الديوان » وحيد خيون » أشكوكِ لله

عدد الابيات : 57

طباعة

لا بأسَ أنْ تقطعِي وَصْلِي وتَعْـتَزِلي

وأنْ أسِيرَ وحيداً راكِباً سُبُلي

حتى الصُّخورُ لِأَقْوالي قد ارتَجَفَتْ

وأنتِ حتى لِحِسِّ الصَخْـرِ لم تَصِلي!

قطَعْتِ عَهْداً لِغَيْري تُحْرِقينَ دَمِي

ولنْ تُجيبي رِسالاتي ولا رُسُلِي

قد كانَ أكبَرَ ما أصْبُو لهُ خبَرٌ

مِنْكُمْ وإنْ كانَ مكتُوباً على عَجَلِ

أَلُومُ مَنْ؟ وأنا أمْشي وبَوصَلَتي

لكُم تسيرُ وإنْ مَالتْ لكمْ تَمِلِ

أَلُومُ مَنْ؟ لا عُيُونُ الخِلِّ عاذِرَتي

ولا التَّقاليدُ تُعْـطي الحَقَّ لِلرَّجُلِ

لِكَيْ تَرَيْ أيَّ حُزنٍ عاصِرٍ كَبِدِي

وأيَّ دَمْعٍ ثَقِيلٍ كاسِـرٍ مُـقَلِي

أستغفِرُ اللهَ إنْ كانَ الهوى خَطَأً

أو كانَ هـذا عِقاباً أصْـلُهُ عَمَلِي

أجِفُّ مِثْلَ رغيفِ الخُبْـزِ مُنْتَظِراً

سِــرْبَ العصافيرِ أو سِرْباً مِنَ الحَجَلِ

مَنْ يَعْرِفُ الوَرْدَ؟ جاعَ النّاسُ فانْصَرَفوا

يَسْـتَبْدِلونَ أَرَقَّ الوَرْدِ بالبَصَلِ

ألومُ مَـنْ؟ أنا نفسي غيْرُ مُقْتَنِعٍ

بِمَا فعَـلْتُ وغيْري غيْرُ مُنْفَعِـلِ

ألومُ مَنْ؟ لا نُجومي ليلةً أفَلَتْ

ولا مَجَادِيفُـنا فاقَتْ مِنَ البَلَلِ

شَتّى المِياهِ شَرِبْناها وما عَلِقَتْ

نفسي بهـا فلِماذا الشَّوقُ للوَشَلِ

جَهْـلٌ هوَ الحالُ؟ أمْ شوقٌ إلى وَطَنٍ؟

أمْ إنّهُ الشَّوقُ للأيّامِ والغَزَلِ؟

لا تَغْضبي لم يَعُدْ لي في هواكِ ضُحىً

وَعْـدٌ ولم تَعِدِي وَصْـلٌ ولنْ تَصِلي

لا تَغـْضبي لن تَرَيْ مِنِّي سوى عَتـَبٍ

ولن يَطـالَكِ لا دَمْعي ولا أسَلِي

إنْ مَرّكِ الهمُّ عنْ بُعدٍ مَرَرْتُ بهِ

حتى كأنّي لكِ الأدْنى مِنَ الحُلَلِ

أو قُلْتِ آهٍ أَقُلْ آهٍ وبي وَجَعٌ

ولنْ تَمُرِّي بمَأساتي ولا عِلَلِي

أشكوكِ للهِ لو تَشْكِينَنِي أحَداً

وإنْ تُنادي أبا بَكْرٍ أُنَادِ عَـلي

أشكو إلى اللهِ قَوْماً ها هُنا وقَفُوا

يُراقِبُونَ وقُوفِي بعْدَ مُرْتَحَلي

فإنْ وقفتُ يقولوا عدْتَ تذكُرُها

وإنْ جَلَسْتُ يقولوا لستَ بالرَّجُلِ

وإنْ ضَحِكْتُ يَقُولوا هلْ تُرى وَصَلَتْ

رِسالةٌ للحبيبِ الهائِمِ الثَّمِلِ؟

ولَسْـتِ تَدْرينَ ما يَعْـني تَفَرُّقُـنا

وما سَيَعْـني بَقاءٌ دونَما أمَلِ

أشكوكِ للهِ كمْ ناديْتِ يا رجُلاً

عرِّجْ إليَّ وعُدْ قبلَ العشيَّةِ لي؟

أشكوكِ للهِ كمْ عاتَبْتِ قائلةً

لم يبقَ يومٌ بعُمري غيرَ مُرْتَحِلِ

أشكوكِ للهِ يا مَنْ قُلْتِ كاذِبَةً

عَرِّجْ وعُدْ لي قبيلَ الموتِ بالعجَلِ

أمشي ببغدادَ منذُ الصُّبْحِ في وَجَلٍ

والأعظَمِيَّةُ تمشي الصُّبْحَ في وجَلِ

أعيشُ مِثلَ فقيدِ الأهلِ مُغتَرِباً

ولا أعيشُ على ذِكْراكِ يا أَمَلي

