كَانَـتْ لِغَيْرِكَ مَـرْتَـعًا وَمَوَاطِـنَ

وَعَلَى غُصُونِ حَيَاتِهَا كَمْ رُقِّصَتْ

بِلُحُونِهَا تَـغْـرِيْـدُ طَـيـرٍ ،لَـحَّـنَ

قَـدْ كَـانَ يَحْسَبُ لَحْنَهُ مُتَوَجِّبًا

بِدَوَامِهِ، فَـفَـنَا وَلَحْنَهُ قَـدْ فَـنَا

وَمَضَتْ تَغُرُّ المُحْدَثِينَ بِزَهْوِهَا

وَتُطِيحُ جِـيـلًا قَبْلَهُمْ ،وَكَـذَا بِنَا

نَتَطَارَدُ الأَوْهَـامَ نَـنْـسَـى أَنَّـنَـا

بِذَوَاتِنَا هَـلْكَـى وَيَهْلَكُ ذِكْـرُنَـا

وَنُسَابِـقُ الأَيَّـامَ نَـرْجُـوا مَـرَّهَـا

مَتَنَاسِيِينَ بِـأَنَّـهـا مِـنْ عُمْـرِنَـا

وَتَـقِـرُّ فِـي أَذْهَـانِـنَـا أَشْكُالُـنَـا

حَتَّـى نُـرَا عَـرَضًـا إِلَـى مِـرْآتِـنَـا

وَنُـرَمِّمُ الـدَّارَاتِ رَجْـوَ ،دَوَامِهَا

فَتَؤُولُ لِلأَطْلَالِ ،تَتْبَعُ مَـن بَـنَـا

وُنُـرَاكِـمُ الأَمْـوَالَ تَثْمِـيـنًا لَـهَـا

هَيْهَاتَ يَمْنَعُ مَوتنَا بَعْضُ الغِنَا

وَنَتِيـهُ مَـعْ رِتْـمِ الحَـيَـاةِ بِغَفْلَةٍ

وَنَـرَى تَناقُصَ عُمْرِنَـا فِـي آنِـنَـا

وَنُضِيعُ فِـي تَحْرِيصِنَا ،تَوْقِيتَـنَـا

كَمُرَاجِعٍ دَكْتُورَهُ ،مَحتُـومُ الفَـنَـا

وَنُعَقِّلُ الأَحْـزَانَ رَبْـطَ مُـحَـرِّصٍ

حَـتَّى تَحِـلَّ مُـرُوجُ مَـرْعَاهَا بِـنَـا

وَنُعَـارِكُ الضَّحِكَاتِ ،تَكْبِيلًا لَـهَـا

وَنَـظُنُّ حُمْقًا قَـدْ مَلَكْنَا سَمْتَـنَـا

وَنُعَكِّرُ الصَّـفْـوَ المُكَابَـد نَـقْـيُـهُ

وَنَـرَا بِشِـرْبِ صَفَـاءِهَـا تَعْكِيرَنَـا

وَنُـقَـدِّمُ التَّرْهِيبَ قَبْـلَ أَمَـانِـهِ

وَنُـحِـبَّ أَنْ نَحْيَى قَلِيـلَ كَثَيـرَنَـا

وَنُـمَانِـعُ التَّـرْفِـيهَ فِـي أَقْرَابِنـا

وَنَـجُـودُ بِـالأَفْـرَاحِ فِـي زُوَّارِنَـا

وَنُسَرْبِلُ الأَحْـلَامَ تَحْصِينًا لَـهَـا

فَتَعيشُ طِفْلًا لَمْ يَشِبْ بِمَشِيبِنَا

وَنُكَلِّفُ الفَضْفَاضَ ضِيقَ لِبَاسهِ

فَنُحِيلهُـا نُـظُـمًـا بِــهِ وتَـقَـنُّـنَ

وَنَرَى عَظِيمَ خَسَارنَا فِـي مَالِنَـا

حَتَّـى تَنَاسَينَا خَسَـارةَ عُـمْـرِنَـا

وَنُؤطِّرُ النَّشْوَاتَ فِـي زَمَكَانِهاَ

وَكَأَنَّهَا حُـدَّتْ كَمَكَّةَ مِـن مِنَى

وَنَعَيشُ مَاضَينَا وَنَنْسَى حَاضِرًا

فَنَهَيمُ بَـيـنَ عَـوَالِمٍ لَيسَتْ لَـنَا

وَنُمَـنِّـنُ النَّفْسَ الْتِقَاءً بَعْدَمَـا

عَاَشَتْ بِوِحْدَتِهَا ظَلَامًا مَا سَنَا

وَنُقَوْلِبُ الأَفْكَـارَ تَأْطِيرًا لَـهَـا

فَتَصِيرُ سَجَّانًـا لَـنَـا وَحُدُودَنَا

وَنَسِيرُ فِي صَفٍّ وَلَا نَدْرِي مَتَى

سَيَغِبُ عَـنَّـا قَـبْـلُـنَا ،فَنُأَبَّـنَـا

وَتَخَالُ سَعْدَكَ فِي سُعَادِكَ إنْ بَدتْ

فَتَصِيرُ جُـرْحًا لَـمْ يَطِبْ وَتَعَفَّنَ

وَيَـعُودُ دَومًـا ذِكْـرُهَا فَـكَـأنَّـهَا

قَـبْـرٌ لَـمَـكْـلُـومٍ بِـدِارهِ أُدْفِـنَـا

تَتَقَارَبُ السَّاعَاتُ فِي أَفْرَاحِنَا

وَتَطُولُ فِي أَذْهَانِنَا حِينَ العَنَا

فَكَأَنَّهَا لَحْظَاتُ قَصْفٍ رَوَّعَتْ

طِفْلًا بِدَارِهِ تَحْتَ أَنْقَاضِ البِنَا

وَكَأَنَّهَا فِي سرْعِهَا مَنْ بُشِّرَتْ

بِحَيَاةِ مَـوْلُـودٍ فَـعَـادَ مُكَفَّنَ

خَزَمَتْ أَحَاجِيُّ الحَيَاةِ أُنُوفَ مَن

كَانَوا حَدِيدَ العَقْلِ رُشْدًا فَانْثَنَى

كَـمْ ظَـنَّ سَـيـفُ مُبَارِزٍ بِصَلَابهِ

فَتَثَلَّمَ الصُّـلْـبُ القَدِيمُ وَلُـيِّـنَ

سَلَكَ الصِّعَابَ حَبَيُّ سَيرٍ مَبْدَأً

فَجَرَا يَرَا شَوْكَ الطَّريقِ ،أَحَنَّنَا

وَرَأَى قَلِيلَ جُرُوحَهُ حَـظٌّ لَـهُ

فَسَلَامَةُ الدُّنْيَا كَمُعْجِزَةٍ لَـنَـا

يَرْجُو حَدِيثَ العُمْرِ طُولَ بَقَائه

فَـيُـرَدُّ عَرْفَجَ قَفْرَةٍ مَـا مَــدَّنَ

وَيَغُمُّ صُبْحَ بَقَائه لَـيـلُ السُّرَا

وَيَـؤُوزُهُ تَـمْـكِـيـثُـهُ مَـا أَزْمَـنَ

فَـإذَا تَـقَـدَّر لِلصَّـبُـوحِ حِـلَابُـهُ

حَـكَـمَ التَّقَـادُمُ نَضْـرَهُ فَتَلَبَّـنَ

وَعَجِيبَةَ الـدُّنْـيَـا تَطَلُّعُ شَـائِـبٍ

رَمَق الحِمَامَ فَعَادَ يَرْنُـو مَا دَنى

وَعَجِيبَةُ الـدُّنْـيَـا تَـأكُّـد خَطْبِهَا

فَنَنُوحُ حِـيـنَ وُقُوعَهَا أَقْـدَارنَـا

وَعَجِيبَةُ الـدُّنْـيَـا تَقَهْقُهُ ضَاحِكٍ

كَـانَ الأَنِـيـنُ قَصِيدَهُ المُتَلَـحَّـنَ

وَعَجِيبَةُ الـدُّنْـيَـا بِدَايَةُ هَدْمِـنَـا

فِـي سَـاعَةِ المِيلَادِ حِينَ وِلَادُنَـا

وَعَجِيبَةَ الـدُّنْـيَـا تَغَلُّبُ سَلْوَنَـا!

بمُصِيبَةٍ كَـانَـتْ بَـوَادِرَ مَـوْتِـنَـا

وَعَجَائِبُ الـدُّنْـيَـا تَزِيدُ تَوَحُّشًا

مَـا زَادَ عُمْرُكَ فِي الحَيَاةِ وَسَـنَّـنَ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد القرني " الأزدي"

محمد القرني " الأزدي"

17

قصيدة

محمد شاعر يرى ان للحرف العربي سحرٌ مازال يبهره كل يومٍ وساعة. قارئ للتاريخ ومتشوفٌ للسانيات وتهفو نفسه دوما الى علم الفضاء.

المزيد عن محمد القرني " الأزدي"

أضف شرح او معلومة