قد طالَ منكِ غيابٌ شفَّ أفئِدَةً

تهواكِ واسْتسْلَمَتْ للخوفِ والخَجَلِ

أبكي إليكِ وهذي الناسُ تمْنَعُني

وكيفَ صبري وجسْمِي فاضَ بالعِـلَلِ

يا ساكنينَ بلاداً لَسْـتُ أُدرِكُها

ولا إليْها بهـذا الوقْتِ مِنْ سُبُلِ

إني إليكِ لَمُحْتاجٌ وبتُّ هُنا

أشكو إليكِ كثيراً قِلَّةَ الحِيَلِ

لم أدْرِ ما في فؤادي حينَ أذْكُرُكُمْ

يبكي وأبكي وحيداً شُبْهَ مُنْعَزِلِ

حالي ضعيفٌ وقلبي فيكِ مُنْشَغِلٌ

وأنتِ عني بعيداً بِتِّ في شُغُلِ

دَعي الجدالَ فإنَّ الشَكَّ أسْقَمَني

وتورثُ الشكَّ فينا كَثْرةُ الجَدَلِ

ذلَّتْ ببُعْدِكِ نفسي لو رجَعْتِ لنا

فالذُلُّ أثْقَلُ في الميزانِ مِنْ جَبَلِ

أنعاكِ والدّمْعُ مُنْهَلٌّ ومن أزَلٍ

حتى تعودي وإلا طيلةَ الأزلِ

بِلا وداعٍ تفارَقْـنا ولا أمَلٍ

ولا عُهودٍ ولا قَوْلٍ ولا قُبَلِ

كيفَ التَّلاقي وهلْ ألقاكِ في زمَنٍ

وأنتِعنّي كَبُعْــدِ الأرضِ عنْ زُحَلِ

عندي إليكِ أحاديثٌ مُحَمَّلَةٌ

بالوجْدِ والدَّهرُ أخلانا مِن الرُّسُلِ

أَلَمْ تعودي؟ وهل مازلتِ ذاكِرَتي؟

فكم ذكرتُكِ مُشتاقاً ولمْ تَصِلي

مَرَرْتُ دارَكِ والجيرانُ قائلةٌ

هذا جناهُ فراقُ الخِلِّ بالرَّجُلِ

ما أبْعَدَ الدارَ عنْ داري وأقْرَبَها

منّي ومَا بيْنَنا بعـضٌ مِنَ الدّوَلِ

وسوفَ تبقينَ في دُنيايَ واحِدةً

وسوفَ أبقى وحيداً راكِباً سُـبُلي

ولا تقولي لقدْ ذلَّتْ عقارِبُهُ

فسَاعَتي عَـزَّ مَجْرَاها على الأزَلِ

لو غِبْتُ عنكم غداً أو جاءني أجلي

لن تَفقِدي تلكَ أبياتي ولا جُمَلِي

ولنْ تنالِي مِن الدّنيا سِوى صِدَفٍ

أنتِ التي منكِ غيرَ الدَّمْعِ لم أنَلِ

رسالةٌ مِنْكِ أنْ أَجْـفُوكِ قَدْ وَصَلَتْ

وغيرُها أَيُّ شَئٍ مِنْكِ لم يَصِلِ

وَعْـدٌ إذنْ من هنا للمَوْتِ لَنْ تَجِدي

آثارَ رجْلي ولا الآثارَ مِنْ إبِلِي

وسوفَ أُبْعِدُ جِسْـماً عن مَواطِنِكُمْ

حتى ولو ساقَني بُعْدِي إلى أجَلِي

أشكوكِ للهِ شَكْوى لا يُضَيِّعُها

لأنَّني لسْـتُ بالشاكي ولا النَّذِلِ

أشكوكِ للهِ لا أبكي على أحَدٍ

سِواكِ لامْرَأةٍ قطٌّ ولا رجُلِ

أشكوكِ للهِ إني لا أرى أحَداً

مُعَـطّلاً فيكِ مِثْلِي دائمَ العَطَلِ

أشكوكِ للهِ لا يَنْسى نوافِذَنا

قد أُغْلِقَتْ وبكى الباكي على طَـلَلِ

وسوفَ تبقينَ في أُخرايَ لي أملاً

أنتِ التي كنتِ في دنيايَ لي أمَلي

نعمْ أنا الآنَ أسْـتَقْصي مَـآرِبَكُمْ

وأسْـتَميتُ لِلُـقْـياكُمْ بلا خَجَلِ

لقد وقعْـتُ على رأسي فوا أسَفي

إنَّ العَـصافيرَ هَـدَّتْ قِمّةَ الجَبَلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

34

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة